المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ٣

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث ذِي الْحجَّة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي رَابِع عشريه)

- ‌(سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت ثَمَانِي عشرى شَوَّال)

- ‌(سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر رَمَضَان)

- ‌(وَفِي سَابِع عشره)

- ‌(فِي ثامن الْمحرم)

- ‌(سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي خَامِس رَمَضَان)

- ‌(وَفِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة)

- ‌(وَفِي ثَانِي عشرى رَمَضَان)

- ‌(سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ تاسعه)

- ‌(سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت تَاسِع عشره)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت حادي عشرَة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره)

- ‌(وَفِي هده السّنة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشريه)

- ‌(وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس ذِي الْقعدَة)

- ‌(سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشريه)

الفصل: ‌(سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة)

(سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

أهل الْمحرم بِيَوْم الْأَحَد: فَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِيه: خلع على جَمِيع الْأُمَرَاء والمقدمين فِي الموكب بدار الْعدْل وَذَلِكَ أَن الْأُمَرَاء طلعوا بخلعهم الَّتِي فرقت عَلَيْهِم كَمَا تقدم وطلع الْقُضَاة فَاجْتمعُوا بدار الْعدْل. وَجلسَ الْخَلِيفَة الْحَاكِم بِأَمْر الله أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي الرّبيع سُلَيْمَان على الدرجَة الثَّالِثَة من تَحت السلطنة وَعَلِيهِ خلعة خضراء وَفَوق عمَامَته سَوْدَاء مرقومة. ثمَّ خرج السُّلْطَان من بَاب السِّرّ على الْعَادة فَقَامَ الْخَلِيفَة والقضاة وَمن كَانَ جَالِسا هُنَاكَ من الْأُمَرَاء. وَجلسَ السُّلْطَان على الدرجَة الأولى دون الْخَلِيفَة فَقَامَ الْخَلِيفَة وافتتح الخطة بقوله تَعَالَى: إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وإيتاء ذِي القربي وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْبَغي يعظكم لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ وأوفوا بِعَهْد الله إِذا عَاهَدَ وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان بعد توكيدها وَقد جعلتم الله عَلَيْكُم كَفِيلا إِن الله يعلم مَا ثفعلون. ثمَّ أوصى السُّلْطَان بالرفق بالرعية وَإِقَامَة الْحق وتعظيم شَعَائِر الْإِسْلَام ونصرة الدّين ثمَّ قَالَ: فوضت إِلَيْك جَمِيع أَحْكَام الْمُسلمين قلدتك مَا تقلدته من أُمُور الدّين ثمَّ تَلا قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا يبايعون الله يَد الله فَوق أَيْديهم فَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه وَمن أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله فسيؤتيه أجرا عَظِيما. وَجلسَ الْخَلِيفَة فجيء فِي الْحَال بخلعة سَوْدَاء فألبسها الْخَلِيفَة للسُّلْطَان بِيَدِهِ وقلده سَيْفا عَرَبيا. وَأخذ عَلَاء الدّين عَليّ بن فضل الله كَاتب السِّرّ فِي قِرَاءَة عهد الْخَلِيفَة للسُّلْطَان حَتَّى فرع مِنْهُ ثمَّ قدمه للخليفة فَكتب عَلَيْهِ ثمَّ كتب بعده الْقُضَاة بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ. ثمَّ قدم السماط فَأكل الْأُمَرَاء وانفضت الْخدمَة. وَفِي يَوْم الْخَمِيس خامسه: قدم الْأَمِير بيغرا من عِنْد أَمِير أَحْمد بن النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون وَقد حلف بِمَدِينَة الكرك لِأَخِيهِ السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور.

