المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(وفي يوم السبت حادي عشرة) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ٣

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث ذِي الْحجَّة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي رَابِع عشريه)

- ‌(سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت ثَمَانِي عشرى شَوَّال)

- ‌(سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر رَمَضَان)

- ‌(وَفِي سَابِع عشره)

- ‌(فِي ثامن الْمحرم)

- ‌(سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي خَامِس رَمَضَان)

- ‌(وَفِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة)

- ‌(وَفِي ثَانِي عشرى رَمَضَان)

- ‌(سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ تاسعه)

- ‌(سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت تَاسِع عشره)

- ‌(وَفِي يَوْم السبت حادي عشرَة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره)

- ‌(وَفِي هده السّنة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشريه)

- ‌(وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس ذِي الْقعدَة)

- ‌(سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشريه)

الفصل: ‌(وفي يوم السبت حادي عشرة)

فَلَمَّا قدم الْبَرِيد إِلَى دمشق بِكِتَاب أيدغمش وافى قدوم كتاب السُّلْطَان أَيْضا من الكرك يتَضَمَّن الْقَبْض على الْأَمِير طرنطاي البشمقدار والأمير طينال وَحمل مَالهم إِلَى الكرك. وَكَانَ الْأَمِير قطلوبغا الفخري قد ولى طينال نِيَابَة طرابلس وطرنطاي نِيَابَة حمص فَاعْتَذر فِي جَوَابه طينال فِي شغل بحركة الفرنج وَأَشَارَ بألا يُحَرك سَاكن فِي هَذَا الْوَقْت وَسَأَلَ سرعَة حُضُور السُّلْطَان ليسير بالعسكر فِي ركابه إِلَى مصر وَأكْثر الْأَمِير فطلوبغا الفخري من مصادرة النَّاس بِدِمَشْق.

(وَفِي يَوْم السبت حادي عشرَة)

كَانَ حُضُور يلجك ابْن أُخْت قوصون وبرسبغا الْحَاجِب صُحْبَة آقسنقر الناصري من الصَّعِيد. وَفِي خَامِس عشره: اسْتَقر شمس الدّين مُوسَى بن التَّاج إِسْحَاق فِي نظر الْخَاص. وَفِيه أخرج الْأَمِير قطلوبغا الفخري الإقطاعات بأسماء الأجناد وعزل وَولي وَكَانَ دواداره يعلم عَنهُ. وَفِي هَذِه الْأَيَّام: قدم الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر نَائِب حلب من بِلَاد أرتنا إِلَى دمشق فَتَلقاهُ الْأَمِير قطلوبغا الفخري وأنزله فِي مَكَان يَلِيق بِهِ وَبعث قطلوبغا من يَوْمه بالأمير آقسنقر السلاري نَائِب غَزَّة ليتلقى الْأُمَرَاء. وَفِيه قدم كتاب السُّلْطَان من الكرك إِلَى قطلوبغا الفخري يتَضَمَّن قدوم الْأُمَرَاء من مصر وَأَنه لم يجْتَمع بهم وَأَنه فِي انْتِظَار قدوم الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر من بِلَاد أرتنا إِلَى حلب وَأَنه لَا يخرج من الكرك قبل ذَلِك. فَكتب قطلوبغا الفخري الْجَواب بقدوم طشتمر وَأَشَارَ على السُّلْطَان بِسُرْعَة الْحَرَكَة إِلَى دمشق. وَأخذ الفخري فِي تجهيز جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ السُّلْطَان وَفِي ظَنّه أَن السُّلْطَان يسير إِلَيْهِ بِدِمَشْق فيركب فِي خدمته بالعساكر إِلَى مصر فَلم يشْعر إِلَّا وَكتاب السُّلْطَان قد ورد عَلَيْهِ مَعَ بعض الكركيين يتَضَمَّن أَنه يركب من دمشق ليجتمح مَعَ السُّلْطَان على غَزَّة. فشق ذَلِك عَلَيْهِ وَسَار من دمشق بعساكرها وبمن استجده من أهل الطَّاعَة حَتَّى قدم غَزَّة فِي عدد كَبِير فلتقاه جنكلي بن البابا والأمير بيبرس الأحمدي والأمير قماري. وَكَانَ قدوم قَاصد السُّلْطَان من الكرك لكشف من فِي السجون من الْأُمَرَاء فَمضى إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة بِسَبَب ذَلِك وَورد كِتَابه على الْأَمِير أيدغمش بالشكر على مَا فعله وَجعل لَهُ أَن يحكم حَتَّى يحضر السُّلْطَان.

