الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي مرح الطلب. وقوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) يقول تعالى ذكره: فاتقوا عقاب الله أيها القوم على معصيتكم ربكم، وخلافكم أمره، وأطيعون في نصيحتي لكم، وإنذاري إياكم عقاب الله ترشدوا.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ
(151)
الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) }
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل صالح لقومه من ثمود: لا تطيعوا أيها القوم أمر المسرفين على أنفسهم في تماديهم في معصية الله، واجترائهم على سخطه، وهم الرهط التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض، ولا يصلحون من ثمود الذين وصفهم الله جلّ ثناؤه بقوله:(وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) يقول: الذين يسعون في أرض الله بمعاصيه، ولا يصلحون، يقول: ولا يصلحون أنفسهم بالعمل بطاعة الله.
وقوله: (إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه إنما أنت من المسحورين.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:
(إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) قال: من المسحورين.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتاده، في قوله:(إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) قال: إنما أنت من المسحورين.
وقال آخرون: معناه: من المخلوقين.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبيد، قال: ثنا موسى بن عمرو، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله:(إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) قال: من المخلوقين.
واختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى ذلك، فكان بعض أهل البصرة يقول: كل من أكل من إنس أو دابة فهو مسحر، وذلك لأن له سحرا يقري ما أكل فيه، واستشهد على ذلك بقول لبيد:
فَإِنْ تَسْأَلينا فِيمَ نَحْنُ فإنَّنا
…
عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الأنامِ المُسَحَّر (1)
وقال بعض نحويي الكوفيين نحو هذا، غير أنه قال: أخذ من قولك: انتفخ سحرك: أي أنك تأكل الطعام والشراب، فتُسَحَّر به وتعلل. وقال: معنى قول لبيد: "من هذا الأنام المسحر": من هذا الأنام المعلل المخدوع. قال: ويُروى أن السحر من ذلك، لأنه كالخديعة.
(1) سبق الاستشهاد ببيت لبيد هذا في (15: 96) وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (مصورة الجامعة الورقة 174) قال: وكل من أكل من إنس أو دابة فهو مسحر، وذلك أن له سحرًا يقرى فيه ما أكل، قال لبيد (وأنشد البيت) . وفي (اللسان: سحر) / سحره بالطعام والشراب يسحره سحرًا، وسحره: غذاه وعلله. وقيل: خدعه. والسحر: الغذاء. قال امرؤ القيس: أرَانَا مُوضِعِينَ لأَمْرِ غَيْبٍ
…
وَنُسْحَرُ بِالطَّعَامِ وَبِالْشَّرَابِ
موضعين: مسرعين. ولأمر غيب: يريد الموت وأنه قد غيب عنا وقته، ونحن نلهى عنه بالطعام والشراب والسحر: الخديعة. وقول لبيد: "فإن تسألينا.." البيت. يكون على وجهين. وقوله تعالى: (إنما أنت من المسحرين) يكون من التغذية ومن الخديعة وقال الفراء: (إنما أنت من المسحرين) : قالوا لنبي الله: لست بملك، إنما أنت بشر مثلنا. قال: والمسحر: المجوف؛ كأنه أعلم، أخذ من قولك: انتفخ سحرك، أي أنك تأكل الطعام والشراب، فتعلل به. وقيل:(من المسحرين) أي: ممن سحر مرة بعد مرة.