المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(وفي يوم الخميس سابع عشره) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ٣

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث ذِي الْحجَّة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي رَابِع عشريه)

- ‌(سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت ثَمَانِي عشرى شَوَّال)

- ‌(سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر رَمَضَان)

- ‌(وَفِي سَابِع عشره)

- ‌(فِي ثامن الْمحرم)

- ‌(سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي خَامِس رَمَضَان)

- ‌(وَفِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة)

- ‌(وَفِي ثَانِي عشرى رَمَضَان)

- ‌(سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ تاسعه)

- ‌(سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت تَاسِع عشره)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت حادي عشرَة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره)

- ‌(وَفِي هده السّنة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشريه)

- ‌(وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس ذِي الْقعدَة)

- ‌(سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشريه)

الفصل: ‌(وفي يوم الخميس سابع عشره)

القلعة وَأَقْبل علم دَار حَتَّى خلصه مِنْهُم وَهُوَ يستغيث: يَا مُسلمين! كَيفَ يجْرِي هَذَا على قَاض من قُضَاة الْمُسلمين. فَأخذ المماليك جمَاعَة من تِلْكَ الأوباش وجروهم إِلَى الْأَمِير أيدغمش فضربهم وَبعث طَائِفَة من الأوجاقية فَسَارُوا بالغوري إِلَى منزله وَلم يحضر الموكب. فثارت الْعَامَّة على بَيته بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية ونهبوه وَكَانَ يَوْمًا شنيعاً. وَفِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشره: خلع على جَمِيع الْأُمَرَاء الْكِبَار وَالصغَار ومقدمي الْحلقَة وأنعم على الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر بِعشْرَة أُلَّاف دِينَار وعَلى الْأَمِير قطلوبغا الْفَخر بِمَا حضر صحبته من الشَّام وَهُوَ أَرْبَعَة أُلَّاف دِينَار وَمِائَة ألف دِرْهَم فضَّة وَنزل فِي موكب عَظِيم. وَكَانَ قد قدم مَعَه من أُمَرَاء الشَّام سنجر الجمقدار وتمر الساقي وطرنطاي البشمقدار وأقبغا عبد الْوَاحِد وتمر الموساوي والجلالي وَابْن قراسنقر وأسنبغا ابْن البو بكري وبكتمر العلائي وأصلم نَائِب صفد. وَفِيه طلب السُّلْطَان الْوَزير نجم الدّين ورسم لَهُ أَن يكون يُوسُف البزدار ورفيقه مقدمي البزدارية ومقدمي الدولة وخلع السُّلْطَان عَلَيْهِمَا كلفتاه زركش وأقبية طرد وَحش بحوائص ذهب فحكما فِي الدولة وتكبرا على النَّاس وصارا فيهم بحمق زَائِد وصارا لَا يأتمران بِأَمْر الْوَزير ويمضيان مَا أحبا. وصحبهما كثير من الأشرار وعرفوهما بأرباب الْأَمْوَال فشملت مضرتهما كثيرا من النَّاس وانهمكا فِي اللَّهْو فثقل أَمرهمَا على الكافة. وَفِي عصر يَوْم السبت خَامِس عشره: خلع على الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر وَاسْتقر فِي نِيَابَة السلطنة بديار مصر فَجَلَسَ والحجاب قيام بَين يَدَيْهِ والأمراء فِي خدمته. فَكَانَ أول مَا بَدَأَ بِهِ أَن قلع الشباك الَّذِي كَانَ يجلس فِيهِ قوصون وخلع الْخشب الَّذِي عمله فِي بَاب القلعة وباشر النِّيَابَة بِحرْمَة وافرة.

