الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسا - أثر الغلو في الأسماء والأحكام
مضى قول الخوارج إن الفاسق كافر في الدنيا ، مخلد في النار يوم القيامة ، يجوز سلب ماله ، واستحلال دمه ، واسترقاقه ، وتطليق زوجته منه ولا تجوز الصلاة عليه أو دفنه مع المسلمين. . . . . ، وهو في الآخرة يائس من رحمة الله ، للجزم بأنه كافر ومخلد في نار جهنم.
أما المعتزلة فيوافقونهم في حكم يوم القيامة ، وهو الحكم الأخروي ، دون حكم الدنيا. فهؤلاء ضيقوا على الناس بمحاسبتهم بكبائرهم ومعاصيهم ، فكم يبقى في الدين من رجل بعد هذا التشدد والتعسير؟! حيث من يبرئ نفسه من الوقوع في المعاصي أو ترك الواجبات. .
ولا يزال خطر أولئك الخوارج مستمرا ، حتى ظهرت في هذا الزمان طائفة تنادي بأفكارهم ، وتؤصل أصولهم ، وهي جماعة شكري أحمد مصطفى (1398هـ) في بلاد مصر وهي جماعة التكفير والهجرة وقد تأثر بهذه الجماعة وأقوالها طوائف من قليلي العلم والبصيرة من الشباب العاطفي المندفع ، وطوائف من الدعوات الحركية وحزب التحرير وغيرهم. ومن أقوال شكري (1) . في مرتكب المعصية:
(1) حرصت على الوقوف على أقوال الجماعة من خلال رسالتيهم: الحجيات وإجمال تأويلاتهم والرد عليها ، لكن ضُنَّ بها عليَّ. لهذا اعتمدت على ما نقله منها صاحب ((الحكم بغير ما أنزل الله وأهل الغلو فيه)) ص 167 ، فقد صرح أنه أخذ من تلك الرسائل مباشرة ، ولعل الله يسهل الوقوف عليها.
((لم يحدث أن فرقت الشريعة بين الكفر العملي والكفر القلبي ، ولا أن جاء نص واحد يدل أو يشير أدنى إشارة إلى أن الذين كفروا بسلوكهم غير الذين كفروا بقلوبهم واعتقادهم ، بل كل النصوص تدل على أن العصيان لله عملا والكفر به سلوكا واقعا ، هو بمفرده سبب العذاب والخلود في النار والحرمان من الجنة)) اهـ.
وحسبي أن أشير إلى آثار تلك الفرقة في الناس:
1-
اعتزال أفرادها المجتمع المصري لأنه كافر؛ ولأنه راضٍ بالكفر.
2 -
تصفية وقتل كل من خالفهم أو رد عليهم - ومنهم ذهبي مصر - لأن من خالفهم فهو كافر ، حيث قامت عليه الحجة فلم يقتنع بها ، وتجرى عليه أحكام المرتد.
3 -
عندهم كل من لم يحكم بغير ما أنزل الله يكون كافرا كفرا مخرجا عن الملة جملة ، دون التفصيل ، كما هي طريقة المحققين من أهل السنة في وجوب التفصيل.
4 -
التكفير بالمعاصي والحكم على صاحبها لخلود بها في نار جهنم.
وهذا من أعظم المسوغات لحصول التكفير والتفجير والقتل واستباحة الدماء والأعراض والأموال والسعي في الأرض فسادا ، وتخويف الآمنين ، وإشاعة الفوضى والخوف بين المجتمعات الآمنة.
5 -
تشويه صورة سماحة الإسلام بين الناس - ووافق ذلك لمزهم بالتطرف، والإرهاب ، التشدد وجماعة التكفير والهجرة - وتفرق المسلمين ، وبث الفوضى والخوف وعدم الأمن بينهم ، وهذا مشاهد في أماكن شتى عند أضراب هؤلاء ، ومع الأسف الشديد أنهم يعتقدون أن تصرفهم هذا ديانة لله وجهادا ، وجهلا بالعلم والدين ومقاصده!
6 -
دعواهم بأنهم جماعة المهدي المنتظر ، لاتحاد الزمان الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بوجود المهدي فيه مع زمانهم الذي يعيشون فيه؟!
وهكذا كل قول أو طائفة تنتحل مثل أفكار الخوارج ومعتقداتهم لا بد أن ينتج عنه نظير ما ينتج عن هذه الطائفة من الآثار غير المحمودة طبعا وعقلا فضلا، عن الشرع الحنيف.
مع التنبيه إلى أنه لا يستلزم أن من شابه الخوارج - أو غيرهم من الفرق - في بعض أصولها أن يكون منهم أو منتسبا إليهم ، ولكن الحكم العدل في هذا أن يقال: إنه شابه الخوارج في أصلهم كذا وكذا.
والله أعلم ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.