المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌غزوة الأحزاب عاد السلام والأمن، وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعثات - الرحيق المختوم

[صفي الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌المدخل

- ‌كلمة معالي الشيخ محمد علي الحركان الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي

- ‌كلمة المؤلف

- ‌‌‌موقع العربوأقوامها

- ‌موقع العرب

- ‌أقوام العرب

- ‌1- العرب البائدة:

- ‌2- العرب العاربة:

- ‌أ- حمير

- ‌ب- كهلان

- ‌1- الأزد:

- ‌2- لخم وجذام:

- ‌3- بنو طيء:

- ‌4- كندة:

- ‌[3- العرب المستعربة:]

- ‌الحكم والإمارة في العرب

- ‌الملك باليمن

- ‌1- القرون التي خلت قبل سنة 650 ق. م

- ‌2- منذ سنة 650 ق. م إلى سنة 115 ق. م

- ‌3- منذ سنة 115 ق. م إلى سنة 300 م

- ‌4- منذ سنة 300 م إلى أن دخل الإسلام في اليمن

- ‌الملك بالحيرة

- ‌الملك بالشام

- ‌الامارة بالحجاز

- ‌[خلال قبائل مضر]

- ‌الأولى: الدفع بالناس من عرفة إلى المزدلفة

- ‌الثانية: الإفاضة من جمع غداة النحر إلى منى

- ‌الثالثة: إنساء الأشهر الحرم

- ‌[روايات في بيان سبب اندلاع الحرب بين خزاعة وقريش]

- ‌الأولى:

- ‌الثانية:

- ‌الثالثة:

- ‌[رئاسة قصي]

- ‌1- رئاسة دار الندوة

- ‌2- اللواء

- ‌3- الحجابة

- ‌4- سقاية الحاج

- ‌5- رفادة الحاج

- ‌[مناصب أخرى لقريش]

- ‌1- الإيسار:

- ‌2- تحجير الأموال

- ‌3- الشورى

- ‌4- الأشناق

- ‌5- العقاب

- ‌6- القبة

- ‌7- السفارة

- ‌الحكم في سائر العرب

- ‌الحالة السياسية

- ‌[مراسم عبادة العرب للأصنام]

- ‌1- كانوا يعكفون عليها، ويلتجئون إليها

- ‌2- وكانوا يحجون إليها

- ‌3- وكانوا يتقربون إليها بأنواع من القرابين

- ‌4- وكان من أنواع التقرب

- ‌5- وكان من أنواع التقرب إلى الأصنام النذر

- ‌6- وكانت منها البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي

- ‌الحالة الدينية

- ‌صور من المجتمع العربي الجاهلي

- ‌الحالة الإجتماعية

- ‌الحالة الإقتصادية

- ‌الأخلاق

- ‌1- الكرم

- ‌2- ومن تلك الأخلاق الوفاء بالعهد

- ‌3- ومنها عزة النفس

- ‌4- ومنها المضي في العزائم

- ‌5- ومنها الحلم، والأناة، والتؤدة

- ‌6- ومنها السذاجة البدوية

- ‌‌‌نسب النبي صلى الله عليه وسلموأسرته

- ‌نسب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الجزء الأول:

- ‌الجزء الثاني:

- ‌الجزء الثالث:

- ‌الأسرة النبوية

- ‌1- هاشم

- ‌2- عبد المطلب

- ‌3- عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌‌‌المولدوأربعون عاما قبل النبوة

- ‌المولد

- ‌في بني سعد

- ‌إلى أمه الحنون

- ‌إلى جده العطوف

- ‌إلى عمه الشفيق

- ‌يستسقي الغمام بوجهه

- ‌بحيرا الراهب

- ‌حرب الفجار

- ‌حلف الفضول

- ‌حياة الكدح

- ‌زواجه خديجة

- ‌بناء الكعبة وقضية التحكيم

- ‌السيرة الإجمالية قبل النبوة

- ‌في ظلال النبوة والرسالة

- ‌في غار حراء

- ‌جبريل ينزل بالوحي

- ‌فترة الوحي

- ‌جبريل ينزل بالوحي مرة ثانية

- ‌استطراد في بيان أقسام الوحي

- ‌إحداها: الرؤيا الصادقة

- ‌الثانية: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه

- ‌الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل له الملك رجلا

- ‌الرابعة: أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس

- ‌الخامسة: أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها

- ‌السادسة: ما أوحاه الله إليه، وهو فوق السماوات ليلة المعراج

- ‌السابعة: كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك

- ‌‌‌أدوار الدعوةومراحلها

- ‌أدوار الدعوة

- ‌1- الدور المكي

- ‌[مراحل الدور المكي]

- ‌المرحلة الأولى جهاد الدعوة [سرا]

- ‌الرعيل الأول

- ‌الصلاة

- ‌الخبر يبلغ إلى قريش إجمالا

- ‌المرحلة الثانية الدعوة جهارا

- ‌أول أمر بإظهار الدعوة

- ‌الدعوة في الأقربين

- ‌على جبل الصفا

- ‌الصدع بالحق وردود فعل المشركين

- ‌وفد قريش إلى أبي طالب

- ‌المجلس الإستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة

- ‌أساليب شتى لمجابهة الدعوة

- ‌1- السخرية والتحقير

- ‌2- تشويه تعاليمه وإثارة الشبهات

- ‌3- معارضة القرآن بأساطير الأولين

- ‌4- مساومات [ومداهنات أنصاف الحلول]

- ‌الإضطهادات

- ‌دار الأرقم

- ‌الهجرة الأولى إلى الحبشة

- ‌مكيدة قريش بمهاجري الحبشة

- ‌قريش يهددون أبا طالب

- ‌قريش بين يدي أبي طالب مرة أخرى

- ‌فكرة الطغاة في إعدام النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إسلام حمزة رضي الله عنه

- ‌إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ممثل قريش بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو طالب يجمع بني هاشم وبني عبد المطلب