(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره)

أخرج السُّلْطَان محمل الْحَاج. وَفِيه أخرج السُّلْطَان عبد الْمُؤمن بن عبد الْوَهَّاب السلَامِي وَالِي قوص من السجْن وَسمر على بَاب المارستان المنصوري من الْقَاهِرَة بمسامير جافية شنعة وطيف بِهِ مُدَّة سِتَّة أَيَّام وَهُوَ يحادث النَّاس فِي اللَّيْل بأخباره. فمما حَدثهمْ بِهِ أَنه هُوَ الَّذِي ركب حَتَّى ضرب النشو كَمَا تقدم ذكره وَأَنه لما سَقَطت عمَامَته ظَنّهَا رَأسه. وَكَانَ إِذا قيل لَهُ اصبر يَا عبد الْمُؤمن يَقُول أسأَل الصَّبْر وينشد كثيرا. يبكى علينا وَلَا نبكي على أحد وَنحن أغْلظ أكباداً من الْإِبِل فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت ثَانِي عشريه: شنق عبد الْمُؤمن على قنطرة السد ظَاهر مَدِينَة مصر عِنْد الكيمان وَترك حَتَّى ورم وأكلته الْكلاب.

ص: 363

وَكَانَ عبد الْمُؤمن من السلامية بالعراق فَبَعثه الْمجد السلَامِي إِلَى السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد مرَارًا حَتَّى عرف عِنْده. ثمَّ تنكر عبد الْمُؤمن عَليّ الْمجد السلَامِي ورافعه إِلَى السُّلْطَان حَتَّى تغير عَلَيْهِ وَكتب إِلَى أبي سعيد بإحضاره. فَأثْبت الْمجد السلَامِي محضراً على عبد الْمُؤمن بِأَنَّهُ رَافِضِي كَافِر قتال الْأَنْفس وَقدم بِهِ على السُّلْطَان وتحاقق مَعَه. فتعصب قوصون لعبد الْمُؤمن حَتَّى بطلت حجَّة الْمجد السلَامِي عَلَيْهِ مَعَ ظُهُورهَا فاختص عبد الْمُؤمن بقوصون وَلبس الكلفتاه ثمَّ ولي قوصون. وَكَانَ شجاعاً فاتكاً يتجاهر بالرفض وَيَقُول إِذا حلف على شَيْء: وحياة مولَايَ عَليّ. وَفِي هَذِه الْأَيَّام: أخرج بِأحد وَعشْرين أَمِيرا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة صَحبه الْأَمِير طشتمر طلليه مِنْهُم أرقطاي نَائِب طرابلس وجركتمر بن بهادر وَابْن المحسني وَالِي الْقَاهِرَة وأسنبغا بن البوبكري ويلجك ابْن أُخْت قوصون وبرسبغا الْحَاجِب. فَلَمَّا وصلوا إِلَى الثغر وسجنوا بِهِ قتل قوصون وألطنبغا الصَّالِحِي نَائِب الشَّام وجركتمر بن بهادر وبرسبغا الْحَاجِب. وَفِيه رسم للأجناد الَّذين استخدمهم قطلوبغا الفخري بعودهم إِلَى دمشق بطالين فَكثر تشكيهم ووقفوا للنائب فَلم تسمع لَهُم شكوى. وَفِيه أَكثر السُّلْطَان من الإنعام على أهل الكرك حَتَّى خرج عَن الْحَد وعزم على مسك بيبرس الأحمدي وَغَيره من الْأُمَرَاء فاحترزوا على أنفسهم إِلَى أَن وَقع الْكَلَام مَعَ السُّلْطَان فِي شَيْء من ذَلِك فَاجْتمع عِنْده الْأُمَرَاء وابتدأ الْحَاج آل ملك فِي طلب بلد يتَوَجَّه إِلَيْهِ وَسَأَلَ نِيَابَة حماة فَخلع عَلَيْهِ فِي يَوْم الْخَمِيس عشريه وَاسْتقر فِي نِيَابَة حماة عوضا عَن طقزدمر. وخلع السُّلْطَان على بيبرس الأحمدي وَاسْتقر فِي نِيَابَة صفد وعَلى أقسنقر وَاسْتقر فِي نِيَابَة غَزَّة. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ مستهل ذِي الْقعدَة: سَار الْأَمِير الْحَاج آل ملك إِلَى نِيَابَة حماة. وَفِيه خلع السُّلْطَان على الْأَمِير قطلوبغا الفخري وَاسْتقر فِي نِيَابَة الشَّام وَعلي الْأَمِير أيدغمش بنيابة حلب. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء: اسْتَقر قماري أَمِير أخور عوضا عَن أيدغمش أَحْمد شاد الشرابخاناه أَمِير شكار عوضا عَن قماري وَاسْتقر أقبغا عبد الْوَاحِد فِي نِيَابَة حمص. وَفِيه رسم السُّلْطَان أَن يسْتَقرّ سنجر البشمقدار وتمر الساقي من جملَة أُمَرَاء مصر. وَفِيه أنعم السُّلْطَان على قراجا بن دلغادر وَقد قدم إِلَى مصر بإنعامات كَثِيرَة وَكتب لَهُ بالأمرية على التركمان وَتوجه إِلَى نِيَابَة الإبلستين.

