المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

71 سُورَة نوح مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَعِشْرُونَ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن - الدر المنثور في التفسير بالمأثور - جـ ٨

[الجلال السيوطي]

الفصل: 71 سُورَة نوح مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَعِشْرُونَ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن

71

سُورَة نوح

مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَعِشْرُونَ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة نوح بِمَكَّة

بسم الله الرحمن الرحيم

الْآيَة 1 - 9

ص: 288

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة {إِنَّا أرسلنَا‌

‌ نوحً

ا} بِمَكَّة

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رفع الحَدِيث إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله يَدْعُو نوحًا وَقَومه يَوْم الْقِيَامَة أول النَّاس فَيَقُول: مَاذَا أجبتم نوحًا فَيَقُولُونَ: مَا دَعَانَا وَمَا بلغنَا وَمَا نصحنا وَلَا أمرنَا وَلَا نَهَانَا فَيَقُول نوح: دعوتهم يَا رب دُعَاء فاشياً فِي الْأَوَّلين والآخرين أمة بعد أمة حَتَّى انْتهى إِلَى خَاتم النَّبِيين أَحْمد فانتسخه وقرأه وآمن بِهِ وَصدقه فَيَقُول للْمَلَائكَة: ادعوا أَحْمد وَأمته فَيَأْتِي رَسُول

ص: 288

الله صلى الله عليه وسلم وَأمته يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم فَيَقُول نوح لمُحَمد وَأمته: هَل تعلمُونَ أَنِّي بلغت قومِي الرسَالَة وَاجْتَهَدت لَهُم بِالنَّصِيحَةِ وجهدت أَن استنقذهم من النَّار سرا وجهراً فَلم يزدهم دعائي إِلَّا فِرَارًا فَيَقُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأمته: فَإنَّا نشْهد بِمَا نَشَدتنَا أَنَّك فِي جَمِيع مَا قلت من الصَّادِقين فَيَقُول نوح: وأنى علمت هَذَا أَنْت وَأمتك وَنحن أول الْأُمَم وَأَنْتُم آخر الْأُمَم فَيَقُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {إِنَّا أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه} حَتَّى خم السُّورَة فَإِذا خَتمهَا قَالَت أمته: نشْهد أَن هَذَا لَهو الْقَصَص الْحق وَمَا من إِلَه إِلَّا الله وَإِن الله لَهو الْعَزِيز الْحَكِيم فَيَقُول الله عِنْد ذَلِك: (وامتازوا الْيَوْم أَيهَا المجرمون)(سُورَة يس الْآيَة 59)

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون} قَالَ: بهَا أرسل الله الْمُرْسلين أَن يعبد الله وَحده وَأَن تتقى مَحَارمه وَأَن يطاع أمره

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {يغْفر لكم من ذنوبكم} قَالَ: الشّرك {ويؤخركم إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: بِغَيْر عُقُوبَة {إِن أجل الله إِذا جَاءَ لَا يُؤَخر} قَالَ: الْمَوْت

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ويؤخركم إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: مَا قد خطّ من الْأَجَل فَإِذا جَاءَ أجل الله لم يُؤَخر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَلم يزدهم دعائي إِلَّا فِرَارًا} قَالَ: بَلغنِي أَنه كَانَ يذهب الرجل بِابْنِهِ إِلَى نوح فَيَقُول لِابْنِهِ: احذر هَذَا لَا يغرنك فَإِن أبي قد ذهب بِي وَأَنا مثلك فحذرني كَمَا حذرتك

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {جعلُوا أَصَابِعهم فِي آذانهم} قَالَ: لِئَلَّا يسمعوا مَا يَقُول {واستغشوا ثِيَابهمْ} قَالَ: لِأَن يتنكروا لَهُ فَلَا يعرفهُمْ {واستكبروا استكباراً} قَالَ: تركُوا التَّوْبَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {واستغشوا ثِيَابهمْ} قَالَ: غطوا بهَا وُجُوههم لكَي لَا يرَوا نوحًا وَلَا يسمعوا كَلَامه

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {واستغشوا ثِيَابهمْ} قَالَ: تسجوا بهَا

ص: 289

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ثمَّ إِنِّي دعوتهم جهاراً} قَالَ: الْكَلَام الْمُعْلن بِهِ وَفِي قَوْله: {ثمَّ إِنِّي أعلنت لَهُم} قَالَ: صحت {وأسررت لَهُم إسراراً} قَالَ: النَّجَاء نجاء لرجل

الْآيَة 10 - 16

ص: 290

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَكْثرُوا من الاسْتِغْفَار فَإِن الله لم يعلمكم الاسْتِغْفَار إِلَّا وَهُوَ يُرِيد أَن يغْفر لكم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَيجْعَل لكم جنَّات وَيجْعَل لكم أَنهَارًا} قَالَ: رأى نوح عليه السلام قوما تجزعت أَعْنَاقهم حرصاً على الدُّنْيَا فَقَالَ: هلموا إِلَى طَاعَة الله فَإِن فِيهَا دَرك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تعلمُونَ لله عَظمَة

وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: عَظمَة وَفِي قَوْله: {وَقد خَلقكُم أطواراً} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تعرفُون لله حق عَظمته

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تخافون لله عَظمَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تخشون لَهُ عقَابا وَلَا ترجون لَهُ ثَوابًا

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله:

ص: 290

{مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تخشون لله عَظمَة

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول أبي ذُؤَيْب: إِذا لسعته النَّحْل لم يرج [] لسعها وخالفها فِي بَيت نوب عوامل وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رأى نَاسا يغتسلون عُرَاة لَيْسَ عَلَيْهِم أزر فَوقف فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تعرفُون لله حَقًا وَلَا تشكرون لَهُ نعْمَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مطر فِي قَوْله: {وَقد خَلقكُم أطواراً} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ عظاماً طوراً بعد طور وخلقاً بعد خلق

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تبالون لله عَظمَة {وَقد خَلقكُم أطواراً} قَالَ: من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ من علقَة ثمَّ مَا ذكر حَتَّى يتم خلقه

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن يحيى بن رَافع فِي قَوْله: {خَلقكُم أطواراً} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة

أخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن فِي قَوْله: {خلق سبع سماوات طباقاً} قَالَ: بَعضهنَّ فَوق بعض بَين: كل أَرض وسماء خلق وَأمر وَفِي قَوْله: {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا وَجعل الشَّمْس سِرَاجًا} قَالَ: وُجُوههمَا فِي السَّمَاء وَظُهُورهمَا إِلَيْكُم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: إِنَّه يضيء نور الْقَمَر فِيهِنَّ كُلهنَّ كَمَا لَو كَانَ سبع زجاجات أَسْفَل مِنْهَا شهَاب أَضَاءَت كُلهنَّ فَكَذَلِك نور الْقَمَر فِي السَّمَوَات كُلهنَّ لصفائهن

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر وُجُوههمَا قبل السَّمَاء وَأَقْفِيَتهمَا قبل الأَرْض وَأَنا أَقرَأ بذلك عَلَيْكُم آيَة من كتاب الله {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا وَجعل الشَّمْس سِرَاجًا}

ص: 291

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَطاء فِي قَوْله: {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: يضيء لأهل السَّمَوَات كَمَا يضيء لأهل الأَرْض

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: وَجهه يضيء السَّمَوَات وظهره يضيء الأَرْض

وَأخرج عبد بن حميد عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: اجْتمع عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَكَعب الْأَحْبَار وَكَانَ بَينهمَا بعض العتب فتعاتبا فَذهب ذَلِك فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو لكعب: سلني عَمَّا شِئْت وَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء إِلَّا أَخْبَرتك بِتَصْدِيق قولي من الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْت ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر أهوَ فِي السَّمَوَات السَّبع كَمَا هُوَ فِي الأَرْض قَالَ: نعم ألم تروا إِلَى قَول الله: {خلق سبع سماوات طباقاً} {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا}

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: وَجهه فِي السَّمَاء إِلَى الْعَرْش وَقَفاهُ إِلَى الأَرْض

وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: خلق فِيهِنَّ حِين خَلقهنَّ ضِيَاء كَأَهل الأَرْض وَلَيْسَ فِي السَّمَاء من ضوئه شَيْء

الْآيَة 17 - 28

ص: 292

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَالله أنبتكم من الأَرْض نباتاً} قَالَ: خلق آدم من أَدِيم الأَرْض كلهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سبلاً فجاجاً} قَالَ: طرقاً مُخْتَلفَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {سبلاً فجاجاً} قَالَ: طرقاً مُخْتَلفَة وأعلاماً

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ {مَاله وَولده}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن وَأبي رَجَاء أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن {مَاله وَولده}

