الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
95
سُورَة التِّين
مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت سُورَة التِّين {والتين} بِمَكَّة
بسم الله الرحمن الرحيم
الْآيَة 1 - 8
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت سُورَة {و
التين}
بِمَكَّة
وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سفر فصلى الْعشَاء فَقَرَأَ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ ب {والتين وَالزَّيْتُون} فَمَا سَمِعت أحدا أحسن صَوتا أَو قِرَاءَة مِنْهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن يزِيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي الْمغرب ب {والتين وَالزَّيْتُون}
وَأخرج الْخَطِيب عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمغرب فَقَرَأَ {والتين وَالزَّيْتُون}
وَأخرج ابْن قَانِع وَابْن السكن والشيرازي فِي الألقاب عَن زرْعَة بن خَليفَة قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم من الْيَمَامَة فَعرض علينا الإِسلام فأسلمنا فَلَمَّا صلينَا الْغَدَاة قَرَأَ ب {والتين وَالزَّيْتُون} و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر}
أخرج الْخَطِيب وَابْن عساكربسند فِيهِ مَجْهُول عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ: لما نزلت سُورَة {والتين} على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَرح بهَا فَرحا شَدِيدا حَتَّى تبين لنا شدَّة فرحه فسألنا ابْن عَبَّاس عَن تَفْسِيرهَا فَقَالَ: التِّين بِلَاد الشَّام وَالزَّيْتُون بِلَاد فلسطين {وطور سينين} الَّذِي كلم الله مُوسَى عَلَيْهِ {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} عَبدة اللات والعزى {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم أجر غير ممنون} أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي {فَمَا يكذبك بعد بِالدّينِ أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} إِذا بَعثك فيهم نَبيا وجمعك على التَّقْوَى يَا مُحَمَّد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {والتين} قَالَ: مَسْجِد نوح الَّذِي بني بِأَعْلَى الجودي {وَالزَّيْتُون} قَالَ: بَيت الْمُقَدّس {وطور سينين} قَالَ: مَسْجِد الطّور {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} قَالَ: مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} يَقُول: يرد إِلَى أرذل الْعُمر كبر حَتَّى ذهب عقله هم نفر كَانُوا على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَسئلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين تسفهت عُقُولهمْ فَأنْزل الله عذرهمْ أَن لَهُم أجرهم الَّذِي عمِلُوا قبل أَن تذْهب عُقُولهمْ {فَمَا يكذبك بعد بِالدّينِ} يَقُول: بِحكم الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {والتين وَالزَّيْتُون} قَالَ: هما المسجدان مَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْأَقْصَى حَيْثُ أسرِي بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {وطور سينين} الْجَبَل الَّذِي صعده مُوسَى {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي انتصاب لم يخلق منكبّاً على وَجهه {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: أرذل الْعُمر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {والتين} قَالَ: التِّين الْجَبَل الَّذِي عَلَيْهِ دمشق {وَالزَّيْتُون} الَّذِي عَلَيْهِ بَيت الْمُقَدّس {وطور سينين} قَالَ: جبل بِالشَّام مبارك حسن ذُو شجر {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} قَالَ: مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ:
