الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الأخبار التي رُويت
في الحضّ على العلم بتفسير القرآن
، ومن كان يفسِّره من الصَّحابة
81-
حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي، قال سمعت أبي يقول: حدثنا الحسين بن واقد، قال: حدثنا الأعمش، عن شَقيق، عن ابن مسعود، قال: كانَ الرجل مِنَّا إذا تعلَّم عَشْر آياتٍ لم يجاوزهُنّ حتى يعرف معانيهُنَّ، والعملَ بهنَّ (1) .
82-
حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جَرير، عن عطاء، عن أبي عبد الرحمن، قال: حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا: أنهم كانوا يستقرِئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلَّموا عَشْر آيات لم يخلِّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلَّمنا القرآن والعمل جميعًا (2) .
83-
وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا جابر بن نوح، قال: حدثنا الأعمش، عن مُسْلم، عن مَسْروق، قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلتْ آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلتْ؟ وأينَ أنزلت؟ ولو أعلم مكانَ أحدٍ أعلمَ بكتاب الله مِنّى تنالُه المطايا لأتيته (3) .
(1) الحديث 81- هذا إسناد صحيح. وهو موقوف على ابن مسعود، ولكنه مرفوع معنى، لأن ابن مسعود إنما تعلم القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهو يحكي ما كان في ذلك العهد النبوي المنير.
(2)
الحديث 82- هذا إسناد صحيح متصل. أبو عبد الرحمن: هو السلمي، واسمه عبد الله بن حبيب، وهو من كبار التابعين. وقد صرح بأنه حدثه الذين كانوا يقرئونه، وأنهم "كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم"، فهم الصحابة. وإبهام الصحابي لا يضر، بل يكون حديثه مسندًا متصلا.
(3)
الحديث 83- أخرجه البخاري، انظر فتح الباري 9: 45-46، ولفظه "تبلغه الإبل لركبت إليه".
84-
وحدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: كان عبدُ الله يقرأ علينا السُّورة، ثم يحدِّثنا فيها ويفسِّرها عامَّةَ النهار (1) .
85-
حدثني أبو السائب سلم بن جُنادة (2) قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، قال: استعمل عليٌّ ابنَ عباسٍ على الحج، قال: فخطب الناسَ خطبة لو سمعها الترك والرُّوم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سُورة النور، فجعل يفسرها.
86-
وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: قرأ ابنُ عباسٍ سورة البقرة، فجعل يُفسِّرها، فقال رجل: لو سمعتْ هذا الديلمُ لأسلمتْ (3) .
87-
وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو يمَان: عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر، عن سعيد بنُ جبير، قال: من قرأ القرآنَ ثم لم يُفسِّره، كان كالأعمى أو كالأعرابي (4) .
(1) الحديث 84- شيخ الطبري: هو يحيى بن إبراهيم بن محمد بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود. مترجم في التهذيب. وجده "محمد"، وجد أبيه "أبو عبيدة" واسمه "عبد الملك بن معن" - مترجمان فيه أيضًا. ولم نجد ترجمة لأبيه "إبراهيم بن محمد".
(2)
في المخطوط والمطبوع "سالم"، وانظر ما سلف ص: 87 رقم: 1
(3)
الخبران 85-86- ذكرهما الحافظ ابن حجر في الإصابة 4: 93: فذكر أولهما "في رواية أبي العباس السراج من طريق أبي معاوية عن الأعمش". وذكر ثانيهما من رواية "يعقوب بن سفيان عن قبيصة عن سفيان"، وهو الثوري.
(4)
الأثر 87- أشعث بن إسحاق بن سعد بن مالك بن عامر القمي: ثقة، وثقه ابن معين وغيره. وله ترجمة في الكبير للبخاري 1\1: 428، وفي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1\1:269. وشيخه "جعفر": هو جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي. وأما الراوي عن أشعث، فقد ذكر هنا باسم "أبو يمان"، و "أبو اليمان" هو الحكم بن نافع، وهو من هذه الطبقة، ولكن لم يذكر أنه يروى عن "أشعث". والراجح عندنا أن صوابه "حدثنا ابن يمان". وابن يمان: هو يحيى بن يمان العجلي الكوفي، وقد ذكر في الرواة عن أشعث، وترجمه البخاري في الكبير 4\2: 313 وقال: "سمع سفيان الثوري وأشعث القمي".
