المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ٣

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث ذِي الْحجَّة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي رَابِع عشريه)

- ‌(سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت ثَمَانِي عشرى شَوَّال)

- ‌(سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر رَمَضَان)

- ‌(وَفِي سَابِع عشره)

- ‌(فِي ثامن الْمحرم)

- ‌(سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي خَامِس رَمَضَان)

- ‌(وَفِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة)

- ‌(وَفِي ثَانِي عشرى رَمَضَان)

- ‌(سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ تاسعه)

- ‌(سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت تَاسِع عشره)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت حادي عشرَة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره)

- ‌(وَفِي هده السّنة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشريه)

- ‌(وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس ذِي الْقعدَة)

- ‌(سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشريه)

الفصل: ‌(سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة)

(سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

أهلت وَالنَّاس فِي أَمر مريج لغيبة السُّلْطَان بالكرك وَعند الْأُمَرَاء تشوش كَبِير لما بَلغهُمْ من مصاب قطلوبغا الفخري. وَصَارَ الْأَمِير أقسنقر نَائِب الْغَيْبَة فِي تخوف فَإِنَّهُ بلغه أَن جمَاعَة من مماليك الْأُمَرَاء الَّذين قبض عَلَيْهِم قد باطنوا بعض الْأُمَرَاء على الرّكُوب عَلَيْهِ فَترك الرّكُوب للموكب أَيَّامًا حَتَّى اجْتَمعُوا عِنْده وحلفوا لَهُ. ثمَّ اتّفق رَأْيهمْ على أَن كتبُوا للسُّلْطَان كتابا فِي خَامِس الْمحرم بِأَن الْأُمُور ضائعة لغيبة السُّلْطَان وَقد نَافق عربان الصَّعِيد وطمع النَّاس وفسدت الْأَحْوَال كلهَا وسألوه الْحُضُور. وبعثوا بِهِ الْأَمِير طقتمر الصلاحي فَعَاد جَوَابه فِي حادي عشره: بأنني قَاعد فِي مَوضِع أشتهي وَأي وَقت أردْت أحضر إِلَيْكُم. وَذكر طقتمر أَن السُّلْطَان لم يُمكنهُ من الِاجْتِمَاع بِهِ وَأَنه بعث من أَخذ مِنْهُ الْكتاب ثمَّ أرسل إِلَيْهِ الْجَواب. وَفِيه قدم الْخَبَر بِأَن السُّلْطَان قتل الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر والأمير قطلوبغا الفخري وَذَلِكَ أَنه قصد أَن يقتلهما بِالْجُوعِ فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ بلياليهما لَا يطعمان طَعَاما. فكسرا قيدهما وَقد ركب السُّلْطَان للصَّيْد وخلعا بَاب السجْن لَيْلًا وخرجا إِلَى الحارس وَأخذ سَيْفه وَهُوَ نَائِم فأحس بهما وَقَامَ يَصِيح حَتَّى لحقه أَصْحَابه فأخذوهما. وبعثوا إِلَى السُّلْطَان بخبرهما فَقدم فِي زِيّ العربان ووقف على الخَنْدَق وَبِيَدِهِ حَرْبَة وأحضرهما وَقد كثرت بهما الْجِرَاحَات. فَأمر السُّلْطَان يُوسُف بن البصارة ورفيقه بِضَرْب أعناقهما وَأخذ يسبهما ويلعنهما فَردا عَلَيْهِ ردا قبيحاً وَضرب رقابهما فَاشْتَدَّ قلق الْأُمَرَاء. وَفِيه قدم كتاب السُّلْطَان إِلَى الْأُمَرَاء يطيب خواطرهم ويعرفهم أَن مصر وَالشَّام والكرك لَهُ وَأَنه حَيْثُ شَاءَ أَقَامَ ورسم أَن تجهز لَهُ الأغنام من بِلَاد الصَّعِيد وأكد فِي ذَلِك وَأوصى آقسنقر بِأَن يكون مُتَّفقا مَعَ الْأُمَرَاء على مَا يكون من الْمصَالح. فَتَنَكَّرت قُلُوب الْأُمَرَاء ونفرت خواطرهم وَاتَّفَقُوا على خلع السُّلْطَان وَإِقَامَة أَخِيه إِسْمَاعِيل فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشريه فَكَانَت مُدَّة ولَايَته ثَلَاثَة أشهر وَثَلَاثَة عشر يَوْمًا مِنْهَا مُدَّة إِقَامَته بالكرك ومراسيمه نَافِذَة بِمصْر أحد وَخَمْسُونَ وإقامته بِمصْر مُدَّة شَهْرَيْن وَأَيَّام. وَكَانَت سيرته سَيِّئَة نقم الْأُمَرَاء عَلَيْهِ فِيهَا أموراً مِنْهَا أَن رسله الَّتِي كَانَت ترد من قبله إِلَى الْأُمَرَاء برسائله وأسراره أوباش أهل الكرك فَلَمَّا قدمُوا مَعَه إِلَى مصر أَكْثرُوا من