ص: 329

وَفِيه أنعم على الْأَمِير بيلك العلالي الساقي بإمرة البرواني وأنعم بعشرته على مغلطاي أَمِير شكار وأنعم على بزلار الساقي بطبلخاناة أَمِير حَاج ملك بن أيدغمش. وَفِي عصر يَوْم الْأَحَد ثامنه: قبض على أَمِير بشتاك الناصري وَذَلِكَ أَنه طلب أَن يسْتَقرّ فِي نِيَابَة الشَّام وَدخل على الْأَمِير قوصون وَسَأَلَهُ فِي ذَلِك وأعلمه أَن السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد كَانَ قبل مَوته وعده بهَا وألح بشتاك فِي سُؤَاله وقوصون يدافعه ويحتج عَلَيْهِ أَنه قد كتب إِلَى ألطنبغا الصَّالِحِي نَائِب الشَّام تقليداً باستقراره فِي نِيَابَة الشَّام على عَادَته فَلَا يَلِيق عَزله سَرِيعا. فَقَامَ بشتاك عَنهُ وَهُوَ غير رَاض فَإِنَّهُ كَانَ قد توهم من قوصون وخشي مِنْهُ لما كَانَ بَينهمَا قَدِيما من المنافرة وَلِأَنَّهُ قد صَار المتحكم فِي الدولة فَطلب أَن يخرج من مصر وَيبعد عَنهُ. فَلَمَّا لم يُوَافقهُ قوصون على ذَلِك سعى فِيهِ بخاصكية السُّلْطَان وَحمل إِلَيْهِم مَالا كثيرا فِي السِّرّ وَبعث إِلَى الْأُمَرَاء الْكِبَار يطْلب مِنْهُم المساعدة على قَصده فمازالوا بالسلطان حَتَّى أنعم لَهُ بنيابة الشَّام. وَطلب السُّلْطَان الْأَمِير قوصون وأعلمه بذلك فَلم يُوَافقهُ وغض من بشتاك وَأخر مَا قَرَّرَهُ مَعَ السُّلْطَان أَنه يحدث الْأُمَرَاء فِي ذَلِك ويعده بِأَنَّهُ يولي بشتاك إِذا قدم الْأَمِير قطلوبغا الفخري بنسخة الْيَمين من الشَّام. فَلَمَّا دخل الْأُمَرَاء عرفهم السُّلْطَان طلب بشتاك نِيَابَة الشَّام فَأخذُوا فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَالشُّكْر فاستدعاه السُّلْطَان وَطيب خاطره ووعده بهَا عِنْد قدوم قطلوبغا وَتقدم إِلَيْهِ بَان يتجهز للسَّفر. فَظن بشتاك أَن ذَلِك صَحِيح وَقَامَ مَعَ الْأُمَرَاء من الْخدمَة وَأخذ فِي عرض خيوله وَبعث لكل من أكَابِر الْأُمَرَاء المقدمين مَا بَين ثَلَاثَة أرؤس إِلَى رَأْسَيْنِ من الْخَيل بالقماش. الفاخر وَبعث مَعهَا أَيْضا الهجن المهرية. ثمَّ بعث بشتاك إِلَى الْأُمَرَاء الخاصكية مثل ملكتمر الْحِجَازِي وطاجار بن عبد الله الناصري الدوادار ويلبغا اليحياوي وألطبغا المارداني وتنكز بغا بن عبد الله المارديني شَيْئا كثيرا من الذَّهَب والجوهر واللؤلؤ والتحف وَفرق عدَّة من الْجَوَارِي فِي الْأُمَرَاء بِحَيْثُ لم يبْق أحد من الْأُمَرَاء إِلَّا وَأرْسل إِلَيْهِ ثمَّ فرق بشتاك على مماليكه وأجناده وَأخرج ثَمَانِينَ جاريه من جواريه أعتقهن وزوجهن من مماليكه بعد مَا شورهن بِاللُّؤْلُؤِ والزركش وَغير ذَلِك مِمَّا لَهُ قيمَة كَبِيرَة جدا. وَفرق بشتاك من شونته على الْأُمَرَاء اثْنَي عشر ألف أردب غلَّة وَزَاد حَتَّى وَقع

