الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: الذين لا يخلدون في النار
المطلب الأول: التعريف بهم
الذين يدخلون النار، ثم يخرجون منها هم أهل التوحيد الذين لم يشركوا بالله شيئاً، ولكن لهم ذنوب كثيرة فاقت حسناتهم، فخفت موازينهم، فهؤلاء يدخلون النار مدداً يعلمها الله تبارك وتعالى، ثم يخرجون بشفاعة الشافعين، ويخرج الله برحمته أقواماً لم يعملوا خيراً قط.
المطلب الثاني: الذنوب المتوعد عليها بالنار
سنذكر هنا بعض الذنوب التي جاءت النصوص مخبرة أن أهلها يعذبون بسببها في النار:
1-
الفرق المخالفة للسنة:
روى أبو داود والدارمي وأحمد والحاكم وغيرهم عن معاوية بن أبي سفيان أنه قال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة ".
وهذا حديث صحيح. قال فيه الحاكم بعد سياقه لأسانيده: "هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح الحديث". ووافقه الذهبي. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيه: " هو حديث صحيح مشهور ". وصححه الشاطبي في " الاعتصام "، وقد جمع الشيخ ناصر الدين الألباني طرقه وتكلم على أسانيده، وبين أنه حديث صحيح لا شك في صحته. (1)
وقد ذهب صديق حسن خان إلى أن الزيادة التي في الحديث وهي " كلها هالكة إلا واحدة " ومثلها: " ثنتان وسبعون في النار " زيادة ضعيفة. ونقل تضعيف ذلك عن شيخه الشوكاني ومن قبله عن ابن الوزير ومن قبله عن ابن حزم. وقد استحسن قول من قال: " إن هذه الزيادة من دسيس الملاحدة، فإن فيها التفير عن الإسلام والتخويف من الدخول فيه ". (2)
وقد رد الشيخ ناصر الدين الألباني على من ضعّف هذه الزيادة من وجهين:
الأول: أن النقد العلمي الحديثي قد دل على صحة هذه الزيادة، فلا عبرة بقول من ضعفها.
الثاني: أن الذين صححوها أكثر وأعلم من ابن حزم، لا سيما وهو معروف عند أهل العلم بتشدده بالنقد، فلا ينبغي أن يحتج به إذا تفرد عند عدم المخالفة، فكيف إذا خالف.
وأما ابن الوزير فإنه يرد الزيادة من جهة المعنى لا من جهة الإسناد، وقد تكلم على هذا صديق حسن خان في "يقظة أولى الاعتبار" مبيناً أن مقتضى الزيادة أن الذي يدخل الجنة من هذه الأمة قليل، والنصوص الصحيحة الثابتة تدل على
(1) انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة، ورقم الحيث:(204) .
(2)
يقظة أولي الاعتبار: ص 206.
أن الداخلين من هذه الأمة الجنة كثير كثير، يبلغون نصف أهل الجنة. (1)
والرد على هذا من عدة وجوه:
الأول: ليس معنى انقسام الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة أن يكون أكثر الأمة في النار، لأن أكثر الأمة عوام لم يدخلوا في تلك الفرق، والذين افترقوا وقعّدوا وأصّلوا مخالفين السنة قليل بالنسبة للذين جانبوا ذلك كله.
الثاني: ليس كل من خالف أهل السنة في مسألة من مسائل يعد من الفرق المخالفة للسنة، بل المراد بهم الذين تبنوا أصولاً تصيرهم فرقة مستقلة بنفسها، تركوا من أجلها كثيراً من نصوص الكتاب والسنة، كالخوارج والمعتزلة والرافضة.
أما الذين يتبنون الكتاب والسنة ولا يحيدون عنهما، فإنهم إذا خالفوا في مسألة من المسائل لا يعدون فرقة من الفرق.
الثالث: الزيادة دلت على أن الفرق في النار، ولكنها لم توجب لهم الخلود في النار.
ومن المعلوم أن بعض أهل هذه الفرق كفرة خالدون في النار، كغلاة الباطنية الذين يُظِهرون الإيمان ويُبطنون الكفر كالإسماعيلية والدروز والنصيرية ونحوهم.
ومنهم الذين خالفوا أهل السنة في مسائل كبيرة عظيمة، ولكنها لا تصل إلى الكفر، فهؤلاء ليس لهم وعد مطلق بدخول الجنة، ولكنهم تحت المشيئة إن شاء الله غفر لهم وإن شاء عذبهم، وقد تكون لهم أعمال صالحة عظيمة تنجيهم من
(1) انظر كلام الشيخ في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) حديث رقم (204) ، و (بقظة أولي الاعتبار) . ص207.
النار، وقد ينجون من النار بشفاعة الشافعين، وقد يدخلون النار، ويمكثون فيها ما شاء الله أن يمكثوا، ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين.