88-
وحدثنا أبو كُريب، قال: ذكر أبو بكر بن عياش: الأعمش، قال: قال أبو وائل: وَلى ابنُ عباس الموسمَ؛ فخطبهم، فقرأ على المنبر سُورة النور، والله لو سَمعها الترك لأسلموا. فقيل له: حدِّثنا به عن عاصم؟ فسكت (1) .
89-
وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعتُ الأعمش، عن شقيق، قال: شهدت ابن عباس وَولىَ الموسم، فقرأ سورة النور على المنبر، وفسرها، لو سمعت الروم لأسلمت (2) !
قال أبو جعفر: وفي حَثِّ الله عز وجل عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات (3) - بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: {كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ} [سورة ص: 29] وقوله: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [سورة الزمر: 27، 28] وما أشبه ذلك من آي القرآن، التي أمر الله عبادَه وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن، والاتِّعاظ بمواعظه- ما يدلّ على أنَّ عليهم معرفةَ تأويل ما لم يُحجب عنهم تأويله من آيه.
لأنه محالٌ أن يُقال لمن لا يفهمُ ما يُقال له ولا يعقِل تأويلَه: "اعتبرْ بما لا فَهْم لك به ولا معرفةَ من القِيل والبيان والكلام"- إلا على معنى الأمر بأن يفهمَه ويفقَهَه، ثم يتدبَّره ويعتبرَ به. فأما قبلَ ذلك، فمستحيلٌ أمرُه بتدبره وهو بمعناه جاهل. كما محالٌ أن يقال لبعض أصناف الأمم الذين لا يعقلون كلامَ العرب ولا يفهمونه،
(1) الخبر 88- يريد: أن أبا بكر بن عياش قال: "الأعمش"، ولم يقل:"حدثنا الأعمش" ولم يذكر من الذي حدثه عنه. ففهم السامعون أنه دلس شيخه الذي رواه عنه عن الأعمش، وظنوا أنه عاصم بن أبي النجود، فقالوا له "حدثنا به عن عاصم"، فأبى وسكت. فلعله سمعه من شيخ آخر ضعيف.
(2)
الخبر 89- ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس الأودي.
(3)
في المطبوعة "المواعظ والتبيان".
لو أنشِد قصيدة شعرٍ من أشعار بعض العرب ذاتَ أمثالٍ ومواعظ وحِكم: "اعتبر بما فيها من الأمثال، وادّكر بما فيها من المواعظ"- إلا بمعنى الأمر لها بفهم كلامِ العرب ومعرفتِه، ثم الاعتبار بما نبهها عليه ما فيها من الحكم (1) . فأما وهي جاهلة بمعاني ما فيها من الكلام والمنطق، فمحالٌ أمرُها بما دلَّت عليه معاني ما حوته من الأمثال والعِبَر. بل سواء أمرُها بذلك وأمرُ بعض البهائم به، إلا بعدَ العلم بمعاني المنطق والبيان الذي فيها.
فكذلك ما في آي كتاب الله من العبر والحِكم والأمثال والمواعظ، لا يجوز أن يقال:"اعتبرْ بها" إلا لمن كان بمعاني بيانه عالمًا، وبكلام العرب عارفًا؛ وإلا بمعنى الأمر -لمن كان بذلك منهُ جاهلا- أنْ يعلم معاني كلام العرب، ثم يتدبَّره بعدُ، ويتعظ بحِكمَه وصُنوف عِبَرِه.
فإذْ كان ذلك كذلك -وكان الله جل ثناؤه قد أمر عباده بتدبُّره وحثهم على الاعتبار بأمثاله- كان معلومًا أنه لم يأمر بذلك من كان بما يدُلُّ عليه آيُه جاهلا. وإذْ لم يجز أن يأمرهم بذلك إلا وهُمْ بما يدلهم عليه عالمون، صحَّ أنهم -بتأويل ما لم يُحجَبْ عنهم علمه من آيه الذي استأثر الله بعلمه منه دون خلقه، الذي قد قدّمنا صفَته آنفًا- عارفون. وإذْ صَحَّ ذلك فسَدَ قول من أنكر تفسيرَ المفسرين -من كتاب الله وتنزيلِه- ما لم يحجب عن خَلقه تأويله.
(1) في المخطوط والمطبوع: "نبهه عليه"، وهو لا يستقيم لاضطراب الضمائر. وقد أعاد الطبري ضمائر هذه الجملة مرة على "بعض" من قوله "بعض أصناف الأمم" فذكر وأفرد. وذلك قوله "أنشد.. واعتبر.. وادكر". ثم أعاد الضمير في سائر الجمل على "أصناف الأمم.." فأنث وجمع، وذلك قوله "نبهها.. وهي جاهلة.. فمحال أمرها..".