ص: 358

وَفِيه قبض على خَمْسَة وَثَمَانِينَ من مماليك قوصون فقيدوا وسجنوا بخزانة شمايل. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء عشريه: قبض على ولد الْأَمِير جركتمر بن بهادر وعمره نَحْو اثْنَتَيْ عشرَة سنة إرضاء لأم الْمَنْصُور أبي بكر. وَفِي الْخَمِيس سلخه: وصل عبد الْمُؤمن وَالِي قوص مُقَيّدا صُحْبَة شُجَاع الدّين قنغلي المتوجه إِلَى قوص وَكَانَ قد توجه لإحضاره وَكتب إِلَى الوافدية أجناد قوص وَالِي العربان بِأخذ الطرقات عَلَيْهِ. فَلَمَّا قدم قنغلي إِلَى قوص ركب لَيْلًا بالوافدية وأحاط بدار الْولَايَة فَلبس عبد الْمُؤمن سلاحه وألبس جماعته وَقَاتل قنغلي وَرِجَاله حَتَّى نجا مِنْهُم وهم فِي أَثَره يَوْمَيْنِ وليلتين يأخدون من انْقَطع من أَصْحَابه حَتَّى أمسكوه وقيدوه. وعندما وصل ابْن الْمُؤمن إِلَى الْقَاهِرَة خرجت الْعَامَّة إِلَى رُؤْيَته وقصدوا قَتله فأركب إِلَيْهِ الْأَمِير أيدغمش جمَاعَة حَتَّى حموه وَأتوا بِهِ إِلَى القلعة فَلَمَّا طلعها أَقَامَت أم الْمَنْصُور أبي بكر العزاء وَأمر بِهِ فسجن. وَفِي لَيْلَة الْجُمُعَة أول شهر رَمَضَان: نزلت أم الْمَنْصُور أبي بكر من القلعة وَمَعَهَا مائَة خَادِم وَمِائَة جَارِيَة لعمل العزاء: فَدخلت بَيت جركتمر بن بهادر ونهبت مَا فِيهِ وألقته إِلَى من تبعها من الْعَامَّة ففرت حرم جركتمر مِنْهَا حَتَّى نجت من الْقَتْل. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء خامسه: تفاوض الأميران ملكتمر الْحِجَازِي ويلبغا اليحياوي حَتَّى خرجا إِلَى الْمُخَاصمَة وَصَارَ لكل مِنْهَا طَائِفَة ولبسوا آلَة الْحَرْب. فتجمعت الغوغاء تَحت القلعة لنهب بيُوت من ينكسر من الْفَرِيقَيْنِ فَلم يزل الْأَمِير أيدغمش بهم حَتَّى كفوا عَن الْقِتَال وَبعث إِلَى الْعَامَّة جمَاعَة من الأوجاقية فقبضوا على جمَاعَة مِنْهُم وأودعهم السجْن. وَفِي سادسه: قبض على جمَاعَة من القوصونية. وَفِي يَوْم الْخَمِيس سابعه: قدم أَوْلَاد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون من قوص وعدتهم سِتَّة. فَركب الْأُمَرَاء إِلَى لقائهم وهرعت الْعَامَّة إِلَيْهِم. فَسَارُوا من الحراقة على القرافة حَتَّى حاذوا تربة جركتمر فصاحت الْعَامَّة: هَذِه تربة الَّذِي قتل أستاذنا الْملك الْمَنْصُور وهجموها وَأخذُوا مَا فِيهَا وخربوها حَتَّى صَارَت كوم تُرَاب. فَلَمَّا وصل أَوْلَاد السُّلْطَان تَحت القلعة أَتَاهُم الْأَمِير جمال الدّين يُوسُف وَالِي الجيزة الَّذِي تولى الْقَاهِرَة وَقتل ركبة رَمَضَان ابْن السُّلْطَان فرفسه بِرجلِهِ وسبه وَقَالَ: أتنسى وَنحن فِي الحراقة عِنْد توجهنا لقوص وَقد طلبنا مأكلاً من الجيزة فَقلت خذوهم وروحوا إِلَى لعنة الله مَا عندنَا شَيْء فصاحت بِهِ الْعَامَّة: لله مكنا من نهبه هَذَا