- ‌المقاطعة العامة

- ‌ميثاق الظلم والعدوان

- ‌ثلاثة أعوام في شعب أبي طالب

- ‌نقض صحيفة الميثاق

- ‌آخر وفد قريش إلى أبي طالب

- ‌عام الحزن

- ‌وفاة أبي طالب

- ‌خديجة إلى رحمة الله

- ‌تراكم الأحزان

- ‌الزواج بسودة رضي الله عنها

- ‌عوامل الصبر والثبات

- ‌1-[الإيمان بالله وحده]

- ‌2- قيادة تهوي إليها الأفئدة

- ‌3- الشعور بالمسؤولية

- ‌4- الإيمان بالآخرة

- ‌5- القرآن

- ‌6- البشارات بالنجاح

- ‌المرحلة الثالثة دعوة الإسلام خارج مكة

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم في الطائف

- ‌عرض الإسلام على القبائل والأفراد

- ‌القبائل التي عرض عليها الإسلام

- ‌1- بنو كلب

- ‌2- بنو حنيفة

- ‌3- وأتى إلى بني عامر بن صعصعة

- ‌[الأفراد الذين عرض عليهم الإسلام]

- ‌المؤمنون من غير أهل مكة

- ‌1- سويد بن صامت

- ‌2- إياس بن معاذ

- ‌3- أبو ذر الغفاري

- ‌4- طفيل بن عمرو الدوسي

- ‌5- ضماد الأزدي

- ‌ست نسمات طيبة من أهل يثرب

- ‌استطراد- تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة

- ‌الإسراء والمعراج

- ‌[زمن حدوث الإسراء والمعراج]

- ‌1- فقيل: كان الإسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة

- ‌2- وقيل: كان بعد المبعث بخمس سنين

- ‌3- وقيل: كان ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 10 من النبوة

- ‌4- وقيل: قبل الهجرة بستة عشر شهرا

- ‌5- وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين

- ‌6- وقيل: قبل الهجرة بسنة

- ‌بيعة العقبة الأولى

- ‌سفير الإسلام في المدينة

- ‌النجاح المغتبط

- ‌بيعة العقبة الثانية

- ‌بداية المحادثة وتشريح العباس لخطورة المسؤولية

- ‌بنود البيعة

- ‌التأكيد من خطورة البيعة

- ‌عقد البيعة

- ‌اثنا عشر نقيبا

- ‌نقباء الخزرج

- ‌نقباء الأوس

- ‌شيطان يكتشف المعاهدة

- ‌استعداد الأنصار لضرب قريش

- ‌قريش تقدم الإحتجاج إلى رؤساء يثرب

- ‌تأكد الخبر لدى قريش ومطاردة المبايعين

- ‌طلائع الهجرة

- ‌في دار الندوة «برلمان قريش»

- ‌النقاش البرلماني والإجماع على قرار غاشم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تطويق منزل الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يغادر بيته

- ‌من الدار إلى الغار

- ‌إذ هما في الغار

- ‌في الطريق إلى المدينة

- ‌[2- الدور المدني] الحياة في المدينة

- ‌المرحلة الأولى الحالة الراهنة في المدينة عند الهجرة

- ‌بناء مجتمع جديد

- ‌بناء المسجد النبوي:

- ‌المؤاخاة بين المسلمين:

- ‌ميثاق التحالف الإسلامي:

- ‌أثر المعنويات في المجتمع:

- ‌معاهدة مع اليهود

- ‌بنود المعاهدة

- ‌الكفاح الدامي

- ‌استفزازات قريش ضد المسلمين بعد الهجرة واتصالهم بعبد الله بن أبي:

- ‌إعلان عزيمة الصد عن المسجد الحرام

- ‌قريش تهدد المهاجرين

- ‌الإذن بالقتال

- ‌الغزوات والسرايا قبل بدر

- ‌1- سرية سيف البحر

- ‌2- سرية رابغ

- ‌3- سرية الخرّار

- ‌4- غزوة الأبواء أو ودان

- ‌5- غزوة بواط

- ‌6- غزوة سفوان

- ‌7- غزوة ذي العشيرة

- ‌8- سرية نخلة

- ‌غزوة بدر الكبرى

- ‌سبب الغزوة

- ‌مبلغ قوة الجيش الإسلامي وتوزيع القيادات

- ‌الجيش الإسلامي يتحرك نحو بدر

- ‌النذير في مكة

- ‌أهل مكة يتجهزون للغزو

- ‌قوام الجيش المكي

- ‌مشكلة قبائل بني بكر

- ‌جيش مكة يتحرك

- ‌العير تفلت

- ‌هم الجيش المكي بالرجوع ووقوع الإنشقاق فيه

- ‌حراجة موقف الجيش الإسلامي

- ‌المجلس الإستشاري

- ‌الجيش الإسلامي يواصل سيره

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بعملية الإستكشاف

- ‌الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي

- ‌نزول المطر

- ‌الجيش الإسلامي يسبق إلى أهم المراكز العسكرية

- ‌مقر القيادة

- ‌تعبئة الجيش وقضاء الليل

- ‌الجيش المكي في عرصة القتال ووقوع الإنشقاق فيه

- ‌الجيشان يتراآن:

- ‌ساعة الصفر وأول وقود المعركة:

- ‌المبارزة:

- ‌الهجوم العام:

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يناشد ربه:

- ‌نزول الملائكة:

- ‌الهجوم المضاد:

- ‌إبليس ينسحب عن ميدان القتال:

- ‌الهزيمة الساحقة:

- ‌صمود أبي جهل:

- ‌مصرع أبي جهل:

- ‌من روائع الإيمان في هذه المعركة:

- ‌قتلى الفريقين:

- ‌مكة تتلقى نبأ الهزيمة:

- ‌المدينة تتلقى أنباء النصر:

- ‌الجيش النبوي يتحرك نحو المدينة:

- ‌وفود التهنئة:

- ‌قضية الأسارى:

- ‌القرآن يتحدث حول موضوع المعركة:

- ‌النشاط العسكري بين بدر وأحد

- ‌غزوة بني سليم بالكدر

- ‌مؤامرة لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة بني قينقاع

- ‌نموذج من مكيدة اليهود

- ‌بنو قينقاع ينقضون العهد

- ‌الحصار ثم التسليم ثم الجلاء

- ‌غزوة السويق

- ‌غزوة ذي أمر

- ‌قتل كعب بن الأشرف

- ‌غزوة بحران

- ‌سرية زيد بن حارثة

- ‌غزوة أحد

- ‌استعداد قريش لمعركة ناقمة

- ‌قوام جيش قريش وقيادته

- ‌جيش مكة يتحرك

- ‌الإستخبارات النبوية تكشف حركة العدو

- ‌استعداد المسلمين للطوارئ:

- ‌الجيش المكي إلى أسوار المدينة:

- ‌المجلس الإستشاري لأخذ خطة الدفاع:

- ‌تكتيب الجيش الإسلامي وخروجه إلى ساحة القتال:

- ‌استعراض الجيش:

- ‌المبيت بين أحد والمدينة:

- ‌تمرد عبد الله بن أبيّ وأصحابه:

- ‌بقية الجيش الإسلامي إلى أحد:

- ‌خطة الدفاع:

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم ينفث روح البسالة في الجيش:

- ‌تعبئة الجيش المكي:

- ‌مناورات سياسية من قبل قريش:

- ‌جهود نسوة قريش في التحميس:

- ‌أول وقود المعركة:

- ‌ثقل المعركة حول اللواء وإبادة حملته:

- ‌القتال في بقية النقاط:

- ‌مصرع أسد الله حمزة بن عبد المطلب

- ‌السيطرة على الموقف

- ‌من أحضان المرأة إلى مقارعة السيوف والدرقة

- ‌نصيب فصيلة الرماة في المعركة:

- ‌الهزيمة تنزل بالمشركين:

- ‌غلطة الرماة الفظيعة:

- ‌خالد بن الوليد يقوم بخطة تطويق الجيش الإسلامي:

- ‌موقف الرسول الباسل إزاء عمل التطويق:

- ‌تبدد المسلمين في الموقف

- ‌إحتدام القتال حول رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أحرج ساعة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌بداية تجمع الصحابة حول الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تضاعف ضغط المشركين

- ‌البطولات النادرة

- ‌إشاعة مقتل النبيّ صلى الله عليه وسلم وأثره على المعركة

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يواصل المعركة وينقذ الموقف

- ‌مقتل أبيّ بن خلف

- ‌طلحة ينهض بالنبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌آخر هجوم قام به المشركون

- ‌تشويه الشهداء

- ‌مدى استعداد أبطال المسلمين للقتال حتى نهاية المعركة

- ‌بعد انتهاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الشعب

- ‌شماتة أبي سفيان بعد نهاية المعركة وحديثه مع عمر

- ‌مواعدة التلاقي في بدر

- ‌التثبت من موقف المشركين

- ‌تفقد القتلى والجرحى

- ‌جمع الشهداء ودفنهم

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يثني على ربه عز وجل ويدعوه

- ‌الرجوع إلى المدينة، ونوادر الحب والتفاني

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌قتلى الفريقين

- ‌حالة الطوارئ في المدينة

- ‌غزوة حمراء الأسد

- ‌القرآن يتحدث حول موضوع المعركة

- ‌الحكم والغايات المحمودة في هذه الغزوة

- ‌السرايا والبعوث بين أحد والأحزاب

- ‌سرية أبي سلمة

- ‌بعث عبد الله بن أنيس

- ‌بعث الرجيع

- ‌مأساة بئر معونة

- ‌غزوة بني النضير

- ‌غزوة نجد

- ‌غزوة بدر الثانية

- ‌غزوة دومة الجندل

- ‌غزوة الأحزاب

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌النشاط العسكري بعد هذه الغزوة

- ‌مقتل سلام بن أبي الحقيق

- ‌سرية محمد بن مسلمة

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌متابعة البعوث والسرايا

- ‌1- سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر

- ‌2- سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة

- ‌3- سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة

- ‌4- سرية زيد بن حارثة إلى الجموم

- ‌5- سرية زيد أيضا إلى العيص

- ‌6- سرية زيد أيضا إلى الطرف أو الطرق

- ‌7- سرية زيد أيضا إلى وادي القرى

- ‌8- سرية الخبط

- ‌غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع

- ‌دور المنافقين قبل غزوة بني المصطلق

- ‌دور المنافقين في غزوة بني مصطلق

- ‌1- قول المنافقين: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل

- ‌2- حديث الإفك

- ‌البعوث والسرايا بعد غزوة المريسيع

- ‌1- سرية عبد الرحمن بن عوف إلى ديار بني كلب بدومة الجندل

- ‌2- سرية علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك

- ‌3- سرية أبي بكر الصديق أو زيد بن حارثة إلى وادي القرى

- ‌وقعة الحديبية في ذي القعدة سنة 6 ه

- ‌سبب عمرة الحديبية

- ‌استنفار المسلمين

- ‌المسلمون يتحركون إلى مكة

- ‌محاولة قريش صد المسلمين عن البيت

- ‌تبديل الطريق ومحاولة الإجتناب عن اللقاء الدامي

- ‌بديل يتوسط بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش

- ‌رسل قريش

- ‌هو الذي كف أيديهم عنكم

- ‌عثمان بن عفان سفيرا إلى قريش

- ‌إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان

- ‌إبرام الصلح وبنوده

- ‌رد أبي جندل

- ‌النحر والحلق للحل عن العمرة

- ‌الإباء عن رد المهاجرات

- ‌ماذا يتمخض عن بنود المعاهدة

- ‌حزن المسلمين ومناقشة عمر مع النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌انحلت أزمة المستضعفين