ص: 364

وَفِي يَوْم الْأَحَد سابعه: خرج الْأَمِير أيدغمش مُتَوَجها إِلَى نِيَابَة حلب. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشره: خرج الْأَمِير قطلوبغا الفخري مُتَوَجها إِلَى دمشق وَمَعَهُ من تَأَخّر من عَسْكَر الشَّام. وَخرج الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر النَّائِب وَمَعَهُ جَمِيع الْأُمَرَاء لوداعه وَمد لَهُ سماطاً عَظِيما. وَفِي يَوْم السبت عشريه: قبض على الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر نَائِب السلطنة وَسبب ذَلِك أَنه أَكثر من مُعَارضَة السُّلْطَان بِحَيْثُ تغلب عَلَيْهِ ورد مراسيمه وَصَارَ يتعاظم وَيظْهر من الترفع على الْأُمَرَاء والأجناد مَا لَا يحْتَمل مثله وَإِذا شفع إِلَيْهِ أحد من الْأُمَرَاء رد شَفَاعَته وَلم يقبلهَا وَلَا يقف لأمير إِذا دخل إِلَيْهِ واذا أَتَتْهُ قصَّة عَلَيْهَا عَلامَة السُّلْطَان بإقطاع أَو غَيره أَخذ ذَلِك وطرد من هِيَ باسمه وأخرق بِهِ. وَقرر طشتمر مَعَ السُّلْطَان أَنه لَا يمْضِي من المراسيم السُّلْطَانِيَّة إِلَّا مَا يختاره وَتقدم إِلَى الْحَاجِب بألا يقدم أحد قصَّة إِلَى السُّلْطَان حَتَّى يكون حَاضرا وَمنع ذَلِك فَلم يتجاسر أحد أَن يقدم قصَّة للسُّلْطَان فِي غيبته وَتقدم جمَاعَة من المماليك لطلب مَا يزِيد فِي مَرَاتِبهمْ فرسم طشتمر أَن كل من خرج عَن خبزه يعود إِلَيْهِ وَلم يُمكن المماليك السُّلْطَانِيَّة من أَخذ شَيْء. وَأخذ طشتمر إقطاع الْأَمِير بيبرس الأحمدي وتقدمته لوَلَده فَكَرِهته النَّاس. وَصَارَت أَرْبَاب الدولة وَأَصْحَاب الأشغال كلهَا فِي بَابه وتقربوا إِلَيْهِ بالهدايا والتحف. وَانْفَرَدَ طشتمر بِأُمُور الدولة وَحط على الكركيين وَقصد مَنعهم من الدُّخُول على السُّلْطَان فَلم يتهيأ لَهُ ذَلِك. وَكَانَ نَاصِر الدّين الْمَعْرُوف بفأر السقوف قد توصل بالكركيين حَتَّى اسْتَقر بِفضل توصيتهم فِي وَظِيفَة إِمَام السُّلْطَان يُصَلِّي بِهِ وَصَارَ كَذَلِك نَاظر المشهد النفيسي عوضا عَن تَقِيّ الدّين عَليّ بن الْقُسْطَلَانِيّ خطيب جَامع عَمْرو وجامع القلعة. وخلع السُّلْطَان عَليّ نَاصِر الدّين بِغَيْر علم النَّائِب طشتمر فَبعث إِلَيْهِ طشتمر عدَّة نقباء وَنزع عَنهُ الخلعة وَسلمهُ إِلَى الْمُقدم إِبْرَاهِيم بن صابر وَأمر بضربه وإلزامه بِحمْل مائَة ألف دِرْهَم. فَضَربهُ ابْن صابر عُريَانا ضربا مبرحاً واستخرج مِنْهُ أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم ثمَّ أفرج عَنهُ بشفاعة أيدغمش وقطلوبغا الفخري بعد مَا أشهد عَلَيْهِ أَنه لَا يطلع إِلَى القلعة. وَأخذ طشتمر قصر معِين بالغور من مباشري قوصون وأحاط بِمَا فِيهِ من القند وَالْعَسَل وَالسكر وَغير ذَلِك. فَكثر حنق السُّلْطَان مِنْهُ وتغيره عَلَيْهِ إِلَى أَن قرر مَعَ الْمُقدم عنبر السحرتي والأمير أقسنقر السلاري فِي الْقَبْض عَلَيْهِ وعَلى قطلوبغا الفخري