ص: 330

الْإِنْكَار عَلَيْهِ واتهمه السُّلْطَان والأمير قوصون بِأَنَّهُ يُرِيد التوثب على الْملك وَعمِلُوا هَذَا من فعله حجَّة للقبض عَلَيْهِ وَكَانَ مَا خص الْأَمِير قوصون من تفرقته هَذِه حجرين من حِجَارَة معاصر قصب السكر بِمَا فِيهَا من القنود والأعمال والأبقار والأغلال والآلات وَخَمْسمِائة فدان من الْقصب مزروعة فِي أَرض ملك لَهُ فأدهش الْأُمَرَاء بِكَثْرَة عطائه وَاسْتغْنى مِنْهُ جمَاعَة من مماليكه. وَلما كثرت القالة فِيهِ بِأَنَّهُ يُرِيد إِفْسَاد الدولة خلا بِهِ بعض خواصه وعرفه ذَلِك وَأَشَارَ عَلَيْهِ بإمساك يَده عَن الْعَطاء فَقَالَ لَهُم: إِذا قبضوا على أخدوا مَالِي وَأَنا أَحَق بِهِ مِنْهُم أَن أفرقه وَأسر بِهِ إِذا بذلته وَيبقى لي مَكَارِم على النَّاس أذكر بهَا وَإِذا سلمت فَالْمَال كثير. هَذَا وَقد قَامَ قوصون فِي أَمر بشتاك ومازال بالسلطان حَتَّى قرر مَعَه الْقَبْض عَلَيْهِ عِنْد قدوم قطلوبغا الفخري. وأشاع قوصون أَن بشتاك يُرِيد الْقَبْض على قطلوبغا فَبلغ ذَلِك بعض خَواص قطلوبغا فَبعث إِلَيْهِ من تَلقاهُ وعرفه مَا وَقع من تجهيز بشتاك وَأَنه على عزم من أَن يلقاك فِي طريقك ويقتلك فَكُن على حذر فَأخذ قطلوبغا من الصالحية يحْتَرز على نَفسه حَتَّى نزل سرياقوس. وَاتفقَ من الْأَمر العجيب أَن بشتاك خرج إِلَى حوشه بالريدانية خَارج الْقَاهِرَة ليعرض هجنه وجماله فطار الْخَبَر إِلَى قطلوبغا الفخري بِأَن بشتاك قد خرج إِلَى الريدانية فِي انتطارك فاستعد وَلبس السِّلَاح من تَحت ثِيَابه وَسَار وَقد تَلقاهُ عدَّة من مماليكه وَهُوَ على أهبة الْحَرْب. وعرج قطلوبغا عَن الطَّرِيق وسلك من تَحت الْجَبَل لينجو من بشتاك وَكَانَ عِنْد بشتاك علم من قدومه. فَلَمَّا قرب قطلوبغا من الْموضع الَّذِي فِيهِ بشتاك لاحت لَهُ غبرة خيله فحدس أَنه قطلوبغا قد قدم فَبعث إِلَيْهِ أحد مماليكه يبلغهُ السَّلَام ويعرفه أَن يقف حَتَّى يَأْتِيهِ ليجتمع بِهِ. فَلَمَّا بلغ قطلوبغا ذَلِك زَاد خَوفه من بشتاك وَقَوي عِنْده صِحَة مَا بلغه عَنهُ فَقَالَ للمملوك: سلم على الْأَمِير وَقل لَهُ لَا يكن اجتماعي بِهِ وَلَا بِأحد حَتَّى أَقف قُدَّام السُّلْطَان ثمَّ بعد ذَلِك اجْتمع بِهِ. فَمضى مَمْلُوك بشتاك وَفِي ظن قطلوبغا أَنه إِذا بلغه مَمْلُوكه الْجَواب ركب إِلَيْهِ فَأمر مماليكه أَن يَسِيرُوا قَلِيلا قَلِيلا وسَاق بمفرده مشواراً وَاحِدًا إِلَى القلعة. وَدخل قطلوبغا على السُّلْطَان وبلغه طَاعَة النواب وفرحهم بأيامه. ثمَّ أَخذ يعرف السُّلْطَان والأمير قوصون وَسَائِر الْأُمَرَاء مَا اتّفق لَهُ مَعَ بشتاك وَأَنه كَانَ يُرِيد معارضته فِي طَرِيقه وَقَتله فَأعلمهُ السُّلْطَان وقوصون بِمَا اتفقَا عَلَيْهِ من الْقَبْض على بشتاك.