- ‌إسلام أبطال من قريش

- ‌المرحلة الثانية طور جديد

- ‌مكاتبة الملوك والأمراء

- ‌1- الكتاب إلى النجاشي ملك الحبشة

- ‌2- الكتاب إلى المقوقس ملك مصر

- ‌3- الكتاب إلى كسرى ملك فارس

- ‌4- الكتاب إلى قيصر ملك الروم

- ‌5- الكتاب إلى المنذر بن ساوي

- ‌6- الكتاب إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة

- ‌7- الكتاب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق

- ‌8- الكتاب إلى ملك عمان

- ‌النشاط العسكري بعد صلح الحديبية

- ‌غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد

- ‌غزوة خيبر ووادي القرى

- ‌سبب الغزوة

- ‌الخروج إلى خيبر

- ‌عدد الجيش الإسلامي

- ‌اتصال المنافقين باليهود

- ‌الطريق إلى خيبر

- ‌بعض ما وقع في الطريق

- ‌الجيش الإسلامي إلى أسوار خيبر

- ‌التهيؤ للقتال وحصون خيبر

- ‌بدء المعركة وفتح حصن ناعم

- ‌فتح حصن الصعب بن معاذ

- ‌فتح قلعة الزبير

- ‌فتح قلعة أبي

- ‌فتح حصن النزار

- ‌فتح الشطر الثاني من خيبر

- ‌ المفاوضة

- ‌قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهد

- ‌قسمة الغنائم

- ‌قدوم جعفر بن أبي طالب والأشعرين

- ‌الزواج بصفية

- ‌أمر الشاة المسمومة

- ‌قتلى الفريقين في معارك خيبر

- ‌فدك

- ‌وادي القرى

- ‌تيماء

- ‌العود إلى المدينة

- ‌سرية أبان بن سعيد

- ‌بقية السرايا والغزوات في السنة السابعة

- ‌غزوة ذات الرقاع

- ‌[سرايا النبي ص في السنة السابعة]

- ‌1- سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح بقديد

- ‌2- سرية حسمي

- ‌3- سرية عمر بن الخطاب إلى تربة

- ‌4- سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بناحية فدك

- ‌5- سرية غالب بن عبد الله الليثي

- ‌6- سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر

- ‌7- سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن وجبار

- ‌8- سرية أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة

- ‌عمرة القضاء

- ‌[سرايا النبي ص بعد عمرة القضاء]

- ‌1- سرية ابن أبي العوجاء

- ‌2- سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك

- ‌3- سرية ذات أطلح

- ‌4- سرية ذات عرق إلى بني هوازن

- ‌معركة مؤتة

- ‌سبب المعركة

- ‌أمراء الجيش ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم

- ‌توديع الجيش الإسلامي وبكاء عبد الله بن رواحة

- ‌تحرك الجيش الإسلامي، ومباغتته حالة رهيبة

- ‌المجلس الإستشاري بمعان

- ‌الجيش الإسلامي يتحرك نحو العدو

- ‌بداية القتال، وتناوب القواد

- ‌الراية إلى سيف من سيوف الله

- ‌نهاية المعركة

- ‌[القتال التراجعي]

- ‌قتلى الفريقين

- ‌أثر المعركة

- ‌سرية ذات السلاسل

- ‌سرية أبي قتادة إلى خضرة

- ‌غزوة فتح مكة

- ‌سبب الغزوة

- ‌أبو سفيان يخرج إلى المدينة ليجدد الصلح

- ‌التهيؤ للغزوة ومحاولة الإخفاء

- ‌الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة

- ‌الجيش الإسلامي ينزل بمر الظهران

- ‌أبو سفيان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الجيش الإسلامي يغادر مر الظهران إلى مكة

- ‌قريش تباغت زحف الجيش الإسلامي

- ‌الجيش الإسلامي بذي طوى

- ‌الجيش الإسلامي يدخل مكة

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد الحرام ويطهره من الأصنام

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي في الكعبة ثم يخطب أمام قريش

- ‌لا تثريب عليكم اليوم

- ‌مفتاح البيت إلى أهله

- ‌بلال يؤذن على الكعبة

- ‌صلاة الفتح أو صلاة الشكر

- ‌إهدار دماء رجال من أكابر المجرمين

- ‌إسلام صفوان بن أمية، وفضالة بن عمير

- ‌خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني من الفتح

- ‌تخوف الأنصار من بقاء الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة

- ‌أخذ البيعة

- ‌إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة، وعمله فيها

- ‌السرايا والبعوث

- ‌1- ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بعث خالد بن الوليد إلى العزى

- ‌2- ثم بعث عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى سواع

- ‌3- وفي نفس الشهر بعث سعد بن زيد الأشهلي في عشرين فارسا إلى مناة

- ‌4- ولما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان من نفس السنة (8 هـ) إلى بني جذيمة

- ‌المرحلة الثالثة

- ‌[1- صفحة المجاهدة والقتال

- ‌غزوة حنين

- ‌مسير العدو ونزوله بأوطاس

- ‌مجرب الحروب يغلط رأي القائد

- ‌سلاح استكشاف العدو

- ‌سلاح استكشاف رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يغادر مكة إلى حنين

- ‌الجيش الإسلامي يباغت الرماة والمهاجمين

- ‌رجوع المسلمين واحتدام المعركة

- ‌إنكسار حدة العدو، وهزيمته الساحقة

- ‌حركة المطاردة

- ‌ الغنائم

- ‌ غزوة الطائف

- ‌قسمة الغنائم بالجعرانة

- ‌الأنصار تجد على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌قدوم وفد هوازن

