المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم 97 سُورَة الْقدر مَكِّيَّة وآياتها خمس مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - - الدر المنثور في التفسير بالمأثور - جـ ٨

[الجلال السيوطي]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم 97 سُورَة الْقدر مَكِّيَّة وآياتها خمس مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 -

بسم الله الرحمن الرحيم

97

سُورَة الْقدر

مَكِّيَّة وآياتها خمس

مُقَدّمَة السُّورَة

الْآيَة 1 - 5

ص: 567

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة‌

‌ الْقدر}

بِمَكَّة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة مثله

وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} قَالَ: أنزل الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر جملَة وَاحِدَة من الذّكر الَّذِي عِنْد رب الْعِزَّة حَتَّى وضع فِي بَيت الْعِزَّة فِي السَّمَاء الدُّنْيَا ثمَّ جعل جِبْرِيل ينزل على مُحَمَّد بحراء بِجَوَاب كَلَام الْعباد وأعمالهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} قَالَ: أنزل الله الْقُرْآن جملَة فِي لَيْلَة الْقدر كُله {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} يَقُول: خير من عمل ألف شهر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن

ص: 567

الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} قَالَ: لَيْلَة الحكم

وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس قَالَ: الْعَمَل فِي لَيْلَة الْقدر وَالصَّدَََقَة وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة أفضل من ألف شهر

وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي فِي قَوْله: {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} قَالَ: عمل فِيهَا خير من عمل فِي ألف شهر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} قَالَ: خير من ألف شهر لَيْسَ فِيهَا لَيْلَة الْقدر وَفِي قَوْله: {تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا بِإِذن رَبهم من كل أَمر} قَالَ: يقْضِي فِيهَا مَا يكون فِي السّنة إِلَى مثلهَا {سَلام هِيَ} قَالَ: إِنَّمَا هِيَ بركَة كلهَا وَخير {حَتَّى مطلع الْفجْر} يَقُول: إِلَى مطلع الْفجْر

وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَنهُ أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرِي أَعمال النَّاس قبله أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك فَكَأَنَّهُ تقاصر أَعمار أمته أَن لَا يبلغُوا من الْعَمَل مثل مَا بلغ غَيرهم فِي طول الْعُمر فَأعْطَاهُ الله لَيْلَة الْقدر خيرا من ألف شهر

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل يقوم اللَّيْل حَتَّى يصبح ثمَّ يُجَاهد العدوّ بِالنَّهَارِ حَتَّى يُمْسِي فَفعل ذَلِك ألف شهر فَأنْزل الله {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} قيام تِلْكَ اللَّيْلَة خير من عمل ذَلِك الرجل ألف شهر

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بَين إِسْرَائِيل لبس السِّلَاح فِي سَبِيل الله ألف شهر فَعجب الْمُسلمُونَ من ذَلِك فَأنْزل الله {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} الَّتِي لبس فِيهَا ذَلِك الرجل السِّلَاح فِي سَبِيل الله ألف شهر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن عُرْوَة قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا أَرْبَعَة من بني إِسْرَائِيل عبدُوا الله ثَمَانِينَ عَاما لم يعصوه طرفه عين فَذكر أَيُّوب وزَكَرِيا وحزقيل بن الْعَجُوز ويوشع بن نون فَعجب أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من ذَلِك فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد عجبت أمتك من عبَادَة هَؤُلَاءِ النَّفر ثَمَانِينَ سنة فقد أنزل الله خيرا من ذَلِك فَقَرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر}

ص: 568

هَذَا أفضل مِمَّا عجبت أَنْت وَأمتك فسر بذلك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالنَّاس مَعَه

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بني أُميَّة على منبره فساءه ذَلِك فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ ملك يصيبونه وَنزلت {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر}

وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْت بني أُميَّة يصعدون منبري فشق ذَلِك عليّ فَأنْزل الله {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر}

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن يُوسُف بن مَازِن الرُّؤَاسِي قَالَ: قَامَ رجل إِلَى الْحسن بن عَليّ بعد مَا بَايع مُعَاوِيَة فَقَالَ: سوّدت وُجُوه الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: لَا تؤنبني رَحِمك الله فَإِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رأى بني أُميَّة يخطبون على منبره فساءه ذَلِك فَنزلت (إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر)(سُورَة الْكَوْثَر الْآيَة 1) يَا مُحَمَّد يَعْنِي نَهرا فِي الْجنَّة وَنزلت {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} يملكهَا بعْدك بَنو أُميَّة يَا مُحَمَّد: قَالَ الْقَاسِم: فعددنا فَإِذا هِيَ ألف شهر لَا تزيد يَوْمًا وَلَا تنقص يَوْمًا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} قَالَ: لَيْلَة الحكم {وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر} قَالَ: لَيْلَة الحكم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} قَالَ: خير من ألف شهر عَملهَا أَو صيامها وقيامها وَلَيْسَ فِي تِلْكَ الشُّهُور لَيْلَة الْقدر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: مَا أعلم ليَوْم فضلا على يَوْم وَلَا لَيْلَة إِلَّا لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا خير من ألف شهر

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا} قَالَ: الرّوح جِبْرِيل {من كل أَمر سَلام} قَالَ: لَا يحل لكوكب أَن يرْجم بِهِ فِيهَا حَتَّى يصبح

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي

ص: 569

حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سَلام هِيَ} قَالَ: سَالِمَة لَا يَسْتَطِيع الشَّيْطَان أَن يعْمل فِيهَا سوءا أَو يعْمل فِيهَا أَذَى

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {من كل أَمر سَلام}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مَنْصُور بن زَاذَان قَالَ: {تنزل الْمَلَائِكَة} من حِين تغيب الشَّمْس إِلَى أَن يطلع الْفجْر يَمرونَ على كل مُؤمن يَقُولُونَ: السَّلَام عَلَيْك يَا مُؤمن

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {سَلام} قَالَ: إِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر لم تزل الْمَلَائِكَة تخفق بأجنحتها بِالسَّلَامِ من الله وَالرَّحْمَة من لدن صَلَاة الْمغرب إِلَى طُلُوع الْفجْر

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سَلام} قَالَ: تِلْكَ اللَّيْلَة تصعد مَرَدَة الْجِنّ وَالشَّيَاطِين وعفاريت الْجِنّ وتفتح فِيهَا أَبْوَاب السَّمَاء كلهَا وَيقبل الله فِيهَا التَّوْبَة لكل تائب فَلِذَا قَالَ: {سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر} قَالَ: وَذَلِكَ من غرُوب الشَّمْس إِلَى أَن يطلع الْفجْر

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن سعيد بن الْمسيب أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر أَهِي شَيْء كَانَ فَذهب أم هِيَ فِي كل عَام فَقَالَ: بل هِيَ لأمة مُحَمَّد مَا بَقِي مِنْهُم اثْنَان

وَأخرج الديلمي عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله وهب لأمتي لَيْلَة الْقدر وَلم يُعْطهَا من كَانَ قبلهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن مكانس مولى مُعَاوِيَة قَالَ: قلت لأبي هُرَيْرَة: زَعَمُوا أَن لَيْلَة الْقدر قد رفعت قَالَ: كذب من قَالَ ذَلِك

قلت: هِيَ فِي كل رَمَضَان أستقبله قَالَ: نعم

قلت: زَعَمُوا أَن السَّاعَة الَّتِي فِي الْجُمُعَة لَا يَدْعُو فِيهَا مُسلم إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ قد رفعت

قَالَ: كذب من قَالَ ذَلِك قلت: هِيَ فِي كل جُمُعَة اسْتَقْبلهَا قَالَ: نعم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر أَفِي كل رَمَضَان وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه: أَفِي رَمَضَان هِيَ قَالَ: نعم ألم تسمع إِلَى قَول الله تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} وَقَوله: (شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن)(سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 185)

ص: 570

أخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا أسمع عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: هِيَ فِي كل رَمَضَان

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه اطْلُبُوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الفلتان بن عَاصِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي رَأَيْت لَيْلَة الْقدر ثمَّ نسيتهَا فاطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وترا

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس أَنهم كَانُوا قعُودا فِي الْمجْلس حِين أقبل إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَرِيعا حَتَّى فزعنا لسرعته فَلَمَّا انْتهى إِلَيْنَا ثمَّ سلم قَالَ: جِئْت إِلَيْكُم مسرعاً لكيما أخْبركُم بليلة الْقدر فنسيتها فِيمَا بيني وَبَيْنكُم وَلَكِن التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر

وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: فِي رَمَضَان فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَإِنَّهُمَا فِي لَيْلَة وتر فِي إِحْدَى وَعشْرين أَو ثَلَاث وَعشْرين أوخمس وَعشْرين أَو سبع وَعشْرين أَو تسع وَعشْرين أَو آخر لَيْلَة من رَمَضَان من قامها إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمن أماراتها أَنَّهَا لَيْلَة بلجة صَافِيَة سَاكِنة ساجية لَا حارة وَلَا بَارِدَة كَأَن فِيهَا قمراً ساطعاً وَلَا يحل لنجم أَن يرْمى بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى الصَّباح وَمن أماراتها أَن الشَّمْس تطلع صبيحتها لَا شُعَاع لَهَا مستوية كَأَنَّهَا الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَحرم الله على الشَّيْطَان أَن يخرج مَعهَا يَوْمئِذٍ

وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِنِّي كنت رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة وَهِي فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي الْوتر وَهِي لَيْلَة طَلْقَة بلجة لَا حارة وَلَا بَارِدَة كَأَن فِيهَا قمراً لَا يخرج شيطانها حَتَّى يضيء فجرها

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن لَيْلَة الْقدر قَالَ: قد كنت علمتها ثمَّ اختلست مني وَإِنَّهَا فِي رَمَضَان فاطلبوها فِي تسع يبْقين

ص: 571

أَو سبع يبْقين أَو ثَلَاث يبْقين وَآيَة ذك أَن الشَّمْس تطلع لَيْسَ لَهَا شُعَاع وَمن قَامَ السّنة سقط عَلَيْهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن زنجوية وَابْن نصر عَن أبي عقرب الْأَسدي قَالَ: أَتَيْنَا ابْن مَسْعُود فِي دَاره فسمعناه يَقُول: صدق الله وَرَسُوله فَسَأَلته فَأخْبرنَا أَن لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع من النّصْف الْأَخير وَذَلِكَ أَن الشَّمْس تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا فَنَظَرت إِلَى السَّمَاء فَإِذا هِيَ كَمَا حدثت فكبرت

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق الْأسود عَن عبد الله قَالَ: تحروا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع تبقى تحروها لتسْع تبقى تحروها لإِحدى عشرَة تبقى صَبِيحَة بدر فَإِن الشَّمْس تطلع كل يَوْم بَين قَرْني شَيْطَان إِلَّا صَبِيحَة لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَيْسَ لَهَا شُعَاع

وَأخرج ابْن زنجوية وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ذكرنَا لَيْلَة الْقدر عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كم بَقِي من الشَّهْر قُلْنَا: مَضَت اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وَبَقِي ثَمَان

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَضَت اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وَبقيت سبع التمسوها اللَّيْلَة الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك عَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي أول لَيْلَة من رَمَضَان وَفِي تِسْعَة وَفِي إِحْدَى عشرَة وَفِي أحدى وَعشْرين وَفِي آخر لَيْلَة من رَمَضَان

وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَة الْقدر إِنَّهَا آخر لَيْلَة

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر آخر لَيْلَة من رَمَضَان

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: أَخْبرنِي عَن لَيْلَة الْقدر أَي شَيْء تكون فِي زمَان الْأَنْبِيَاء ينزل عَلَيْهِم فِيهَا الْوَحْي فَإِذا قبضوا رفعت أم هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: بل هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

قلت يَا رَسُول الله: فِي أَي رَمَضَان هِيَ قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الأول وَفِي الْعشْر الْأَوَاخِر

قَالَ: ثمَّ حدث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَحدث فاهتبلت غفلته فَقلت: يَا رَسُول الله أَقْسَمت عَلَيْك تُخبرنِي أَو لما أَخْبَرتنِي فِي أَي الْعشْر هِيَ فَغَضب عليّ غَضبا مَا غضب عليّ مثله لَا قبله وَلَا بعده

ص: 572

فَقَالَ: إِن الله لَو شَاءَ لأطلعكم عَلَيْهَا التمسوها فِي السَّبع الْأَوَاخِر لَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء بعْدهَا

وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْوتر من الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان

وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالطَّيَالِسِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوْسَط من شهر رَمَضَان فاعتكف عَاما حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج من اعْتِكَافه فَقَالَ: من اعْتكف معي فليعتكف الْعشْر الْأَوَاخِر وَقد رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة ثمَّ أنسيتها وَقد رَأَيْتنِي أَسجد من صبيحتها فِي مَاء وطين فالتمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر والتمسوها فِي كل وتر

قَالَ أَبُو سعيد: فمطرت السَّمَاء من تِلْكَ اللَّيْلَة وَكَانَ الْمَسْجِد على عَرِيش فوكف الْمَسْجِد

قَالَ أَبُو سعيد: فَأَبْصَرت عَيْنَايَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وعَلى جَبهته وَأَنْفه أثر المَاء والطين من صَبِيحَة إِحْدَى وَعشْرين

وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن زَنْجوَيْه والطَّحَاوِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أنيس أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: التمسوها اللَّيْلَة وَتلك اللَّيْلَة وَلَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين

وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبد الله بن أنس الْجُهَنِيّ قَالَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل شاسع الدَّار فمرني بليلة أنزلهَا

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين من رَمَضَان

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قلت لضمرة بن عبد الله بن أنيس مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأَبِيك لَيْلَة الْقدر قَالَ: كَانَ أبي صَاحب بادية قَالَ: فَقلت يَا رَسُول الله مرني بليلة أنزل فِيهَا قَالَ: انْزِلْ لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين

قَالَ: فَلَمَّا تولى قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر

وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَأَوْا لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أرى

ص: 573

رؤياكم قد توطأت فِي السَّبع الْأَوَاخِر فَمن كَانَ متحريها فليتحرها فِي السَّبع الْأَوَاخِر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: خرج نَبِي الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُرِيد أَن يخبرنا بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ من الْمُسلمين قَالَ: خرجت لأخبركم بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ من الْمُسلمين فلَان وَفُلَان فَرفعت وَعَسَى أَن يكون خيرا لكم فالتمسوها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج وَهُوَ يُرِيد أَن يخبر أَصْحَابه بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت وَأَنا أُرِيد أَن أخْبركُم بليلة الْقدر فتلاحى رجالن فاختلجت مني فاطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تاسعة تبقى أَو سابعة تبقى أَو خَامِسَة تبقى

وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان فِي تاسعة تبقى وَفِي سابعة تبقى وَفِي خَامِسَة تبقى

وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تاسعة وسابعة وخامسة

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن جوشن قَالَ: ذكرت لَيْلَة الْقدر عِنْد أبي بكرَة فَقَالَ: أما أَنا فلست بملتمسها إِلَّا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر بعد حَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر لتاسعة تبقى أَو سابعة تبقى أَو ثَالِثَة تبقى أَو آخر لَيْلَة فَكَانَ أَبُو بكرَة رضي الله عنه يُصَلِّي فِي عشْرين من رَمَضَان كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي سَائِر السّنة فَإِذا دخل الْعشْر اجْتهد

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي نَضرة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان فالتمسوها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة قلت يَا أَبَا سعيد إِنَّكُم أعلم بِالْعدَدِ

ص: 574

منا

قَالَ: أجل قلت: مَا التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة قَالَ: إِذا مَضَت وَاحِدَة وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا التَّاسِعَة وَإِذا مضى الثَّلَاث وَالْعشْرُونَ فالتي تَلِيهَا السَّابِعَة وَإِذا مضى خمس وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا الْخَامِسَة

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْلَة الْقدر أَربع وَعِشْرُونَ

وَأخرج أَحْمد والطَّحَاوِي وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بِلَال رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة أَربع وَعشْرين

وَأخرج ابْن سعد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن عسلة الصنَابحِي رضي الله عنه قَالَ: مَا فَاتَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِخمْس لَيَال توفّي وَأَنا بِالْجُحْفَةِ فَقدمت على أَصْحَابه متوافرين فَسَأَلت بِلَالًا رضي الله عنه عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي أَربع وَعشْرين