2-
الممتنعون من الهجرة:
لا يجوز للمسلم أن يقيم في ديار الكفر إذا وجدت ديار الإسلام خاصة إذا كان مكثه في ديار الكفر يعرضه للفتنة، ولم يقبل الله الذين تخلفوا عن الهجرة، فقد أخبرنا الحق أن الملائكة تُبَكّت هذا الصنف من الناس حال الموت، ولا تعذرهم عندما يدعون أنهم كانوا مستضعفين في الأرض (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تك أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) [النساء: 97 - 98] ، فلم يعذر الله من هؤلاء إلا المستضعفين الذين لا يجدون حيلة للخروج، ولا يهتدون إلى الطريق الذي يوصلهم إلى ديار الإسلام.
3-
الجائرون في الحكم:
أنزل الله الشريعة ليقوم الناس بالقسط، وأمر الله عباده بالعدل (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) [النحل: 90] ، وفرض على الحكام والقضاة الحكم بالعدل وعدم الجور (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) [النساء: 58] ، وقد تهدد الحق الذين لا يحكمون بالحق بالنار، فقد روى
بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:" القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة: فرجل عرف الحق وقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار" أخرجه أبو داود. (1)
4-
الكذب على الرسول الله صلى الله عليه وسلم:
عقد ابن الأثير في كتابه الكبير: " جامع الأصول فصلاً ساق فيه كثيراً من الأحاديث التي تحذر من الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، فمنها ما رواه البخاري ومسلم والترمذي عن على بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تكذبوا على، فإنه من كذب علي يلج النار ".
ومنها ما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من تقول عليّ ما لم أقل (2) ، فليتبوأ مقعده في النار ". (3)
ومنها ما رواه البخاري في صحيحه، وأبو داود في سننه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه الزبير بن العوام، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن كذباً عليّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب علي معتمداً فليتبوأ مقعده من النار ". (4)
(1) جامع الأصول: (10/167) ، وقال محقق الكتاب، وهو حديث صحيح.
(2)
تقول عليه: إذا قال عنه ما لم يقله.
(3)
التبوؤ: اتخاذ المنزل، لأن المباءة المنزل.
(4)
جامع الأصول: (10/611) ، وقد ساق روايات أخرى فارجع إليه إن أحببت الاطلاع على جميع ما ساقه.
5-
الكبر:
من الذنوب الكبار الكبر، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما أدخلته النار " وفي رواية " أذقته النار " رواه مسلم.
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة، قال:" إن الله جميل يحب الجمال. الكبر: بطر الحق، وغمط الناس " رواه مسلم. (1)
6-
قاتل النفس بغير حق:
قال تعالى: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما)[النساء: 93] .
فلا يجوز في دين الله قتل النفس المسلمة إلا بإحدى ثلاث كما في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين، التارك للجماعة ". (2)
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ". قال ابن
(1) انظر هذين الحديثين وأحاديث أخرى في ذم الكبر والترهيب منه في (مشكاة المصابيح)(3/634-635) . وهو في مسلم برقم: 91.
(2)
تفسير ابن كثير: (2/355) . وهو في البخاري برفم: 6878. وفي مسلم برقم: 1676.
عمر: " إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله "(1) . وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يقاتل بعضهم بعضاً، وأخبر أن القاتل والمقتول في النار، فعن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار" قال: فقلت، أو قيل: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال:" إنه كان حريصاً على قتل صاحبه "(2) . ولذا فإن العبد الصالح أبى أن يقاتل أخاه، خشية أن يكون من أهل النار، فباء القاتل بإثمه وإثم أخيه (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين*لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقلتك إني أخاف الله رب العالمين* إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين) [المائدة: 27 - 29] .
7-
أكلة الربا:
من الذنوب التي توبق صاحبها الربا، وقد قال الحق في الذين يأكلونه بعد أن بلغهم تحريم الله له:(ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)[البقرة: 275]، وقال:(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون * واتقوا النار التي أعدت للكافرين)[آل عمران: 130-131] .
وقد عده
(1) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الديات، باب قول الله تعالى:[ومن يقتل مؤمنا متعمد]، فتح الباري:(12/187) .
(2)
رواه مسلم، كتاب الفتن، باب إذا تواجه المسلمان بسيفهما:(4/2213) .
الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه واحداً من سبعة ذنوب توبق صاحبها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا السبع الموبقات ". قالوا: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: " الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ". (1)
8-
أكلة أموال الناس بالباطل:
من الظلم العظيم الذي يستحق به صاحبه النار أكل أموال الناس بالباطل، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً ( [النساء: 29-30] .
ومن أكل أموال الناس بالباطل أكل أموال اليتامى ظلماً، وقد خص الحق أموالهم بالذكر لضعفهم وسهولة أكل أموالهم، ولشناعة هذه الجريمة (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا) [النساء: 10] .
9-
المصورون:
أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون الذين يضاهئون خلق الله، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أشدّ الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون ". (2)
(1) صحيح البخاري: 2766. وصحيح مسلم: 89.