ص: 375

أَخذ البراطيل وَولَايَة المناصب غير أَهلهَا وَمِنْهَا تحكمهم على الْوَزير وَغَيره وحجبهم السُّلْطَان حَتَّى عَن الْأُمَرَاء والمماليك وأرباب الدولة فَلَا يُمكن أحدا من رُؤْيَته سوى يومي الْخَمِيس والإثنين نَحْو سَاعَة. وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ جمع الأغنام الَّتِي كَانَت لِأَبِيهِ والأغنام الَّتِي كَانَت لفوصون وعدتها أَرْبَعَة أُلَّاف رَأس وأربعماية من الْبَقر الَّتِي استحسنها أَبوهُ. وَأخذ الطُّيُور الَّتِي كَانَت بالأحواش على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وَحملهَا على رُءُوس الحمالين إِلَى الكرك. وسَاق الأغنام والأبقار إِلَيْهَا وَمَعَهُمْ عدَّة سقائين وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ. وَعرض الْخُيُول والهجن وَأخذ مَا اخْتَارَهُ مِنْهَا وَمن البخاتي وحمر الْوَحْش والزراف وَالسِّبَاع وسيرها إِلَى الكرك. وَفتح الذَّخِيرَة وَأخذ مَا فِيهَا من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَهُوَ سِتّمائَة ألف دِينَار وصندوق فِيهِ الْجَوَاهِر الَّتِي جمعهَا أَبوهُ فِي مُدَّة سلطنته. وتتبع جواري أَبِيه حَتَّى عرف المتمولات مِنْهُنَّ فَكَانَ يبْعَث إِلَى الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ يعرفهَا أَنه يدْخل عَلَيْهَا اللَّيْلَة فَإِذا تجملت بحليها وجواهرها أرسل من يحضرها إِلَيْهِ فَإِذا خرجت من موضعهَا ندب من يَأْخُذ جَمِيع مَا عِنْدهَا ثمَّ يَأْخُذ جَمِيع مَا عَلَيْهَا حَتَّى سلب أكثرهن مَا بأيديهن وَعرض الركاب خاناه وَأخذ جَمِيع مَا فِيهَا من السُّرُوج واللجم والسلاسل الذَّهَب وَالْفِضَّة وَنزع مَا عَلَيْهَا من الذَّهَب وَالْفِضَّة. وَأخذ الطَّائِر الذَّهَب الَّذِي على الْقبَّة وَأخذ الغاشيه الذَّهَب وطلعات الصناجق وَمَا ترك بالقلعة مَالا حَتَّى أخده. وشنع فِي قتل أُمَرَاء أَبِيه وأتلف موجودهم وأحضر حَرِيم طشتمر حمص أَخْضَر من حلب وَقد تجهزن للمسير فَأخذ سَائِر مَا مَعَهُنَّ حَتَّى لم يتْرك عَلَيْهِنَّ سوى قَمِيص وسروال لكل وَاحِدَة. وَأخذ أَيْضا جَمِيع مَا مَعَ حَرِيم قطلوبغا الفخري حَتَّى لم تَجِد زَوجته سَرِيَّة تنكز مَا تتقوت بِهِ إِلَى أَن بعث لَهُم جمال الكفاة السُّلْطَان عماد الدّين أَبُو إِسْمَاعِيل السُّلْطَان الْملك الصَّالح عماد الدّين أَبُو إِسْمَاعِيل ابْن الْملك النَّاصِر مُحَمَّد ابْن الْملك الْمَنْصُور قلاوون الألفي الصَّالِحِي. جلس على تخت الْملك يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشرى الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين

ص: 376

وَسَبْعمائة بعد خلع أَخِيه بِاتِّفَاق الْأُمَرَاء على ذَلِك لِأَنَّهُ بَلغهُمْ عَنهُ أَنه لما أخرجه الْأَمِير قوصون فِيمَن أخرج إِلَى قوص أَنه كَانَ يَصُوم يومي الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس ويشغل أوقاته بِالصَّلَاةِ وَقِرَاءَة الْقُرْآن مَعَ الْعِفَّة والصيانة عَمَّا يَرْمِي بِهِ الشَّبَاب من اللَّهْو واللعب. وَحلف لَهُ الْأُمَرَاء والعساكر وَحلف لَهُم السُّلْطَان أَلا يُؤْذِي أحدا وَلَا يقبض عَلَيْهِ بِغَيْر ذَنْب يجمع على صِحَّته. ودقت البشائر ولقب بِالْملكِ الصَّالح عماد الدّين وَنُودِيَ بالزينة. وَفِيه فرق السُّلْطَان أخباز الْأُمَرَاء البطالين ورسم بالإفراج عَن المسجونين وَكتب بذلك إِلَى الْوَجْه القبلي وَالْوَجْه البحري وَألا يتْرك بالسجون إِلَّا من وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل. وَفِيه أخرج السُّلْطَان عددا كَبِيرا من سجون الْقَاهِرَة ومصر وَتوجه القصاد للإفراج عَن الْأُمَرَاء من الْإسْكَنْدَريَّة. وَفِيه اسْتَقر الْأَمِير أرغون العلائي زوج أم السُّلْطَان الصَّالح رَأس نوبَة وَيكون رَأس المشورة ومدبر الدولة وكافل السُّلْطَان. وَاسْتقر الْأَمِير آقسنقر السلاري نَائِب السلطنة. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشريه: دعِي للسُّلْطَان على مَنَابِر مصر والقاهرة وَكتب إِلَى الْأُمَرَاء بِبِلَاد الشَّام بالأمان والاطمئنان وَتوجه بذلك طقتمر الصلاحي. وَفِيه كتب تَقْلِيد الْأَمِير أيدغمش نِيَابَة الشَّام وَاسْتقر عوضه فِي نِيَابَة حلب الْأَمِير طقزدمر الْحَمَوِيّ نَائِب حماة. وَاسْتقر فِي نِيَابَة حماه الْأَمِير علم الدّين سنجر الجمولي. وَفِيه كتب السُّلْطَان بِحُضُور الْحَاج آل ملك وَحُضُور الْأَمِير بيبرس الأحمدي إِلَى الْقَاهِرَة. وَفِيه كتب السُّلْطَان الْملك الصَّالح إِلَى أَخِيه النَّاصِر أَحْمد بِالسَّلَامِ وإعلامه بِأَن الْأُمَرَاء أقاموه فِي السلطنة لأَنهم علمُوا أَن الْملك النَّاصِر أَحْمد لَيْسَ لَهُ رَغْبَة فِي ملك مصر وَأَنه يحب بِلَاد الكرك والشوبك فَهِيَ بحكمك وملكك وَرغب إِلَيْهِ فِي أَن يبْعَث الْقبَّة وَالطير والغاشية والنمجاة وَتوجه بِكِتَاب السُّلْطَان الْأَمِير قبلاي. وَفِيه خرج الْأَمِير بيغرا وَمَعَهُ عدَّة أُمَرَاء وأوجاقية لجر الْخُيُول السُّلْطَانِيَّة من الكرك. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشريه: قدم الْأُمَرَاء والمسجونون بالإسكندرية وعدتهم