- ‌العمرة والإنصراف إلى المدينة

- ‌البعوث والسرايا بعد الرجوع من غزوة الفتح

- ‌المصدقون

- ‌السرايا

- ‌1- سرية عيينة بن حصن الفزاري

- ‌2- سرية قطبة بن عامر إلى حي من خثعم

- ‌3- سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب

- ‌4- سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى سواحل جدة

- ‌5- سرية علي بن أبي طالب إلى صنم لطيء. يقال له القلس

- ‌غزوة تبوك

- ‌سبب الغزوة

- ‌الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان

- ‌الأخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان

- ‌زيادة خطورة الموقف

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر القيام بإقدام حاسم

- ‌الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان

- ‌المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو

- ‌الجيش الإسلامي إلى تبوك

- ‌الجيش الإسلامي بتبوك

- ‌الرجوع إلى المدينة

- ‌المخلفون

- ‌أثر الغزوة

- ‌نزول القرآن حول موضوع الغزوة

- ‌بعض الوقائع المهمة في هذه السنة

- ‌حج أبي بكر رضي الله عنه

- ‌نظرة على الغزوات

- ‌[2- صفحة تسابق الشعوب والقبائل إلى اعتناق الإسلام

- ‌الناس يدخلون في دين الله أفواجا

- ‌ الوفود

- ‌1- وفد عبد القيس

- ‌2- وفد دوس

- ‌3- رسول فروة بن عمرو الجذامي

- ‌4- وفد صداء

- ‌5- قدوم كعب بن زهير بن أبي سلمى

- ‌6- وفد عذرة

- ‌7- وفد بلي

- ‌8- وفد ثقيف

- ‌9- رسالة ملوك اليمن

- ‌10- وفد همدان

- ‌11- وفد بني فزارة

- ‌12- وفد نجران

- ‌13- وفد بني حنيفة

- ‌14- وفد بني عامر بن صعصعة

- ‌15- وفد تجيب

- ‌16- وفد طيء

- ‌نجاح الدعوة وأثرها

- ‌حجة الوداع

- ‌آخر البعوث

- ‌إلى الرفيق الأعلى

- ‌طلائع التوديع

- ‌بداية المرض

- ‌الأسبوع الأخير

- ‌قبل الوفاة بخمسة أيام

- ‌قبل أربعة أيام

- ‌‌‌قبل يومأو يومين

- ‌قبل يوم

- ‌آخر يوم من الحياة

- ‌الاحتضار

- ‌تفاقم الأحزان على الصحابة

- ‌موقف عمر

- ‌موقف أبي بكر

- ‌التجهيز وتوديع الجسد الشريف إلى الأرض

- ‌البيت النبوي

- ‌1- كان البيت النبوي في مكة قبل الهجرة يتألف منه عليه الصلاة والسلام، ومن زوجته خديجة بنت خويلد

- ‌2- سودة بنت زمعة

- ‌3- عائشة بنت أبي بكر الصديق

- ‌4- حفصة بنت عمر بن الخطاب

- ‌5- زينب بنت خزيمة من بني هلال بن عامر بن صعصعة

- ‌6- أم سلمة هند بنت أبي أمية

- ‌7- زينب بنت جحش بن رباب من بني أسد بن خزيمة

- ‌8- جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق من خزاعة

- ‌9- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان

- ‌10- صفية بنت حيي بن أخطب من بني إسرائيل

- ‌11- ميمونة بنت الحارث

- ‌الصفات والأخلاق

- ‌جمال الخلق

- ‌كمال النفس ومكارم الأخلاق

الفصل: ‌ ‌غزوة الأحزاب عاد السلام والأمن، وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعثات

‌غزوة الأحزاب

عاد السلام والأمن، وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعثات التي استغرقت أكثر من سنة كاملة، إلا أن اليهود- الذين كانوا قد ذاقوا ألوانا من الذلة والهوان نتيجة غدرهم وخيانتهم ومؤامراتهم ودسائسهم- لم يفيقوا من غيهم، ولم يستكينوا ولم يتعظوا بما أصابهم نتيجة الغدر والتامر، فبعد نفيهم إلى خيبر ظلوا ينتظرون ما يحل بالمسلمين نتيجة المناوشات التي كانت قائمة بين المسلمين والوثنيين. ولما تحول مجرى الأيام لصالح المسلمين، وتمخضت الليالي والأيام عن بسط نفوذهم، وتوطد سلطانهم، تحرق هؤلاء اليهود أي تحرق.

وشرعوا في التامر من جديد على المسلمين، وأخذوا يعدون العدة، لتهيئة ضربة إلى المسلمين تكون قاتلة لا حياة بعدها. ولما لم يكونوا يجدون في أنفسهم جرأة على مناورة المسلمين مباشرة، خططوا لهذا الغرض خطة رهيبة.

خرج عشرون رجلا من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يحرضونهم على غزو الرسول صلى الله عليه وسلم، ويوالونهم عليه، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، فأجابتهم قريش، وقريش قد أخلفت وعدها في الخروج إلى بدر، فرأت في ذلك إنقاذ سمعتها والبر بكلمتها.

ثم خرج هذا الوفد إلى غطفان، فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشا، فاستجابوا لذلك، ثم طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك، فاستجاب له من استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبيّ صلى الله عليه وسلم ودعوته والمسلمين.

وفعلا خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة- وقائدهم أبو سفيان- في أربعة آلاف، ووافاهم بنو سليم بمر الظهران، وخرجت من الشرق قبائل غطفان: بنو فزارة، يقودهم عيينة بن حصن، وبنو مرة، يقودهم الحارث بن عوف، وبنو أشجع يقودهم مسعر بن رخيلة كما خرجت بنو أسد وغيرها.

ص: 275

واتجهت هذه الأحزاب، وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه.

وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عرمرم يبلغ عدده عشرة آلاف مقاتل، جيش ربما يزيد عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ.

ولو بلغت هذه الأحزاب المحزبة والجنود المجندة إلى أسوار المدينة بغتة لكانت أعظم خطر على كيان المسلمين مما يقاس، ربما تبلغ إلى استئصال الشأفة وإبادة الخضراء، ولكن قيادة المدينة كانت قيادة متيقظة، لم تزل واضعة أناملها على العروق النابضة، تتجسس الظروف، وتقدر ما يتمخض عن مجراها، فلم تكد تتحرك هذه الجيوش عن مواضعها حتى نقلت استخبارات المدينة إلى قيادتها فيها بهذا الزحف الخطير.