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن زَنْجوَيْه وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ: صمنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلم يقم بِنَا شَيْئا من الشَّهْر حَتَّى إِذا كَانَت لَيْلَة أَربع وَعشْرين السَّابِع مِمَّا يبْقى صلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يذهب ثلث اللَّيْل فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة خمس وَعشْرين لم يصل بِنَا فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة سِتّ وَعشْرين السَّابِع مِمَّا بَقِي صلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يتأطر اللَّيْل فَقلت يَا رَسُول الله: لَو نفلتنا بَقِيَّة ليلتنا فَقَالَ: لَا إِن الرجل إِذا صلى مَعَ الإِمام حَتَّى ينْصَرف كتب لَهُ قيام لَيْلَة فلماكانت لَيْلَة سبع وَعشْرين لم يصل بِنَا فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة ثَمَان وَعشْرين جمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَاجْتمعَ لَهُ النَّاس فصلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يفوتنا الْفَلاح ثمَّ لم يصل بِنَا شَيْئا من الشَّهْر والفلاح السّحُور

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن زَنْجوَيْه وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن زر بن حُبَيْش

ص: 575

قَالَ: سَأَلت أبيّ بن كَعْب عَن لَيْلَة الْقدر قلت: إِن أَخَاك عبد الله بن مَسْعُود يَقُول: من يقم الْحول يصب لَيْلَة الْقدر فَحلف لَا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَة سبع وَعشْرين

قلت: بِمَ تَقول ذَلِك أَبَا الْمُنْذر قَالَ: بِالْآيَةِ والعلامة الَّتِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّهَا تصبح من ذَلِك الْيَوْم تطلع الشَّمْس لَيْسَ لَهَا شُعَاع

وَلَفظ ابْن حبَان: بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا كَأَنَّهَا طست

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَاصِم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ عمر رضي الله عنه يدعوني مَعَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَيَقُول: لَا تَتَكَلَّم حَتَّى يتكلموا فَدَعَاهُمْ فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ: أَرَأَيْتُم قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَة الْقدر: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وترا أَي لَيْلَة ترونها فَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة ثَلَاث وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة خمس وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة سبع

فَقَالُوا: وَأَنا سَاكِت

فَقَالَ: مَالك لَا تَتَكَلَّم فَقلت: إِنَّك أَمرتنِي أَن لَا أَتكَلّم حَتَّى يتكلموا

فَقَالَ: مَا أرْسلت إِلَيْك إِلَّا لتكلم فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يذكر السَّبع فَذكر سبع سموات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ وَخلق الإِنسان من سبع وَنبت الأَرْض سبع

فَقَالَ عمر رضي الله عنه: هَذَا أَخْبَرتنِي بِمَا أعلم أَرَأَيْت مَا لَا أعلم فَذَلِك نبت الأَرْض سبع

قلت: قَالَ الله عز وجل (شققنا الأَرْض فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِق غلبا وَفَاكِهَة وَأَبا)(سُورَة عبس الْآيَة 26) قَالَ: فالحدائق غلبا الْحِيطَان من النّخل وَالشَّجر (وَفَاكِهَة وَأَبا) فالأب مَا أنبتت الأَرْض مِمَّا تَأْكُله الدَّوَابّ والأنعام وَلَا تَأْكُله النَّاس

فَقَالَ عمر رضي الله عنه لأَصْحَابه: أعجزتم أَن تَقولُوا كَمَا قَالَ هَذَا الْغُلَام الَّذِي لم يجْتَمع شؤون رَأسه وَالله إِنِّي لأرى القَوْل كَمَا قلت وَقد أَمرتك أَن لَا تَتَكَلَّم مَعَهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: دَعَا عمر رضي الله عنه أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُمْ عَن لَيْلَة الْقدر فَاجْتمعُوا أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَقلت لعمر: إِنِّي لأعْلم

ص: 576

وَإِنِّي لأَظُن أَي لَيْلَة هِيَ قَالَ: وَأي لَيْلَة هِيَ قَالَ: سابعة تبقى من الْعشْر الْأَوَاخِر قَالَ عمر رضي الله عنه: وَمن أَيْن علمت ذَلِك قلت: خلق الله سبع سموات وَسبع أَرضين وَسبع أَيَّام وَإِن الدَّهْر يَدُور فِي سبع وَخلق الإِنسان من سبع وَيَأْكُل من سبع وَيسْجد على سَبْعَة أَعْضَاء وَالطّواف بِالْبَيْتِ سبع والجمار سبع لِأَشْيَاء ذكرهَا

فَقَالَ عمر رضي الله عنه لقد فطنت لأمر مَا فطنا لَهُ وَكَانَ قَتَادَة يزِيد عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله: وَيَأْكُل من سبع

قَالَ: هُوَ قَول الله تَعَالَى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا) الْآيَة

وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه يدني ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَكَانَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فكأنهم وجدوا فِي أنفسهم فَقَالَ: لَأَرَيْتُكُمْ الْيَوْم مِنْهُ شَيْئا تعرفُون فَضله فَسَأَلَهُمْ عَن هَذِه السُّورَة (إِذا جَاءَ نصر الله)(سُورَة النَّصْر) فَقَالُوا: أَمر نَبينَا صلى الله عليه وسلم إِذا رأى مسارعة النَّاس فِي الإِسلام ودخولهم فِيهِ أَن يحمد الله ويستغفره فَقَالَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه: يَا ابْن عَبَّاس مَالك لَا تَتَكَلَّم فَقَالَ: أعلمهُ مَتى يَمُوت

قَالَ: (إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا) فَهِيَ آيتك من الْمَوْت فَقَالَ عمر رضي الله عنه: صدق وَالَّذِي نفس عمر بِيَدِهِ مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا علمت

قَالَ: وسألهم عَن لَيْلَة الْقدر فَأَكْثرُوا فِيهَا فَقَالُوا: كُنَّا نرى أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوْسَط ثمَّ بلغنَا أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَأَكْثرُوا فِيهَا فَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: ثَلَاث وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: سبع وَعشْرين

فَقَالَ لَهُ عمر رضي الله عنه مَالك يَا ابْن عَبَّاس لَا تَتَكَلَّم قَالَ: الله أعلم

قَالَ: قد نعلم أَن الله أعلم وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَسأَلك عَن علمك فَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: إِن الله وتر يحب الْوتر خلق سبع سموات وَجعل عدد الْأَيَّام سبعا وَجعل الطّواف بِالْبَيْتِ سبعا وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة سبعا وَرمي الْجمار سبعا وَخلق الإِنسان من سبع وَجعل رزقه من سبع

قَالَ: كَيفَ خلق الإِنسان من سبع وَجعل رزقه

ص: 577

من سبع فقد فهمت من هَذَا شَيْئا لم أفهمهُ قَالَ: قَول الله: (لقد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين) إِلَى قَوْله: (فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ)(سُورَة الْمُؤمنِينَ الْآيَة 14) ثمَّ ذكر رزقه فَقَالَ: (إِنَّا صببنا المَاء صبا)(سُورَة عبس الْآيَة 26) إِلَى قَوْله: (وَفَاكِهَة وَأَبا) فالأب مَا أنبتت الأَرْض للأنعام والسبعة رزق لبني آدم قَالَ: لَا أَرَاهَا وَالله أعلم إِلَّا لثلاث يمضين وَسبع يبْقين

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رضي الله عنه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه جلس فِي رَهْط من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْمُهَاجِرين فَذكرُوا لَيْلَة الْقدر فَتكلم مِنْهُم من سمع فِيهَا بِشَيْء مِمَّا سمع فتراجع الْقَوْم فِيهَا الْكَلَام فَقَالَ عمر رضي الله عنه مَالك يَا ابْن عَبَّاس صَامت لَا تَتَكَلَّم تكلم وَلَا يمنعك الحداثة

قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن الله تَعَالَى وتر يحب الْوتر فَجعل أَيَّام الدُّنْيَا تَدور على سبع وَخلق الإِنسان من سبع وَجعل فَوْقنَا سموات سبعا وَخلق تحتنا أَرضين سبعا وَأعْطى من المثاني سبعا وَنهى فِي كِتَابه عَن نِكَاح الْأَقْرَبين عَن سبع وَقسم الْمِيرَاث فِي كِتَابه على سبع ونقع فِي السُّجُود من أَجْسَادنَا على سبع وَطَاف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْكَعْبَةِ سبعا وَبَين الصَّفَا والمروة سبعا وَرمى الْجمار سبع لإِقامة ذكر الله فِي كِتَابه فأراها فِي السَّبع الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان وَالله أعلم قَالَ: فتعب عمر رضي الله عنه وَقَالَ: وَمَا وَافقنِي فِيهَا أحد إِلَّا هَذَا الْغُلَام الَّذِي لم يسر شؤون رَأسه إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر ثمَّ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ من يُؤَدِّي فِي هَذَا كأداء ابْن عَبَّاس

