الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسلاسل (فسوف يعلمون* إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون* في الحميم ثم في النار يسجرون)[غافر: 70-72]، قال قتادة: يسحبون مرة في النار وفي الحميم مرة. (1)
المطلب السادس: تسويد الوجوه
يسود الله في الدار الآخرة وجوه أهل النار (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)[آل عمران: 106] ، وهو سواد شديد، كأنما حلت ظلمة الليل في وجوههم (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعًا من الليل مظلماً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) [يونس: 27] .
صور من عذابهم (الجزء الثاني)
المطلب السابع: إحاطة النار بالكفار
أهل النار هم الكفار الذين أحاطت بهم ذنوبهم ومعاصيهم، فلم تبق لهم حسنة، كما قال تعالى في الرد على اليهود الذين قالوا: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة، (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم
(1) التخويف من النار لابن رجب: 147.
فيها خالدون) [البقرة: 81] ، ولا يكون المرء كذلك إلا إذا كان كافراً مشركاً، يقول صديق حسن خان:" المراد بالسيئة هنا الجنس، ولابد أن يكون سببها محيطاً بها من جميع جوانبه، فلا تبقى له حسنة، وسدت عليها مسالك النجاة، والخلود في النار هو للكفار والمشركين، فيتعين تفسير السيئة والخطيئة في هذه الآية بالكفر والشرك، وبهذا يبطل تشبث المعتزلة والخوارج لما ثبت في السنة متواتراً من خروج عصاة الموحدين من النار ". (1)
ولما كانت الخطايا والذنوب تحيط بالكافر إحاطة السوار بالمعصم، فإن الجزاء من جنس العمل، ولذا فإن النار تحيط بالكفار من كل جهة، كما قال تعالى:(لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش)[الأعراف: 41] . والمهاد ما يكون من تحتهم، والغواش جمع غاشية، وهي التي تغشاهم من فوقهم، والمراد أن النيران تحيط بهم من فوقهم ومن تحتهم، كما قال تعالى:(يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجهلم)[العنكبوت: 55]، وقال في موضع آخر:(لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل)[الزمر: 16]، وقد صرح بالإحاطة في موضع آخر:(وإن جهنم لمحيطة بالكافرين)[التوبة: 49] . وقد فسر بعض السلف المهاد بالفرش، والغواش باللحف. (2)
وتأتي الإحاطة من ناحية أخرى، ذلك أن للنار سوراً يحيط بالكفار، فلا
(1) يقظة أولي الاعتبار: ص67.
(2)
تفسير ابن كثير: (3/168) .