ص: 377

سِتَّة وَعِشْرُونَ أَمِيرا مِنْهُم قياقر والمرقبي وطيبغا المحمدي وَابْن طوغان جق ودقماق وأسنبغا بن البوبكري وَابْن سوسون وناصر الدّين مُحَمَّد بن المحسني وَالِي الْقَاهِرَة وأمير عَليّ بن بهادر والحاج أرقطاي نَائِب طرابلس. فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشريه: وقفُوا بَين يَدي السُّلْطَان فرسم أَن يجلس أرقطاي مَكَان الجاولي وَأَن يتَوَجَّه الْبَقِيَّة على أمريات بِبِلَاد الشَّام. وَفِي يَوْم السبت أول صفر: قدم من غَزَّة الْأَمِير قماري والأمير أَبُو بكر بن أرغون النَّائِب والأمير ملكتمر الْحِجَازِي وصحبتهم الْخَلِيفَة الْحَاكِم بِأَمْر الله أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد والمقدم عنبر السحرتي والمماليك السُّلْطَانِيَّة مفارقين للناصر أَحْمد. وَفِيه توجه الْأَمِير طقزدمر الْحَمَوِيّ لنيابة حلب. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثالثه: خلع على الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي نَائِب حماة خلعة السّفر وخلع على أَمِير مَسْعُود بن خطير خلعة السّفر لنيابة غَزَّة. وَفِيه خلع على بدر الدّين مُحَمَّد بن محيي الدّين بن يحيى بن فضل الله وَاسْتقر فِي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق عوضا عَن أَخِيه شهَاب الدّين أَحْمد. وَفِيه رسم بسفر مماليك قوصون ومماليك بشتاك إِلَى الْبِلَاد الشامية مُتَفَرّقين وَكتب للنواب بإقطاعهم الأخباز شَيْئا فَشَيْئًا. وَفِيه جلس الْأَمِير آقسنقر السلاري النَّائِب بدار النِّيَابَة بعد مَا عمرها وَفتح بهَا شباكاً ورسم لَهُ أَن يُعْطي الأخباز من ثَلَاثمِائَة إِلَى أَرْبَعمِائَة دِينَار ويشاور فِيمَا فَوق ذَلِك. وَفِيه اسْتَقر المكين إِبْرَاهِيم بن قروينة فِي نظر الْجَيْش وَعين ابْن التَّاج إِسْحَاق لنظر الْخَاص عوضا عَن جمال الكفاة نَاظر الْجَيْش وَالْخَاص لغيبته بالكرك فَقَامَ الْأَمِير جنكلي فِي ابقاء الْخَاص عَليّ جمال الكفاة حَتَّى يحضر. وَفِي يَوْم الْخَمِيس سادسه: توجه الْأَمِير سنجر الجاولي وأمير مَسْعُود بن خطير إِلَى مَحل ولايتهما. وَفِيه أنعم السُّلْطَان على أَخِيه شعْبَان بإمرة طبلخاناة وعَلى خَلِيل بن خَاص ترك

ص: 378

بإمرة طبلخاناة وَنُودِيَ بِأَن أجناد الْحلقَة ومماليك السُّلْطَان وأجناد الْأُمَرَاء لَا يركب أحد مِنْهُم فرسا بعد عشَاء الْآخِرَة وَلَا يقعدوا جمَاعَة يتحدثون. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ رَابِع عشريه: خلع على جَمِيع الْأُمَرَاء كَبِيرهمْ وصغيرهم. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشريه: قدم عَلَاء الدّين عَليّ بن فصل الله كَاتب السِّرّ وَمَعَهُ جمال الكفاة والشريف شهَاب الدّين بن أبي الركب وَمن الكرك مفارقين للناصر أَحْمد. بحيلة دبرهَا جمال الكفاة. وَكَانَ قد بلغه عَن النَّاصِر أَنه يُرِيد قَتلهمْ خوفًا من حضورهم إِلَى مصر ونقلهم مَا هُوَ عَلَيْهِ من سوء السِّيرَة فبذل جمال الكفاة مَالا جزيلاً ليوسف بن البصارة حَتَّى مكنهم من الْخُرُوج من الْمَدِينَة. وَأسر إِلَيْهِ السُّلْطَان النَّاصِر أَنه يبْعَث من يقتلهُمْ وَيَأْخُذ مَا مَعَهم فعرجوا فِي مَسِيرهمْ عَن الطَّرِيق صُحْبَة بدوي من عربان شطي إِلَى أَن قدمُوا غَزَّة فخلصوا مِمَّن خرج فِي طَلَبهمْ. فَأقبل عَلَيْهِم الْأُمَرَاء وَالسُّلْطَان وخلع عَلَيْهِم بالاستمرار على وظائفهم. وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشريه: نهب سوق خزانَة البنود بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى عَم النهب حوانيته كلهَا من النهب فِي الْجَانِبَيْنِ وَكسرت عدَّة جرار خمر من خزانَة البنود وهتكت نسَاء الفرنج. وَبلغ ذَلِك الْوَالِي فَركب نَائِبه لرد الْعَامَّة عَن الفرنج فرجموه وردوه ردا قبيحاً إِلَى أَن احتمى بِالْمَدْرَسَةِ الجمالية الْمُجَاورَة لخزانة البنود وأساءوا الْأَدَب على الْفُقَهَاء المجاورين بهَا فَخَرجُوا يحملون الْمَصَاحِف ووقفوا للسُّلْطَان. فرسم السُّلْطَان بِضَرْب الْوَالِي على بَاب الجمالية وَنُودِيَ من الْغَد أَلا يتَعَرَّض أحد لأسير من الفرنج وهدد من أَخذ لَهُم شَيْئا بالشنق. وَفِيه قدم الْخَبَر من حلب بِأَنَّهُ قد وَقع فِي بِلَاد الْموصل وبغداد وأصفهان وَعَامة بِلَاد الشرق غلاء شَدِيد حَتَّى بلغ الرطل الْخبز بالمصري إِلَى ثَمَانِيَة دَرَاهِم نقرة وأكلت الْجِيَف. وَصَارَ من مَاتَ يلقى فِي العراء عَجزا عَن مواراته وفنيت الدَّوَابّ عِنْدهم. ثمَّ عقب هَذَا الغلاء جَراد عَظِيم سد الْأُفق وَمنع النَّاس من كثرته رُؤْيَة السَّمَاء وَأكل جَمِيع الْأَشْجَار حَتَّى خشبها. وانتشر الْجَرَاد إِلَى حلب ودمشق والقدس وغزة فاض بِمَا هُنَاكَ ضَرَرا شَدِيدا بَالغا وأفسد الثِّمَار كلهَا. فَلَمَّا دخل الْجَرَاد الرمل هلك بأجمعه حَتَّى مَلأ الطرقات وتحسنت أسعار بِلَاد الشَّام. وَفِي هَذَا الشَّهْر: عقد السُّلْطَان على بنت الْأَمِير أَحْمد ابْن الْأَمِير بكتمر الساقي من

