المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة الثالثة والأربعون: دروس وعبر من سيرة معاذ بن جبل رضي الله عنه - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ٦

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة الأولى: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فضائلها، وفوائدها

- ‌الكلمة الثانية: تأملات في قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا}

- ‌الكلمة الثالثة: من مشاهد القيامة (الحشر وأهواله)

- ‌الكلمة الرابعة: من أسماء الله الحسنى (الحليم)

- ‌الكلمة الخامسة: تأملات في قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}

- ‌الكلمة السادسة: صيام يوم عاشوراء

- ‌الكلمة السابعة: مكائد الشيطان

- ‌الكلمة الثامنة: تأملات في قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا}

- ‌الكلمة التاسعة: الابتلاء بالمرض

- ‌الكلمة العاشرة: الشفاعة

- ‌الكلمة الحادية عشرة: تأملات في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}

- ‌الكلمة الثانية عشرة: الكبر

- ‌الكلمة الثالثة عشرة: الجنة والنار كأنها رأي العين

- ‌الكلمة الرابعة عشرة: فوائد من قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}

- ‌الكلمة الخامسة عشرة: قوة الإرادة

- ‌الكلمة السادسة عشرة: فضائل أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها

- ‌الكلمة السابعة عشرة: تأملات في قوله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا}

- ‌الكلمة الثامنة عشرة: من أسماء الله الحسنى (الحفيظ والحافظ)

- ‌الكلمة التاسعة عشرة: مقتطفات من سيرة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌الكلمة العشرون: فوائد من قوله تعالى {وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُون}

- ‌الكلمة الحادية والعشرون: من أحكام السفر وآدابه

- ‌الكلمة الثانية والعشرون: من أهوال يوم القيامة

- ‌الكلمة الثالثة والعشرون: تأملات في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ

- ‌الكلمة الرابعة والعشرون: فضائل الأعمال الصالحة

- ‌الكلمة الخامسة والعشرون: خطورة دور السينما

- ‌الكلمة السادسة والعشرون: فوائد من قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌الكلمة السابعة والعشرون: البكاء من خشية الله

- ‌الكلمة الثامنة والعشرون: الأخوَّة الإسلامية

- ‌الكلمة التاسعة والعشرون: فوائد من قوله تعالى {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَر * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِر}

- ‌الكلمة الثلاثون: قبول العمل

- ‌الكلمة الحادية والثلاثون: بِرُّ الوالدين

- ‌الكلمة الثانية والثلاثون: تأملات في قوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ

- ‌الكلمة الثالثة والثلاثون: تواضعه عليه الصلاة والسلام

- ‌الكلمة الرابعة والثلاثون: النسيان آفته، وفوائده

- ‌الكلمة الخامسة والثلاثون: تأملات في قوله تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ

- ‌الكلمة السادسة والثلاثون: عيادة المريض

- ‌الكلمة السابعة والثلاثون: الرياء

- ‌الكلمة الثامنة والثلاثون: تأملات في قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}

- ‌الكلمة التاسعة والثلاثون: التناقضات في حياة بعض الناس

- ‌الكلمة الأربعون: مجالس الصحابة

- ‌الكلمة الحادية والأربعون: تفسير أواخر سورة البقرة

- ‌الكلمة الثانية والأربعون: فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌الكلمة الثالثة والأربعون: دروس وعبر من سيرة معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌الكلمة الرابعة والأربعون: فضائل غزوة بدر

- ‌الكلمة الخامسة والأربعون: تأملات في قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُون

- ‌الكلمة السادسة والأربعون: فوائد من قوله تعالى: {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ

- ‌الكلمة السابعة والأربعون: المعجزات والكرامات في غزوة بدر

- ‌الكلمة الثامنة والأربعون: غزوة بدر مشاهد وأحداث من أرض المعركة

- ‌الكلمة التاسعة والأربعون: غزوة بدر مشاهد وأحداث من أرض المعركة

- ‌الكلمة الخمسون: اتباع الهوى

- ‌الكلمة الواحدة والخمسون: الفقه في الدين وفضله

- ‌الكلمة الثانية والخمسون: خطر الطائفة النصيرية

- ‌الكلمة الثالثة والخمسون: التحذير من الغفلة

- ‌الكلمة الرابعة والخمسون: محظورات الإحرام

- ‌الكلمة الخامسة والخمسون: فضل العمرة وصفتها

الفصل: ‌الكلمة الثالثة والأربعون: دروس وعبر من سيرة معاذ بن جبل رضي الله عنه

‌الكلمة الثالثة والأربعون: دروس وعبر من سيرة معاذ بن جبل رضي الله عنه

-

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

فهذه مقتطفات من سيرة عَلَمٍ من أعلام هذه الأمة، وبطلٍ من أبطالها، وعالمٍ من علمائها، الصحابي الجليل معاذ بن جبل ابن عمرو الأنصاري الخزرجي المدني البدري أبو عبد الرحمن، شهد العقبة وبدراً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من أفضل شباب الأنصار حلماً، وحياءً، وسخاءً، قال عبد الصمد بن سعيد: كان طويلاً، حسناً، جميلاً، قال المدائني: كان طوالاً حسن الشعر، عظيم العينين، أبيض، جعد قطط، وقد أسلم وعمره ثماني عشرة سنة، وشهد بدراً، وله عشرون أو إحدى وعشرون سنة

(1)

، روى معاذ أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعثه أميراً على اليمن، ومات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: "إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي

(1)

سير أعلام النبلاء (1/ 444 - 445).

ص: 277

رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَعلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ"

(1)

.

وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل معاذ ومكانته العظيمة، فروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ"

(2)

.

وروى الإِمام أحمد في مسنده من حديث راشد بن سعد وغيرهما قالوا: لَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ سَرْغَ

(3)

حُدِّثَ أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيدًا قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ شِدَّةَ الوَبَاءِ في الشَّامِ، فَقُلْتُ: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ اسْتَخْلَفْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَألنِي رَبِّي عز وجل: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّه يُحشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ العُلَمَاءَ نَبْذةً"

(4)

. وفي رواية الطبراني: "بِرَتْوَةٍ

(5)

"

(6)

.

وروى الحاكم في المستدرك من حديث مسروق قال: قرأت عند عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}

(1)

برقم 1458 وصحيح مسلم برقم 19.

(2)

صحيح البخاري برقم 3758 وصحيح مسلم برقم 2464 واللفظ له.

(3)

سرغ: بفتح أوله وسكون ثانيه، وهو أول الحجاز وآخر الشام، بين المغيثة وتبوك، من منازل حاج الشام، وانظر معجم البلدان للحموي (5/ 39).

(4)

قطعة من حديث (1/ 263) برقم 108 وقال محققوه حسن لغيره.

(5)

رتوة: أي رمية بسهم، وقيل: مد البصر.

(6)

معجم الطبراني الكبير (20/ 30) برقم 41 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 1091.

ص: 278

[النحل: 120]، قَالَ: فَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مُعَاذاً كَانَ أُمَّةً قَانِتاً، قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيهِ، فَأَعَادَ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الأُمَّةُ؟ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ، وَالقَانِتُ: الَّذِي يُطِيعُ اللهَ وَرَسُولَهُ"

(1)

.

وعن سهل بن أبي حتمة قال: كَانَ الَّذِينَ يُفْتُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ: عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ، وَزَيْدٌ

(2)

.

وكان رضي الله عنه من فقهاء الصحابة، روى الحاكم في المستدرك من حديث علي بن رباح، قال: خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْحَلَالِ وَالحَرَامِ فَلْيَأْتِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ

(3)

.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب معاذ كثيراً، فروى أبو داود في سننه من حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ:"يَا مُعَاذُ: وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، فَقَالَ: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ"

(4)

.

ومرت الأيام، والسنون، ودنت ساعة الفراق بين الأحبة، وما أصعبها. روى الإِمام أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه، ومعاذ راكب ورسول الله يمشي تحت راحلته، فلما فرغ

(1)

(3/ 104) برقم 3418 وقال محققه إسناده جيد.