وسارع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عقد مجلس استشاري أعلى، تناول فيه موضوع خطة الدفاع عن كيان المدينة، وبعد مناقشات جرت بين القادة وأهل الشورى، اتفقوا على قرار قدمه الصحابي النبيل سلمان الفارسي رضي الله عنه. قال سلمان: يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا- وكانت خطة حكيمة لم تكن تعرفها العرب قبل ذلك-.

وأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تنفيذ هذه الخطة، فوكل إلى كل عشرة رجال أن يحفروا من الخندق أربعين ذراعا.

وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحثهم ويساهمهم في عملهم هذا، ففي البخاري عن سهل بن سعد، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق، وهم يحفرون، ونحن ننقل التراب على أكتادنا «1» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة

فاغفر للمهاجرين والأنصار «2»

وعن أنس: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرين والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم. فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:

اللهم إن العيش عيش الآخرة

فاغفر للأنصار والمهاجرة

فقالوا مجيبين له:

(1) أكتادنا: بالمثناة جمع كتد وهو ما بين الكاهل إلى الظهر.

(2)

صحيح البخاري باب غزوة الخندق 2/ 588.

ص: 277

نحن الذين بايعوا محمدا

على الجهاد ما بقينا أبدا «1»

وفيه عن البراء بن عازب قال: رأيته صلى الله عليه وسلم ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التراب، ويقول:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا

وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الألى قد بغوا علينا

وإن أرادوا فتنة أبينا

قال: ثم يمد بها صوته باخرها، وفي رواية:

إن الألى قد بغوا علينا

وإن أرادوا فتنة أبينا «2»

كان المسلمون يعملون بهذا النشاط وهم يقاسون من شدة الجوع، ما يفتت الأكباد قال أنس:(كان أهل الخندق) يؤتون بملء كفي من الشعير، فيصنع لهم بإهالة سنخة «3» توضع بين يدي القوم، والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق ولها ريح منتن.

وقال أبو طلحة: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجرين «4» .

وبهذه المناسبة وقع في حفر الخندق آيات من أعلام النبوة، رأى جابر بن عبد الله في النبي صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فذبح بهيمة وطحنت امرأته صاعا من شعير ثم التمس من رسول الله صلى الله عليه وسلم سرا أن يأتي في نفر من أصحابه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بجميع أهل الخندق، وهم ألف فأكلوا من ذلك الطعام وشبعوا، وبقيت برمة اللحم تغط به كما هي، وبقي العجين يخبز كما هو «5» . وجاءت أخت النعمان بن بشير بحفنة من تمر إلى الخندق ليتغدى أبوه وخاله، فمرت برسول الله صلى الله عليه وسلم فطلب منها التمر وبدده فوق ثوب، ثم دعا أهل الخندق فجعلوا يأكلون منه. وجعل التمر يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه يسقط من أطراف الثوب «6» .

(1) نفس المصدر.

(2)

نفس المصدر 2/ 589.

(3)

نفس المصدر 2/ 588. والإهالة: الدهن الذي يؤتدم به سواء كان زيتا أو سمنا أو شحما سنخة: أي تغير طعمها ولونها من قدمها.

(4)

رواه الترمذي مشكاة المصابيح 2/ 448.

(5)

روى ذلك البخاري 2/ 588، 589.

(6)

ابن هشام 2/ 218.

ص: 278

وأعظم من هذين ما رواه البخاري عن جابر قال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر- ولبثنا ثلاثة لا نذوق ذواقا- فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول، فضرب فعاد كثيبا أهيل أو أهيم «1» ، أي صار رملا لا يتماسك.

وقال البراء: لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء وأخذ المعول فقال:«بسم الله ثم ضرب ضربة، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصار قصر المدائن الأبيض الآن، ثم ضرب الثالثة، فقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصار أبواب صنعاء من مكاني «2» » .

وروى ابن إسحاق مثل ذلك عن سلمان الفارسي رضي الله عنه «3» .

ولما كانت المدينة تحيط بها الحرات والجبال وبساتين من النخيل من كل جانب سوى الشمال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم كخبير عسكري حاذق أن زحف مثل هذا الجيش الكبير، ومهاجمة المدينة- لا يمكن إلا من جهة الشمال، اتخذ الخندق في هذا الجانب.

وواصل المسلمون عملهم في حفره، فكانوا يحفرونه طول النهار، ويرجعون إلى أهليهم في المساء، حتى تكامل الخندق حسب الخطة المنشودة، قبل أن يصل الجيش الوثني العرمرم إلى أسوار المدينة «4» .

وأقبلت قريش في أربعة آلاف، حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزعابة، وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد في ستة آلاف حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أحد.

وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا: هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً [الأحزاب: 22] .

وأما المنافقون وضعفاء النفوس فقد تزعزعت قلوبهم لرؤية هذا الجيش وَإِذْ يَقُولُ

(1) صحيح البخاري 2/ 588.

(2)

سنن النسائي 2/ 56، وأحمد في مسنده واللفظ ليس للنسائي، وفيه عن رجل من الصحابة.

(3)

ابن هشام 2/ 219.

(4)

نفس المصدر 3/ 330، 331.

ص: 279

الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً [الأحزاب: 12] .

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين، فجعلوا ظهورهم إلى جبل سلع فتحصنوا به، والخندق بينهم وبين الكفار. وكان شعارهم: «هم لا ينصرون؛ واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وأمر بالنساء والذراري فجعلوا في آطام المدينة.

ولما أراد المشركون مهاجمة المسلمين واقتحام المدينة، وجدوا خندقا عريضا يحول بينهم وبينها، فالتجأوا إلى فرض الحصار على المسلمين، بينما لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من ديارهم، إذ كانت هذه الخطة- كما قالوا- مكيدة ما عرفتها العرب، فلم يكونوا أدخلوها في حسابهم رأسا.