ص: 331

فَلَمَّا كَانَ عصر هَذَا الْيَوْم دخل الْأُمَرَاء إِلَى الْخدمَة على الْعَادة بِالْقصرِ وَفِيهِمْ الْأَمِير بشتاك وأكلوا السماط تقدم الْأَمِير قطلوبغا الفخري والأمير طقزدمر الناصري الساقي إِلَى بشتاك وأخذا سَيْفه وكتفاه. وَقبض مَعَه على أَخِيه أيوان وعَلى طولوتمر ومملوكين من المماليك السُّلْطَانِيَّة كَانَا يلوذان بِهِ. وقيدوا جَمِيعًا. وسفروا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فِي اللَّيْل صُحْبَة الْأَمِير أسندمر الْعمريّ. وَقبض على جَمِيع مماليكه وأوقعت الحوطة على دوره وإصطبلاته وتتبعت غلمانه وحاشيته. وأنعم من إقطاع بشتاك على الْأَمِير قوصون بِخُصُوص الشرق زِيَادَة على إقطاعه وَأخذ السُّلْطَان المطرية ومنية ابْن خصيب وشبرا. وَفرق السُّلْطَان بَقِيَّة إقطاع بشتاك على ملكتمر الْحِجَازِي وَغَيره من الْأُمَرَاء. فَلَمَّا أَصْبحُوا يَوْم الْإِثْنَيْنِ تاسعه قبض على الْمجد السلَامِي واتهم بِأَن لبشتاك عِنْده جَوَاهِر مودعة. وَفِيه حملت حواصل بشتاك وَهِي من الذَّهَب مِائَتَا ألف دِينَار مصرية وَمن اللُّؤْلُؤ والجواهر والحوائص الذَّهَب والكلفتاه الزركش شَيْء كثير جدا. وَمن الغلال أحد عشر ألف أردب سوى مَا تقدم ذكره مِمَّا أنعم بِهِ شتاك وفرقه. وَفِيه أخرج أَحْمد شاد الشَّرَاب خاناه إِلَى طرابلس لنقله كلَاما بَين الْأُمَرَاء ولميلة مَعَ شتاك. وَفِي الْخَمِيس ثَانِي عشره أنعم على كل من شعْبَان ورمضان أخوي السُّلْطَان بإمرة وَفِيه قبض على الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بكتمر الْحَاجِب وأنعم من الْغَد بإمرته على أَخِيه جمال الدّين عبد الله بن الْحَاجِب. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث عشريه: خلع على الْأَمِير طقزدمر وَاسْتقر فِي نِيَابَة السلطانة فَجَلَسَ فِي دست النِّيَابَة وَحكم وسرف الْأُمُور. وَفِيه أَيْضا خلع على الْأَمِير نجم الدّين مَحْمُود بن عَليّ بن شروين الْمَعْرُوف بوزير بَغْدَاد وَاسْتقر فِي الوزارة.

ص: 332

وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشريه: قدم محمل الْحَاج من الْحجاز صُحْبَة ملكتمر الْحِجَازِي وَفِيه أَيْضا قدم الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بيلبك الحسني من دمشق على الْبَرِيد بالاستدعاء. وَفِيه أنعم الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْأَمِير بكتمر الساقي أحد العشرات بإمرة طبلخاناة وَقدم الْبَرِيد من حلب بِأَن الْأَمِير بن فياض وَسليمَان بن مهنا وأخوتهما قطعُوا الطَّرِيق على التُّجَّار عِنْدَمَا بَلغهُمْ أَن أَمِيرهمْ مُوسَى بن مهنا قد قبض عَلَيْهِ بعد موت السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد وَكَانَ مُوسَى قد خلع عَلَيْهِ وسافر. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ سلخه: قبض على الْأَمِير أقبغا عبد الْوَاحِد وَأَوْلَاده وخلع على الْأَمِير طقتمر الأحمدي وأستقر أستادار عوضه. وَسبب ذَلِك أَنه فِي أَيَّام السُّلْطَان الْملك النَّاصِر قد ولي الأستادارية وتقدمة المماليك وَشد العمائر وتحكم فِي سَائِر الْأُمُور وأرباب الأشغال وعظمت مهابته. فاتفق أَنه غضب على فرَاش لَهُ وَضَربا مبرحا كَمَا هِيَ عَادَته. فخدم الْفراش عِنْد أبي بكر ابْن السُّلْطَان ليحميه من آقبغا فَبعث آقبغا فِي طلبه فَمَنعه أَبُو بكر وَأرْسل مَعَ مَمْلُوكه يَقُول لَهُ: أُرِيد أَن تهبني هدا الْفراش فَأَغْلَظ آقبغا على الْمَمْلُوك وسبه وَقَالَ قل لَهُ يُرْسل الْفراش وَهُوَ جيد لَهُ وَكَانَ أَبُو بكر قبل ذَلِك خرج من الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة إِلَى بَيته وآقبغا يضْرب مَمْلُوكا فَوقف وشفع فِيهِ فَلم يعبأ بِهِ آقبغا وَلَا قبل شَفَاعَته وَسَار وَاقِفًا وآقبغا قَاعد فَانْصَرف أَبُو بكر وَقد خجل. فَلَمَّا أعَاد مَمْلُوكه جَوَاب آقبغا غضب وَحلف لَئِن صَار سُلْطَانا ليصادرنه وليضربنه