(2)

سير أعلام النبلاء (1/ 451 - 452).

(3)

(4/ 308) برقم 5236؛ وقال الحافظ في الفتح (7/ 126) صح عن عمر فذكره.

(4)

برقم 1522 وقال النووي إسناده صحيح.

ص: 279

قال: "يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي وَقَبْرِي"، فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعاً

(1)

لِفِرَاقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ المَدِينَةَ، فَقَالَ:"إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي الْمُتَّقُونَ مَنْ كَانُوا وَحَيثُ كَانُوا"

(2)

، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لَا تَبْكِ يَا مُعَاذُ، إِنَّ البُكَاءَ مِنَ الشَّيْطَانِ"

(3)

.

ولما حضرت معاذ الوفاة قال: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبَّ البَقَاءَ في الدُّنْيَا لِكَرْيِ الأَنْهَارِ، وَلَا لِغَرْسِ الأَشْجَارِ، وَلَكِنْ كُنْتُ أُحِبُّ البَقَاءَ لِمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ الطَّوِيلِ، وَلِظَمَإِ الهَوَاجِرِ في الحَرِّ الشَّدِيدِ، وَلِمُزَاحَمَةِ العُلَمَاءِ بِالرُّكَبِ عِنْدَ حِلَقِ الذِّكْرِ.

وقد توفي رضي الله عنه بمرض الطاعون في بلاد الشام، فروى الإِمام أحمد في مسنده من حديث أَبِي مُنِيبٍ الأَحْدَبِ قَالَ: خَطَبَ مُعَاذٌ بِالشَّامِ، فَذَكَرَ الطَّاعُونَ فَقَالَ: إِنَّهَا رَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَقَبْضُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ. اللهُمَّ أَدْخِلْ عَلَى آلِ مُعَاذٍ نَصيبَهُمْ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ. ثُمَّ نَزَلَ مِنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: 147]، فَقَالَ مُعَاذ:{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102]

(4)

.

(1)

جشعاً: قال ابن الأثير في النهاية (1/ 274) الجشع: الفزع لفراق الإلف.

(2)

(36/ 376) برقم 22052 وقال محققوه إسناده صحيح.

(3)

(36/ 378) برقم 22054 وقال محققوه إسناده صحيح.

(4)

(36/ 404) برقم 22085 وقال محققوه حسن.

ص: 280

ومن الدروس والعبر المستفادة من سيرة هذا البطل، وأكتفي باثنتين منها:

1 -

علو همته، وحرصه الشديد على تحصيل العلم، فما بين إسلامه ووفاته لا يتجاوز ست عشرة سنة، قال ابن حجر: عاش معاذ ثلاثاً وثلاثين سنة على الصحيح

(1)

، وقد بلغ فيها مبلغاً عظيماً حتى عُدَّ من كبار المُفتين من الصحابة رضي الله عنهم، وهذا يدل على أنَّ الأعمار لا تقاس بالسنين وإنما بالإنجازات، وقد أنجز معاذ في سنوات ما لم ينجزه غيره في عشرات السنين.

2 -

شدته في الحق وفي تنفيذ أحكام الله على الكفرة، والمعاندين. روى الإِمام أحمد في مسنده من حديث أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى أَبِي مُوسَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، بِالْيَمَنِ، فَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَهَوَّدَ، وَنَحْنُ نُرِيدُهُ عَلَى الإِسْلَامِ مُنْذُ، قَالَ: أَحْسَبُهُ، شَهْرَيْنِ. فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَقْعُدُ حَتَّى تَضْرِبُوا عُنُقَهُ. فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، فَقَالَ: قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ: أَنَّ مَنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنِهِ فَاقْتُلُوهُ أَوْ قَالَ: مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ

(2)

.

رضي الله عن معاذ، وجزاه عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء، وجمعنا به في دار كرامته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1)

فتح الباري (7/ 126).

(2)

(36/ 343 - 334) برقم 22015 وقال محققوه إسناده صحيح وأصله في الصحيحين.

ص: 281