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه كَانَ يقْرؤهَا فِي نوح والزخرف وَمَا بعد السَّجْدَة من مَرْيَم ولد وَقَالَ: الْوَلَد الْكَبِير وَالْولد الْوَاحِد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ومكروا مكراً كبارًا} قَالَ عَظِيما

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تذرن ودّاً وَلَا سواعاً وَلَا يَغُوث ويعوق ونسراً} قَالَ: هَذِه أصنام كَانَت تعبد فِي زمن نوح

وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرديه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صَارَت الْأَصْنَام والأوثان الَّتِي كَانَت فِي قوم نوح فِي الْعَرَب بعد أما ودّ فَكَانَت لكَلْب بدومة الجندل وَأما سواع فَكَانَت لهذيل وَأما يَغُوث فَكَانَت لمراد ثمَّ لبني غطيف عِنْد سبأ وَأما يعوق فَكَانَت لهمدان وَأما نسر فَكَانَت لحمير لآل ذِي الكلاع وَكَانُوا أَسمَاء رجال صالحين من قوم نوح فَلَمَّا هَلَكُوا أوحى الشَّيْطَان إِلَى قَومهمْ أَن انصبوا إِلَى مجَالِسهمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أنصاباً وسموها بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلم تعبد حَتَّى إِذْ هلك أُولَئِكَ وَنسخ الْعلم عبدت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة قَالَ: اشْتَكَى آدم عليه السلام وَعِنْده بنوه ود ويغوث ويعوق وسراع ونسر وَكَانَ ود أكبرهم وأبرّهم بِهِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عُثْمَان قَالَ: رَأَيْت يَغُوث صنماً من رصاص يحمل على جمل أجرد فَإِذا برك قَالُوا: قد رَضِي ربكُم هَذَا الْمنزل

ص: 293

وَأخرج الفاكهي عَن عبيد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: أول مَا حدثت الْأَصْنَام على عهد نوح وَكَانَت الْأَبْنَاء تبرّ الْآبَاء فَمَاتَ رجل مِنْهُم فجزع عَلَيْهِ فَجعل لَا يصبر عَنهُ فَاتخذ مِثَالا على صورته فَكلما اشتاق إِلَيْهِ نظره ثمَّ مَاتَ فَفعل بِهِ كَمَا فعل ثمَّ تتابعوا على ذَلِك فَمَاتَ الْآبَاء فَقَالَ الْأَبْنَاء: مَا اتخذ هَذِه آبَاؤُنَا إِلَّا أَنَّهَا كَانَت آلِهَتهم فعبدوها

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب رضي الله عنه فِي قَوْله: {وَلَا يَغُوث ويعوق ونسراً وَقد أَضَلُّوا كثيرا} قَالَ: كَانُوا قوما صالحين بَين آدم ونوح فَنَشَأَ قوم بعدهمْ يَأْخُذُونَ كأخذهم فِي الْعِبَادَة فَقَالَ لَهُم إِبْلِيس: لَو صوّرتم صورهم فكنتم تنْظرُون إِلَيْهِم فصوروا ثمَّ مَاتُوا فَنَشَأَ قوم بعدهمْ فَقَالَ لَهُم إِبْلِيس: إِن الَّذين كَانُوا من قبلكُمْ كَانُوا يعبدوها

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ لآدَم خَمْسَة بَنِينَ ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر فَكَانُوا عبّاداً فَمَاتَ رجل مِنْهُم فَحَزِنُوا عَلَيْهِ حزنا شَدِيدا فَجَاءَهُمْ الشَّيْطَان فَقَالَ: حزنتم على صَاحبكُم هَذَا قَالُوا: نعم قَالَ: هَل لكم أَن أصوّر لكم مثله فِي قبلتكم إِذا نظرتم إِلَيْهِ ذكرتموه قَالُوا: لَا نكره أَن تجْعَل لنا فِي قبلتنا شَيْئا نصلي إِلَيْهِ

فأجعله فِي مُؤخر الْمَسْجِد

قَالُوا: نعم فصوّره لَهُم حَتَّى مَاتَ خمستهم فصوّر صورهم فِي مُؤخر الْمَسْجِد [] وَأخرج الْأَشْيَاء حَتَّى تركُوا عبَادَة الله وعبدوا هَؤُلَاءِ فَبعث الله نوحًا فَقَالُوا: {وَلَا تذرن ودا} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مطهر قَالَ: ذكرُوا عِنْد أبي جَعْفَر يزِيد بن الْمُهلب فَقَالَ: إِمَّا أَنه قتل فِي أول أَرض عبد فِيهَا غير الله ثمَّ ذكر ودا قَالَ: وَكَانَ ود رجلا مُسلما وَكَانَ محبباً فِي قومه فَلَمَّا مَاتَ عسكروا حول قَبره فِي أَرض بابل وجزعوا عَلَيْهِ فَلَمَّا رأى إِبْلِيس جزعهم عَلَيْهِ تشبه فِي صُورَة إِنْسَان ثمَّ قَالَ: أرى جزعكم على هَذَا فَهَل لكم أَن أصور لكم مثله فَيكون فِي ناديكم فتذكرونه بِهِ قَالُوا: نعم فصوّر لَهُم مثله فوضعوه فِي ناديهم وَجعلُوا يذكرُونَهُ فَلَمَّا رأى مَا بهم من ذكره قَالَ: هَل لكم أَن أجعَل لكم فِي منزل كل رجل مِنْكُم تمثالاً مثله فَيكون فِي بَيته فتذكرونه قَالُوا: نعم فصوّر لكل أهل بَيت تمثالاً مثله فَأَقْبَلُوا فَجعلُوا يذكرُونَهُ بِهِ قَالَ: وَأدْركَ أبناؤهم فَجعلُوا يرَوْنَ مَا يصنعون بِهِ وتناسلوا ودرس أَمر

ص: 294

ذكرهم إِيَّاه حَتَّى اتخذواه إِلَهًا يعبدونه من دون الله

قَالَ: وَكَانَ أول مَا عبد غير الله فِي الأَرْض ود الصَّنَم الَّذِي سموهُ بود

وَأخرج عبد بن حميد عَن السّديّ سمع مرّة يَقُول فِي قَول الله: {وَلَا يَغُوث ويعوق ونسراً} قَالَ: أَسمَاء آلِهَتهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَولده} بِنصب الْوَاو {وَلَا تذرن ودا} بِنصب الْوَاو {وَلَا سواعاً} بِرَفْع السِّين

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة قَالَ: لم ينحسر أحد من الْخَلَائق كحسرة آدم ونوح فَأَما حسرة آدم فحين أخرج من الْجنَّة وَأما حسرة نوح فحين دَعَا على قومه فَلم يبْق شَيْء إِلَّا غرق إِلَّا مَا كَانَ مَعَه فِي السَّفِينَة فَلَمَّا رأى الله حزنه أوحى إِلَيْهِ يَا نوح لَا تتحسر فَإِن دعوتك وَافَقت قدري

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا} قَالَ: وَاحِدًا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا} قَالَ: أما وَالله مَا دَعَا عَلَيْهِم نوح حَتَّى أوحى الله إِلَيْهِ أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن فَعِنْدَ ذَلِك دَعَا عَلَيْهِم ثمَّ دَعَا دَعْوَة عَامَّة فَقَالَ: {رب اغْفِر لي ولوالدي وَلمن دخل بَيْتِي مُؤمنا وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا تباراً}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {رب اغْفِر لي ولوالدي} قَالَ: يَعْنِي أَبَاهُ وجده

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَلمن دخل بَيْتِي مُؤمنا} قَالَ: مَسْجِدي

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا تباراً} قَالَ: خسارا

ص: 295

بسم الله الرحمن الرحيم

72

سُورَة الْجِنّ

مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَعِشْرُونَ

مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْجِنّ بِمَكَّة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة {قل أُوحِي} بِمَكَّة

الْآيَة 1 - 10

ص: 296

أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَبَان الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي طَائِفَة من أَصْحَابه عَامِدين إِلَى سوق عكاظ وَقد حيل بَين الشَّيَاطِين وَبَين خبر السَّمَاء وَأرْسلت عَلَيْهِم الشهب فَرَجَعت الشَّيَاطِين إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا: مَا لكم فَقَالُوا: أُحِيل بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء وَأرْسلت علينا الشهب