وَقع الْقسم هَهُنَا {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: جَهَنَّم {فَمَا يكذبك بعد بِالدّينِ} يَقُول: استيقن فقد جَاءَك من الله الْبَيَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الله الْفَارِسِي قَالَ: {والتين} مَسْجِد دمشق {وَالزَّيْتُون} بَيت الْمُقَدّس {وطور سينين} جبل مُوسَى {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} الْبَلَد الْحَرَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: {والتين} مَسْجِد أَصْحَاب الْكَهْف {وَالزَّيْتُون} مَسْجِد إيليا {وطور سينين} مَسْجِد الطّور {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {والتين وَالزَّيْتُون} مسجدان بِالشَّام {وطور سينين} قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينين الْحسن
وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار فِي قَوْله: {والتين} الْآيَة قَالَ: {والتين} دمشق {وَالزَّيْتُون} بَيت الْمُقَدّس {وطور سينين} الَّذِي كلم الله عَلَيْهِ مُوسَى عليه السلام {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي حبيب الْحَارِث بن مُحَمَّد قَالَ: أَرْبَعَة جبال مُقَدَّسَة بَين يَدي الله تَعَالَى: طور زيتا وطور سينا وطور تينا وطور تيما
وَهُوَ قَول الله: {والتين وَالزَّيْتُون وطور سينين وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} فَأَما طور زيتا فبيت الْمُقَدّس وَأما طور سينا فالطور وَأما طور تينا فدمشق وَأما طور تيما فمكة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن ميسرَة مثله
وَفِيه وطور سينا حَيْثُ كلم الله مُوسَى
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الحكم {والتين} دمشق {وَالزَّيْتُون} فلسطين {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس {والتين وَالزَّيْتُون} قَالَ: الْفَاكِهَة الَّتِي يأكلها النَّاس {وطور سينين}
قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينين الْمُبَارك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {والتين وَالزَّيْتُون} قَالَ: الْفَاكِهَة الَّتِي يَأْكُل النَّاس {وطور سينين} قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينين الْمُبَارك {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} قَالَ: مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي أحسن صُورَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: فِي النَّار {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: إِلَّا من آمن {فَلهم أجر غير ممنون} قَالَ: غير مَحْسُوب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وطور سينين} قَالَ: هُوَ الْحسن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: {سينين} هُوَ الْحسن بِلِسَان الْحَبَشَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع فِي قَوْله: {والتين وَالزَّيْتُون وطور سينين} قَالَ: الْجَبَل الَّذِي عَلَيْهِ التِّين وَالزَّيْتُون
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن خُزَيْمَة بن ثَابت وَلَيْسَ بِالْأَنْصَارِيِّ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْبَلَد الْأمين فَقَالَ: مَكَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: صليت خلف عمر بن الْخطاب الْمغرب فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى: والتين وَالزَّيْتُون وطور سينا قَالَ: وَهَكَذَا هِيَ قِرَاءَة عبد الله وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة (ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل)(سُورَة الْفِيل الْآيَة 1) و {لِإِيلَافِ قُرَيْش} سُورَة قُرَيْش الْآيَة 1 جمع بَينهمَا وَرفع صورته فقدرت أَنه رفع صورته تَعْظِيمًا للبيت
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي أعدل خلق {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} يَقُول: إِلَى أرذل الْعُمر {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم أجر غير ممنون} غير مَنْقُوص