وأخذ المشركون يدورون حول الخندق غضابا، يتحسسون نقطة ضعيفة، لينحدروا منها، وأخذ المسلمون يتطلعون إلى جولات المشركين، يرشقونهم بالنبل، حتى لا يجترئوا على الإقتراب منه، ولا يستطيعوا أن يقتحموه، أو يهيلوا عليه التراب، ليبنوا به طريقا يمكنهم من العبور.

وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق من غير جدوى في ترقب نتائج الحصار، فإن ذلك لم يكن من شيمهم، فخرجت منها جماعة فيها عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وغيرهم، فتيمموا مكانا ضيقا من الخندق فاقتحموه، وجالت بهم خيلهم في السبخة بين الخندق وسلع، وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم، ودعا عمرو إلى المبارزة، فانتدب له علي بن أبي طالب، وقال كلمة حمي لأجلها- وكان من شجعان المشركين وأبطالهم- فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على عليّ، فتجاولا وتصاولا، حتى قتله علي رضي الله عنه، وانهزم الباقون حتى اقتحموا من الخندق هاربين، وقد بلغ بهم الرعب إلى أن ترك عكرمة رمحه وهو منهزم عن عمرو.

وقد حاول المشركون في بعض الأيام محاولة بليغة، لاقتحام الخندق، أو لبناء الطرق فيها، ولكن المسلمين كافحوا مكافحة مجيدة، ورشقوهم بالنبل وناضلوهم أشد النضال حتى فشل المشركون في محاولتهم.

ولأجل الاشتغال بمثل هذه المكافحة الشديدة فات بعض الصلوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق، فجعل يسب كفار قريش. فقال: يا رسول الله ما كدت أن أصلي حتى

ص: 280

كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا والله ما صليتها، فنزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بطحان، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب «1» .

وقد استاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لفوات هذه الصلاة حتى دعا على المشركين، ففي البخاري عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الخندق:«ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» «2» .

وفي مسند أحمد والشافعي أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فصلاهن جميعا. قال النووي: وطريق الجمع بين هذه الروايات أن وقعة الخندق بقيت أياما فكان هذا في بعض الأيام، وهذا في بعضها. انتهى «3» .

ومن هنا يؤخذ أن محاولة العبور من المشركين، والمكافحة المتواصلة من المسلمين دامت أياما، إلا أن الخندق لما كان حائلا بين الجيشين لم يجر بينهما قتال مباشر وحرب دامية، بل اقتصروا على المراماة والمناضلة.

وفي هذه المراماة قتل رجال من الجيشين، يعدون على الأصابع ستة من المسلمين وعشرة من المشركين، بينما كان قتل واحد أو اثنين منهم بالسيف.

وفي هذه المراماة رمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم فقطع منه الأكحل، رماه رجل من قريش يقال له حبان العرقة، فدعا سعد: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إليّ أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني لهم، حتى أجاهدهم فيك، وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي فيها «4» . وقال في آخر دعائه: ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة «5» .

وبينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت أفاعي الدس والتامر تتقلب في جحورها، تريد إيصال السم داخل أجسادهم. انطلق كبير مجرمي بني

(1) صحيح البخاري 2/ 590.

(2)

نفس المصدر.

(3)

مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص 287، وشرح مسلم للنووي 1/ 227.

(4)

صحيح البخاري 3/ 591.

«5»

ص: 282

النضير إلى ديار بني قريظة، فأتى كعب بن أسد القرظي- سيد بني قريظة، وصاحب عقدهم وعهدهم، وكان قد عاقد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينصره إذا أصابته حرب كما تقدم- فضرب عليه حيي الباب، فأغلقه كعب دونه، فما زال يكلمه حتى فتح له بابه، فقال حيي: إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طام، جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رومة، وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمي إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على ألايبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه.

فقال له كعب: جئتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماؤه، فهو يرعد ويبرق، ليس فيه شيء، ويحك يا حيي! فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء.

فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب، حتى سمح له على أن أعطاه عهدا من الله وميثاقا: لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك، حتى يصيا بني ما أصابك، فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين، ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين «1» .

وفعلا قد قامت يهود بني قريظة بعمليات الحرب. قال ابن إسحاق: كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت، وكان حسان فيه مع النساء والصبيان، قالت صفية: فمر بنا رجل من يهود، فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة، وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في غور عدوهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا آت، قالت: فقلت يا حسان، إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأنزل إليه فاقتله. قال: والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت: فاحتجزت «2» ثم أخذت عمودا، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن، وقلت: يا حسان انزل إليه فاسلبه، فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل. قال: ما لي بسلبه من حاجة «3» .

(1) ابن هشام 2/ 220، 221.

(2)

احتجزت: شدة وسطها.

(3)

ابن هشام 2/ 228، يحمل هذا الحديث على أن حسانا كان جبانا، وقد دفع هذا بعض العلماء وأنكره، -

ص: 283

وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرسول صلى الله عليه وسلم أثر عميق في حفظ ذراري المسلمين ونسائهم، ويبدو أن اليهود ظنوا أن هذه الآطام والحصون في منعة من الجيش الإسلامي- مع أنها كانت خالية عنهم تماما- فلم يجترئوا مرة ثانية للقيام بمثل هذا العمل، إلا أنهم أخذوا يمدون الغزاة الوثنيين بالمؤن كدليل عملي على إنضمامهم إليهم ضد المسلمين، حتى أخذ المسلمون من مؤنهم عشرين جملا.

وانتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى المسلمين فبادر إلى تحقيقه، حتى يستجلي موقف قريظة، فيواجهه بما يجب من الوجهة العسكرية، وبعث لتحقيق الخبر السعدين:

سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وعبد الله بن رواحة، وخوات بن جبير، وقال:«انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه، ولا تفتوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس» . فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون، فقد جاهروهم بالسب والعداوة، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا:

من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد، ولا عقد. فانصرفوا عنهم، فلما أقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لحنوا له، وقالوا: عضل وقارة، أي أنهم على غدر، كغدر عضل وقارة بأصحاب الرجيع.

