الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: صفة الجنة
المبحث الأول: الجنة لا مثل لها
نعيم الجنة يفوق الوصف، ويقصر دونه الخيال، ليس لنعيمها نظير فيما يعلمه أهل الدنيا، ومهما ترقى الناس في دنياهم، فسيبقى ما يبلغونه أمراً هيناً بالنسبة لنعيم الآخرة، فالجنة كما ورد في بعض الآثار لا مثل لها، " هي نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد وفاكهة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، في مقام أبداً، في حبرة ونضرة، في دور عالية سليمة بهية ". (1)
وقد سأل الصحابة الرسول عن بناء الجنة، فأسمعنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الإجابة وصفاً عجباً، يقول عليه السلام في صفة بنائها: " لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر (2) ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها
(1) هذا نص حديث أورده ابن ماجة في سننه، في كتاب الزهد، باب صفة الجنة، (2/1448)، ورقمه: 4332، ولم ننسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لأن في إسناده مقالاً، وإن كان ابن حبان أورده في صحيحه، ومعناه جميل تشهد له النصوص من الكتاب والسنة.
(2)
الملاط: المادة التي توضع بين اللبنتين.
الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، ولا يبلى ثيابها، ولا يفنى شبابهم " (1) . وصدق الله حيث يقول:(وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً)[الإنسان: 20] .
وما أخفاه الله عنا من نعيم الجنة شيء عظيم لا تدركه العقول، ولا تصل إلى كنهه الأفكار (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) [السجدة: 17] ، وقد جاء في الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) [السجدة: 17] (2) . ورواه مسلم من عدة طرق عن أبي هريرة وجاء في بعض طرقه: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخراً، بلْه (3) ما أطلعكم الله عليه، ثم قرأ: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) . [السجدة: 17] "(4) . ورواه مسلم عن سهل بن سعد الساعدي قال: شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال صلى الله عليه وسلم في آخر حديثه:
(1) رواه أحمد والترمذي والدارمي، انظر مشكاة المصابيح:(3/89) ، وهو صحيح بطرقه كما أشار إلى ذلك محقق المشكاة.
(2)
رواه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة، فتح الباري:(6/318) .
(3)
بله: بفتح الباء وسكون اللام، ومعناها: دع ما أطلعكم الله عليه، فالذي لم يطلعكم عليه أعظم، وكأنه أضرب عنه استقلالاً له في جنب ما لم يطلع عليه، أفاده النووي في شرحه على مسلم (17/166) .
(4)
رواه مسلم في صحيحه في كتاب الجنة وصفة نعيم أهلها: (2/2174)، ورقم الحديث:2824.
" فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قرأ هذه الآية:(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون* فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)[السجدة: 16-17](1) .
(1) رواه مسلم، حديث رقم:2824.