يَقُول: فَإِذا بلغ الْمُؤمن أرذل الْعُمر وَكَانَ يعْمل فِي شبابه عملا صَالحا كتب الله لَهُ من الْأجر مثله مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته وشبابه وَلم يضرّهُ مَا عمل فِي كبره وَلم يكْتب عَلَيْهِ الْخَطَايَا الَّتِي يعْمل بعد مَا يبلغ أرذل الْعُمر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: خلق كل شَيْء منكباً على وَجهه إِلَّا الإِنسان {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} إِلَى أرذل الْعُمر {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} الْآيَة قَالَ: فأيما رجل كَانَ يعْمل عملا صَالحا وَهُوَ قويّ شَاب فعجز عَنهُ جرى لَهُ أجر ذَلِك الْعَمَل حَتَّى يَمُوت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {والتين} قَالَ: هُوَ هَذَا التِّين {وَالزَّيْتُون} قَالَ: هُوَ هَذَا الزَّيْتُون {وطور سينين} قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينين هُوَ الْحسن بِالْحَبَشَةِ {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} قَالَ: مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: شباب وَشدَّة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: رد إِلَى أرذل الْعُمر {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم أجر غير ممنون} قَالَ: يُوفيه الله أجره وَعَمله فَلَا يؤاخذه إِذا رد إِلَى أرذل الْعُمر وَفِي لفظ قَالَ: من رد مِنْهُم إِلَى أرذل الْعُمر جرى لَهُ من الْأجر مثل مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته وشبابه فَذَلِك الْأجر غير ممنون قَالَ: وَلَا يمن بِهِ عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {والتين وَالزَّيْتُون} قَالَ: تينكم هَذَا الَّذِي تَأْكُلُونَ وزيتونكم هَذَا الَّذِي تعصرون {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي أحسن صُورَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: فِي نَار جَهَنَّم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} يَقُول: فِي أحسن صُورَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: فِي النَّار فِي شَرّ صُورَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي أحسن صُورَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: إِلَى أرذل الْعُمر فَإِذا بلغُوا ذَلِك كتب لَهُم من الْعَمَل مثل مَا كَانُوا يعْملُونَ فِي الصِّحَّة
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: عز وجل {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: هَذَا الْكَافِر من الشَّبَاب إِلَى الْكبر وَمن الْكبر إِلَى النَّار
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ يَقُول: فأضحوا لَدَى دَار الْجَحِيم بمعزل عَن الشعث والعدوان فِي أَسْفَل السّفل
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: إِلَى أرذل الْعُمر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر وَذَلِكَ قَوْله: {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: إِلَّا الَّذين قرؤوا الْقُرْآن
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ يُقَال من قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر ثمَّ قَرَأَ {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: لَا يكون حَتَّى لَا يعلم من بعد علمٍ شَيْئا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: الْهَرم لم يَجْعَل فِيهِ قوّة مَا كَانَ (لكَي لَا يعلم بعد علم شَيْئا)(سُورَة الْحَج الْآيَة 5) قَالَ: وَلَا ينزل تِلْكَ الْمنزلَة أحد قَرَأَ الْقُرْآن وَذَلِكَ قَوْله: {إِلَّا الَّذين آمنُوا} الْآيَة
قَالَ: هم أَصْحَاب الْقُرْآن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} يَقُول: إِلَى الْكبر وَضَعفه فَإِذا ضعف وَكبر عَن الْعَمَل كتب لَهُ مثل أجر مَا كَانَ يعْمل فِي شبيبته
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا كَانَ العَبْد على طَريقَة من الْخَيْر فَمَرض أَو سَافر كتب الله لَهُ مثل مَا كَانَ يعْمل ثمَّ قَرَأَ {فَلهم أجر غير ممنون}
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا مرض العَبْد أَو سَافر كتب الله لَهُ من الْأجر مثل مَا كَانَ يعْمل صَحِيحا مُقيما
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله: {فَلهم أجر غير ممنون} قَالَ: غير ممنون مَا يكْتب لَهُم صَاحب الْيَمين فَإِن عمل خيرا كتب لَهُ صَاحب الْيَمين وَإِن ضعف عَن ذَلِك لَهُ صَاحب الْيَمين وَأمْسك صَاحب الشمَال فَلم يكْتب سَيِّئَة وَمن قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شَيْئا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا مرض العَبْد يُقَال لصَاحب الشمَال: ارْفَعْ عَنهُ الْقَلَم وَيُقَال لصَاحب الْيَمين: اكْتُبْ لَهُ أحسن مَا كَانَ يعْمل فَإِنِّي أعلم بِهِ وَأَنا قيدته
