المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة الحادية والعشرون: من أحكام السفر وآدابه - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ٦

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولى: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فضائلها، وفوائدها

- ‌الكلمة الثانية: تأملات في قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا}

- ‌الكلمة الثالثة: من مشاهد القيامة (الحشر وأهواله)

- ‌الكلمة الرابعة: من أسماء الله الحسنى (الحليم)

- ‌الكلمة الخامسة: تأملات في قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}

- ‌الكلمة السادسة: صيام يوم عاشوراء

- ‌الكلمة السابعة: مكائد الشيطان

- ‌الكلمة الثامنة: تأملات في قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا}

- ‌الكلمة التاسعة: الابتلاء بالمرض

- ‌الكلمة العاشرة: الشفاعة

- ‌الكلمة الحادية عشرة: تأملات في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}

- ‌الكلمة الثانية عشرة: الكبر

- ‌الكلمة الثالثة عشرة: الجنة والنار كأنها رأي العين

- ‌الكلمة الرابعة عشرة: فوائد من قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}

- ‌الكلمة الخامسة عشرة: قوة الإرادة

- ‌الكلمة السادسة عشرة: فضائل أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها

- ‌الكلمة السابعة عشرة: تأملات في قوله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا}

- ‌الكلمة الثامنة عشرة: من أسماء الله الحسنى (الحفيظ والحافظ)

- ‌الكلمة التاسعة عشرة: مقتطفات من سيرة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌الكلمة العشرون: فوائد من قوله تعالى {وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُون}

- ‌الكلمة الحادية والعشرون: من أحكام السفر وآدابه

- ‌الكلمة الثانية والعشرون: من أهوال يوم القيامة

- ‌الكلمة الثالثة والعشرون: تأملات في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ

- ‌الكلمة الرابعة والعشرون: فضائل الأعمال الصالحة

- ‌الكلمة الخامسة والعشرون: خطورة دور السينما

- ‌الكلمة السادسة والعشرون: فوائد من قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌الكلمة السابعة والعشرون: البكاء من خشية الله

- ‌الكلمة الثامنة والعشرون: الأخوَّة الإسلامية

- ‌الكلمة التاسعة والعشرون: فوائد من قوله تعالى {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَر * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِر}

- ‌الكلمة الثلاثون: قبول العمل

- ‌الكلمة الحادية والثلاثون: بِرُّ الوالدين

- ‌الكلمة الثانية والثلاثون: تأملات في قوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ

- ‌الكلمة الثالثة والثلاثون: تواضعه عليه الصلاة والسلام

- ‌الكلمة الرابعة والثلاثون: النسيان آفته، وفوائده

- ‌الكلمة الخامسة والثلاثون: تأملات في قوله تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ

- ‌الكلمة السادسة والثلاثون: عيادة المريض

- ‌الكلمة السابعة والثلاثون: الرياء

- ‌الكلمة الثامنة والثلاثون: تأملات في قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}

- ‌الكلمة التاسعة والثلاثون: التناقضات في حياة بعض الناس

- ‌الكلمة الأربعون: مجالس الصحابة

- ‌الكلمة الحادية والأربعون: تفسير أواخر سورة البقرة

- ‌الكلمة الثانية والأربعون: فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌الكلمة الثالثة والأربعون: دروس وعبر من سيرة معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌الكلمة الرابعة والأربعون: فضائل غزوة بدر

- ‌الكلمة الخامسة والأربعون: تأملات في قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُون

- ‌الكلمة السادسة والأربعون: فوائد من قوله تعالى: {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ

- ‌الكلمة السابعة والأربعون: المعجزات والكرامات في غزوة بدر

- ‌الكلمة الثامنة والأربعون: غزوة بدر مشاهد وأحداث من أرض المعركة

- ‌الكلمة التاسعة والأربعون: غزوة بدر مشاهد وأحداث من أرض المعركة

- ‌الكلمة الخمسون: اتباع الهوى

- ‌الكلمة الواحدة والخمسون: الفقه في الدين وفضله

- ‌الكلمة الثانية والخمسون: خطر الطائفة النصيرية

- ‌الكلمة الثالثة والخمسون: التحذير من الغفلة

- ‌الكلمة الرابعة والخمسون: محظورات الإحرام

- ‌الكلمة الخامسة والخمسون: فضل العمرة وصفتها

الفصل: ‌الكلمة الحادية والعشرون: من أحكام السفر وآدابه

‌الكلمة الحادية والعشرون: من أحكام السفر وآدابه

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

فإن الإنسان بطبعه يحتاج إلى السفر في أرض الله لقضاء مصالحه الدينية والدنيوية، والسياحة في الأرض والتأمل في عجائب المخلوقات مما يزيد العبد إيماناً ويقيناً بربه، قال تعالى:{فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} [التوبة: 2]. وقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور (15)} [الملك: 15]

(1)

.

قال الشافعي مادحاً للسفر وحاثًّا عليه:

سافر تَجد عِوضاً عَمنْ تُفارقهُ

وانْصَبْ فَإنَّ لَذِيد العيش في النصبِ

إني رَأيتُ وقُوفَ الماءِ يُفْسِدُهُ

إنْ سَالَ طَابَ وإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِب

والشمسُ لو بَقِيَت في الفُلكِ دَائِمَةً

لمَلَّها الناسُ مِنْ عُجم ومِنْ عَرَبِ

وقد وردت السنة النبوية ببعض الآداب الشرعية التي ينبغي للمسافر أن يلتزم بها، فمن ذلك:

أولاً: الاستخارة الشرعية قبل السفر، فيستخير في موعد السفر ووجهته، روى البخاري في صحيحه والترمذي والنسائي

(1)

المنهاج للحاج والمعتمر للشيخ سعود الشريم ص: 11 - 12.

ص: 141

في سننهما من حديث جابر رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ، ويَقُولُ:«إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ، ثُمَّ يُسَمِيهِ بِاسْمِهِ، خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي» ، أَوْ قَالَ:«عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ، ويَذْكُرُ الأَمْرَ ويُسَمِّيهِ، شَرٌّ لِي فِي دِينِي، وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي» ، أَوْ قَالَ:«فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ»

(1)

.

ثانياً: أن يحرص على دعاء السفر عند خروجه وعودته، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ، فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ» ، وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: «آيِبُونَ، تَائِبُونَ،

(1)

صحيح البخاري برقم 6382 وسنن الترمذي برقم 480 والنسائي برقم 3253.

ص: 142

عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»

(1)

. وفي رواية لمسلم: «كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الحَوْرِ بَعدَ الكَوْرِ - وَهُوَ الرُّجُوعُ مِنَ الِاستِقَامَةِ أَوِ الزِّيَادَةِ إِلَى النَّقصِ -، وَدَعوَةِ المَظلُومِ»

(2)

.

ثالثًا: أن يحرص أيضاً على الذكر عند الركوب فقد روى الترمذي في سننه من حديث علي بن ربيعة قال: شهدنا علياً أُتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال:«بِاسمِ اللهِ» ثَلَاثًا، فلما استوى على ظهرها قال:«الحَمدُ للهِ» ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ» ، ثُمَّ قَالَ:«الحَمْدُ للهِ» ثَلَاثًا، و «اللهُ أكْبَرُ» ثَلَاثًا، «سُبحَانَكَ إِنِّي قَد ظَلَمتُ نَفسِي فَاغفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنتَ» ثم ضحك، قلت: من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ثم ضحك، فقلت من أي شيء ضحكت يا رسول الله؟ قال:«إِنَّ رَبَّكَ لَيَعجَبُ مِن عَبدِهِ إِذَا قَالَ: رَبِّ اغفِر لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغفِرُ الذُّنُوبَ غَيرُكَ»

(3)

.

رابعاً: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ودَّعَ أصحابه في السفر يقول لأحدهم: «أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ»

(4)

. والسنة أن يرد

(1)

برقم 1342.

(2)

برقم 1343.

(3)

برقم 3446 وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

(4)

سنن الترمذي برقم 3443 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/ 155) برقم 2738.

ص: 143

عليه المسافر فيقول: «أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ»

(1)

.

خامساً: استحباب الخروج يوم الخميس، روى البخاري في صحيحه من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ

(2)

.