ص: 296

فَقَالُوا: مَا حَال بَيْنكُم وَبَين خبر السَّمَاء إِلَّا شَيْء حدث فاضربوا مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا فانظروا مَا الَّذِي حَال بَيْنكُم وَبَين خبر السَّمَاء فَانْصَرف أُولَئِكَ الَّذين ذَهَبُوا نَحْو تهَامَة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بنخلة عَامِدين إِلَى سوق عكاظ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْفجْر فَلَمَّا سمعُوا الْقُرْآن اسْتَمعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَالله الَّذِي حَال بَيْنكُم وَبَين خبر السَّمَاء فهنالك رجعُوا إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا: يَا قَومنَا {إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا} فَأنْزل الله على نبيه {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} وَإِنَّمَا أوحى إِلَيْهِ قَول الْجِنّ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الْملك قَالَ: لم تحرس الْجِنّ فِي الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم حرست السَّمَاء الدُّنْيَا ورميت الْجِنّ بِالشُّهُبِ فاجتمعت إِلَى إِبْلِيس فَقَالَ: لقد حدث فِي الأَرْض حدث فتعرفوا فأخبرونا مَا هَذَا الْحَدث فَبعث هَؤُلَاءِ النَّفر إِلَى تهَامَة وَإِلَى جَانب الْيمن وهم أَشْرَاف الْجِنّ وسادتهم فوجدوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاة الْغَدَاة بنخلة فسمعوه يَتْلُوا الْقُرْآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالَ: أَنْصتُوا فَلَمَّا قضى يَعْنِي بذلك أَنه فرغ من صَلَاة الصُّبْح ولوا إِلَى قَومهمْ منذرين مُؤمنين لم يشْعر بهم حَتَّى نزل {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} يُقَال: سَبْعَة من أهل نَصِيبين

وَأخرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب صفوة الصفوة بِسَنَدِهِ عَن سهل بن عبد الله قَالَ: كنت فِي نَاحيَة ديار عَاد إِذا رَأَيْت مَدِينَة من حجر منقورة فِي وَسطهَا قصر من حِجَارَة تأويه الْجِنّ فَدخلت فَإِذا شيخ عَظِيم الْخلق يُصَلِّي نَحْو الْكَعْبَة وَعَلِيهِ جُبَّة صوف فِيهَا طراوة فَلم أتعجب من عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عليّ السَّلَام وَقَالَ: يَا سهل إِن الْأَبدَان لَا تخلق الثِّيَاب وَإِنَّمَا يخلقها رَوَائِح الذُّنُوب ومطاعم السُّحت وَإِن هَذِه الْجُبَّة عليَّ مُنْذُ سَبْعمِائة سنة لقِيت بهَا عِيسَى ومحمداً عليهما السلام فآمنت بهما فَقلت لَهُ: وَمن أَنْت قَالَ: أَنا من الَّذين نزلت فيهم {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا من جن نَصِيبين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: الْأَمر وعظمته

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: أمره وَقدرته

ص: 297

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: عَظمته

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: لَك الْحَمد والنعماء وَالْملك رَبنَا وَلَا شَيْء أَعلَى مِنْك جدا وأمجدا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو علمت الْجِنّ أَيَّة يكون فِي الإِنس مَا قَالُوا {تَعَالَى جد رَبنَا}

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: غنى رَبنَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: تعالت عَظمته

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: جلال رَبنَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: ذكره وَفِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا} قَالَ: هُوَ إِبْلِيس

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي بِسَنَد واه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَرْفُوعا {وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا} قَالَ: إِبْلِيس

وَأخرج عبد بن حميد عَن عُثْمَان بن حَاضر مثله

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا على الله شططاً} قَالَ: عَصَاهُ سَفِيه الْجِنّ كَمَا عَصَاهُ سَفِيه الإِنس

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يقْرَأ الَّتِي فِي الْجِنّ وَالَّتِي فِي النَّجْم وَأَن وَأَنه بِالنّصب

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والعقيلي فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن عَسَاكِر عَن كردم بن أبي السَّائِب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه قَالَ: خرجت مَعَ أبي إِلَى الْمَدِينَة فِي حَاجَة وَذَلِكَ أول مَا ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة فآوانا الْمبيت إِلَى راعي غنم فَلَمَّا انتصف اللَّيْل جَاءَ ذِئْب فَأخذ حملا من الْغنم فَوَثَبَ الرَّاعِي فَقَالَ: يَا عَامر الْوَادي أَنا جَار دَارك فَنَادَى منادٍ لَا ترَاهُ يَا سرحان

ص: 298

أرْسلهُ فَأتى الْحمل يشْتَد حَتَّى دخل فِي الْغنم وَأنزل الله على رَسُوله بِمَكَّة {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} الْآيَة

وَأخرج ابْن سعد عَن أبي رَجَاء العطاردي من بني تَمِيم قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد رعيت على أَهلِي وكفيت مهنتهم فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرجنَا هراباً فأتينا على فلاة من الأَرْض وَكُنَّا إِذا أمسينا بِمِثْلِهَا قَالَ شَيخنَا: إِنَّا نَعُوذ بعزيز هَذَا الْوَادي من الْجِنّ اللَّيْلَة فَقُلْنَا ذَاك فَقيل لنا: إِنَّمَا سَبِيل هَذَا الرجل شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَمن أقرّ بهَا أَمن على دَمه وَمَاله فرجعنا فَدَخَلْنَا فِي الإِسلام قَالَ أَبُو رَجَاء: إِنِّي لأرى هَذِه الْآيَة نزلت فيّ وَفِي أَصْحَابِي {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً}

وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا من بني تَمِيم كَانَ جريئاً على اللَّيْل وَالرِّجَال وَأَنه سَار لَيْلَة فَنزل فِي أَرض مجنة فاستوحش فعقل رَاحِلَته ثمَّ توسد ذراعيها وَقَالَ: أعوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي من شَرّ أَهله فأجاره شيخ مِنْهُم وَكَانَ مِنْهُم شَاب وَكَانَ سيداً فِي الْجِنّ فَغَضب الشَّاب لما أجاره الشَّيْخ فَأخذ حَرْبَة لَهُ قد سَقَاهَا السم لينحر نَاقَة الرجل بهَا فَتَلقاهُ الشَّيْخ دون النَّاقة فَقَالَ: [] يَا مَالك بن مهلهل مهلا فَذَلِك محجري وإزاري عَن نَاقَة الإِنسان لَا تعرض لَهَا واختر إِذا ورد المها أثواري إِنِّي ضمنت لَهُ سَلامَة رَحْله فَاكْفُفْ يَمِينك راشداً عَن جاري وَلَقَد أتيت إِلَى مَا لم أحتسب إِلَّا رعيت قَرَابَتي وجواري تسْعَى إِلَيْهِ بِحَرْبَة مَسْمُومَة أفّ لقربك يَا أَبَا اليقطاري لَوْلَا الْحيَاء وان أهلك جيرة لتمزقتك بِقُوَّة أظفاري فَقَالَ لَهُ الْفَتى: أَتُرِيدُ أَن تعلوا وتخفض ذكرنَا فِي غير مزرية أَبَا الْعيزَار متنحلاً أمرا لغيرك فَضله فارحل فَإِن الْمجد للمرار من كَانَ مِنْكُم سيداً فِيمَا مضى إِن الْخِيَار هم بَنو الأخيار فاقصد لقصدك يَا معيكر إِنَّمَا كَانَ المجير مهلهل بن وبار فَقَالَ الشَّيْخ: صدقت كَانَ أَبوك سيدنَا وأفضلنا دع هَذَا الرجل لَا أنازعك

ص: 299

بعده أحدا فَتَركه فَأتى الرجل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقص عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا أصَاب أحدا مِنْكُم وَحْشَة أَو نزل بِأَرْض مجنة فَلْيقل: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا يلج فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَمن فتن اللَّيْل وَمن طوارق النَّهَار إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً} قَالَ أَبُو نصر: غَرِيب جدا لم نَكْتُبهُ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه

وَأخرج الخرائطي فِي كتاب الهواتف عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه أَن رجلا من بني تَمِيم يُقَال لَهُ: رَافع بن عُمَيْر حدث عَن بَدْء إِسْلَامه قَالَ: إِنِّي لأسير برمل عالج ذَات لَيْلَة إِذا غلبني النّوم فَنزلت عَن رَاحِلَتي وأنختها ونمت وَقد تعوذت قبل نومي فَقلت: أعوذ بعظيم هَذَا الْوَادي من الْجِنّ فَرَأَيْت رجلا فِي مَنَامِي بِيَدِهِ حَرْبَة يُرِيد أَن يَضَعهَا فِي نحر نَاقَتي فانتبهت فَزعًا فَنَظَرت يَمِينا وَشمَالًا فَلم أر شَيْئا فَقلت: هَذَا حلم

