الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمة الثانية والخمسون: خطر الطائفة النصيرية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
فإن أعداء المسلمين من الكفار يمكرون ويخططون الليل والنهار للقضاء على الإسلام وأهله، ومن خططهم الخبيثة زرع الفرق الضالة في بلاد المسلمين حتى يضعفوا شوكتهم ويسيطروا على ثرواتهم ويبعدوهم عن دينهم وأخلاقهم، قال تعالى:{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].
ومن هذه الفرق الباطنية التي غرسها الاستعمار في بلاد المسلمين فرقة النصيرية وهي من أخبث الفرق الباطنية، وسأذكر بعضاً من معتقداتها وأهدافها ونشأتها وخطرها على الإسلام والمسلمين للعلم والحذر.
أما تعريف النصيرية: فهم اتباع محمد بن نصير النميري، وسميت بهذا الاسم نسبة إليه، وهم من غلاة الشيعة الذين أَلَّهُوا علي بن أبي طالب، وقد انبثقوا من الاثني عشرية الرافضة.
نشأتها: لما توفي الحسن العسكري الذي تَدَّعِي الرافضة أنه إمامها الحادي عشر، اجتمع الغلاة من المنتمين إليه، وادَّعَوا أن له ولداً اختفى في سرداب بمنزل أبيه (سامراء) وأنه الإمام بعد أبيه، وخرج مجموعة من
غلاة الشيعة كل يدَّعي أنه هو الواسطة بين هذا الإمام الغائب في السرداب في زعمهم وبين الشيعة، ومن هؤلاء: محمد بن نصير الذي سمي أتباعه فيما بعد بالنصيرية نسبة إليه، ونشأت النصيرية من ذلك الوقت.
أسماؤها: كانوا يدعون بالنميرية، ثم اتخذوا اسم النصيرية منذ عهد شيخهم الخصي وكانوا يسمون أنفسهم المؤمنين، وفي فترة الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام تسموا بالعلويين.
مواطنهم: يسكن النصيرية في جبال اللاذقية، وحماه، وحمص من سوريا، وفي لواء الإسكندرونة، وطرسوس، وأدنه أو أطنه (في تركيا حالياً) وفي كردستان وغيرها.
طوائفهم: ينقسم النصيرية إلى أربع طوائف:
1 -
الحيدرية: نسبة إلى حيدر لقب علي بن أبي طالب.
2 -
الشمالية: وهم يقولون إن علياً يسكن في الشمس، ويقال لهم: الشمسية.
3 -
الكلازية أو القمرية: ويعتقدون أن علياً يقيم في القمر.
4 -
الغيبية: يقولون إن الله تَجَلَّى ثم اختفى، والزمان الحالي هو زمان الغيبية، ويقررون أن الغائب هو الله الذي هو علي:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَاّ كَذِبًا (5)} [الكهف: 5].
وليس بين هذه الطوائف اختلاف في أصول العقيدة الباطنية كتأليه علي والتناسخ والحلول، فالاختلاف بينهم في مَقَرِّهِ، بعضهم يجعل مَقَرَّهُ القمر، وبعضهم الشمس.
أشهر رجالاتها: مؤسس المذهب النصيري هو محمد بن نصير النميري، ثم تولى المذهب بعده محمد بن جندب، ثم الحسين ابن حمدان الخصيبي الذي يعتبر الشيخ الأعظم عند النصيرية.
عقائدهم الأساسية: تتلخص عقائدهم الأساسية فيما يلي:
1 -
علي بن أبي طالب إله عندهم يسكن السحاب، والرعد صوته، والبرق ضحكه، وهم بهذا يعظمون السحاب، ومنهم من يعتقد أن علياً حال في القمر أو الشمس - كما مر -.
2 -
تناسخ الأرواح عندهم عقيدة من عقائدهم، فالذين لا يعبدون علياً يولدون في زعمهم من جديد على شكل إبل وحمير، أما المؤمن وهو عندهم من يعبد علياً فيتحول سبع مرات ثم يأخذ مكانه بين النجوم، ومن ينحرف منهم يولد من جديد حتى يتطهر أو يُكفر عن سيئاته.
3 -
إنكار البعث، والنشور، والجنة، والنار، والقول بقدم العالم كما يعتقد الدهرية الزنادقة.
عبادتهم وأركان الإسلام عندهم:
1 -
الشهادة هي أن تشير إلى صيغة (ع - م - س) وهي رمز لعلي، ومحمد وسلمان، وهي أشبه بعقيدة التثليث عند النصارى.
2 -
الصلوات الخمس عبارة عن خمس أسماء وهي علي، وحسن، وحسين ومحمد، وفاطمة، وذكر هذه الأسماء الخمسة على رأيهم يجزيهم عن الغسل من الجنابة، والوضوء وبقية شروط الصلاة، وواجباتها.
3 -
الزكاة ويرمز لها بشخصية سلمان.
4 -
الصوم وهو حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً من رجالهم تمثلهم أيام رمضان، وثلاثين امرأة من نسائهم تمثلهم ليالي رمضان.
5 -
الجهاد وهو صب اللعنات على الأعداء ويقولون: إن إبليس الأبالسة هو عمر بن الخطاب ويليه في رتبة الإبليسية أبو بكر ثم عثمان رضي الله عنهم أجمعين .. إلى غير ذلك من المعتقدات الفاسدة.
فضائح النصيرية: النصيرية يبيحون شرب الخمر والزنا، ولهم ليلة يختلط فيها الرجال والنساء، ويحبون (عبد الرحمن بن ملجم) قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ويترضون عنه لزعمهم بأنه قد خلص اللاهوت من الناسوت وَيُخَطِّئُونَ من يلعنه.
تاريخ النصيرية: حافل بالمؤامرات والمكائد للمسلمين، فقد كانوا مع الأعداء دائماً ضد المسلمين كما حصل في أيام التتار وغزو بلاد المسلمين، قال تعالى:{لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 10]. وقد رأينا وسمعنا وقرأنا عبر وسائل الإعلام ما يحصل لإخواننا أهل السنة في بلاد الشام من قتل، وسجن، وتعذيب، وانتهاك للحرمات، وتمزيق المصاحف، وضرب المساجد على أيدي النظام النصيري الحاقد، وما مجازر المسلمين في سجن تدمر وحماة وغيرها من بلاد الشام والتي قُتل فيها الآلاف من المسلمين؛ أكبر شاهد على جرائمهم الخبيثة، وحقدهم على الإسلام والمسلمين.
وقد اتفق علماء الإسلام على كفر النصيرية، وأنه لا تجوز مناكحتهم، ولا تحل ذبائحهم، ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين
(1)
.
(2)
.
وقال في موضع آخر: «وهذه الطائفة الملعونة استولت على
(1)
الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة تأليف الشيخ ناصر القفاري، والشيخ ناصر العقل ص: 136 - 140.
(2)
الفتاوى (35/ 145 - 160) بتصرف.
جانب كبير من بلاد الشام (وهم) معروفون مشهورون متظاهرون بهذا المذهب، وقد حقق أحوالهم كل من خالطهم وعرفهم من عقلاء المسلمين وعلمائهم، ومن عامة الناس أيضاً في هذا الزمان، لأن أحوالهم كانت مستورة عن أكثر الناس وقت استيلاء الإفرنج المخذولين على البلاد الساحلية، فلما جاءت أيام الإسلام انكشف حالهم وظهر ضلالهم، والابتلاء بهم كثير جداً»
(1)
. اهـ.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1)
الفتاوى (35/ 147 - 148).