ص: 359

قوصوني فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَن انهبوا بَيته فتسارعوا فِي الْحَال إِلَى بَيته المجاور للجامع الظَّاهِرِيّ من الحسينية حَتَّى صَارُوا مِنْهُ إِلَى بَاب الْفتُوح. فَقَامَتْ إخْوَته وَمن يلوذ بِهِ فِي دفع الْعَامَّة بِالسِّلَاحِ وَبعث الْأَمِير أيدغمش أَيْضا بِجَمَاعَة ليردهم عَن النهب وَخرج إِلَيْهِم نجم الدّين وَالِي الْقَاهِرَة وَكَانَ أمرا مهولاً قتل فِيهِ من الْعَامَّة عشرَة رجال وجرح خلق كثير وَلم ينتهب شَيْء. وَفِي يَوْم الْأَحَد عاشره: قدم مَمْلُوك الْأَمِير قطلوبغا الفخري ومملوك الْأَمِير طقزدمر بوصول العساكر إِلَى غَزَّة فِي انْتِظَار قدوم السلالان إِلَيْهِم من الكرك وَأَن يحلف جَمِيع أُمَرَاء مصر وعساكرها على الْعَادة. فَجمعُوا بالميدان وأخرجت نُسْخَة الْيَمين المحضرة فَإِذا هِيَ تَتَضَمَّن الْحلف للسُّلْطَان ثمَّ للأمير قطلوبغا الفخري. فتوقف الْأُمَرَاء عَن الْحلف لقطلوبغا حَتَّى ابْتَدَأَ الْأَمِير أيدغمش وَحلف فَتَبِعَهُ الْجَمِيع خوفًا من وُقُوع الْفِتْنَة وجهزت نُسْخَة الْيَمين إِلَى قطلوبغا. وَفِيه قبض على عدَّة من الْعَامَّة نهبوا بعض كنائس النَّصَارَى وصلبوا تَحت القلعة ثمَّ أطْلقُوا. وَأما الْعَسْكَر الشَّامي فَإِنَّهُ أَقَامَ بغزة وَقد جمع لَهُم نائبها آقسنقر الإقامات من بِلَاد الشوبك وَغَيرهَا حَتَّى صَار عِنْده ثَلَاثَة آلَاف غرارة من الشّعير وَأَرْبَعَة أُلَّاف رَأس من الْغنم غير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج عَلَيْهِ. وَكتب الْأُمَرَاء إِلَى السُّلْطَان بقدومهم صُحْبَة مماليكهم مَعَ الْأَمِير قماري أَمِير شكار فَسَارُوا إِلَى الكرك وَقد قدمهَا أَيْضا الْأَمِير يحيى بن طايربغا صهر السُّلْطَان برسالة الْأَمِير أيدغمش يستحثه على الْمسير إِلَى مصر فأقاموا جَمِيعًا ثَلَاثَة أَيَّام لم يُؤذن لَهُم فِي دُخُول الْمَدِينَة. ثمَّ أَتَاهُم كَاتب نَصْرَانِيّ وبازدار يُقَال لَهُ أَبُو بكر ويوسف بن البصال وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة هم خَاصَّة السُّلْطَان من أهل الكرك فَسَلمُوا عَلَيْهِم وطلبوا مَا مَعَهم من الْكتب. فشق ذَلِك على الْأَمِير قماري وَقَالَ لَهُم: مَعنا مشافهات من الْأُمَرَاء للسُّلْطَان ولابد من الِاجْتِمَاع بِهِ. فَقَالُوا: لَا يُمكن الِاجْتِمَاع بِهِ وَقد رسم إِن كَانَ مَعكُمْ كتاب أَو مشافهة أَن تعلمونا بهَا. فَلم يَجدوا بدا من دفع الْكتب إِلَيْهِم وَأَقَامُوا إِلَى غَد. فجاءتهم كتب مختومه وَقيل للأمير يحيى. اذْهَبْ إِلَى عِنْد الْأُمَرَاء بغزة فَسَارُوا جَمِيعًا عائدين إِلَى غزه فَإِذا فِي الْكتب الثَّنَاء على الْأُمَرَاء وَأَن يتوجهوا إِلَى مصر فَإِن السُّلْطَان يقْصد مصر بمفرده ويسبقهم. فتغيرت خواطرهم وَقَالُوا وطالوا وَخرج قطلوبغا الفخري عَن الْحَد وأفرط بِهِ الْغَضَب وعزم على الْخلاف. فَركب إِلَيْهِ الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر نَائِب حلب والأمير جنكلي بن البابا والأمير بيبرس الأحمدي ومازالوا بِهِ حَتَّى كف عَمَّا عزم عَلَيْهِ وَوَافَقَ على الْمسير وكتبو بِمَا كَانَ من ذَلِك إِلَى الْأَمِير أيدغمش وتوجهوا جَمِيعًا من غَزَّة يُرِيدُونَ مصر.