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع وَعشْرين

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زر رضي الله عنه أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: كَانَ عمر وَحُذَيْفَة وناس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يَشكونَ أَنَّهَا لَيْلَة سبع وَعشْرين

ص: 578

وَأخرج ابْن نصر وَابْن جرير فِي تهذيبه عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي آخر لَيْلَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: أتيت وَأَنا نَائِم فِي رَمَضَان فَقيل لي: إِن اللَّيْلَة لَيْلَة الْقدر فَقُمْت وَأَنا ناعس فتعلقت بِبَعْض أطناب فسطاط رَسُول الله الله صلى الله عليه وسلم فَأتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَنَظَرت فِي اللَّيْلَة فَإِذا هِيَ لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين قَالَ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِن الشَّيْطَان يطلع مَعَ الشَّمْس كل يَوْم إِلَّا لَيْلَة الْقدر وَذَلِكَ أَنَّهَا تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن النُّعْمَان بن بشير رضي الله عنه قَالَ: قمنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قمنا مَعَه لَيْلَة خمس وَعشْرين إِلَى نصف اللَّيْل ثمَّ قمنا مَعَه لَيْلَة سبع وَعشْرين حَتَّى ظَنَنْت أَنا لَا ندرك الْفَلاح وَأَنْتُم تسمون السّحُور وَأَنت تَقولُونَ لَيْلَة سابعة ثَلَاث عشر وَنحن نقُول لَيْلَة سابعة سبع وَعشْرين أفنحن أصوب أم أَنْتُم

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْبَاقِيَات من شهر رَمَضَان فِي الْخَامِسَة وَالسَّابِعَة والتاسعة

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر رضي الله عنه: سَأَلَ عمر رضي الله عنه أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما: إِن رَبِّي يحب السَّبع (وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني)(سُورَة الْحجر الْآيَة 87) قَالَ البُخَارِيّ فِي إِسْنَاده نظر

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي لَيْلَة الْقدر: إِنَّهَا لَيْلَة سابعة أَو تاسعة وَعشْرين وَإِن الْمَلَائِكَة فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فِي الأَرْض أَكثر من عدد الْحَصَى

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر من طَرِيق أبي مَيْمُون عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ:

ص: 579

إِنَّهَا السَّابِعَة وتاسعة وَالْمَلَائِكَة مَعهَا أَكثر من عدد نُجُوم السَّمَاء وَزعم أَنَّهَا فِي قَوْله: أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه لَيْلَة أَربع وَعشْرين

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما ن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِنِّي شيخ كَبِير يشق عليّ الْقيام فمرني بليلة لَعَلَّ الله أَن يوفقني فِيهَا لليلة الْقدر قَالَ: عَلَيْك بالسابعة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حوّة الْعَبْدي قَالَ: سُئِلَ زيد بن أَرقم رضي الله عنه عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: لَيْلَة سبع عشرَة مَا تشك وَلَا تستثن وَقَالَ: لَيْلَة نزل الْقُرْآن وَيَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ

وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة عَن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قَالَ: هِيَ اللَّيْلَة الَّتِي لَقِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمهَا أهل بدر يَقُول الله: (وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ)(سُورَة الْأَنْفَال الْآيَة 41) قَالَ جَعْفَر رضي الله عنه: بَلغنِي أَنَّهَا لَيْلَة سِتّ عشرَة أَو سبع عشرَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر لسبع عشرَة خلت من رَمَضَان فَإِنَّهَا صَبِيحَة يَوْم بدر الَّتِي قَالَ الله: (وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ) وَفِي إِحْدَى وَعشْرين وَفِي ثَلَاث وَعشْرين فَإِنَّهَا لَا تكون إِلَّا فِي وتر

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اطلبوها لَيْلَة سبع عشرَة من رَمَضَان وَلَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَلَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين ثمَّ سكت

وَأخرج الطَّحَاوِيّ عَن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: تحروها فِي النّصْف الْأَخير ثمَّ عَاد فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِلَى ثَلَاث وَعشْرين

ص: 580

وَأخرج أَحْمد وَمُحَمّد بن نصر عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: هِيَ فِي الْعشْر الْأَوَاخِر أَو فِي الثَّالِثَة أَو فِي الْخَامِسَة

وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: اطلبو لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تسع يبْقين وَسبع يبْقين وَخمْس يبْقين وَثَلَاث يبْقين

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة رضي الله عنه قَالَ: لَيْلَة الْقدر تنْتَقل فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي كل وتر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَرْث بن هِشَام قَالَ: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع عشرَة لَيْلَة جُمُعَة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن حويرث قَالَ: إِنَّمَا أرى أَن لَيْلَة الْقدر لسبع عشرَة لَيْلَة الْفرْقَان

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن خَارِجَة بن زيد رضي الله عنه بن [عَن] ثَابت عَن أَبِيه أَنه كَانَ يحيي لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين من شهر رَمَضَان وَلَيْلَة سبع وَعشْرين وَلَا [] كإحياء لَيْلَة سبع عشرَة فَقيل لَهُ: كَيفَ تحيي لَيْلَة سبع عشرَة قَالَ: إِن فِيهَا نزل الْقُرْآن وَفِي صبيحتها فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه فِي لَيْلَة الْقدر: تحروها لاحدى عشرَة يبْقين صبيحتها يَوْم بدر لتسْع يبْقين ولسبع يبْقين فَإِن الشَّمْس تطلع كل يَوْم بَين قَرْني الشَّيْطَان إِلَّا صَبِيحَة لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا تطلع لَيْسَ لَهَا شُعَاع

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي لَيْلَة الْقدر: لَيْلَة سَمْحَة طَلْقَة لَا حارة وَلَا بَارِدَة تصبح شمس صبيحتها ضَعِيفَة حَمْرَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة بلجة سَمْحَة تطلع شمسها لَيْسَ لَهَا شُعَاع

وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه عَن أبي قلَابَة رضي الله عنه قَالَ: لَيْلَة الْقدر تجول فِي ليَالِي الْعشْر كلهَا

ص: 581

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا دخل الشَّهْر أيقظ أَهله وَرفع مِئْزَره

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: كَانَ رَسُول الله يجْتَهد فِي الْعشْر اجْتِهَادًا لَا يجْتَهد فِي غَيره

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: أَنا وَالله حرضت عمر على الْقيام فِي شهر رَمَضَان قيل: وَكَيف ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أخْبرته أَن فِي السَّمَاء السَّابِعَة حَظِيرَة يُقَال لَهَا حَظِيرَة الْقُدس فِيهَا مَلَائِكَة يُقَال لَهُم الرّوح وَفِي لفظ الروحانيون فَإِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر اسْتَأْذنُوا رَبهم فِي النُّزُول إِلَى الدُّنْيَا فَيَأْذَن لَهُم فَلَا يَمرونَ على مَسْجِد يصلى فِيهِ وَلَا يستقبلون أحدا فِي طَرِيق إِلَّا دعوا لَهُ فَأَصَابَهُ مِنْهُم بركَة

فَقَالَ لَهُ عمر: يَا أَبَا الْحسن فنحرض النَّاس على الصَّلَاة حَتَّى تصيبهم الْبركَة فَأمر النَّاس بِالْقيامِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: من صلى الْمغرب وَالْعشَاء فِي جمَاعَة حَتَّى يَنْقَضِي شهر رَمَضَان فقد أصَاب من لَيْلَة الْقدر بحظ والفر

وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الْعشَاء الْأَخِيرَة فِي جمَاعَة فِي رَمَضَان فقد أدْرك لَيْلَة الْقدر

وَأخرج ابْن زَنْجوَيْه عَن ابْن عَمْرو قَالَ: من صلى الْعشَاء الْأَخِيرَة فِي جمَاعَة فِي رَمَضَان أصَاب لَيْلَة الْقدر

وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَابْن زَنْجوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: من شهد الْعشَاء لَيْلَة الْقدر فِي جمَاعَة فقد أَخذ بحظه مِنْهَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عليّ قَالَ: من صلى الْعشَاء كل لَيْلَة فِي شهر رَمَضَان حَتَّى يَنْسَلِخ فقد قامه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر قَالَ: يَوْمهَا كليلتها وليلتها كيومها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن بن الْحر قَالَ: بَلغنِي أَن الْعَمَل فِي يَوْم الْقدر كالعمل فِي لَيْلَتهَا

ص: 582

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قلت يَا رَسُول الله: إِن وَافَقت لَيْلَة الْقدر فَمَا أَقُول قَالَ: قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فاعفُ عني

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لَو عرفت أَي لَيْلَة الْقدر مَا سَأَلت الله فِيهَا إِلَّا الْعَافِيَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: لَو علمت أَي لَيْلَة الْقدر كَانَ أَكثر دعائي فِيهَا أسأَل الله الْعَفو والعافية

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي يحيى بن أبي مرّة قَالَ: طفت لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان فَرَأَيْت الْمَلَائِكَة تَطوف فِي الهواجر إِلَى الْبَيْت

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن عَبدة بن أبي لبَابَة قَالَ: ذقت مَاء الْبَحْر لَيْلَة سبع وَعشْرين من شهر رَمَضَان فَإِذا هُوَ عذب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَيُّوب بن خَالِد قَالَ: كنت فِي الْبَحْر فأجنبت لَيْلَة ثَلَاثًا وَعشْرين من شهر رَمَضَان فاغتسلت من مَاء الْبَحْر فَوَجَدته عذباً فراتا

وَأخرج بن زَنْجوَيْه وَمُحَمّد بن نصر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: نجد هَذِه اللَّيْلَة فِي الْكتب حطوطاً تحط الذُّنُوب يُرِيد لَيْلَة الْقدر

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر نزل جِبْرِيل فِي كبكبة من الْمَلَائِكَة يصلونَ على كل عبد قَائِم أَو قَاعد يذكر الله تَعَالَى فَإِذا كَانَ يَوْم عيدهم باهى بهم الْمَلَائِكَة فَقَالَ: يَا ملائكتي مَا جَزَاء أجِير وفى عمله قَالُوا: رَبنَا جَزَاؤُهُ أَن يُؤْتى أجره

قَالَ: يَا ملائكتي عَبِيدِي وإمائي قضوا فريضتي عَلَيْهِم ثمَّ خَرجُوا يعجون إليّ بِالدُّعَاءِ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وكرمي وعلوي وارتفاع مَكَاني لأجيبنهم فَيَقُول: ارْجعُوا فقد عفرت لكم وبدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات فيرجعون مغفوراً لَهُم

وَأخرج الزجاجي فِي أَمَالِيهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِذا أَتَى أحدكُم الْحَاجة فليبكر فِي طلبَهَا يَوْم الْخَمِيس فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها يَوْم الْخَمِيس

وليقرأ إِذا خرج من منزله آخر سُورَة آل عمرَان و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر}

ص: 583

وَأم الْكتاب فَإِن فِيهِنَّ قَضَاء حوائج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُوتر بتسع سور فِي ثَلَاث رَكْعَات (أَلْهَاكُم التكاثر) و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} و (إِذا زلزلت الأَرْض) فِي رَكْعَة وَفِي الثَّانِيَة (وَالْعصر) و (إِذا جَاءَ نصر الله) و (إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر) وَفِي الثَّالِثَة (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)(وتبت يدا أبي لَهب)(وَقل هُوَ الله أحد) وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: من قَرَأَ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} عدلت بِربع الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (إِذا زلزلت) عدلت بِنصْف الْقُرْآن (وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) تعدل ربع الْقُرْآن (وَقل هُوَ الله أحد) تعدل ثلث الْقُرْآن

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 584

98

سُورَة الْبَيِّنَة

مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان

الْآيَة 1 - 7

ص: 585

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {لم يكن} بِالْمَدِينَةِ

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة {لم يكن} بِمَكَّة

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن اسماعيل بن أبي حَكِيم الْمُزنِيّ أحد بني فُضَيْل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الله ليسمع قِرَاءَة {لم يكن} فَيَقُول: أبشر عَبدِي فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأمكنن لَك فِي الْجنَّة حَتَّى ترْضى

وَأخرج أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي الْمعرفَة عَن اسماعيل بن أبي حَكِيم عَن مطر الْمُزنِيّ أَو الْمدنِي عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله ليسمع قِرَاءَة {لم يكن الَّذين كفرُوا}

ص: 585

فَيَقُول: أبشر عَبدِي فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أنساك على حَال من أَحْوَال الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ولأمكنن لَك فِي الْجنَّة حَتَّى ترْضى

وَأخرج أَحْمد وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي حَبَّة البدري قَالَ: لما نزلت {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} إِلَى آخرهَا قَالَ جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُول الله إِن رَبك يَأْمُرك أَن تقرئها أَبَيَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأبي: إِن جِبْرِيل أَمرنِي أَن أقرئك هَذِه السُّورَة

قَالَ أبيّ: وَقد ذكرت ثمَّ يَا رَسُول الله قَالَ: نعم فَبكى

وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأبيّ بن كَعْب: إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك {لم يكن الَّذين كفرُوا} قَالَ: وسماني لَك قَالَ: نعم فَبكى وَفِي لفظ: لما نزلت {لم يكن الَّذين كفرُوا} دَعَا أبيّ بن كَعْب فقرأها عَلَيْهِ فَقَالَ: أمرت أَن أَقرَأ عَلَيْك

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أُبي بن كَعْب إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك الْقُرْآن {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} فَقَرَأَ فِيهَا وَلَو أَن ابْن آدم سَأَلَ وَاديا من مَال فأعطيته لسأل ثَانِيًا وَلَو سَأَلَ ثَانِيًا فأعطيته لسأل ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَإِن ذَات الدّين عِنْد الله الحنيفية غير المشركة وَلَا الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة وَمن يفعل ذَلِك فَلَنْ يكفره

وَأخرج أَحْمد عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك فَقَرَأَ عليَّ {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة رَسُول من الله يَتْلُو صحفاً مطهرة فِيهَا كتب قيمَة وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة} إِن الدّين عِنْد الله الحنيفية غير المشركة وَلَا الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة وَمن يفعل خيرا فَلَنْ يكفره

قَالَ شُعْبَة: ثمَّ قَرَأَ آيَات بعْدهَا ثمَّ قَرَأَ لَو أَن لِابْنِ آدم وَاديا من مَال لسأل وَاديا ثَانِيًا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب قَالَ: ثمَّ ختم بِمَا بَقِي من السُّورَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبيّ بن كَعْب أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا أبيّ إِنِّي

ص: 586

أمرت أَن أقرئك سُورَة فأقرأنيها {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة رَسُول من الله يَتْلُو صحفاً مطهرة فِيهَا كتب قيمَة} أَي ذَات الْيَهُودِيَّة والنصرانية إِن أقوم الدّين الحنيفية مسلمة غير مُشركَة وَمن يعْمل صَالحا فَلَنْ يكفره {وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة} إِن الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله وفارقوا الْكتاب لما جَاءَهُم أُولَئِكَ عِنْد الله شَرّ الْبَريَّة مَا كَانَ النَّاس إِلَّا أمة وَاحِدَة ثمَّ أرسل الله النَّبِيين مبشرين ومنذرين يأمرون النَّاس يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة ويعبدون الله وَحده وَأُولَئِكَ عِنْد الله هم خير الْبَريَّة {جزاؤهم عِنْد رَبهم جنَّات عدن تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا أبدا رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ ذَلِك لمن خشِي ربه}

وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عمر يسْأَله فَجعل عمر ينظر إِلَى رَأسه مرّة وَإِلَى رجلَيْهِ أُخْرَى هَل يرى عَلَيْهِ من الْبُؤْس ثمَّ قَالَ لَهُ عمر: كم مَالك قَالَ: أَرْبَعُونَ من الإِبل

قَالَ ابْن عَبَّاس: قلت صدق الله وَرَسُوله لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من ذهب لابتغى الثَّالِث وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ

فَقَالَ عمر: مَا هَذَا فَقلت: هَكَذَا اقرأني أبيّ

قَالَ: فَمر بِنَا إِلَيْهِ فجَاء إِلَى أبيّ فَقَالَ: مَا تَقول هَذَا قَالَ أبيّ: هَكَذَا اقرأنيها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

قَالَ: إِذا أثبتها فِي الْمُصحف قَالَ: نعم

وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن أبيّاً يزْعم أَنَّك تركت من آيَات الله آيَة لم تَكْتُبهَا

قَالَ: وَالله لأسألن أبيّاً فَإِن أنكر لتكذبن

فَلَمَّا صلى صَلَاة الْغَدَاة غَدا على أبيّ فَأذن لَهُ وَطرح لَهُ وسَادَة وَقَالَ: يزْعم هَذَا أَنَّك تزْعم أَنِّي تركت آيَة من كتاب الله لم أَكتبهَا

فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَو أَن لِابْنِ آدم واديين من مَال لابتغى إِلَيْهِمَا وَاديا ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ

فَقَالَ عمر: أفأكتبها قَالَ: لَا أَنهَاك

قَالَ: فَكَأَن أبيّاً شكّ أَقُول من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو قُرْآن منزل

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} لَقِي أبيّ بن كَعْب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أبيّ إِن الله قد أنزل سُورَة

ص: 587

وَأَمرَنِي أَن أقرئكها فَقَالَ: الله أَمرك قَالَ: نعم

قَالَ: فافعل

قَالَ: فاقرأها إِيَّاه

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين} قَالَ: منتهي عَمَّا هم فِيهِ {حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} أَي هَذَا الْقُرْآن {رَسُول من الله يَتْلُو صحفاً مطهرة} قَالَ: يذكر الْقُرْآن بِأَحْسَن الذّكر ويثني عَلَيْهِ بِأَحْسَن الثَّنَاء {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء} والحنيفية الختام وَتَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات والعمات والخالات والمناسك {ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة} قَالَ: هُوَ الَّذِي بعث الله بِهِ رَسُوله وشرعه لنَفسِهِ ورضيه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {منفكين} قَالَ: برحين

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {منفكين} قَالَ: منتهين لم يَكُونُوا ليؤمنوا حَتَّى تبين لَهُم الْحق

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} قَالَ: مُحَمَّد وَفِي قَوْله: {وَذَلِكَ دين الْقيمَة} قَالَ: الْقيم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة} قَالَ: مُحَمَّد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عقيل قَالَ: قلت لِلزهْرِيِّ تَزْعُمُونَ أَن الصَّلَاة وَالزَّكَاة لَيْسَ من الإِيمان فَقَرَأَ {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة} ترى هَذَا من الإِيمان أم لَا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه قيل لَهُ: إِن قوما قَالُوا: إِن الصَّلَاة وَالزَّكَاة ليسَا من الدّين فَقَالَ: أَلَيْسَ يَقُول الله {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة} فَالصَّلَاة وَالزَّكَاة من الدّين

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْمُغيرَة قَالَ: كَانَ أَبُو واثل إِذا سُئِلَ عَن شَيْء من

ص: 588

الإِيمان قَرَأَ {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} إِلَى قَوْله: {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين}

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أتعجبون من منزلَة الْمَلَائِكَة من الله وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لمنزلة العَبْد الْمُؤمن عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة أعظم من منزلَة ملك واقراؤا إِن شِئْتُم {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: قلت يَا رَسُول الله: من أكْرم الْخلق على الله قَالَ: يَا عَائِشَة أما تقرئين {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة}

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأقبل عَليّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن هَذَا وشيعته لَهُم الفائزون يَوْم الْقِيَامَة وَنزلت {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} فَكَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا أقبل عليّ قَالُوا: جَاءَ خير الْبَريَّة

وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد مَرْفُوعا: عليّ خير الْبَريَّة

وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعَلي: هُوَ أَنْت وشيعتك يَوْم الْقِيَامَة راضين مرضيين

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عليّ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تسمع قَول الله: {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} أَنْت وشيعتك وموعدي وموعدكم الْحَوْض إِذا جِئْت الْأُمَم لِلْحسابِ تدعون غرّاً محجلين

ص: 589

99

سُورَة الزلزلة

مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الْآيَة 1 - 8

ص: 590

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {إِذا زلزلت} بِالْمَدِينَةِ

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ {إِذا زلزلت}

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اقرئني يَا رَسُول الله قَالَ لَهُ: اقْرَأ ثَلَاثًا من ذَوَات الرَّاء فَقَالَ لَهُ الرجل: كبر سني وَاشْتَدَّ قلبِي وَغلظ لساني

قَالَ: اقْرَأ ثَلَاثًا من ذَوَات حم

فَقَالَ مثل مقَالَته الأولى فَقَالَ: اقْرَأ ثَلَاثًا من المسبحات

فَقَالَ مثل مقَالَته وَلَكِن اقرئني يَا رَسُول الله سُورَة جَامِعَة فَأَقْرَأهُ {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} حَتَّى فرغ مِنْهَا

قَالَ الرجل: وَالَّذين بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَزِيد عَلَيْهَا ثمَّ أدبر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَفْلح الرويجل أَفْلح الرويجل

ص: 590

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وان مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قَرَأَ {إِذا زلزلت} عدلت لَهُ بِنصْف الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (قل هُوَ الله أحد)(سُورَة الإِخلاص) عدلت لَهُ بِثلث الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)(سُورَة الْكَافِرُونَ) عدلت لَهُ بِربع الْقُرْآن

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: {إِذا زلزلت} تعدل نصف الْقُرْآن و (قل هُوَ الله أحد) تعدل ثلث الْقُرْآن و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) تعدل ربع الْقُرْآن

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من قَرَأَ فِي لَيْلَة {إِذا زلزلت} كَانَ لَهُ عدل نصف الْقُرْآن

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن رجل من بني جُهَيْنَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقْرَأ فِي الصُّبْح {إِذا زلزلت الأَرْض} فِي الرَّكْعَتَيْنِ كلتيهما فَلَا أَدْرِي أنس أم قَرَأَ ذَلِك عمدا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى بِأَصْحَابِهِ الْفجْر فَقَرَأَ بهم فِي الرَّكْعَة الأولى {إِذا زلزلت الأَرْض} ثمَّ أَعَادَهَا فِي الثَّانِيَة

وَأخرج أَحْمد وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي امامة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْوتر وَهُوَ جَالس يقْرَأ فيهمَا {إِذا زلزلت} و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بعد الْوتر رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بِأم الْكتاب و {إِذا زلزلت} وَفِي الثَّانِيَة (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن الشّعبِيّ قَالَ: من قَرَأَ {إِذا زلزلت} فَإِنَّهَا تعدل سدس الْقُرْآن

وَأخرج ابْن الضريس عَن عَاصِم قَالَ: كَانَ يُقَال: (قل هُوَ الله أحد) ثلث الْقُرْآن و {إِذا زلزلت الأَرْض} نصف الْقُرْآن و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) ربع الْقُرْآن

ص: 591

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} تحركت من أَسْفَلهَا {وأخرجت الأَرْض أثقالها} قَالَ: الْمَوْتَى {وَقَالَ الإِنسان مَا لَهَا} قَالَ: يَقُول الْكَافِر مَالهَا {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَهَا رَبك قولي فَقَالَت: {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} قَالَ: أوحى إِلَيْهَا {يَوْمئِذٍ يصدر النَّاس أشتاتاً} قَالَ: من كل من هَهُنَا وَهَهُنَا

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وأخرجت الأَرْض أثقالها} قَالَ: من فِي الْقُبُور {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ: تخبر النَّاس بِمَا عمِلُوا عَلَيْهَا {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} قَالَ: أمرهَا وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {وأخرجت الأَرْض أثقالها} قَالَ: مَا فِيهَا من الْكُنُوز والموتى

وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: تقيء الأَرْض أفلاذ كَبِدهَا أَمْثَال الأسطوان من الذَّهَب وَالْفِضَّة فَيَجِيء الْقَاتِل فَيَقُول فِي هَذَا قتلت وَيَجِيء الْقَاطِع فَيَقُول فِي هَذَا قطعت رحمي وَيَجِيء السَّارِق فَيَقُول فِي هَذَا قطعت يَدي ثمَّ يَدعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئا

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَذِه الْآيَة {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارهَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن أَخْبَارهَا أَن تشهد على كل عبد أَو أمة بِمَا عمل على ظهرهَا تَقول: عمل كَذَا وَكَذَا فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَخْبَارهَا

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الأَرْض لِتُخْبِرَ يَوْم الْقِيَامَة بِكُل مَا عمل على ظهرهَا وَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} حَتَّى بلغ {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارهَا جَاءَنِي جِبْرِيل قَالَ: خَبَرهَا إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أخْبرت بِكُل عمل عمل على ظهرهَا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ربيعَة الجرشِي رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:

ص: 592

تحفظُوا من الأَرْض فَإِنَّهَا أمكُم وَإنَّهُ لَيْسَ من أحد عَامل عَلَيْهَا خيرا أَو شرا إِلَّا وَهِي مخرة بِهِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْت أَبَا أُميَّة صلى فِي الْمَسْجِد الْحَرَام المتوبة ثمَّ تقدم فَجعل يُصَلِّي هَهُنَا وَهَهُنَا فَلَمَّا فرغ قلت لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُك تصنع قَالَ: قَرَأت هَذِه الْآيَة {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} إِلَى قَوْله: {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} فَأَرَدْت أَن تشهد لي يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله قَالَ: سَمِعت سعيد بن جُبَير يقْرَأ بِقِرَاءَة ابْن مَسْعُود هَذِه الْآيَة: يَوْمئِذٍ تنبئ أَخْبَارهَا وَقَرَأَ مرّة {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا}

وَأخرج ابْن بِي حَاتِم عَن السّديّ رضي الله عنه فِي قَوْله: {يَوْمئِذٍ يصدر النَّاس أشتاتاً} قَالَ: فرقا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رضي الله عنه {يَوْمئِذٍ يصدر النَّاس} قَالَ: يتصدعون {أشتاتاً} فَلَا يَجْتَمعُونَ بعد ذَلِك آخر مَا عَلَيْهِم وَكَانَ يُقَال إِن هَذِه السُّورَة الفاذة الجامعة

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه يَأْكُل مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِذا نزلت عَلَيْهِ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَرفع أَبُو بكر رضي الله عنه يَده وَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لراء مَا عملت من مِثْقَال ذرة من شَرّ فَقَالَ: يَا أَبَا بكر أَرَأَيْت مَا ترى فِي الدُّنْيَا مِمَّا تكره فبمثاقيل ذَر بشر وَيدخل لَك مَثَاقِيل ذَر الْخَيْر حَتَّى توفاه يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء قَالَت: بَيْنَمَا أَبُو بكر رضي الله عنه يتغدى مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَأمْسك أَبُو بكر رضي الله عنه وَقَالَ: يَا رَسُول الله أكل مَا عَمِلْنَاهُ من سوء رَأَيْنَاهُ فَقَالَ: مَا ترَوْنَ مِمَّا تَكْرَهُونَ فَذَاك مِمَّا تُجْزونَ بِهِ ويدخر الْخَيْر لأَهله فِي الْآخِرَة

ص: 593

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْبكاء وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: أنزلت {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} وَأَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه قَاعد فَبكى فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا يبكيك يَا أَبَا بكر قَالَ: تبكيني هَذِه السُّورَة

فَقَالَ: لَوْلَا أَنكُمْ تخطئون وتذنبون فَيغْفر لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فَيغْفر لَهُم

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر الصّديق إِذْ نزلت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَأمْسك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَده عَن الطَّعَام ثمَّ قَالَ: من عمل مِنْكُم خيرا فَجَزَاؤُهُ فِي الْآخِرَة وَمن عمل مِنْكُم شرا يرَاهُ فِي الدُّنْيَا مصيبات وأمراضاً وَمن يكن فِيهِ مِثْقَال ذرة من خير دخل الْجنَّة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه يَأْكُل مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ نزلت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَأمْسك أَبُو بكر يَده وَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا لراؤون مَا عَملنَا من خير أَو شرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا بكر أَرَأَيْت مَا رَأَيْت مِمَّا تكره فَهُوَ من مَثَاقِيل الشَّرّ ويدخر لَك مَثَاقِيل الْخَيْر حَتَّى توفاه يَوْم الْقِيَامَة وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله (وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير)(سُورَة الشورى الْآيَة 30)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لما أنزلت هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} قلت: يَا رَسُول الله إِنِّي لراء عَمَلي قَالَ: نعم

قلت: تِلْكَ الْكِبَار الْكِبَار قَالَ: نعم

قلت: الصغار الصغار

قَالَ: نعم

قلت: واثكل أُمِّي

قَالَ: أبشر يَا أَبَا سعيد فَإِن الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا يَعْنِي إِلَى سَبْعمِائة ضعف وَالله يُضَاعف لمن يَشَاء والسيئة بِمِثْلِهَا أَو يعْفُو الله وَلنْ ينجو أحد مِنْك بِعَمَلِهِ

قلت: وَلَا أَنْت يَا نَبِي الله قَالَ: وَلَا أَنا الا أَن يتغمدني الله مِنْهُ بِالرَّحْمَةِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رضي الله عنه فِي قَوْله: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} الْآيَة قَالَ: لما نزلت (ويطعمون الطَّعَام على حبه)(سُورَة الْإِنْسَان الْآيَة 8) كَانَ

ص: 594

الْمُسلمُونَ يرَوْنَ أَنهم لَا يؤجرون على الشَّيْء الْقَلِيل إِذا أَعْطوهُ فَيَجِيء السَّائِل إِلَى أَبْوَابهم فيستقلون أَن يعطوه التمرة والكسرة فيردونه وَيَقُولُونَ: مَا هَذَا بِشَيْء إنَّهُمَا نؤجر على مَا نعطي وَنحن نحبه وَكَانَ آخَرُونَ يرَوْنَ أَنهم لَا يلامون على الذَّنب الْيَسِير كالكذبة والنظرة والغيبة وَأَشْبَاه ذَلِك وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا وعد الله النَّار على الْكَبَائِر فرغبهم فِي الْخَيْر الْقَلِيل أَن يعملوه فَإِنَّهُ يُوشك أَن يكثر وحذرهم الْيَسِير من الشَّرّ فَإِنَّهُ يُوشك أَن يكثر {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة} يَعْنِي وزن أَصْغَر النَّمْل {خيرا يره} يَعْنِي فِي كِتَابه ويسره ذَلِك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة} الْآيَة قَالَ: لَيْسَ من مُؤمن وَلَا كَافِر عمل خيرا وَلَا شرا فِي الدُّنْيَا إِلَّا أره الله إِيَّاه فَأَما لمُؤْمِن فيريه الله حَسَنَاته وسيئاته فَيغْفر لَهُ من سيئاته ويثيبه على حَسَنَاته وَأما الْكَافِر فيريه حَسَنَاته وسيئاته فَيرد حَسَنَاته ويعذبه بسيئاته

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ: من يعْمل مِثْقَال ذرة من خير من كَافِر يرى ثَوَابهَا فِي الدُّنْيَا فِي نَفسه وَأَهله وَمَاله وَولده حَتَّى يخر من الدُّنْيَا وَلَيْسَ عِنْده خير {وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا} من مُؤمن يرى عُقُوبَته فِي الدُّنْيَا فِي نَفسه وَأَهله وَمَاله وَولده حَتَّى يخرج من الدُّنْيَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء

وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَأحمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن صعصعة بن مُعَاوِيَة عَم الفرزدق أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ عَلَيْهِ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَقَالَ: حسبي لَا أُبَالِي أَن لَا أسمع من الْقُرْآن غَيرهَا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي مجْلِس وَمَعَهُمْ أَعْرَابِي جَالس {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَقَالَ الْأَعرَابِي: يَا رَسُول الله أمثقال ذرة قَالَ: نعم

فَقَالَ الْأَعرَابِي: واسوأتاه

ثمَّ قَالَ وَهُوَ يَقُولهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لقد دخل قلب الْأَعرَابِي الإِيمان

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن زيد بن أسلم رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} الْآيَة فَقَامَ رجل

ص: 595

فَجعل يضع يَده على رَأسه وَهُوَ يَقُول: واسوأتاه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أما الرجل فقد آمن

وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن زيد بن أسلم رضي الله عنه أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله لَيْسَ أحد يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا إِلَّا رَآهُ وَلم يعْمل مِثْقَال ذرة شرا إِلَّا رَآهُ قَالَ: نعم