ثمَّ عدت فغفوت فَرَأَيْت مثل ذَلِك فانتبهت فَدرت حول نَاقَتي فَلم أر شَيْئا فَإِذا نَاقَتي ترْعد

ثمَّ غفوت فَرَأَيْت مثل ذَلِك فنتبهت فَرَأَيْت نَاقَتي تضطرب والتفتّ فَإِذا أَنا بِرَجُل شَاب كَالَّذي رَأَيْته فِي الْمَنَام بِيَدِهِ حَرْبَة وَرجل شيخ مُمْسك بِيَدِهِ يردهُ عَنْهَا فَبَيْنَمَا هما يتنازعان إِذْ طلعت ثَلَاثَة أثوار من الْوَحْش فَقَالَ الشَّيْخ للفتى: قُم فَخذ أَيهَا شِئْت فدَاء لناقة جاري الإِنسي

فَقَامَ الْفَتى فَأخذ مِنْهَا ثوراً عَظِيما وَانْصَرف ثمَّ الْتفت إِلَى الشَّيْخ وَقَالَ: يَا هَذَا إِذا نزلت وَاديا من الأودية فَخفت هوله فَقل: أعوذ بِاللَّه رب مُحَمَّد من هول هَذَا الْوَادي ولاتعذ بِأحد من الْجِنّ فقد بَطل أمرهَا

فَقلت لَهُ: وَمن مُحَمَّد هَذَا قَالَ: نَبِي عَرَبِيّ لاشرقي وَلَا غربي بعث يَوْم الأثنين

قلت: فَأَيْنَ مَسْكَنه قَالَ: يثرب ذَات النّخل

فركبت رَاحِلَتي حِين برق الصُّبْح وجددت السّير حَتَّى أتيت الْمَدِينَة فرآني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَحَدثني بحديثي قبل أَن أذكر لَهُ مِنْهُ شَيْئا وَدَعَانِي إِلَى الإِسلام فَأسْلمت

قَالَ سعيد بن جُبَير رضي الله عنه: وَكُنَّا نرى أَنه هُوَ الَّذِي أنزل الله فِيهِ {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} قَالَ: كَانَ رجال من الإِنس يبيت أحدهم فِي الْجَاهِلِيَّة بالوادي فَيَقُول: أعوذ بعزيز هَذَا الْوَادي {فزادوهم رهقاً} قَالَ: إِثْمًا

ص: 300

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} قَالَ: كَانَ أحدهم إِذا نزل الْوَادي يَقُول: أعوذ بعزيز هَذَا الْوَادي من شَرّ سُفَهَاء قومه فَيَأْمَن فِي نَفسه ليلته أَو يَوْمه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ إِذا هَبَطُوا وَاديا: نَعُوذ بعظيم هَذَا الْوَادي {فزادوهم رهقاً} قَالَ: زادوا الْكفَّار طغياناً

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا نزلُوا منزلا قَالُوا: نَعُوذ بعزيز هَذَا الْمَكَان {فزادوهم رهقاً} يَقُول: خَطِيئَة وإثماً

وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً} قَالَ: كَانَ الْقَوْم إِذا نزلُوا وَاديا قَالُوا: نَعُوذ بِسَيِّد أهل هَذَا الْوَادي فَقَالُوا: نَحن لَا نملك لنا وَلَا لكم ضراً وَلَا نفعا وَهَؤُلَاء يخافونا فاحتووا عَلَيْهِم

وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: فلَان رب هَذَا الْوَادي من الْجِنّ فَكَانَ أحدهم إِذا دخل ذَلِك الْوَادي يعوذ بِرَبّ الْوَادي من دون الله فيزيده بذلك {رهقاً} أَي خوفًا

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن نَاسا فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذا أَتَوْ وَاديا للجن نَاد مُنَادِي الإِنس إِلَى خِيَار الْجِنّ أَن احْبِسُوا عَنَّا سفهاءكم فَلم يُغْنِهِم مَا وعظوا بِهِ {فزادوهم رهقاً}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْقَوْم فِي الْجَاهِلِيَّة إذانزلوا بالوادي قَالُوا: نَعُوذ بِسَيِّد هَذَا الوادجي من شَرّ مَا فِيهِ فَلَا يكونُونَ بِشَيْء أَشد ولعاً مِنْهُم بهم فَذَلِك قَوْله: {فزادوهم رهقاً}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ: ذهبت لأسلم حِين بعث الله حمدا مَعَ رجلَيْنِ أَو ثَلَاثَة فِي الإِسلام فَأتيت المَاء حَيْثُ يجْتَمع النَّاس فَإِذا النَّاس براعي الْقرْيَة الَّذِي يرْعَى لَهُم أغنامهم فَقَالَ: لَا أرعى لكم أغنامكم

قَالُوا: لم قَالَ: يَجِيء الذِّئْب كل لَيْلَة يَأْخُذ شَاة وصنمكم هَذَا رَاقِد لَا يضر وَلَا

ص: 301

ينفع وَلَا يقر وَلَا يُنكر فَذَهَبُوا وَأَنا أرجوا أَن يسلمُوا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءَ الرَّاعِي يشْتَد يَقُول: الْبُشْرَى الْبُشْرَى قد جِيءَ بالذئب وَهُوَ مقموط بَين يَدي الصَّنَم بِغَيْر قماط فَذَهَبُوا وَذَهَبت مَعَهم فَقَتَلُوهُ وسجدوا لَهُ وَقَالُوا: هَكَذَا فَاصْنَعْ فَدخلت على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثته هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لعب بهم الشَّيْطَان

أخرج عبد بن حميد فِي قَوْله: {وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرساً شَدِيدا وشهباً} قَالَ: كَانَت الْجِنّ تسمع سمع السَّمَاء فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا حرست السَّمَاء منعُوا ذَلِك فتفقدت الْجِنّ ذَلِك من أَنْفسهَا

قَالَ: وَذكر لنا أَن أَشْرَاف الْجِنّ كَانُوا بنصيبين من أَرض المموصل فطلبوا وصوبوا النّظر حَتَّى سقطوا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ عَامِدًا إِلَى عطاظ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الشَّيَاطِين لَهُم مقاعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون فِيهَا الْوَحْي فَإِذا سمعُوا الْكَلِمَة زادوا فِيهَا تسعا فَأَما الْكَلِمَة فَتكون حَقًا وَأما مَا زادوا فَيكون بَاطِلا فَلَمَّا بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم منعُوا مَقَاعِدهمْ فَذكرُوا ذَلِك لإِبليس وَلم تكن النُّجُوم يَرْمِي بهَا قبل ذَلِك فَقَالَ لَهُم إِبْلِيس: مَا هَذَا الْأَمر إِلَّا لأمر حدث فِي الأَرْض فَبعث جُنُوده فوجدوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَائِما يُصَلِّي بَين جبلي نَخْلَة فَأتوهُ فأخبروه فَقَالَ: هَذَا الْحَدث الَّذِي حدث فِي الأَرْض

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ للجن مقاعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون الْوَحْي فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم فدحرت الشَّيَاطِين من السَّمَاء ورموا بالكواكب فَجعل لَا يصعد أحد مِنْهُم إِلَّا احْتَرَقَ وفزع أهل الأَرْض لما رَأَوْا من الْكَوَاكِب وَلم يكن قبل ذَلِك وَقَالَ إِبْلِيس: حدث فِي الأَرْض حدث فَأتى من كل أَرض بتربة فشمها فَقَالَ لتربة تهَامَة: هُنَا حدث الْحَدث فصرف إِلَيْهِ نَفرا من الْجِنّ فهم الَّذين اسْتَمعُوا الْقُرْآن

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم تكن سَمَاء الدُّنْيَا تحرس فِي الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد عليهما السلام وَكَانُوا يَقْعُدُونَ مِنْهَا مقاعد للسمع فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم حرست السَّمَاء شَدِيدا ورجمت الشَّيَاطِين فانكروا ذَلِك فَقَالُوا: {لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا}

ص: 302

فَقَالَ إِبْلِيس: لقد حدث فِي الأَرْض حدث فاجتمعت إِلَيْهِ الْجِنّ فَقَالَ: تفَرقُوا فِي الأَرْض فَأَخْبرُونِي مَا هَذَا الْحَدث الَّذِي حدث فِي السَّمَاء وَكَانَ أول بعث بعث ركب من أهل نَصِيبين وهم أَشْرَاف الْجِنّ وساداتهم فبعثهم إِلَى تهَامَة فاندفعوا حَتَّى بلغُوا الْوَادي وَادي نَخْلَة فوجدوا نَبِي الله يُصَلِّي صَلَاة الْغَدَاة وَلم يكن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم علم أَنهم اسْتَمعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن فَلَمَّا قضى يَقُول: لما فرغ من الصَّلَاة ولوا إِلَى قَومهمْ منذرين يَقُول: مُؤمنين