وعلى رغم محاولتهم إخفاء الحقيقة تفطن الناس لجلية الأمر، فتجسد أمامهم خطر رهيب.

وقد كان أحرج موقف يقفه المسلمون، فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء يمنعهم من ضربهم من الخلف، بينما كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الإنصراف، عنه، وكانت ذراريهم ونساؤهم بمقربة من هؤلاء الغادرين في غير منعة وحفظ، وصاروا كما يقول الله تعالى: وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً [الأحزاب: 10، 11] ونجم النفاق من بعض المنافقين، حتى قال: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط. وحتى قال بعض آخر في ملأ من رجال قومه: إن بيوتنا عورة من العدو، فأذن لنا أن نخرج، فنرجع إلى دارنا، فإنها خارج المدينة، وحتى همت بنو سلمة بالفشل وفي هؤلاء أنزل الله تعالى: وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي

- وذلك أن الحديث ينقطع الإسناد، ولو صح لهجي به حسان، وإن صح الحديث فربما كان حسان معتلا في ذلك اليوم، وهذا أولى ما تأول.

ص: 284

قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً. وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ: يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا، وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ: إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ، وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ، إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً [الأحزاب: 12، 13] .

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقنع بثوبه حين أتاه غدر قريظة، فاضطجع ومكث طويلا، حتى اشتد على الناس البلاء، ثم غلبته روح الأمل، فنهض يقول:«الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره» ثم أخذ يخطط لمجابهة الظرف الراهن، وكجزء من هذه الخطة كان يبعث الحرس إلى المدينة، لئلا يؤتى الذراري والنساء على غرة، ولكن كان لا بد من إقدام حاسم، يفضي إلى تخاذل الأحزاب، وتحقيقا لهذا الهدف أراد أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان على ثلث ثمار المدينة، حتى ينصرفا بقومهما، ويخلو المسلمون لإلحاق الهزيمة الساحقة العاجلة على قريش التي اختبروا مدى قوتها وبأسها مرارا، وجرت المراوضة على ذلك، فاستشار السعدين في ذلك، فقالا:

يا رسول الله إن كان الله أمرك بهذا فسمعا وطاعة، وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعا، فحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزنا بك نعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف، فصوّب رأيهما وقال:«إنما هو شيء أصنعه لكم، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة» .

ثم إن الله عز وجل وله الحمد- صنع أمرا من عنده خذل به العدو، وهزم جموعهم، وفل حدهم، فكان مما هيأ من ذلك أن رجلا من غطفان يقال له نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي- رضي الله عنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني ما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة» فذهب من فوره إلى بني قريظة- وكان عشيرا لهم في الجاهلية- فدخل عليهم وقال: قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت. قال: فإن قريشا ليسوا مثلكم، البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريشا وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فإن أصابوا فرصة إنتهزوها، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمدا فانتقم منكم، قالوا فما العمل يا نعيم؟

قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن. قالوا: لقد أشرت بالرأي.

ص: 285

ثم مضى نعيم على وجهه إلى قريش، وقال لهم: تعلمون ودي لكم ونصحي لكم؟

قالوا: نعم، قال: إن يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يوالونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم، ثم ذهب إلى غطفان، فقال لهم مثل ذلك.

فلما كان ليلة السبت من شوال- سنة 5 هـ- بعثوا إلى يهود: إنا لسنا بأرض مقام، وقد هلك الكراع والخف، فانهضوا بنا حتى نناجز محمدا، فأرسل إليهم اليهود إن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن. فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان: صدقكم والله نعيم، فبعثوا إلى يهود: إنا والله لا نرسل إليكم أحدا، فاخرجوا معنا حتى نناجز محمدا.

فقالت قريظة: صدقكم والله نعيم. فتخاذل الفريقان، ودبت الفرقة بين صفوفهم، وخارت عزائمهم.

وكان المسلمون يدعون الله تعالى: «اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا» ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب، فقال:«اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، إهزم الأحزاب، اللهم أهزمهم وزلزلهم» «1» .

وقد سمع الله دعاء رسوله والمسلمين، فبعد أن دبت الفرقة في صفوف المشركين، وسرى بينهم التخاذل، أرسل الله عليهم جندا من الريح، فجعلت تقوض خيامهم، ولا تدع لهم قدرا إلا كفأتها، ولا طنبا إلا قلعته، ولا يقر لهم قرار، وأرسل جندا من الملائكة يزلزلونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف.

وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة الباردة القارسة حذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم، فوجدهم على هذه الحال، وقد تهيأوا للرحيل، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره برحيل القوم، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رد الله عدوه بغيظه لم ينالوا خيرا، وكفاه الله قتالهم، فصدق وعده وأعز جنده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، فرجع إلى المدينة.

وكانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين، وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين شهرا أو نحو شهر، ويبدو بعد الجمع بين

(1) صحيح البخاري كتاب الجهاد 1/ 411، وكتاب المغازي 2/ 590.

ص: 286

المصادر أن بداية فرض الحصار كانت في شوال، ونهايته في ذي القعدة، وعند ابن سعد أن انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق كان يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة.

إن معركة الأحزاب لم تكن معركة خسائر؛ بل كانت معركة أعصاب، لم يجر فيها قتال مرير، إلا أنها كانت من أحسم المعارك في تاريخ الإسلام، تمخضت عن تخاذل المشركين، وأفادت أن أية قوة من قوات العرب لا تستطيع إستئصال القوة الصغيرة التي تنمو في المدينة، لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوى مما أتت به في الأحزاب، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجلى الله الأحزاب:«الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم» «1» .

(1) صحيح البخاري 2/ 590.

ص: 287