ويُستحب أن يكون أول النهار أو بالليل لما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث صخر الغامدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»

(3)

، ولما رواه أبو داود في سننه من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ»

(4)

.

سادساً: استحباب طلب الرفقة الصالحة وتأميرهم على أنفسهم واحداً يطيعونه، روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ»

(5)

. وروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرَّاكِبُ

(1)

سنن ابن ماجه برقم 2825 وحسنه العراقي كما نقل ذلك الألباني رحمه الله في الكلم الطيب ص: 59.

(2)

برقم 2950.

(3)

(3/ 416) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (1/ 278) برقم 1300.

(4)

برقم 2571 وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/ 488) برقم 2241.

(5)

برقم 2998.

ص: 144

شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ»

(1)

.

قال الألباني رحمه الله: «ولعل الحديث أراد السفر في الصحاري والفلوات التي قلما يرى المسافر فيها أحداً من الناس، فلا يدخل فيه السفر اليوم في الطرق المعبدة الكثيرة المواصلات. والله أعلم»

(2)

. اهـ.

وروى أبو داود في سننه من حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ»

(3)

.

سابعاً: استحباب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأودية ونحوها، روى البخاري في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه قال:«كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلنَا سَبَّحْنَا»

(4)

.

ثامناً: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى المرأة أن تسافر لوحدها، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ:

(1)

برقم 2607 والترمذي برقم 1674 وقال حديث حسن.

(2)

السلسلة الصحيحة حديث رقم 62.

(3)

برقم 2608 وقال الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود حسن صحيح (2/ 494) برقم 2272.

(4)

برقم 2994.

ص: 145

«انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ»

(1)

.

تاسعاً: من السنة أن يصلي المسافر التطوع على دابته، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، صَلَاةَ اللَّيْلِ إِلَّا الْفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ»

(2)

.

عاشراً: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من السفر إلى بلاد الكفار، فروى الترمذي في سننه من حديث جرير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَلِمَ؟ قَالَ: «لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا»

(3)

.

وقد استثنى العلماء من ذلك: المجاهد في سبيل الله، أو السفر للدعوة إلى الله، أو لعلاج مرض، لا يتوفر إلا ببلادهم، أو السفر لدراسة لا يمكن الحصول عليها في بلاد المسلمين، أو للتجارة، وكل ذلك مشروط بأن يكون مظهراً لدينه عالماً بما أوجب الله عليه، قوي الإيمان بالله، قادراً على إقامة شعائره مع أمن الفتنة، وللضرورة أحكامها.

الحادي عشر: إذا ذهب المسافر إلى المتنزهات أو البراري عليه أن يُلزِمَ زوجته وبناته بالحجاب، وعليه أن يبتعد عن الأماكن المختلطة، أو التي تحتوي على مخالفات شرعية، وأن يحافظ على

(1)

برقم 1862 وصحيح مسلم 1341 واللفظ له.

(2)

برقم 1000 وصحيح مسلم برقم 700.

(3)

برقم 1604 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/ 119) برقم 1307.

ص: 146

الصلاة في أوقاتها، ويأمر أهله بذلك، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال تعالى:{وَامُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6].

الثاني عشر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يَحُثُّ أُمَّتَهُ إذا نزل أحدهم منزلاً في سفره، أو غيره أن يقول:«أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ»

(1)

.

الثالث عشر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر المسافر إذا قضى حاجته أن يعجل بالرجوع إلى أهله، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ»

(2)

.

الرابع عشر: كان صلى الله عليه وسلم ينهى أن يَطرُقَ الرجل أهله ليلاً إذا رجع من سفر، روى البخاري في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا»

(3)

.

وروى البخاري في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ أَنْ يَاتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا»

(4)

.

(1)

صحيح مسلم برقم 2708.

(2)

برقم 1804 وصحيح مسلم برقم 1927.

(3)

برقم 5244.

(4)

برقم 5243.

ص: 147

وينبغي للمسافر أن يحرص على الدعاء، فإن دعوته مستجابة، روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، ودَعْوَةُ الْمَظْلُومِ»

(1)

.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

برقم 1536 وقال الترمذي حديث حسن.

ص: 148