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لما كَانَ الْيَوْم الَّذِي تنبأ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم منعت الشَّيَاطِين من السَّمَاء ورموا بِالشُّهُبِ

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لم يرم بِنَجْم مُنْذُ رفع عِيسَى حَتَّى تنبأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رمى بهَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِن الله حجب الشَّيَاطِين عَن السّمع بِهَذِهِ النُّجُوم انْقَطَعت الكهنة فَلَا كهَانَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع} قَالَ: حرست بِهِ السَّمَاء حِين بعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم لكيلا يسترق السّمع فأنكرت الْجِنّ ذَلِك فَكَانَ كل من اسْتمع مِنْهُم قذف

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْجِنّ قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُون من السَّمَاء فَلَمَّا بعث حرست فَلم يستطيعوا فجاؤوا إِلَى قَومهمْ يَقُولُونَ للَّذين لم يستمعوا فَقَالُوا: {وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرساً شَدِيدا} وهم الْمَلَائِكَة {وشهباً} وَهِي الْكَوَاكِب {وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فَمن يستمع الْآن يجد لَهُ شهاباً رصداً} يَقُول: نجماً قد أوصد لَهُ يَرْمِي بِهِ

قَالَ: فَلَمَّا رموا بِالنَّجْمِ قَالُوا لقومهم: {وَأَنا لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {يجد لَهُ شهاباً} قَالَ: من النُّجُوم {رصداً} قَالَ: من الْمَلَائِكَة وَفِي قَوْله: {وَأَنا لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض} قَالُوا: لَا نَدْرِي لم بعث هَذَا النَّبِي لِأَن يُؤمنُوا بِهِ ويتبعوه فيرشدوا أَو لِأَن يكفروا بِهِ ويكذبوه فيهلكوا كَمَا هلك من قبلهم من الْأُمَم وَالله أعلم

ص: 303

الْآيَة 12 - 18

ص: 304

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنا منا الصالحون وَمنا دون ذَلِك} يَقُول: منا الْمُسلم وَمنا الْمُشرك {كُنَّا طرائق قدداً} قَالَ: أهواء شَتَّى

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى: {طرائق قدداً} قَالَ: المنقطعة فِي كل وَجه

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَلَقَد قلت وَزيد حاسر يَوْم ولت خيل زيد قدداً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {كُنَّا طرائق قدداً} قَالَ: أهواء مُخْتَلفَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كُنَّا طرائق قدداً} قَالَ: مُسلمين وكافرين

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن السّديّ فِي قَوْله: {كُنَّا طرائق قدداً} يَعْنِي الْجِنّ هم مثلكُمْ قدرية ومرجئة ورافضة وشيعة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَأَنا ظننا أَن لن نعجز الله فِي الأَرْض} الْآيَة قَالُوا: لن نمتنع مِنْهُ فِي الأَرْض وَلَا هرباً

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا يخَاف بخساً وَلَا رهقاً} قَالَ: لَا يخَاف نقصا من حَسَنَاته {وَلَا رهقاً} وَلَا أَن يحمل عَلَيْهِ ذَنْب غَيره

ص: 304

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمنا القاسطون} قَالَ: الْعَادِلُونَ عَن الْحق

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَمنا القاسطون} قَالَ: هم الظَّالِمُونَ

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمنا القاسطون} قَالَ: هم الجائرون وَفِي قَوْله: {وَإِن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: لَو آمنُوا كلهم {لأسقيناهم} لأوسعنا لَهُم من الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة} قَالَ: أَقَامُوا مَا أمروا بِهِ {لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: معينا

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَإِن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم} الْآيَة قَالَ: يَقُول لَو استقاموا على طَاعَة الله وَمَا أمروا بِهِ لأكْثر الله لَهُم من الْأَمْوَال حَتَّى يغتنوا بهَا ثمَّ يَقُول الْحسن: وَالله إِن كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد لكذلك كَانُوا سَامِعين لله مُطِيعِينَ لَهُ فتحت عَلَيْهِم كنوز كسْرَى وَقَيْصَر فتنُوا بهَا فَوَثَبُوا بإمامهم فَقَتَلُوهُ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة} قَالَ: طَريقَة الإِسلام {لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: لأعطيناهم مَالا كثيرا

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {مَاء غدقاً} قَالَ: كثيرا جَارِيا

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: تدني كراديس ملتفاً حدائقها كالنبت جَادَتْ بِهِ أنهارها غدقاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّري قَالَ: قَالَ عمر {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: لأعطيناهم مَالا كثيرا

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك {لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: كثيرا وَالْمَاء المَال

وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {مَاء غدقاً} قَالَ: عَيْشًا رغداً

ص: 305

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لنفتنهم فِيهِ} قَالَ: لنبتليهم بِهِ

وَفِي قَوْله: {وَمن يعرض عَن ذكر ربه يسلكه عذَابا صعداً} قَالَ: مشقة الْعَذَاب يصعد فِيهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لنفتنهم فِيهِ} قَالَ: لنبتليهم حَتَّى يرجِعوا إِلَى مَا كتب عَلَيْهِم وَفِي قَوْله: {عذَابا صعداً} قَالَ: مشقة من الْعَذَاب

وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يسلكه عذَابا صعداً} قَالَ: جبلا فِي جَهَنَّم

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عذَابا صعداً} قَالَ: صعُودًا من عَذَاب الله ل اراحة فِيهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {عذَابا صعداً} قَالَ: صعُودًا من عَذَاب الله لَا رَاحَة فِيهِ

وَأخرج هناد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة فِي قَوْله: {عذَابا صعداً} قَالَ: مشقة من الْعَذَاب

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ يسلكه بِالْيَاءِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَن الْمَسَاجِد لله} قَالَ: لم يكن يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة فِي الأَرْض مَسْجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد إيليا بَيت الْمُقَدّس

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش قَالَ: قَالَت الْجِنّ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لنا فنشهد مَعَك الصَّلَوَات فِي مسجدك فَأنْزل الله {وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا} يَقُول: صلوا لَا تخالطوا النَّاس

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَت الْجِنّ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: كَيفَ لنا أَن نأتي الْمَسْجِد وَنحن ناؤون عَنْك أَو كَيفَ نشْهد الصَّلَاة وَنحن ناؤون عَنْك فَنزلت {وَأَن الْمَسَاجِد لله} الْآيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَأَن الْمَسَاجِد لله} الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِذا دخلُوا بيعهم وكنائسهم أشركوا برَبهمْ فَأَمرهمْ أَن يوحدوه

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا} قَالَ: كَانَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِذا دخلُوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بِاللَّه فَأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إِن يخلص الدعْوَة لله إِذا دخل الْمَسْجِد

ص: 306

الْآيَة 19 - 28

ص: 307

أخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبل الْهِجْرَة إِلَى نواحي مَكَّة فَخط لي خطا وَقَالَ: لَا تحدثن شَيْئا حَتَّى آتِيك ثمَّ قَالَ: لَا يهولنك شَيْء ترَاهُ فَتقدم شَيْئا ثمَّ جلس فَإِذا رجال سود كَأَنَّهُمْ رجال الزطّ وَكَانُوا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} قَالَ: لما سمعُوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَتْلُوا الْقُرْآن كَادُوا يركبونه من الْحِرْص لما سَمِعُوهُ يَتْلُو الْقُرْآن ودنوا مِنْهُ فَلم يعلم بهم حَتَّى أَتَاهُ الرَّسُول فَجعل يقرئه {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الزبير بن الْعَوام مثله

وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} قَالَ: لما أَتَى الْجِنّ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ يَرْكَعُونَ بركوعه ويسجدون بسجوده فعجبوا من طواعية أَصْحَابه لَهُ فَقَالُوا لقومهم: {لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً}

ص: 307

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ} أَي يَدْعُو إِلَيْهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَإنَّهُ لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} قَالَ: لما قَامَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم تلبدت الإِنس وَالْجِنّ على هَذَا الْأَمر ليطفئوه فَأبى الله إِلَّا أَن ينصره ويظهره على من ناوأه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ} قَالَ: لما قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَيَدْعُو النَّاس إِلَى رَبهم كَادَت الْعَرَب تلبد عَلَيْهِ جَمِيعًا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} قَالَ: أعواناً

وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي بكر عَن أبي عَاصِم أَنه قَرَأَ {يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} بِكَسْر اللَّام وَنصب الْبَاء وَفِي (لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد)(مَالا لبدا) بِرَفْع اللَّام وَنصب الْبَاء وفسرها أَبُو بكر فَقَالَ: (لبداً) كثيرا و (لبداً) بَعْضهَا على بعض

