الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة
يدخل من هذه الأمة الجنة جموع كثيرة الله أعلم بعددهم، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير قال: حدثني ابن عباس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " عرضت على الأمم، فأخذ النبي يمر معه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشرة، والنبي يمر معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرت فإذا سواد كثير، قلت: يا جبريل هؤلاء أمتي؟ قال: لا، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفاً قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب ". (1)
والسواد الأول الذي ظنه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته هم بنو إسرائيل، كما في بعض الروايات في الصحيح " فرجوت أن تكون أمتي فقيل: هذا موسى وقومه ". (2)
ولا شك أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من بني إسرائيل، ففي الحديث:" فإذا سواد كثير " قال ابن حجر " في رواية سعيد بن منصور " عظيم " وزاد " فقيل لي: انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر مثله "، وفي رواية ابن فضيل: " فإذا سواد قد ملأ الأفق، فقيل لي: انظر هاهنا، وهاهنا في آفاق السماء " وفي حديث ابن مسعود:" فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال "،
(1) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفاً، فتح الباري:(11/406) .
(2)
فتح الباري: (11/407) .
وفي لفظ لأحمد: " فرأيت أمتي قد ملؤوا السهل والجبل، فأعجبني كثرتهم وهيئتهم"، فقيل: أرضيت يا محمد؟ قلت: نعم يا رب ". (1)
وقد ورد في بعض الأحاديث أن مع كل ألف من السبعين ألفاً سبعين ألفاً، وثلاث حثيات من حثيات الله، ففي مسند أحمد، وسنن الترمذي وابن ماجة عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً لا حساب عليهم، ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفاً، وثلاث حثيات من حثيات ربي "(2) ، ولا شك أن الثلاث حثيات تدخل الجنة خلقاً كثيراً.
وقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يرجو أن تكون هذه الأمة نصف أهل الجنة، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذكر بعث النار، قال صلوات الله وسلامه عليه في آخره:" والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " فكبرنا. فقال: " أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة "، فكبرنا. فقال:" أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " فكبرنا. قال: " ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود ". (3)
بل ورد في بعض الأحاديث أن هذه الأمة تبلغ ثلثي أهل الجنة، ففي سنن الترمذي بإسناد حسن، وسنن الدارمي، و " البعث والنشور" للبيهقي عن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم ". (4)
(1) فتح الباري: (11/408) .
(2)
مشكاة المصابيح: (3/64)، ورقمه: 5556، وقد حسنه الترمذي وصحح الشيخ ناصر إسناده.
(3)
مشكاة المصابيح: (3/58)، ورقم الحديث:5541.
(4)
مشكاة المصابيح: (3/92)، ورقم الحديث:5644.
وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبياً ما صدقة من أمته إلا رجل واحد ". (1)
والسر في كثرة من آمن من هذه الأمة أن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الكبرى كانت وحياً متلواً يخاطب العقول والقلوب، وهي معجزة باقية محفوظة إلى قيام الساعة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إلىَّ، وأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ". (2)
(1) مشكاة المصابيح: (3/124)، ورقم الحديث:5744.
(2)
مشكاة المصابيح: (3/124)، ورقم الحديث:5746.