الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لها: أتشهدان أني رسول الله؟ فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «آمنت بالله ورسوله. لو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما «1» » .
كان ادعاء مسيلمة النبوة سنة عشر، وقتل في حرب اليمامة في عهد أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه في ربيع الأول سنة 12 هـ، قتله وحشي قاتل حمزة. وأما المتنبىء الثاني، وهو الأسود العنسي الذي كان باليمن، فقتله فيروز، واحتز رأسه قبل وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة، فأتاه الوحي فأخبر به أصحابه، ثم جاء الخبر من اليمن إلى أبي بكر رضي الله عنه «2» .
14- وفد بني عامر بن صعصعة
- كان فيهم عامر بن الطفيل عدو الله وأربد بن قيس- أخو لبيد لأمه- وخالد بن جعفر، وجبار بن أسلم، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم، وكان عامر هو الذي غدر بأصحاب بئر معونة، فلما أراد هذا الوفد أن يقدم المدينة تامر عامر وأربد، واتفقا على الفتك بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما جاء الوفد جعل عامر يكلم النبيّ صلى الله عليه وسلم، ودار أربد خلفه، واخترط سيفه شبرا، ثم حبس الله يده فلم يقدر على سله، وعصم الله نبيه، ودعا عليهما النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما رجعا أرسل الله على أربد وجمله صاعقة فأحرقته، وأما عامر فنزل على امرأة سلولية، فأصيب بغدة في عنقه فمات وهو يقول: أغدة كغدة البعير، وموتا في بيت السلولية.
وفي صحيح البخاري: أن عامرا أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أخيرك بين خصال ثلاث:
يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء، فطعن في بيت امرأة، فقال: أغدة كغدة البعير، في بيت امرأة من بني فلان، إيتوني بفرسي. فركب، فمات على فرسه.
15- وفد تجيب
- قدم هذا الوفد بصدقات قومه مما فضل عن فقرائهم وكان الوفد ثلاثة عشر رجلا، وكانوا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء فكتب لهم بها، ولم يطيلوا الليث، ولما أجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوا إليه غلاما كانوا خلفوه في رحالهم، فجاء الغلام، وقال: والله ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي ويرحمني، وأن يجعل غناي في قلبي، فدعا له بذلك، فكان أقنع الناس، وثبت في الردة على الإسلام، وذكر قومه؛ ووعظهم فثبتوا عليه، والتقى أهل الوفد بالنبيّ صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في حجة الوداع سنة 10 هـ.
16- وفد طيء
- قدم هذا الوفد وفيهم زيد الخيل، فلما كلموا النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعرض
(1) رواه الإمام أحمد، مشكاة المصابيح 2/ 347.
(2)
فتح الباري 8/ 93.
عليهم السلام أسلموا وحسن إسلامهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد: ما ذكر لي رجل من لعرب بفضل، ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه، إلا زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما فيه، وسماه زيد الخير.
وهكذا تتابعت الوفود إلى المدينة في سنتي تسع وعشر، وقد ذكر أهل المغازي والسير منها وفود أهل اليمن، والأزد وبني سعد هذيم من قضاعة، وبني عامر بن قيس، وبني أسد، وبهراء، وخولان، ومحارب، وبني الحارث بن كعب، وغامد، وبني المنتفق، وسلامان، وبني عبس، ومزينة، ومراد، وزبيد، وكندة، وذي مرة، وغسان، وبني عيش، ونخع- وهو آخر الوفود، توافد في منتصف محرم سنة 11 هـ في مائتي رجل- وكانت وفادة الأغلبية من هذه الوفود سنة 9 و 10 هـ، وقد تأخرت وفادة بعضها إلى سنة 11 هـ.
وتتابع هذه الوفود يدل على مدى ما نالت الدعوة الإسلامية من القبول التام، وبسط السيطرة والنفوذ على أنحاء جزيرة العرب وأرجائها، وأن العرب كانت تنظر إلى المدينة بنظر التقدير والإجلال، حتى لم تكن ترى محيصا عن الإستسلام أمامها، فقد صارت المدينة عاصمة لجزيرة العرب، لا يمكن صرف النظر عنها، إلا أننا لا يمكن لنا القول بأن الدين قد تمكن من أنفس هؤلاء بأسرهم؛ لأنه كان وسطهم كثير من الأعراب الجفاة الذين أسلموا تبعا لسادتهم، ولم تكن أنفسهم قد خلصت بعد ما تأصل فيها من الميل إلى الغارات، ولم تكن تعاليم الإسلام قد هذبت أنفسهم تمام التهذيب، وقد وصف القرآن بعضهم بقوله في سورة التوبة: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ، عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ. وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة: 97، 98] وأثنى على آخرين منهم فقال:
وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ، أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ، سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة: 99] .
أما الحاضرون منهم في مكة والمدينة وثقيف، وكثير من اليمن والبحرين؛ فقد كان الإسلام فيهم قويا، ومنهم كبار الصحابة وسادات المسلمين «1» .
(1) كلمة للخضري في محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية 1/ 144. وانظر في تفاصيل الوفود إلى ذكرناها أو أشرنا إليها، صحيح البخاري 1/ 13، 2/ 626، 627، 628، 629، 630، وابن هشام 2/ 501، 502، 503، 510، 511، 512، 513، 514، 537، 538، 539، 540، 541، 542، 560 إلى 601، وزاد المعاد 3/ 26 إلى 60، وفتح الباري 8/ 83 إلى 103 ورحمة للعالمين 1/ 184 إلى 217.