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {قل إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} بِغَيْر ألف

وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي

قَالَ: ذكر لنا أَن جنياً من الْجِنّ من أَشْرَافهم ذَا تبع قَالَ: إِنَّمَا يُرِيد مُحَمَّد أَن نجيره وَأَنا أجيره فَأنْزل الله {قل إِنِّي لن يجيرني من الله أحد} الْآيَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: انْطَلَقت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة الْجِنّ حَتَّى أَتَى الْحجُون فَخط عَليّ خطا ثمَّ تقدم إِلَيْهِم فازدحموا عَلَيْهِ فَقَالَ سيدهم يُقَال لَهُ وردان: الا أَرجُلهم عَنْك يَا رَسُول الله قَالَ: {إِنِّي لن يجيرني من الله أحد}

وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَلنْ أجد من دونه ملتحداً} قَالَ: ملْجأ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلنْ أجد من دونه ملتحداً} قَالَ: ملْجأ وَلَا نَصِيرًا إِلَّا بلاغاً من الله ورسالاته

قَالَ: هَذَا الَّذِي يملك

ص: 308

بلاغاً من الله ورسالاته وَفِي قَوْله: {عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: فَإِنَّهُ إِذا ارتضى الرَّسُول اصطفاه وأطلعه على مَا شَاءَ من غيبه وانتخبه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: أعلم الله الرُّسُل من الْغَيْب الْوَحْي وأظهرهم عَلَيْهِ فِيمَا أُوحِي إِلَيْهِم من غيبه وَمَا يحكم الله فَإِنَّهُ لَا يعلم ذَلِك غَيره

وَأخرج ابْن حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: هِيَ مُعَقِّبَات من الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من الشَّيْطَان حَتَّى يبين الَّذِي أرسل إِلَيْهِم بِهِ وَذَلِكَ حِين يَقُول أهل الشّرك قد أبلغوا رسالات رَبهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: جِبْرِيل

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَبَّاس قَالَ: مَا أنزل الله على نبيه آيَة من الْقُرْآن إِلَّا وَمَعَهَا أَرْبَعَة من الْأَمْلَاك يحفظونها حَتَّى يؤدوها إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَرَأَ {عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} يَعْنِي الْمَلَائِكَة الْأَرْبَعَة ليعلم أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبل أَن يلقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته يدنون مِنْهُ فَلَمَّا ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته أَمرهم أَن يتنحوا عَنهُ قَلِيلا ليعلم أَن الْوَحْي إِذا نزل من عِنْد الله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير فَبِي قَوْله: {فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: أَرْبَعَة حفظَة من الْمَلَائِكَة مَعَ جِبْرِيل ليعلم مُحَمَّد {أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم} قَالَ: وَمَا جَاءَ جِبْرِيل إِلَّا وَمَعَهُ أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة حفظَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: {فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من الْجِنّ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: كَانَ الن

ص: 309

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث إِلَيْهِ الْملك بِالْوَحْي بعث مَعَه نَفرا من الْمَلَائِكَة يحرسونه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه أَن يتشبه الشَّيْطَان على صُورَة الْملك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: يظهره من الْغَيْب على مَا شَاءَ إِذا ارْتَضَاهُ وَفِي قَوْله: {فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: من الْمَلَائِكَة وَفِي قَوْله: {ليعلم أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم} قَالَ: ليعلم نَبِي الله أَن الرُّسُل قد بلغت عَن الله وَأَن الله حفظهَا وَدفع عَنْهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ليعلم} قَالَ: ليعلم ذَلِك من كذب الرُّسُل {أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم}

ص: 310

بسم الله الرحمن الرحيم

73

سُورَة المزمل

مَكِّيَّة وآياتها عشرُون

مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {يَا أَيهَا المزمل} بِمَكَّة

وَأخرج ان مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله

وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة المزمل بِمَكَّة إِلَّا آيَتَيْنِ {إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم أدنى}

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بتّ عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من اللَّيْل فصلى ثَلَاث عشرَة رَكْعَة مِنْهَا رَكعَتَا الْفجْر فحزرت قِيَامه فِي كل رَكْعَة بِقدر {يَا أَيهَا المزمل} وَالله أعلم

الْآيَة 1 - 10

ص: 311

أخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن جَابر قَالَ: اجْتمعت قُرَيْش فِي دَار الندوة فَقَالُوا: سموا هَذَا الرجل اسْما تصدر النَّاس عَنهُ فَقَالُوا: كَاهِن قَالُوا: لَيْسَ بكاهن قَالُوا: مَجْنُون

قَالُوا: لَيْسَ بمجنون

قَالُوا:

ص: 311

سَاحر قَالُوا: لَيْسَ بساحر

قَالُوا: يفرق بَين الحبيب وحبيبه فَتفرق الْمُشْركين على ذَلِك فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فتزمل فِي ثِيَابه وتدثر فِيهَا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: {يَا أَيهَا المزمل} {يَا أَيهَا المدثر}

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد بن هِشَام قَالَ: قلت لعَائِشَة: أَنْبِئِينِي عَن قيام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

قَالَت: أَلَسْت تقْرَأ هَذِه السُّورَة {يَا أَيهَا المزمل} قلت: بلَى قَالَت: فَإِن الله قد افْترض قيام اللَّيْل فِي أول هَذِه السُّورَة فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه حولا حَتَّى انتفخت أَقْدَامهم وَأمْسك الله خاتمتها فِي السَّمَاء اثْنَي عشر شهرا ثمَّ أنزل الله التَّخْفِيف فِي آخر هَذِه السُّورَة فَصَارَ قيام اللَّيْل تَطَوّعا من بعد فَرِيضَة

وَأخرج بَان جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: نزل الْقُرْآن {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا} حَتَّى كَانَ الرجل يرْبط الْحَبل وَيتَعَلَّق فَمَكَثُوا بذلك ثَمَانِيَة أشهر فَرَأى الله مَا يَبْتَغُونَ من رضوانه فَرَحِمهمْ وردهم إِلَى الْفَرِيضَة وَترك قيام اللَّيْل

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جُبَير بن نفير قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن قيام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ فَقَالَت: أَلَسْت تقْرَأ {يَا أَيهَا المزمل} قلت: بلَى

قَالَت: هُوَ قِيَامه

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَلما ينَام من اللَّيْل لما قَالَ الله لَهُ: {قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وصحه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت أول المزمل كَانُوا يقومُونَ نَحوا من قيامهم فِي شهر رَمَضَان حَتَّى نزل آخرهَا وَكَانَ بَين أَولهَا وَآخِرهَا نَحْو من سنة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: نزلت {يَا أَيهَا المزمل} قَامُوا حولا حَتَّى ورمت أَقْدَامهم وسوقهم حَتَّى نزلت {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} فاستراح النَّاس

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لمانزلت {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا} مكث النَّبِي صلى الله عليه وسلم على هَذِه الْحَال عشر

ص: 312

سِنِين يقوم اللَّيْل كَمَا أمره الله وَكَانَت طَائِفَة من أَصْحَابه يقومُونَ مَعَه فَأنْزل الله بعد عشر سِنِين {إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم} إِلَى قَوْله: {فأقيموا الصَّلَاة} فَخفف الله عَنْهُم بعد عشر سِنِين

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي المزمل: {قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا نصفه} الْآيَة الَّتِي فِيهَا {علم أَن لن تحصوه فَتَابَ عَلَيْكُم} {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} وناشئة اللَّيْل أَوله كَانَت صلَاتهم أول اللَّيْل يَقُول: هُوَ أَجْدَر أَن تُحْصُوا مَا فرض الله عَلَيْكُم من قيام اللَّيْل وَذَلِكَ أَن الإِنسان إِذا نَام لم يدر مَتى يَسْتَيْقِظ وَقَوله: {وأقوم قيلاً} يَقُول: هُوَ أَجْدَر أَن تفقه قِرَاءَة الْقُرْآن وَقَوله: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحاً طَويلا} يَقُول: فراغاً طَويلا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: نزلت وَهُوَ فِي قطيفة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: زملت هَذَا الْأَمر فَقُمْ بِهِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: زملت هَذَا الْأَمر فَقُمْ بِهِ وَفِي قَوْله: {يَا أَيهَا المدثر} قَالَ: دثرت هَذَا الْأَمر فَقُمْ بِهِ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتدثر بالثياب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: هُوَ الَّذِي تزمل بثيابه