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذا ابْتليت عبدا من عبَادي مُؤمنا فحمدني على مَا ابتليته فَإِنَّهُ يقوم من مضجعه كَيَوْم وَلدته أمه من الْخَطَايَا وَيَقُول الرب عز وجل: إِنِّي أَنا قيدته وابتليته فأجروا لَهُ مَا كُنْتُم تجرون لَهُ قبل ذَلِك وَهُوَ صَحِيح
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مَنْصُور قَالَ: قلت لمجاهد {فَمَا يكذبك بعد بِالدّينِ} و (أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ)(سُورَة الماعون الْآيَة 1) عَنى بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: معَاذ الله إِنَّمَا عني بِهِ الإِنسان
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله كَانَ يَقُول: بلَى وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين
وَأخرج عبد بن حميد عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا أَتَى على هَذِه الْآيَة {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} يَقُول: سُبْحَانَكَ فبلى
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وان مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة يرويهِ: من قَرَأَ {والتين وَالزَّيْتُون} فَقَرَأَ {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} فَلْيقل بلَى وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذا قَرَأت {والتين وَالزَّيْتُون} فَقَرَأت {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} فَقل بلَى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ فبلى
96
سُورَة العلق
مَكِّيَّة وآياتها تسع عشرَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْآيَة 1 - 19
أخرج ابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن بِمَكَّة {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: كَانَت {اقْرَأ باسم رَبك} أول سُورَة أنزلت على مُحَمَّد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب: حَدثنِي مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر المَخْزُومِي أَنه سمع بعض عُلَمَائهمْ يَقُول: كَانَ أول مَا أنزل الله على نبيه {اقْرَأ باسم رَبك} إِلَى {مَا لم يعلم} فَقَالُوا: هَذَا صدرها الَّذِي أنزل يَوْم حراء ثمَّ أنزل الله آخرهَا بعد ذَلِك مَا شَاءَ الله
وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: أول مَا نزل من الْقُرْآن {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق}
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَنَّهَا قَالَت: أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم فَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح ثمَّ حبب إِلَيْهِ الْخَلَاء وَكَانَ يَخْلُو بِغَار حراء فَيَتَحَنَّث فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّد اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد قبل أَن ينْزع إِلَى أَهله ويتزود لذَلِك ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فيتزود لمثلهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحق وَهُوَ فِي غَار حراء فَجَاءَهُ الْملك فَقَالَ {اقْرَأ} قَالَ: قلت: مَا أَنا بقارئ
قَالَ: فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ فَقلت: مَا أَنا بقارئ
قَالَ: فأخذني فغطني الثَّانِيَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ فَقلت: مَا أَنا بقارئ فأخذني فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الإِنسان من علق اقْرَأ وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم} الْآيَة فَرجع بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فُؤَاده فَدخل على خَدِيجَة بنت خويلد فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي
فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع فَقَالَ لِخَدِيجَة وأخبرها الْخَبَر: لقد خشيت على نَفسِي فَقَالَت خَدِيجَة: كلا وَالله مَا يخزيك الله أبدا إِنَّك لتصل الرَّحِم وَتحمل الْكل وتكسب الْمَعْدُوم وتقري الضَّيْف وَتعين على نَوَائِب الْحق
فَانْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى - ابْن عَم خَدِيجَة - وَكَانَ امْرأ قد تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب الْكتاب العبراني فَيكْتب من الإِنجيل بالعبرانية مَا شَاءَ الله أَن يكْتب وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمي فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة: يَا ابْن عَم اسْمَع من ابْن أَخِيك
فَقَالَ لَهُ روقة: يَا ابْن أخي مَاذَا ترى فَأخْبرهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خبر مَا رأى فَقَالَ لَهُ ورقة: هَذَا الناموس الَّذِي أنزل الله على مُوسَى يَا لَيْتَني أكون فِيهَا جذعاً يَا لَيْتَني أكون فِيهَا حَيا إِذا يخْرجك قَوْمك
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَو مخرجي هم
قَالَ: نعم لم يَأْتِ رجل قطّ بِمثل مَا جِئْت بِهِ إِلَّا عودي وَإِن يدركني يَوْمك أنصرك نصرا مؤزراً
ثمَّ لم ينشب ورقة أَن توفّي وفتر الْوَحْي قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ قَالَ وَهُوَ يحدث عَن فَتْرَة الْوَحْي فَقَالَ فِي حَدِيثه: بَينا أَنا أَمْشِي إِذْ
سَمِعت صَوتا من السَّمَاء فَرفعت بَصرِي فَإِذا الْملك الَّذِي جَاءَنِي بحراء جَالس على كرْسِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَرُعِبْت مِنْهُ فَرَجَعت فَقلت: زَمِّلُونِي
فَأنْزل الله (يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر وَرَبك فَكبر وثيابك فطهر وَالرجز فاهجر)(سُورَة المدثر الْآيَة 1 - 2 - 3 - 4 - 5) فحمي الْوَحْي وتتابع
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول سُورَة نزلت على مُحَمَّد {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن {اقْرَأ باسم رَبك} ثمَّ (ن والقلم)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول شَيْء أنزل من الْقُرْآن خمس آيَات {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى قَوْله: {مَا لم يعلم}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} ثمَّ (ن)
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أول مَا نزل عَلَيْهِ بعد {اقْرَأ باسم رَبك} {ن والقلم} و (يَا أَيهَا المدثر)(وَالضُّحَى)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ وَعَمْرو بن دِينَار أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ بحراء إِذا أَتَاهُ ملك بنمط من ديباج فِيهِ مَكْتُوب {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى {مَا لم يعلم}
وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق عَمْرو بن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ بحراء إِذا أَتَاهُ ملك بنمط من ديباج فِيهِ مَكْتُوب {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى {مَا لم يعلم}
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ: أَتَى جِبْرِيل مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد اقْرَأ
قَالَ: وَمَا أَقرَأ فضمه ثمَّ قَالَ يَا مُحَمَّد: اقْرَأ قَالَ: وَمَا أَقرَأ قَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} حَتَّى بلغ {مَا لم يعلم} فجَاء إِلَى خَدِيجَة فَقَالَ: يَا خَدِيجَة مَا أرَاهُ إِلَّا قد عرض لي
قَالَت: كلا وَالله مَا كَانَ رَبك يفعل ذَلِك بك وَمَا أتيت فَاحِشَة قطّ
فَأَتَت خَدِيجَة ورقة فَأَخْبَرته الْخَبَر
قَالَ: لِأَن كنت صادقتة إِن زَوجك لنَبِيّ وليقين من أمته شدَّة وَلَئِن أَدْرَكته لأمنن بِهِ
قَالَ: ثمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقلت خَدِيجَة: مَا أرى رَبك إِلَّا قد قلاك
فَأنْزل الله (وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى)(سُورَة الضُّحَى آيَة 1)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اعْتكف هُوَ وَخَدِيجَة شهرا فَوَافَقَ ذَلِك رَمَضَان فَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَسمع السَّلَام عَلَيْكُم