ص: 379

بنت تنكز وَأصْدقهَا عشرَة أُلَّاف دِينَار. وخلع السُّلْطَان على الْأَمِير قماري وَجَمِيع أقاربها وَعمل مهما عَظِيما ورسم أَن يعْمل لَهَا بشخاناه وداير بَيت زركش بِثَمَانِينَ ألف دِينَار. وَفِيه أنعم السُّلْطَان على الْأَمِير أرقطاي بتقدمة ألف فَطلب نَاظر طرابلس بِسَبَب تَقْرِير مَا نهب لأرقطاي أَيَّام نيابته فَذكر أَنه نهب لَهُ شَيْء كثير من ذَلِك زردخاناه ضمن ثَلَاثِينَ صندوقاً وفيهَا نَحْو اثْنَي عشر جوشنا وفيهَا بركصطوانات حَرِير قيمَة الْوَاحِدَة مِنْهَا زِيَادَة على عشْرين ألف دِرْهَم وَمن السُّرُوج والخيول والخيام وَالْجمال وَغَيرهَا شَيْء كثير. فَكتب إِلَى نواب الشَّام يتتبع من مَعَه شَيْء من ذَلِك وَحمله إِلَيْهِ. وَفِيه أخرج الْأَمِير قرمجي الْحَاجِب إِلَى صفد حاجباً بسؤاله. وَفِيه خلع عَليّ قراجا وأخيه أولاجا واستقرا حاجبين. وَفِيه سَأَلَ الْأَمِير آقسنقر السلاري الإعفاء من النِّيَابَة فَلم يعف. وَفِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشر ربيع الأول: قدم الْأَمِير الْحَاج آل ملك من حماة. وَفِيه رسم للأمير طقتمر الأحمدي بنيابة طرابلس بِحكم وَفَاة الْأَمِير طينال. وَفِيه وَقعت مُنَازعَة بَين الْأَمِير جنكلي بن البابا وَبَين الضياء الْمُحْتَسب بِسَبَب وقف الْملك الْمَنْصُور أبي بكر على الْقبَّة المنصورية فَإِنَّهُ أَرَادَ إِضَافَته إِلَى المارستان وَصرف متحصله فِي مصرف المارستان. فَلم يُوَافقهُ الضياء وَاحْتج بِأَن لهَذَا مصرفاً عينه واقفه لقراء وخدام وَوَافَقَهُ الْقُضَاة على ذَلِك. فاستقر وقف الْمَنْصُور أبي بكر على مَا شَرطه لطلبة الْعلم والفقراء والأيتام وَقرر فِيهِ نَحْو سِتِّينَ نفر بمعاليم مَا بَين خبز ودراهم فَعم النَّفْع بِهِ وَيعرف الْيَوْم هَذَا الْوَقْف بالسيفي. وَفِيه وشى الخدام للسُّلْطَان بقاضي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة بِأَنَّهُ قد استولى على الْأَوْقَاف هُوَ وأقاربه وَلم يوصلوا أَرْبَابهَا استحقاقهم. فرسم للطواشي محسن الشهابي والطواشي كافور الْهِنْدِيّ بِأَن يتحدثا فِي الْمدرسَة الأشرفية الْمُجَاورَة للمشهد النفيسي وَكتب لَهما توقيع بذلك ورسم لعلم دَار بِنَظَر الْمدرسَة الناصرية بَين القصرين وبنظر جَامع القلعة. فشق ذَلِك على ابْن جمَاعَة وسعى عِنْد الْأَمِير أرغون العلائي فَلم ينجح سَعْيه.

ص: 380