المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ولست منكم، أي: لست ممن يدين دينكم، ويتّبع ملّتكم أيُّها - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ١١

[ابن جرير الطبري]

الفصل: ولست منكم، أي: لست ممن يدين دينكم، ويتّبع ملّتكم أيُّها

ولست منكم، أي: لست ممن يدين دينكم، ويتّبع ملّتكم أيُّها المشركون.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن زيد يقول:

13465م - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول قوم إبراهيم لإبراهيم: تركت عبادة هذه؟ فقال:"إني وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض"، فقالوا: ما جئت بشيء! ونحن نعبده ونتوجّهه! فقال: لا حنيفًا!! قال: مخلصًا، لا أشركه كما تُشْركون.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ ‌

(80) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وجادل إبراهيم قومه في توحيد الله وبراءته من الأصنام، (1) وكان جدالهم إياه قولُهم: أن آلهتهم التي يعبدونها خير من إلهه. قال إبراهيم:"أتحاجوني في الله"، يقول: أتجادلونني في توحيدي الله وإخلاصي العمل له دون ما سواه من آلهة ="وقد هدان"، يقول: وقد وفقني ربي لمعرفة وحدانيته، (2) وبصّرني طريق الحقّ حتى أيقنتُ أن لا شيء يستحق أن يعبد سواه (3) ="ولا أخاف ما تشركون به"، يقول: ولا أرهب من آلهتكم التي

(1) انظر تفسير"المحاجة" فيما سلف 3: 121، 5: 429، 430، 6: 280، 473، 492.

(2)

انظر تفسير"الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) .

(3)

في المطبوعة والمخطوطة: "حتى ألفت أن لا شيء يستحق أن يعبد سواه"، وهو لا معنى له، صواب قراءته ما أثبت.

ص: 488

تدعونها من دونه شيئًا ينالني به في نفسي من سوء ومكروه. (1) وذلك أنهم قالوا له:"إنا نخاف أن تمسَّك آلهتنا بسوء من برص أو خبل، لذكرك إياها بسوء"! فقال لهم إبراهيم: لا أخاف ما تشركون بالله من هذه الآلهة أن تنالَنِي بضر ولا مكروه، لأنها لا تنفع ولا تضر ="إلا أن يشاء ربي شيئًا"، يقول: ولكن خوفي من الله الذي خلقني وخلق السماوات والأرض، فإنه إن شاء أن ينالني في نفسي أو مالي بما شاء من فناء أو بقاءٍ، أو زيادة أو نقصان أو غير ذلك، نالني به، لأنه القادر على ذلك.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن جريج يقول:

13466 -

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:" وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان"، قال: دعا قومُه مع الله آلهةً، وخوّفوه بآلهتهم أن يصيبَه منها خَبَل، فقال إبراهيم:" أتحاجوني في الله وقد هدان"، قال: قد عرفت ربّي، لا أخاف ما تشركون به.

* * *

="وسع ربي كل شيء علمًا"، يقول: وعلم ربي كلَّ شيء، فلا يخفى عليه شيء، (2) لأنه خالق كل شيء، وليس كالآلهة التي لا تضرّ ولا تنفع ولا تفهم شيئًا، وإنما هي خشبة منحوتةٌ، وصورة ممثلة =" أفلا تتذكرون"، يقول: أفلا تعتبرون، أيها الجهلة، فتعقلوا خطأ ما أنتم عليه مقيمون، (3) من عبادتكم صورةً مصوّرة وخشبة منحوتة، لا تقدر على ضر ولا على نفع، ولا تفقه شيئًا ولا تعقله = وترككم عبادةَ من خلقكم وخلق كلّ شيء، وبيده الخير، وله القدرة على كل شيء، والعالم لكل شيء.

* * *

(1) في المطبوعة: "ينالني في نفسي" بحذف"به" وهي ثابتة في المخطوطة، ولكنه أساء كتابة"ينالني"، فاجتهد الناشر، فحذف.

(2)

انظر تفسير"السعة" فيما سلف 10: 423، تعليق: 4، والمراجع هناك.

(3)

انظر تفسير"التذكر" فيما سلف ص: 442، تعليق: 1، والمراجع هناك.

ص: 489