قَالَت: فَظَنَنْت أَنه فَجْأَة الْجِنّ
فَقَالَ: ابشروا فَإِن السَّلَام خير ثمَّ رأى يَوْمًا آخر جِبْرِيل على الشَّمْس لَهُ جنَاح بالمشرق وَجَنَاح بالمغرب
قَالَ: فَهبت مِنْهُ فَانْطَلق يُرِيد أَهله فَإِذا هُوَ بِجِبْرِيل بَينه وَبَين الْبَاب
قَالَ: فكلمني حَتَّى أنست مِنْهُ ثمَّ وَعَدَني موعداً فَجئْت لموعده وَاحْتبسَ عليّ جِبْرِيل فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرجع إِذا هُوَ بِهِ وبميكائيل فهبط جِبْرِيل إِلَى الأَرْض وَمِيكَائِيل بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فأخذني جِبْرِيل فصلقني لحلاوة الْقَفَا وشق عَن بَطْني فَأخْرج مِنْهُ مَا شَاءَ الله ثمَّ غسله فِي طست من ذهب ثمَّ أعَاد فِيهِ ثمَّ كفأني كَمَا يكفأ الإِناء ثمَّ ختم فِي ظَهْري حَتَّى وجدت مس الْخَاتم ثمَّ قَالَ لي: اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق وَلم أَقرَأ كتابا قطّ فَأخذ بحلقي حَتَّى أجهشت بالبكاء ثمَّ قَالَ لي: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى قَوْله: {مَا لم يعلم} قَالَ: فَمَا نسيت شَيْئا بعده
ثمَّ وزنني جِبْرِيل بِرَجُل فوازنته ثمَّ وزنني بِأخر فوازنته ثمَّ وزنني بِمِائَة
فَقَالَ مِيكَائِيل: تَبعته أمته وَرب الْكَعْبَة
قَالَ: ثمَّ جِئْت إِلَى منزلي فَلم يلقني حجر وَلَا شجر إِلَّا قَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله حَتَّى دخلت على خَدِيجَة فَقَالَت: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أعز الإِسلام بعمر بن الْخطاب وَقد ضرب أُخْته أول اللَّيْل هِيَ تقْرَأ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} حَتَّى ظن أَنه قَتلهَا ثمَّ قَامَ من السحر فَسمع صَوتهَا تقْرَأ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} فَقَالَ: وَالله مَا هَذَا بِشعر وَلَا همهمة
فَذهب حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَوجدَ بِلَالًا على الْبَاب فَدفع الْبَاب
فَقَالَ بِلَال: من هَذَا فَقَالَ عمر بن الْخطاب: فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْذن لَك على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
فَقَالَ بِلَال: يَا رَسُول الله عمر بِالْبَابِ
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن يرد الله بعمر خيرا أدخلهُ فِي الدّين
فَقَالَ لِبلَال: افْتَحْ وَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بضبعيه فهزه فَقَالَ: مَا الَّذِي تُرِيدُ وَمَا الَّذِي جِئْت لَهُ فَقَالَ لَهُ عمر: اعْرِض عليّ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ
قَالَ: تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَأسلم عمر مَكَانَهُ وَقَالَ: اخْرُج
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {الَّذِي علم بالقلم}
قَالَ: الْقَلَم نعْمَة من الله عَظِيمَة لَوْلَا الْقَلَم لم يقم دين وَلم يصلح عَيْش وَفِي قَوْله: {علم الإِنسان مَا لم يعلم} قَالَ: الْخط
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: منهومان لَا يشبعان: صَاحب علم وَصَاحب دنيا وَلَا يستويان فَأَما صَاحب الْعلم فَيَزْدَاد رضَا الرَّحْمَن ثمَّ قَرَأَ (إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء)(سُورَة فاطر الْآيَة 28) وَأما صَاحب الدُّنْيَا فيتمادى فِي الطغيان ثمَّ قَرَأَ {إِن الإِنسان ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى} وَالله أعلم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْد الْكَعْبَة لَأَطَأَن عُنُقه
فَبلغ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَو فعل لَأَخَذته الْمَلَائِكَة عيَانًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فجَاء أَبُو جهل فَقَالَ: ألم أَنْهَك عَن هَذَا ألم أَنْهَك عَن هَذَا فَانْصَرف النَّبِي صلى الله عليه وسلم فزبره فَقَالَ أَبُو جهل: إِنَّك لتعلم مَا بهَا رجل أَكثر نَادِيًا مني فَأنْزل الله {فَليدع نَادِيه سَنَدع الزَّبَانِيَة} قَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله لَو دَعَا نَادِيه لَأَخَذته زَبَانِيَة الله
