الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) قال: كفرها بقضاء الله، وعبادة الوثن (1) صدها أن تهتدي للحق.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد:(وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) قال: كفرها بقضاء الله، صدها أن تهتدي للحق. ولو قيل: معنى ذلك: وصدّها سليمان ما كانت تعبد من دون الله، بمعنى: منعها وحال بينها وبينه، كان وجها حسنا. ولو قيل أيضا: وصدّها الله ذلك بتوفيقها للإسلام، كان أيضا وجها صحيحا.
وقوله: (إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ) يقول: إن هذه المرأة كانت كافرة من قوم كافرين. وكسرت الألف من قوله "إنها"على الابتداء. ومن تأول قوله: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) التأويل الذي تأولنا، كانت "ما"من قوله (مَا كَانَتْ تَعْبُدُ) في موضع رفع بالصد، لأن المعنى فيه لم يصدها عن عبادة الله جهلها، وأنها لا تعقل، إنما صدها عن عبادة الله عبادتها الشمس والقمر، وكان ذلك من دين قومها وآبائها، فاتبعت فيه آثارهم. ومن تأوله على الوجهين الآخرين كانت "ما"في موضع نصب.
القول في تأويل قوله تعالى: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
(44) }
ذُكر أن سليمان لما أقبلت صاحبة سبإ تريده، أمر الشياطين فبنوا له صرحا، وهو كهيئة السطح من قوارير، وأجرى من تحته الماء ليختبر عقلها بذلك، وفهمها على نحو الذي كانت تفعل هي من توجيهها إليه الوصائف والوصفاء ليميز بين الذكور منهم والإناث معاتبة بذلك كذلك.
(1) لعل العبارة سقط منها كلمة، وهي "صدها" كما تدل الرواية الآتية بعد.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه، قال: أمر سليمان بالصرح، وقد عملته له الشياطين من زجاج كأنه الماء بياضا، ثم أرسل الماء تحته، ثم وضع له فيه سريره، فجلس عليه، وعكفت عليه الطير والجنّ والإنس، ثم قال:(ادْخُلِي الصَّرْحَ) ليريها مُلكا هو أعزُ من ملكها، وسلطانا هو أعظم من سلطانها (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا) لا تشكُّ أنه ماء تخوضه، قيل لها: ادخلي إنه صرح ممرّد من قوارير; فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله ونعى عليها في عبادتها الشمس دون الله، فقالت بقول الزنادقة، فوقع سليمان ساجدا إعظاما لما قالت، وسجد معه الناس; وسقط في يديها حين رأت سليمان صنع ما صنع; فلما رفع سليمان رأسه قال: ويحك ماذا قلت؟ قال: وأُنْسِيت ما قالت:، فقالت:(رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وأسلمت، فحسن إسلامها.
وقيل: إن سليمان إنما أمر ببناء الصرح على ما وصفه الله، لأن الجنّ خافت من سليمان أن يتزوّجها، فأرادوا أن يزهدوه فيها، فقالوا: إن رجلها رجل حمار، وإن أمها كانت من الجنّ، فأراد سليمان أن يعلم حقيقة ما أخبرته الجنّ من ذلك.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظيّ، قال: قالت الجنّ لسليمان تزهِّده في بلقيس: إن رجلها رجل حمار، وإن أمها كانت من الجنّ. فأمر سليمان بالصرح، فعُمِل، فسجن فيه دواب البحر: الحيتان، والضفادع; فلما بصرت بالصرح قالت: ما وجد ابن داود عذابا يقتلني به إلا الغرق؟ (حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا) قال: فإذا أحسن الناس ساقا وقدما. قال: فضنّ سليمان بساقها عن الموسى، قال: فاتخذت النورة بذلك السبب.
وجائز عندي أن يكون سليمان أمر باتخاذ الصرح للأمرين الذي قاله وهب، والذي قاله محمد بن كعب القرظيّ، ليختبر عقلها، وينظر إلى ساقها وقدمها، ليعرف صحة ما قيل له فيها.
وكان مجاهد يقول -فيما ذكر عنه في معنى الصرح- ما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال:
ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:(الصرْحَ) قال: بركة من ماء ضرب عليها سليمان قوارير ألبسها. قال: وكانت بلقيس هلباء شعراء، قدمها كحافر الحمار، وكانت أمها جنية.
حدثني أحمد بن الوليد الرملي، قال: ثنا هشام بن عمار، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن قَتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان أحد أبوي صاحبة سبإ جنبا".
قال: ثنا صفوان بن صالح، قال: ثني الوليد، عن سعيد بن بشير، عن قَتادة، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر النضر بن أنس.
وقوله: (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً) يقول: فلما رأت المرأة الصرح حسبته لبياضه واضطراب دواب الماء تحته لجة بحر كشفت من ساقيها؛ لتخوضه إلى سليمان.
ونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قَتادة:(قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً) قال: وكان من قوارير، وكان الماء من خلفه فحسبته لجة.
قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله:(حَسِبَتْهُ لُجَّةً) قال: بحرا.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا ابن سوار، قال: ثنا روح بن القاسم، عن عطاء بن السائب، عن مجاهد، في قوله:(وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا) فإذا هما شعراوان، فقال: ألا شيء يذهب هذا؟ قالوا: الموسى، قال: لا الموسى له أثر، فأمر بالنورة فصنعت.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا حفص، عن عمران بن سليمان، عن عكرمة وأبي صالح قالا لما تزوّج سليمان بلقيس قالت له: لم تمسني حديدة قطّ، قال سليمان للشياطين: انظروا ما يُذهب الشعر؟ قالوا: النورة، فكان أوّل من صنع النورة.