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: يقْرَأ آيَتَيْنِ ثَلَاثَة ثمَّ يقطع لَا يهذرم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن منيع فِي مُسْنده وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بَينه تبييناً

ص: 313

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: يُقَال لصَاحب الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة اقْرَأ وأرق ورتل كَمَا كنت ترتل فِي الدُّنْيَا فَإِن منزلتك عِنْد آخر آيَة تقرؤها

وَأخرج الديلمي بِسَنَد واهٍ عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا إِذا قَرَأت الْقُرْآن فرتله ترتيلاً وَبَينه تبييناً وَلَا تنثره نثر الدقل وَلَا تهذه هَذَا الشعرة قفوا عِنْد عجائبه وحركوا بِهِ الْقُلُوب وَلَا يكونن هم أحدكُم آخر السُّورَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَرَأَ عَلْقَمَة على عبد الله فَقَالَ: رتله فَإِنَّهُ يزين الْقُرْآن

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: ترسل فِيهِ ترسيلاً

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بلغنَا أَن عَامَّة قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَت الْمَدّ

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بَينه تبييناً

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: اقرأه قِرَاءَة بَيِّنَة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بعضه على أثر بعض

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: فسره تَفْسِيرا

وَأخرج العسكري فِي المواعظ عَن عَليّ: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن قَول الله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بَينه تبييناً وَلَا تنثره نثر الدقل وَلَا تهذه هَذَا الشّعْر قفوا عِنْد عجائبه وحركوا بِهِ الْقُلُوب وَلَا يكن هم أحدكُم آخر السُّورَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مليكَة عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا سُئِلت عَن قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِنَّكُم لَا تستطيعونها فَقيل لَهَا: أَخْبِرِينَا بهَا فَقَرَأت قِرَاءَة ترسلت فِيهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَي النَّاس

ص: 314

أحسن قِرَاءَة قَالَ: الَّذِي إِذا سمعته يقْرَأ رَأَيْت أَنه يخْشَى الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: مر رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم على رجل يقْرَأ آيَة ويبكي ويرددها فَقَالَ: ألم تسمعوا إِلَى قَول الله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} هَذَا الترتيل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن أبي هُرَيْرَة أَو أبي سعيد قَالَ: يُقَال لصَاحب الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة اقْرَأ وأرق فَإِن منزلتك عِنْد آخر آيَة تقرؤها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن مُجَاهِد قَالَ: الْقُرْآن يشفع لصَاحبه يَوْم الْقِيَامَة يَقُول: يَا رب جَعَلتني فِي جَوْفه فأسهرت ليله ومنعته من كثير من شهواته وَلكُل عَامل من عمله عماله فَيُقَال لَهُ: أبسط يدك فَيمْلَأ من رضوَان فَلَا يسْخط عَلَيْهِ بعده ثمَّ يُقَال لَهُ: اقْرَأ وأرقه فيرفع بِكُل آيَة دَرَجَة وَيُزَاد بِكُل آيَة حَسَنَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك بن قيس قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس علمُوا أَوْلَادكُم وأهاليكم الْقُرْآن فَإِنَّهُ من كتب لَهُ من مُسلم يدْخلهُ الله الْجنَّة أَتَاهُ ملكان فاكتنفاه فَقَالَا لَهُ: اقْرَأ وارتق فِي درج الْجنَّة حَتَّى ينزلا بِهِ حَيْثُ انْتهى علمه من الْقُرْآن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن بُرَيْدَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الْقُرْآن يلقى صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة حِين ينشق عَنهُ قَبره كَالرّجلِ الشاحب فَيَقُول لَهُ: هَل تعرفنِي فَيَقُول: مَا أعرفك فَيَقُول: أَنا صَاحبك الْقُرْآن الَّذِي أظمأتك فِي الهواجر وأسهرت ليلك وَإِن كل تَاجر من وَرَاء تِجَارَته وَإنَّك الْيَوْم من وَرَاء كل تِجَارَة

قَالَ: فَيعْطى الْملك بِيَمِينِهِ والخلد بِشمَالِهِ وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار ويكس وَالِده حلتين لَا يقوم لَهما أهل الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ: بِمَ كسينا هَذَا فَيُقَال لَهما: بِأخذ ولدكما الْقُرْآن

ثمَّ يُقَال لَهُ: اقْرَأ واصعد درج الْجنَّة وَعرفهَا فَهُوَ فِي صعُود مَا دَامَ يقْرَأ هَذَا كَانَ أَو ترتيلاً

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنَّا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلاً} قَالَ: يثقل من الله فَرَائِضه وحدوده

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن الْحسن فِي قَوْله: {قولا ثقيلاً} قَالَ: الْعَمَل بِهِ

وَأخرج ابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {قولا ثقيلاً} قَالَ: ثقيل فِي الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة

ص: 315

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أوحى إِلَيْهِ وَهُوَ على نَاقَته وضعت جِرَانهَا فَمَا تَسْتَطِيع أَن تتحوّل حَتَّى يسري عَنهُ وتلت {إِنَّا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلاً}

وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقلت: يَا رَسُول الله هَل تحس بِالْوَحْي فَقَالَ: أسمع صلاصل ثمَّ أسكت عِنْد ذَلِك فَمَا من مرّة يُوحى إليّ إِلَّا ظَنَنْت أَن نَفسِي تقبض

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أُوحِي إِلَيْهِ لم يسْتَطع أحد منا أَن يرفع إِلَيْهِ طرفه حَتَّى يَنْقَضِي الْوَحْي

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: قيام اللَّيْل بِلِسَان الْحَبَشَة إِذا قَامَ الرجل قَالُوا: نَشأ

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير عَن ناشئة اللَّيْل قَالَا: قيام اللَّيْل

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ناشئة اللَّيْل أوّله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اللَّيْل كُله ناشئة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: هِيَ بالحبشية قيام اللَّيْل

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: قيام اللَّيْل بِلِسَان الْحَبَشَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن أبي ميسرَة قَالَ: هُوَ بِلِسَان الْحَبَشَة نَشأ أَي: قَامَ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن أبي مليكَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {ناشئة اللَّيْل} قَالَ: أَي اللَّيْل قُمْت فقد أنشأت

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: كل شَيْء بعد الْعشَاء الْآخِرَة ناشئة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن قَالَ: كل صَلَاة بعد الْعشَاء الْآخِرَة فَهُوَ ناشئة اللَّيْل

ص: 316

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن أبي مجلز {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: مَا كَانَ بعد الْعشَاء الْآخِرَة إِلَى الصُّبْح فَهُوَ ناشئة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن نصر عَن مُجَاهِد {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: أَي سَاعَة تهجدت فِيهَا فتهجد من اللَّيْل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك فِي قَوْله: {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير مثله

وَأخرج ابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عليّ بن حُسَيْن قَالَ: {ناشئة اللَّيْل} قيام مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حُسَيْن بن عليّ أَنه رُؤِيَ يُصَلِّي فِيمَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء فَقيل لَهُ: فِي ذَلِك فَقَالَ: إِنَّهَا من الناشئة

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {ناشئة اللَّيْل} مَهْمُوزَة الْيَاء هِيَ {أَشد وطأ} بِنصب الْوَاو وَجزم الطَّاء يَعْنِي المواطاة

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أنس بن مَالك أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة إِن ناشئة اللَّيْل هِيَ أَشد وطأ وأصوب قيلاً فَقَالَ لَهُ رجل: انا نقرؤها {وأقوم قيلاً} فَقَالَ: إِن أصوب وأقوم وأهيأ وَأَشْبَاه هَذَا وَاحِد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {هِيَ أَشد وطأ} قَالَ: مواطاة لَك فِي القَوْل {وأقوم قيلاً} قَالَ: افرغ لقلبك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {أَشد وطأ} قَالَ: أَن توطئ سَمعك وبصرك وقلبك بعضه بَعْضًا {وأقوم قيلاً} قَالَ: أثبت للْقِرَاءَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن نصر عَن قَتَادَة {أَشد وطأ} قَالَ: أثبت فِي الْخَيْر {وأقوم قيلاً} أجرأ على الْقِرَاءَة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وأقوم قيلاً} قَالَ: أدنى من أَن يفقه الْقُرْآن وَفِي قَوْله: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحاً طَويلا} قَالَ: فزاغا وَفِي قَوْله: {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} قَالَ: أخْلص لله إخلاصاً

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكني

ص: 317

عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحاً طَويلا} قَالَ: السبح الْفَرَاغ للْحَاجة وَالنَّوْم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سبحاً طَويلا} قَالَ: فراغاً