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: لَئِن عَاد مُحَمَّد يُصَلِّي عِنْد الْمقَام لأقتلنه فَأنْزل الله {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} حَتَّى بلغ هَذِه الْآيَة {لنسفعا بالناصية نَاصِيَة كَاذِبَة خاطئة فَليدع نَادِيه سَنَدع الزَّبَانِيَة} فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَقيل: مَا يمنعك فَقَالَ: قد اسود مَا بَين وَبَينه
قَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله لَو تحرّك لَأَخَذته الْمَلَائِكَة وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: كنت يَوْمًا فِي الْمَسْجِد فَأقبل أَبُو جهل فَقَالَ: إِن لله عليّ إِن رَأَيْت مُحَمَّدًا سَاجِدا أَن أَطَأ على رقبته
فَخرجت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
حَتَّى دخلت عَلَيْهِ فَأَخْبَرته بقول أبي جهل
فَخرج غَضْبَان حَتَّى جَاءَ الْمَسْجِد فَعجل أَن يدْخل الْبَاب فاقتحم الْحَائِط
فَقلت هَذَا يَوْم شرّ فاتزرت ثمَّ تَبعته فَدخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} فَلَمَّا بلغ شَأْن أبي جهل {كلا إِن الإِنسان ليطْغى} قَالَ إِنْسَان لأبي جهل: يَا أَبَا الحكم هَذَا مُحَمَّد
فَقَالَ أَبُو جهل: أَلا ترَوْنَ مَا أرى وَالله لقد سد أفق السَّمَاء عليّ
فَلَمَّا بلغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم آخر السُّورَة سجد
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: هَل يعفر مُحَمَّد وَجهه إِلَّا بَين أظْهركُم قَالُوا: نعم
فَقَالَ: وَاللات والعزى لَئِن رَأَيْته يُصَلِّي كَذَلِك لَأَطَأَن على رقبته ولأعفرن وَجهه فِي التُّرَاب
فَأتى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي ليَطَأ على رقبته
قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكص على عَقِبَيْهِ يَتَّقِي بيدَيْهِ فَقيل لَهُ: مَالك قَالَ: إِن بيني وَبَينه خَنْدَقًا من نَار وَهَؤُلَاء أَجْنِحَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَو دنا مني لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَة عضوا عضوا قَالَ: وَأنزل الله {كلا إِن الإِنسان ليطْغى} إِلَى آخر السُّورَة يَعْنِي أَبَا جهل {فَليدع نَادِيه} يَعْنِي قومه {سَنَدع الزَّبَانِيَة} يَعْنِي الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى} قَالَ أَبُو جهل بن هِشَام: حَيْثُ رمى رَسُول الله بالسلا على ظَهره وَهُوَ ساجد لله عز وجل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى} قَالَ: نزلت فِي عدوّ الله أبي جهل وَذَلِكَ أَنه قَالَ: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَن على عُنُقه فَأنْزل الله {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى أَرَأَيْت إِن كَانَ على الْهدى أَو أَمر بالتقوى} قَالَ: مُحَمَّدًا {أَرَأَيْت إِن كذب وَتَوَلَّى} يَعْنِي بذلك أَبَا جهل {فَليدع نَادِيه} قَالَ: قومه وحيه {سَنَدع الزَّبَانِيَة} قَالَ: الزَّبَانِيَة فِي كَلَام الْعَرَب الشَّرْط
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى} قَالَ: أَبُو جهل نهى مُحَمَّدًا إِذا صلى {فَليدع نَادِيه} قَالَ: عشيرته {سَنَدع الزَّبَانِيَة} قَالَ: الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لنسفعا} قَالَ: لنأخذن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْحَرْث قَالَ: الزَّبَانِيَة أَرجُلهم فِي الأَرْض ورؤوسهم فِي السَّمَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم قَالَ {واسجد} أَنْت يَا مُحَمَّد {واقترب} أَنْت يَا أَبَا جهل يتوعده
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد أَلا تسمعونه يَقُول {واسجد واقترب}
وَأخرج ابْن سعد عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي قَالَ: آخر كَلَام كلمني بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ استعملني على الطَّائِف أَن قَالَ: خفف الصَّلَاة عَن النَّاس حَتَّى وَقت اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق وأشباهها من الْقُرْآن