ص: 365

وَأَن يَسْتَدْعِي مماليك بشتاك وقوصون وينزلهم بالأطباق من القلعة ويقطعهم إقطاعات بالحلقة ليصيروا من جملَة المماليك السُّلْطَانِيَّة خوفًا من حَرَكَة طشتمر النَّائِب فعارض طشتمر السُّلْطَان فيهم فرتب السُّلْطَان عدَّة مماليك بداخل الْقصر للقبض عَلَيْهِ. وَكَانَ مِمَّا جدد طشتمر فِي نيابته أَن منع الْأُمَرَاء أَن تدخل إِلَى الْقصر بمماليكها وَبسط من بَاب الْقصر بسطاً إِلَى دَاخله فَكَانَ الْأَمِير لَا يدْخل الْقصر وَقت الْخدمَة إِلَى مبفرده فَدخل هُوَ أَيْضا بمفرده وَمَعَهُ ولداه إِلَى الْقصر وَجلسَ على السماط على الْعَادة. فعندما رفع السماط قبض كشلي السِّلَاح دَار أحد المماليك وَكَانَ مَعْرُوفا بِالْقُوَّةِ على كَتفيهِ من خلف ظَهره قبضا عنيفاً وَبدر إِلَيْهِ جمَاعَة فَأخذُوا سَيْفه وقيدوه وقيدوا ولديه. وَنزل أَمِير مَسْعُود الحاحب فِي عدَّة من المماليك السُّلْطَانِيَّة فأوقع الحوطة على بَيته وَأخذ مماليكه جَمِيعهم فسجنهم. وَخرج فِي الْحَال سَاعَة القبص على طشتمر الْأَمِير ألطنبغا المارداني والأمير أروم بغا السِّلَاح دَار ومعهما من أُمَرَاء الطبلخاناة والعشرات نَحْو من خَمْسَة عشر أَمِيرا وَمَعَهُمْ من المماليك السُّلْطَانِيَّة وَغَيرهم ألف فَارس ليقبضوا على قطلوبغا الفخري نَائِب الشَّام. وَكتب السُّلْطَان إِلَى الْأَمِير أقسنقر الناصري نَائِب غَزَّة بالركوب مَعَهم بعسكره فَجمع من عِنْده وَمن فِي مُعَامَلَته من الجبلية. وَكَانَ قطلوبغا الفخري قد ركب من الصالحية فَبَلغهُ مسك طشتمر ومسير الْعَسْكَر إِلَيْهِ من هجان بعث بِهِ إِلَيْهِ بعض ثقاته فساق إِلَى قطيا وَأكل بهَا شَيْئا ورحل وَقد استعد حَتَّى تعدى للعريش فَإِذا أقسنقر بعسكر غَزَّة فِي انْتِظَاره على الزعقة. وَكَانَ ذَلِك وَقت الْغُرُوب فَوقف كل مِنْهُمَا تجاه أَصْحَابه حَتَّى أظلم اللَّيْل فَسَار الْفَخر بِمن مَعَه وهم سِتُّونَ فَارِسًا على الْبَريَّة. فَلَمَّا أصبح آقسنقر علم أَن الفخري فَاتَهُ فَمَال أَصْحَابه على أثقال الفخري فنهبوها وعادوا إِلَى غَزَّة. وَاسْتمرّ الفخري ليلته وَمن الْغَد حَتَّى انتصف النَّهَار وَهُوَ سائق فَلم يتَأَخَّر مَعَه إِلَّا سَبْعَة فرسَان ومبلغ أَرْبَعَة أُلَّاف دِينَار وَقد وصل بيسان وَعَلَيْهَا الْأَمِير أيدغمش نَازل. فترامى عَلَيْهِ الفخري وعرفه بِمَا جرى وَأَنه قطع خَمْسَة عشر بريداً فِي مسير وَاحِد. فطيب أيدغمش خاطره وأنزله فِي خام ضرب لَهُ وَقَامَ لَهُ بِمَا يَلِيق بِهِ فَلَمَّا جنه اللَّيْل أَمر بِهِ فقيد وَهُوَ نَائِم وَكتب بذلك إِلَى السُّلْطَان مَعَ بكا الخضري.