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك وَالربيع مثله

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {سبحاً طَويلا} قَالَ: فراغاً طَويلا {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} قَالَ: أخْلص لَهُ الدعْوَة وَالْعِبَادَة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} قَالَ: أخْلص لَهُ الْمَسْأَلَة وَالدُّعَاء إخلاصاً

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} قَالَ: أخْلص لَهُ إخلاصاً

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {رب الْمشرق وَالْمغْرب} بخفض رب

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {رب الْمشرق وَالْمغْرب} قَالَ: وَجه اللَّيْل وَوجه النَّهَار

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {واهجرهم هجراً جميلاً} قَالَ: اصفح {وَقل سَلام} قَالَ: هَذَا قبل السَّيْف وَالله أعلم

الْآيَة 11 - 16

ص: 318

أخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت {وذرني والمكذبين أولي النِّعْمَة ومهلهم قَلِيلا} لم يكن إِلَّا قَلِيل حَتَّى كَانَت وقْعَة بدر

ص: 318

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وذرني والمكذبين أولي النِّعْمَة} قَالَ: بلغنَا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ يدْخلُونَ الْجنَّة قبل أغنيائهم بِأَرْبَعِينَ عَاما ويحشر أغنياؤهم جثاة على ركبهمْ وَيُقَال لَهُم: إِنَّكُم كُنْتُم مُلُوك أهل الدُّنْيَا وحكامهم فَكيف عملتم فِيمَا أَعطيتكُم وَفِي قَوْله: {ومهلهم قَلِيلا} قَالَ: إِلَى السَّيْف

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وذرني والمكذبين أولي النِّعْمَة ومهلهم قَلِيلا} قَالَ: إِن لله فيهم طلبة وحاجة وَفِي قَوْله: {إِن لدينا أَنْكَالًا} قَالَ: قيوداً

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود {إِن لدينا أَنْكَالًا} قَالَ: قيوداً

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِن لدينا أَنْكَالًا} قَالَ: قيوداً

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله

وَأخرج عبد بن حميد عَن حَمَّاد وطاووس مثله

وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْحسن قَالَ: الأنكال قيود من النَّار

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ {إِن لدينا أَنْكَالًا} قَالَ: قيوداً وَالله ثقالاً لَا تفك أبدا ثمَّ بَكَى

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: قيوداً وَالله لَا تحل عَنْهُم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَعبد الله فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَطَعَامًا ذَا غُصَّة} قَالَ: لَهُ شوك وَيَأْخُذ بِالْحلقِ لَا يدْخل وَلَا يخرج

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَطَعَامًا ذَا غُصَّة} قَالَ: شَجَرَة الزقوم

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وهناد وَعبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر عَن حمْرَان أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {إِن لدينا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا وَطَعَامًا ذَا غُصَّة وَعَذَابًا أَلِيمًا} فَلَمَّا بلغ أَلِيمًا صعق

وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي نعت الْخَائِفِينَ وَابْن

ص: 319

جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الشَّرِيعَة وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق حمْرَان بن أعين أبي حَرْب بن أبي الْأسود أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقْرَأ {إِن لدينا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا} فَصعِقَ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كثيباً مهيلاً} قَالَ: المهيل الَّذِي إِذا أخذت مِنْهُ شَيْئا تبعك آخِره

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كثيباً مهيلاً} قَالَ: الرمل السَّائِل وَفِي قَوْله: {أخذا وبيلاً} قَالَ: شَدِيدا

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {أخذا وبيلاً} قَالَ: أخذا شَدِيدا لَيْسَ لَهُ ملْجأ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: خزي الْحَيَاة وخزي الْمَمَات وكلا أرَاهُ طَعَاما وبيلا

الْآيَة 17 - 20

ص: 320

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَكيف تَتَّقُون إِن كَفرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيباً} قَالَ: تَتَّقُون ذَلِك الْيَوْم إِن كَفرْتُمْ قَالَ: وَالله مَا أتقى ذَلِك الْيَوْم قوم كفرُوا بِاللَّه وعصوا رَسُوله

ص: 320

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {فَكيف تَتَّقُون إِن كَفرْتُمْ يَوْمًا} قَالَ: بِأَيّ صَلَاة تَتَّقُون بِأَيّ صِيَام تَتَّقُون

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن خَيْثَمَة فِي قَوْله: {يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيباً} قَالَ: يُنَادي مُنَاد يَوْم الْقِيَامَة يخرج بعث النَّار من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ فَمن ذَلِك يشيب الْولدَان

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيباً} قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة فَإِن رَبنَا يَدْعُو آدم فَيَقُول: يَا آدم أخرج بعث النَّار فَيَقُول: أَي رب لَا علم لي إِلَّا مَا علمتني فَيَقُول الله: أخرج بعث النَّار من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين يساقون إِلَى النَّار سوقاً مُقرنين زرقاً [] كالحين فَإِذا خرج بعث النَّار شَاب كل وليد

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيباً} قَالَ: ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ يَوْم يَقُول الله لآدَم: قُم فَابْعَثْ من ذريتك بعثاً إِلَى النَّار قَالَ: من كم يَا رب قَالَ: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين وينجو وَاحِد فَاشْتَدَّ ذَلِك على الْمُسلمين فَقَالَ: حِين أبْصر ذَلِك فِي وُجُوههم: إِن بني آدم كثير وَإِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج من ولد آدم وَإنَّهُ لَا يَمُوت رجل مِنْهُم حَتَّى يَرِثهُ لصلبه ألف رجل ففيهم وَفِي أشباههم جند لكم

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة بِيَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة بِهِ

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {السَّمَاء منفطر} قَالَ: ممتلئة بِهِ بِلِسَان الْحَبَشَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة موقرة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {منفطر بِهِ} قَالَ: يَعْنِي تشقق السَّمَاء

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {منفطر بِهِ} قَالَ: منصدع من خوف يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب

ص: 321

ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: طباهن حَتَّى أعرض اللَّيْل دونهَا أفاطير وسمى رواء جذورها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة بِاللَّه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة بذلك الْيَوْم من شدته وهوله وَفِي قَوْله: {إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم} الْآيَة قَالَ: أدنى من ثُلثي اللَّيْل وَأدنى من نصفه وَأدنى من ثلثه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير {علم أَن لن تحصوه} قَالَ: لن تطيقوه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} قَالَ: أرخص عَلَيْهِم فِي الْقيام {علم أَن لن تحصوه} قَالَ: أَن لن تُحْصُوا قيام اللَّيْل {فَتَابَ عَلَيْكُم} قَالَ: ثمَّ أَنبأَنَا الله عَن خِصَال الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن قَتَادَة قَالَ: فرض قيام اللَّيْل فِي أول هَذِه السُّورَة فَقَامَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى انتفخت أَقْدَامهم وَأمْسك الله خاتمتها حولا ثمَّ أنزل التَّخْفِيف فِي آخرهَا فَقَالَ: {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} إِلَى قَوْله: {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} فنسخ مَا كَانَ قبلهَا فَقَالَ: {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} فريضتان واجبتان لَيْسَ فيهمَا رخصَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا} قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَامَ الْمُسلمُونَ مَعَه حولا كَامِلا حَتَّى تورمت أَقْدَامهم فَأنْزل الله بعد الْحول {إِن رَبك يعلم} إِلَى قَوْله: {مَا تيَسّر مِنْهُ} قَالَ: الْحسن: فَالْحَمْد لله الَّذِي جعله تَطَوّعا بعد فرضة وَلَا بُد من قيام اللَّيْل

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل} الْآيَة قَالَ: لَبِثُوا بذلك سنة فشق عَلَيْهِم وتورمت أَقْدَامهم ثمَّ نسخهَا آخر السُّورَة {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والطراني وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} قَالَ: مائَة آيَة

ص: 322

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وحسناه عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: صليت خلف ابْن عَبَّاس فَقَرَأَ فِي أول رَكْعَة بِالْحَمْد لله وَأول آيَة من الْبَقَرَة ثمَّ ركع فَلَمَّا انْصَرف أقبل علينا فَقَالَ: إِن الله يَقُول: {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد قَالَ: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن نَقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَمَا تيَسّر

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: مَا من حَال يأتيني عَلَيْهِ الْمَوْت بعد الْجِهَاد فِي سَبِيل الله أحب إليّ من أَن يأتيني وَأَنا بَين شعبتين رحلي ألتمس من فضل الله ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا من جالب يجلب طَعَاما إِلَى بلد من بِلَاد الْمُسلمين فيبيعه بِسعْر يَوْمه إِلَّا كَانَت مَنْزِلَته عِنْد الله منزلَة الشَّهِيد ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله}

ص: 323