الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَأدِيبُ الْمَحْبُوس
حُرْمَةُ ضَرْبِ الْوَجْه وَمَوْضِعِ الْمَقَاتِل
(حم)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ"(1)
الشرح (2)
(1)(حم) 7319 ، (م) 115 - (2612) ، (خ) 2421
(2)
قال الحافظ في الفتح (5/ 183): اخْتُلِفَ فِي الضَّمِير عَلَى مَنْ يَعُود؟
فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْمَضْرُوبِ ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَمْرِ بِإِكْرَامِ وَجْهِهِ ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمُرَادَ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ ارْتِبَاطٌ بِمَا قَبْلَهَا.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَعَادَ بَعْضُهُمُ الضَّمِيرَ عَلَى اللهِ مُتَمَسِّكًا بِمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ:
" إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ "، قَالَ: وَكَأَنَّ مَنْ رَوَاهُ أَوْرَدَهُ بِالْمَعْنَى ، مُتَمَسِّكًا بِمَا تَوَهَّمَهُ ، فَغَلِطَ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ أَنْكَرَ الْمَازِرِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ صِحَّةَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْبَارِي سبحانه وتعالى.
قلت: الزِّيَادَةُ أخْرَجَهَا بن أَبِي عَاصِمٍ فِي السُّنَّةِ ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ بن عمر بِإِسْنَاد رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وأخرجها بن أَبِي عَاصِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظٍ يَرُدُّ التَّأوِيلَ الْأَوَّلَ ، قَالَ: مَنْ قَاتَلَ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ ، فَإِنَّ صُورَةَ وَجْهِ الْإِنْسَانِ عَلَى صُورَةِ وَجْهِ الرَّحْمَنِ "
فَتَعَيَّنَ إِجْرَاءُ مَا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ ، مِنْ إِمْرَارِهِ كَمَا جَاءَ ، مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ تَشْبِيهٍ ، أَوْ مِنْ تَأوِيلِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالرَّحْمَنِ جل جلاله.
وَسَيَأتِي فِي أَوَّلِ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: " خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ .. الْحَدِيثَ ".
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى آدَمَ ، أَيْ: عَلَى صِفَتِهِ ، أَيْ: خَلَقَهُ مَوْصُوفًا بِالْعِلْمِ الَّذِي فَضَلَ بِهِ الْحَيَوَانَ ، وَهَذَا مُحْتَملٌ.
وَقد قَالَ الْمَازرِيّ: غَلِطَ ابنُ قُتَيْبَةَ ، فَأَجْرَى هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَقَالَ: صُورَةٌ لَا كَالصُّوَرِ ، انْتَهَى.
وَقَالَ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ فِي كتاب السّنة: سَمِعتُ إِسْحَاقَ بن رَاهْوَيْهِ يَقُولُ: صَحَّ أَنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَوْسَجِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ، أَيْ: صُورَةِ الرَّجُلِ ، فَقَالَ: كَذَبَ ، هُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ ، انْتَهَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد ، وَأحمد من طَرِيق بن عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:" لَا تَقُولَنَّ قَبَّحَ اللهُ وَجْهَكَ ، وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ "، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَقُولِ لَهُ ذَلِك. وَكَذَلِكَ أخرجه بن أَبِي عَاصِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ:" إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ وَجْهِهِ ". أ. هـ