(2)
صحيح البخاري: 5950، وصحيح مسلم:2109.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفساً، فتعذبه في جهنم " متفق عليه. (1)
وعن عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في النمرقة التي فيها تصاوير: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم " متفق عليه. (2)
وعن عائشة أيضاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أشدّ الناس عذاباً الذين يضاهون بخلق الله " متفق عليه. (3)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة " متفق عليه. (4)
10 – الركون إلى الظالمين:
من الأسباب التي تدخل النار الركون إلى الظالمين أعداء الله وموالاتهم، (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) [هود: 113] .
(1) صحيح مسلم: 2110. ورواه البخاري بألفاظ مقاربة: 2225، 5963.
(2)
صحيح البخاري: 5957. وصحيح مسلم: 2107.
(3)
صحيح البخاري: 5954. وصحيح مسلم: 2107.
(4)
صحيح البخاري: 5953، وصحيح مسلم:2111. واللفظ لمسلم.
11 – الكاسيات العاريات والذين يجلدون ظهور الناس:
من الأصناف التي تصلى النار الفاسقات المتبرجات اللواتي يفتن عباد الله، ولا يستقمن على طاعة الله، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال:" صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " أخرجه مسلم، والبيهقي، وأحمد. (1)
قال القرطبي في الذين معهم سياط كأذناب البقر: "وهذه الصفة للسياط مشاهدة عندنا بالمغرب إلى الآن " قال صديق حسن خان معقباً على قول القرطبي: " بل هو مشاهد في كل مكان وزمان، ويزداد يوماً فيوماً عند الأمراء والأعيان، فنعوذ بالله من جميع ما كرهه الله "(2) . أقول: ولا زلنا نرى هذا الصنف من الناس في كثير من الديار يجلدون أبشار الناس، فتبّاً لهؤلاء وأمثالهم.
والكاسيات العاريات كثيرات في زماننا، ولعله لم يسبق أن انتشرت فتنتهن كما انتشرت في زماننا، وهن على النعت الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم: كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت.
12-
الذين يعذبون الحيوان:
روى مسلم في صحيحه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرضَت عليّ
(1) انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة: (3/316) ورقم الحديث: 1326.
(2)
يقظة أولي الاعتبار: ص 113.
النار، فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تُعذّب في هرة لها، ربطتها فلم تُطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت جوعاً ". (1)
إذا كان هذا حال من يعذب هرة، فكيف من يتفنن في تعذيب العباد؟ فكيف إذا كان التعذيب للصالحين منهم بسبب إيمانهم وإسلامهم؟
13 -
عدم الإخلاص في طلب العلم:
ساق الحافظ المنذري كثيراً من الأحاديث التي ترهب من تعلّم العلم لغير الله، منها: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعنى ريحها. رواه أبو داود وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم. (2)
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السفهاء، ولا تخيروا به المجالس، من فعل ذلك فالنار النار " رواه ابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي. (3)
وعن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من تعلم علماً لغير الله، أو أراد به غير الله، فليتبوأ مقعده من النار". رواه الترمذي وابن ماجة كلاهما عن خالد بن دريك عن ابن عمر، ولم يسمع منه. ورجال إسنادهما ثقات. (4)
(1) مشكاة المصابيح: (3/688) .
(2)
وهو في سنن أبي داود: 3664. وأورده الألباني في صحيح أبي داود: 3112، وصحيح ابن ماجه: 252، وقال: صحيح.
(3)
أورده الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 254. وقال فيه: صحيح.
(4)
انظر هذه الأحاديث وتخريجها في: (الترغيب والترهيب) للحافظ المنذري: (1/91) .
14-
الذين يشربون في آنية الذهب والفضة:
روى البخاري ومسلم عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجر في بطنه نار جهنم ". وفي رواية لمسلم: " إن الذي يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب
…
". (1)
وعن حذيفة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة " متفق عليه. (2)
15-
الذي يقطع السدر الذي يظل الناس:
عن عبد الله بن حبيش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار " رواه أبو داود. (3)
وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رؤوسهم صباً ". (4)
16-
جزاء الانتحار:
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يتوجّأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها
(1) مشكاة المصابيح: (2/462) . صحيح مسلم: 2065. ورواه البخاري: 5634 بلفظ "الذي يشرب في إناء الفضة
…
".
(2)
صحيح البخاري: 5426. وصحيح مسلم: 2067.
(3)
مشكاة المصابيح: (2/125)، وأورده الشيخ ناصر في (صحيح الجامع) :(5/341)، ورقم الحديث:(6352) وعزاه إلى أبي داود والضياء في (المختارة) وقال: صحيح.
وهو في سنن أبي داود برقم: 5239. وبعد رواية الحديث جاء ما يلي: سئل أبو داود معنى هذا الحديث، فقال: هذا الحديث مختصر، يعني: من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم، عبثاً وظلماً بغير حق له فيها، صوب الله رأسه في النار.
(4)
عزاه في (صحيح الجامع)(2/88) إلى البيهقي في (السنن) وقال فيه: صحيح.
أبداً، ومن شرب سمّاً فقتل نفسه، فهو في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ". (1)
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعنها يطعنها في النار ". (2)
(1) صحيح البخاري: 5778. وصحيح مسلم: 109 واللفظ لمسلم.
(2)
صحيح البخاري: 1365.