ص: 366

وَكَانَ السُّلْطَان لما بلغه هروب قطلوبغا الفخري تنكر على الْأُمَرَاء واتهمهم بالمخامرة عَلَيْهِ وهم أَن يمسكهم فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ تَاسِع عشريه فَتَأَخر عَن الْخدمَة الجاولي وَجَمَاعَة فَلَمَّا كَانَ وَقت الظّهْر بعث السُّلْطَان لكل أَمِير أَرْبَعِينَ طَائِر أوز وَسَأَلَ عَنْهُم ثمَّ بعث أخر النَّهَار إِلَيْهِم بأمرهم أَن يطلعوا من الْغَد. فَقدم بكا عَشِيَّة يَوْم الثُّلَاثَاء مستهل ذِي الْحجَّة وَمَعَهُ سيف قطلوبغا الفخري فسر السُّلْطَان بذلك وَكتب بِحمْلِهِ إِلَى الكرك. فَلَمَّا طلع الْأُمَرَاء إِلَى الْخدمَة فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ترضاهم وبشرهم بمسك قطلوبغا الفخري ثمَّ أخْبرهُم أَنه مُتَوَجّه إِلَى الكرك وَأَنه يعود بعد شهر. وَكَانَ السُّلْطَان قد تجهز إِلَى الكرك فَأخْرج فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء طشتمر حمص أَخْضَر فِي محارة بقيده وَمَعَهُ جمَاعَة من المماليك السُّلْطَانِيَّة موكلون بحفظه وَعين مَعَ الْمُقدم عنبر السحرتي عدَّة من المماليك. وَتقدم السُّلْطَان إِلَى الْخَلِيفَة بَعْدَمَا ولاه نظر المشهد النفيسي عوضا عَن ابْن الْقُسْطَلَانِيّ أَن يُسَافر مَعَه إِلَى الكرك. ورسم لجمال الكفاة نَاظر الْخَاص والجيش ولعلاء الدّين على بن فضل الله كَاتب السِّرّ أَن يتوجها مَعَه إِلَى الكرك وَركب مَعَه الْأُمَرَاء من قلعة الْجَبَل يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِيه بَعْدَمَا ألبس ثَمَانِيَة من المماليك خلع الإمريات على بَاب الخزانة. وخلع السُّلْطَان على آقسنقر السلاري وَقَررهُ نَائِب الْغَيْبَة وخلع على شمس الدّين مُحَمَّد بن عَدْلَانِ وَاسْتقر قَاضِي الْعَسْكَر وخلع عَليّ زين الدّين عمر بن كَمَال الدّين عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر البسطامي وَاسْتقر بِهِ قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة عوضا عَن حسام الدّين الغوري. فَلَمَّا قَارب السُّلْطَان قبَّة النَّصْر خَارج الْقَاهِرَة وقف حَتَّى قبل الْأُمَرَاء يَده على مَرَاتِبهمْ وَرَجَعُوا عَنهُ. فَنزل عَن فرسه وَلبس ثِيَاب العربان وَهِي كاملية مفرجة وعمامة بلثامين وساير الكركيين وَترك الْأُمَرَاء الَّذين مَعَه وهم قماري والحجازي وَأَبُو بكر بن أرغون النَّائِب مَعَ المماليك السُّلْطَانِيَّة والطلب. وَتوجه السُّلْطَان على الْبَريَّة إِلَى الكرك وَلبس مَعَه إِلَّا الكركيين ومملوكين وهم فِي أَثَره فقاسوا مشقة كَبِيرَة من الْعَطش وَغَيره حَتَّى وصلوا ظَاهر الكرك وَقد سبقهمْ السُّلْطَان إِلَيْهَا

ص: 367