ص: 333

بالمقارع وَحمى الْفراش من آقبغا. فَلَمَّا أفضت السلطة إِلَيْهِ بعد موت أَبِيه عرف الْأَمِير قوصون والأمير طقزدمر النَّائِب بِيَمِينِهِ فَأَجَابَهُ قوصون إِلَى مصادرته أَولا قبل ضربه وَأَرَادَ بذلك مدافعة عَنهُ فَقبض عَلَيْهِ ورسم للأمير طيبغا المجدي والأمير نحم الدّين بلبان الحسامي البريدي وَالِي الْقَاهِرَة بإيقاع الحوطة على موجوده وَسلم وَلَده الْكَبِير للمقدم إِبْرَاهِيم بن صابر. فَبَاتَ آقبغا ليلته بِغَيْر أكل وَأصْبح يَوْم الثُّلَاثَاء أول صفر فَتحدث لَهُ الْأُمَرَاء أَن ينزل فِي ترسيم طيبغا المجدي ليتصرف فِي أُمُوره فَنزل صحبته وَأخذ فِي بيع موجوده. وَكَانَ مِمَّا أبيع لَهُ سَرَاوِيل لزوجته بِمِائَتي ألف دِرْهَم فضه وقبقاب وخف نسَائِي وسرموجة لامْرَأَته بِخَمْسَة وَسبعين ألف دِرْهَم فثار بِهِ جمَاعَة مِمَّن ظلمهم فِي أَيَّام تحكمه وطلبوا حُقُوقهم مِنْهُ وَشَكَوْهُ. فأقسم السُّلْطَان لمن لم يرضهم ليسمرنه على جمل ويشهره بِالْقَاهِرَةِ فَفرق فيهم مِائَتي الف دِرْهَم حَتَّى سكتوا عَنهُ. وَفِي يَوْم الْأَحَد سادسه: خلع على الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن المحسني وَاسْتقر فِي ولَايَة الْقَاهِرَة عوضا عَن نجم الدّين بلبان الحسامي البريدي لقلَّة حرمته. وخلع على نجم الدّين وَاسْتقر فِي ولَايَة مصر. وَفِيه قدم الْأَمِير بدر الدّين أَمِير مَسْعُود بن خطير من الشَّام على الْبَرِيد باستدعاء. وَفِيه رسم لِابْنِ المحسني وَالِي الْقَاهِرَة أَن يستخلص من خَالِد وَابْن معِين مقدمي دَار الْوَالِي مَالا من أجل طمعهما وَكَثْرَة تحكمهما. وَفِيه أَيْضا قبض على الصَّدْر الطَّيِّبِيّ نَاظر الْمَوَارِيث وَسلم إِلَى الْوَالِي على مَال يحملهُ فعاقبه الْوَالِي حَتَّى حمل مَالا جزيلاً. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ سابعه: خلع على الْأَمِير بدر أَمِير مَسْعُود وَاسْتقر حاجبا عوض عَن الْأَمِير برسبغا على إمرته بِغَيْر وَظِيفَة. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تاسعه: قبض على مقدم الدولة إِبْرَاهِيم بن صابر وَسلم لمُحَمد بن شمس الدّين الْمُقدم وأحيط بأمواله. فَوجدَ لَهُ نَحْو تسعين حجرَة فِي الجشار وَمِائَة وَعشْرين بقرة فِي الزرايب ومائتي كَبْش وجوقتين كلاب سلوقية وعدة طيور جوارح مَعَ بزدارية وَوجد لَهُ من الغلال وَغَيرهَا شَيْء كثير فَعُوقِبَ وَحمل المَال شَيْئا بعد شَيْء. وَفِيه جهز ابْن طغيه وَقَرِيب الشَّيْخ حسن كجك وسفرا وَكتب إِلَى نواب الشَّام بإكرامهما. وَفِيه وَقع بَين قَاضِي الْقُضَاة حسام الدّين الغوري الْحَنَفِيّ وَبَين موفق الدّين نَاظر الدولة بِسَبَب معلومه وَقد توقف صرفه فَكتب قَاضِي الْقُضَاة حسام الدّين إِلَيْهِ ورقة

ص: 334