الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع: أن الصحابة لو فهموا من قوله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا على موتاكم)) قراءتها، لما أخلوا بها وكان ذلك أمراً معتاداً مشهوراً بينهم.
الخامس: أن انتفاعه باستماعها وحضور قلبه وذهنه عند قراءتها في آخر عهده بالدنيا هو المقصود، وأما قراءتها عند قبره فإنه لا يثاب على ذلك، لأن الثواب إما بالقراءة أو بالاستماع وهو عمل انقطع عن الميت)) وقال في زاد المعاد:((ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يجتمع للعزاء ويقرأ له القرآن لا عند قبره ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة)) وقال القاسمي في تفسيره: (( {أن لا تزر وازرة وزر أخرى} أي لا تؤاخذ نفس بذنب غيرها، بل كل آثمة فإن إثمها عليها، وقال القاشاني: لأن العقاب يترتب على أفعال مظلمة رسخت في النقص بتكرار الأباطيل والأقاويل السيئة التي هي الذنوب، وكذلك الثواب إنما يترتب على أضدادها من فعل الفضائل كما قال تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} أي إلا سعيه وكسبه)) .
تنبيهات
الأول: قال ابن جرير: ((إنما عنى بقوله: {أن لا تزر وازرة وزر أخرى} الذي ضمن للوليد بن المغيرة أن يتحمل عنه عذاب الله يوم القيامة يقول: ألم يخبر قائل هذا القول
وضامن هذا الضمان بالذي في صحف موسى وإبراهيم: مكتوب لا تأثم آثمة إثم أخرى غيرها، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى. أي وأنه لا يجازى عامل إلا بعمله خيراً كان أم شراً)) انتهى.
وظاهر السياق يشعر بنزول الآيات رداً على ما كانوا يتخرصونه ويتمنونه ويتحكمون فيه على الغيب لجاجاً وجهلاً، ومع ذلك مفهومها الشمولي جلي.
الثاني: قال السيوطي في الإكليل: ((استدل به على عدم دخول النيابة في العبادات عن الحي والميت، واستدل به الشافعي على أن ثواب القراءة لا يلحق الأموات.
قال خليل في مختصره عاطفاً على المكروهات: وقراءة عند موته وبعده وعلى قبره. قال الزرقاني: لأن القصد بزيارته تدبر ما وقع له وما هو فيه، والقراءة يطلب فيها التدبر ولا يجتمع التدبران غالباً. قال بناني: ونص التوضيح في باب الحج: مذهب مالك كراهة القراءة على القبر، ونقله ابن جمرة في شرح مختصر البخاري، وعلله بمثل ما تقدم عن الزرقاني، ثم قال بناني: فقول الزرقاني أن الأمر صريح في الكراهة مطلقاً)) .
أقول: وتحمل الكراهة هنا على كراهة التحريم وهو مقتضى شدة مالك وتمسكه بالسنة وإنكاره للبدعة وغلظته على المبتدعين كما تقدم عنه.