المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة السادسة: التوسل بالمخلوق - الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق

[محمد تقي الدين الهلالي]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الكتاب

- ‌الفصل الأول(في بيان إشراك صاحب الرسالة الإيمانية بعبادة غير الله)

- ‌ذكر بعض أنواع العبادة التي يصرفها المشركون لغير الله تعالى

- ‌أمر عمر بن الخطاب بقطع شجرة الرضوان

- ‌أحاديث النهي عن البناء على القبور والعبادة عدها سداً للذريعة الموصلة إلى الشرك

- ‌الفصل الثالث(في بيان أن كل بدعة ضلالة)

- ‌الفصل الرابعفي مسائل فرعية جاءت في رسالة البوعصامي العامي

- ‌المسألة الأولى: وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌المسألة الثانية: قراءة البسملة في أول سورة الفاتحة وأول كل سورة في الصلاة

- ‌المسألة الثالثة: قراءة القرآن وإهداء ثوابه إلى الموتى بدعة

- ‌تنبيهات

- ‌المسألة الرابعة: التأمين والجهر به

- ‌المسألة الخامسة: نسبة السدل إلى الإمام الشافعي

- ‌المسألة السادسة: التوسل بالمخلوق

- ‌توسل عمر بالعباس

- ‌وصية النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب الاستغفار من أويس القرني

- ‌(بدعة قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة)

- ‌حقوق أهل البيت ما لهم وما عليهم

- ‌حديث: أذكركم الله في أهل بيتي

- ‌((القصيدة الأولى))

- ‌((القصيدة الثانية))

الفصل: ‌المسألة السادسة: التوسل بالمخلوق

الصفوف خلفه ويرفع يديه إذا كبر حذو منكبيه، ويأخذ كوعه الأيسر بكفه اليمنى ويجعلها تحت صدره)) انتهى.

‌المسألة السادسة: التوسل بالمخلوق

.

اعلم أن التوسل هو ابتغاء الوسيلة أي السبب الموصل إلى المطلوب قال الله تعالى في سورة المائدة: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون} (1) وقال تعالى في سورة الإسراء: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه. إن عذاب ربك كان محذورا} (2) والمراد بالتوسل إلى الله تعالى: الأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى الله تعالى كما في الحديث القدسي: ((ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)) رواه البخاري من حديث أبي هريرة.

(1) المائدة: 35.

(2)

الإسراء: 57.

ص: 86

فالإقسام على الله بالمخلوق حرام، وهو جهل من فاعله لأن هذا المقسم إما أن يقسم بأجسام المخلوقين وذلك جهل وضلال وباطل، إذ لا يتقرب إلى الله بأجسام عباده، إذ لا علاقة لأجسامهم بما يريده الله من ذلك التوسل، وهو الإيمان والأعمال الصالحة.

وإما أن يتوسل إلى الله بأعمالهم فهو جهل أيضاً وضلال؛ لأن أعمالهم لهم، لا يصل إليه منها شيء إلا ما أذن الله فيه كالدعاء، وأعماله له، لا يصل إليهم منها شيء إلا ما خصص كالدعاء والصدقة بشرطهما إذا صنعا بقصد إيصال الخير إلى من مات موحداً لله ومتبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز الدعاء ولا الصدقة على من مات مشركاً بالله.

ويتوسل إلى الله تعالى أيضاً بأسمائه الحسنى؛ قال تعالى في سورة الأعراف: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون} (1) .

وأما التوسل إلى الله تعالى بالعمل المتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر المؤمنين إذا كان مشروعاً فهو من خير الوسائل، فمن توسل إلى الله تعالى بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته واتباعه وتوقيره والدفاع عن سنته وتعظيم ما جاء به

(1) الأعراف: 180.

ص: 87

فقد أحسن وهو جدير بالقبول، وكذلك التوسل بمحبة المؤمنين وإعانتهم وقضاء حاجاتهم والإحسان إليهم والدفاع عنهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم فذلك من أفضل الأعمال عند الله وفي تلك الحال يكون الإنسان متوسلاً إلى الله بعمله، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتوسل إليه بأعمالنا كما في حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة فتوسل كل واحد منهم إلى الله فاستجاب الله دعاءهم ولم يقل لنا أقسموا على الله بنبي أو ملك أو صالح.

قال العلامة المحقق بشير السهسواني في كتابه ((صيانة الإنسان)) بعد ما ذكر أنواع التوسل المشروعة ص 201، وقد أشرت إلى بعضها فيما سبق: ((والسابع أن يقول: اللهم أسألك بحق فلان عبدك أو بجاهه أو حرمته أو نحو ذلك، فعن العز بن عبد السلام ومن تبعه عدم الجواز إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعند الحنابلة في أصح القولين أنه مكروه كراهة تحريم، ونقل القدوري وغيره من الحنفية عن أبي يوسف أنه قال: قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به.

وفي جميع متونهم أن قول الداعي المتوسل بحق الأنبياء والأولياء وبحق البيت والمشعر الحرام مكروه كراهة تحريم، وهو كالحرام في العقوبة بالنار عند محمد. وعللوا ذلك كلهم بقولهم: إنه لا حق لمخلوق على الخالق))

ص: 88

ثم قال في صفحة 205: ((قال ابن بلدجي في شرح المختار: ويكره أن يدعو الله إلا به ولا يقول أسألك بملائكتك أو بأنبيائك أو نحو ذلك لأنه لا حق للمخلوق على خالقه)) .

ثم في صفحة 206: ((الثامن: أن يسأل الله ويدعوه عند قبور الصالحين معتقداً أن الدعاء عند القبور مستجاب ونقل الحافظ أحمد بن عبد الحليم الحرّاني في المبسوط وهو من أشهر كتب المالكية الكبرى عن الإمام مالك رحمه الله كراهة التوسل بالمخلوق، يعني بذوات الأنبياء والصالحين ونقل ذلك في كتاب التوسل والوسيلة له، وأدعية الكتاب والسنة الصحيحة ليس فيها توسل إلا بأسماء الله الحسنى وصفاته والعمل الصالح، ففيها غنية عن الأدعية المبتدعة التي تنحو منحى الشرك

والوثنية)) .

ص: 89