فَانْطَلق الرجل وَهُوَ يَقُول: واسوأتاه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: آمن الرجل

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دفع رجلا إِلَى رجل يُعلمهُ فَعلمه حَتَّى بلغ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} فَقَالَ الرجل: حسبي فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الرجل الَّذِي أَمرتنِي أَن أعلمهُ لما بلغ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} فَقَالَ حسبي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: دَعه فقد فقه

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا ذهب مرّة يَسْتَقْرِئ فَلَمَّا سمع هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} إِلَى آخرهَا فَقَالَ: حسبي حسبي إِن عملت مِثْقَال ذرة من خيرا رَأَيْته وَإِن عملت مِثْقَال ذرة من شَرّ رَأَيْته

قَالَ: وَذكر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول: هِيَ الجامعة الفاذة

وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} الْآيَة قَالَ رجل من الْمُسلمين: حسبي حسبي إِن عملت مِثْقَال ذرة من خير أَو شَرّ رَأَيْته انْتَهَت الموعظة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحَارِث بن سُوَيْد أَنه قَرَأَ {إِذا زلزلت} حَتَّى بلغ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} قَالَ: إِن هَذَا الإِحصاء شَدِيد

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الْكَافِر يُعْطي كِتَابه يَوْم الْقِيَامَة فَينْظر فِيهِ فَيرى فِيهِ كل حَسَنَة عَملهَا فِي الدُّنْيَا فَترد عَلَيْهِ حَسَنَاته وَذَلِكَ قَول الله تَعَالَى: (وَقدمنَا إِلَى مَا عمِلُوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)(سُورَة الْفرْقَان الْآيَة 23) فابلس واسود وَجهه وَأما الْمُؤمن فَإِنَّهُ يعْطى كِتَابه بيمنيه يَوْم الْقِيَامَة فَيرى فِيهَا كل خَطِيئَة عَملهَا فِي دَار الدُّنْيَا ثمَّ يغْفر لَهُ ذَلِك وَذَلِكَ قَول الله: (فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات)(سُورَة الْفرْقَان الْآيَة 70) فابيض وَجهه وَاشْتَدَّ سروره

وَأخرج ابْن جرير عَن سُلَيْمَان بن عَامر رضي الله عنه أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله إِن

ص: 596

أبي كَانَ يصل الرَّحِم ويفي بِالذِّمةِ وَيكرم الضَّيْف

قَالَ: مَاتَ قبل الإِسلام قَالَ: نعم

قَالَ: لن يَنْفَعهُ ذَلِك وَلكنهَا تكون فِي عقبه فَلَنْ تخزوا أبدا وَلنْ تذلوا أبدا وَلنْ تفتقروا أبدا

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ: لَوْلَا ثَلَاث لأحببت أَن لَا أبقى فِي الدُّنْيَا وضعي وَجْهي للسُّجُود لخالقي فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار أقدمه لحياتي وظمأ الهواجر ومقاعدة أَقوام ينتقون الْكَلَام كَمَا تنتقى الْفَاكِهَة وَتَمام التَّقْوَى أَن يَتَّقِي الله تَعَالَى الْبعد حَتَّى يتقيه فِي مِثْقَال ذرة حَتَّى أَن يتْرك بعض مَا يرى أَنه حَلَال خشيَة أَن يكون حَرَامًا حَتَّى يكون حاجزاً بَينه وَبَين الْحَرَام إِن الله قد بَين للنَّاس الَّذِي هُوَ يصيرهم إِلَيْهِ قَالَ: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَلَا تحقرن شَيْئا من الشَّرّ أَن تتقيه وَلَا شَيْئا من الشَّرّ أَن تَفْعَلهُ

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: اعملو أَن الْجنَّة وَالنَّار أقرب إِلَى أحدكُم من شِرَاك نَعله {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: اتقو النَّار وَلَو بشق تَمْرَة

ثمَّ قَرَأت {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره}

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: ذكر لنا أَن عَائِشَة رضي الله عنها جاءها سَائل فَسَأَلَ فَأمرت لَهُ بتمرة فَقَالَ لَهَا قَائِل: يَا أم الْمُؤمنِينَ إِنَّكُم لتصدقون بالتمرة قَالَت: نعم وَالله إِن الْخلق كثير وَلَا يشبعه إِلَّا الله أوليس فِيهَا مَثَاقِيل ذَر كَثِيرَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شبع الإِيمان عَن عَائِشَة أَن سَائِلًا جاءها فَقَالَت لجاريتها: أطعميه فَوجدت تَمْرَة فَقَالَت: أعْطِيه إِيَّاهَا فَإِن فِيهَا مَثَاقِيل ذَر إِن تقبلت

وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَعبد بن حميد من طَرِيق عَائِشَة رضي الله عنها أَن سَائِلًا أَتَاهَا وَعِنْدهَا سلة من عِنَب فَأخذت حَبَّة من عِنَب فَأَعْطَتْهُ فَقيل لَهَا فِي ذَلِك فَقَالَت: هَذِه أثقل من ذَر كثير ثمَّ قَرَأت {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره}

وَأخرج عبد بن حميد عَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ: بلغنَا أَن عمر بن الْخطاب أَتَاهُ مِسْكين وَفِي يَده عنقود من عِنَب فَنَاوَلَهُ مِنْهُ حَبَّة وَقَالَ: فِيهِ مَثَاقِيل ذَر كَثِيرَة

ص: 597

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن سَائِلًا سَأَلَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَبَين يَدَيْهِ طبق وَعَلِيهِ فَنَاوَلَهُ حَبَّة فكأنهم أَنْكَرُوا ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ: فِي هَذِه مَثَاقِيل ذَر كثير

وَأخرج سعد عَن عَطاء بن فروخ أَن سعد بن مَالك أَتَاهُ سَائل وَبَين يَدَيْهِ طبق عَلَيْهِ تمر فَأعْطَاهُ تَمْرَة فَقبض السَّائِل يَده

فَقَالَ سعد: وَيحك تقبل الله منا مثقا الذّرة والخردلة وَكم فِي هَذِه من مَثَاقِيل الذَّر

وَأخرج ابْن سعد عَن شَدَّاد بن أَوْس أَنه خطب النَّاس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أَلا إِن الدُّنْيَا أجل حَاضر يَأْكُل مِنْهَا الْبَار والفاجر أَلا وَإِن الْآخِرَة أجل مستأخر يقْضِي فِيهَا ملك قَادر أَلا وَإِن الْخَيْر بحذافيره فِي الْجنَّة أَلا وَإِن الشَّرّ بحذافيره فِي النَّار أَلا وَاعْلَمُوا أَنه {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره}

وَأخرج الزجاجي فِي أَمَالِيهِ عَن أنس بن مَالك أَن سَائِلًا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأعْطَاهُ تَمْرَة فَقَالَ السَّائِل: نَبِي من أَنْبيَاء يتَصَدَّق بتمرة

فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أما علمت أَن فِيهَا مَثَاقِيل ذَر كثير

وَأخرج هناد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مِثْقَال ذرة} إِنَّه أَدخل يَده فِي التُّرَاب ثمَّ رَفعهَا ثمَّ نفخ فِيهَا وَقَالَ: كل من هَؤُلَاءِ مِثْقَال ذرة

وَأخرج الْحُسَيْن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: أَيهَا النَّاس إِن الدُّنْيَا عرض حَاضر يَأْكُل مِنْهُ الْبر والفاجر وَإِن الْآخِرَة وعد صَادِق يحكم فِيهَا ملك قَادر يحِق فِيهَا الْحق وَيبْطل الْبَاطِل أَيهَا النَّاس كونُوا من أَبنَاء الْآخِرَة وَلَا تَكُونُوا من أَبنَاء الدُّنْيَا فَإِن كل أم يتبعهَا وَلَدهَا

اعْمَلُوا وَأَنْتُم من الله على حذر وَاعْمَلُوا أَنكُمْ معرضون على أَعمالكُم وأنكم ملاقوا الله لَا بُد مِنْهُ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره}

وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَأحمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْخَيل لثَلَاثَة: لرجل أجر ولرجل ستر وعَلى رجل وزر الحَدِيث

قَالَ: وَسُئِلَ عَن الْحمر فَقَالَ: مَا نزل عليّ فِيهَا إِلَّا هَذِه الْآيَة الجامعة الفاذة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره}

ص: 598