ص: 360

وَكَانَ أيدغمش قد بعث وَلَده بِالْخَيْلِ الْخَاص إِلَى السُّلْطَان فَلَمَّا وصل الكرك أرسل السُّلْطَان من أَخذ مِنْهُ الْخَيل ورسم بعوده إِلَى أَبِيه. وَأخرج السُّلْطَان من الكرك رجلا يعرف بِأبي بكر البزدار وَمَعَهُ رجلَانِ ليبشروا بقدومه فوصلوا إِلَى الْأَمِير أيدغمش فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشريه بلغوه السَّلَام من السُّلْطَان وعرفوه أَنه قد ركب الهجن وَسَار على الْبَريَّة صُحْبَة الْعَرَب وَأَنه يصابح أَو يماسي فَخلع عَلَيْهِم أيدغمش وبعثهم إِلَى الْأُمَرَاء فَأَعْطَاهُمْ كل من الْأُمَرَاء المقدمين خَمْسَة أُلَّاف دِرْهَم وَأَعْطَاهُمْ بَقِيَّة الْأُمَرَاء على قدر حَالهم وَخرج الْعَامَّة إِلَى لِقَاء السُّلْطَان. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشريه: قدم قَاصد السُّلْطَان إِلَى الْأَمِير أيدغمش بِأَن السُّلْطَان يَأْتِي لَيْلًا من بَاب القرافة وَأمره أَن يفتح لَهُ بَاب السِّرّ حَتَّى يعبر مِنْهُ ففتحه. وَجلسَ أيدغمش وألطنبغا المارداني حَتَّى مضى جَانب من لَيْلَة الْخَمِيس ثامن عشريه أقبل السُّلْطَان فِي نَحْو الْعشْرَة رجال من أهل الكرك وَقد تلثم وَعَلِيهِ ثِيَاب مفرجة فتلقوه وسلموا عَلَيْهِ فَلم يقف مَعَهم وَأخذ جماعته وَدخل بهم. وَرجع الْأُمَرَاء وهم يتعجبون من أمره وَأَصْبحُوا فدقت البشائر بالقلعة وزينت الْقَاهِرَة ومصر. واستدعى السُّلْطَان الْأَمِير أيدغمش فِي بكرَة يَوْم الْجُمُعَة فَدخل إِلَيْهِ وَقبل لَهُ الأَرْض فاستدناه السُّلْطَان وَطيب خاطره وَقَالَ لَهُ: أَنا مَا كنت أتطلع إِلَى الْملك وَكنت قانعاً بذلك الْمَكَان فَلَمَّا سيرتم فِي طلبي مَا أمكنني إِلَّا أَن أحضر كَمَا رسمتم فَقَامَ أيدغمش وَقبل الأَرْض ثَانِيًا. ثمَّ كتب أيدغمش عَن السُّلْطَان إِلَى الْأُمَرَاء الشاميين يعرفهُمْ بقدومه إِلَى مصر وَأَنه فِي انتظارهم وَكتب علامته بَين الأسطر الْمَمْلُوك أَحْمد بن مُحَمَّد وَكتب إِلَيْهِم أيدغمش أَيْضا. وَخرج مَمْلُوكه بذلك على الْبَرِيد فَلَقِيَهُمْ على الورادة فَلم يعجبهم هَيْئَة عبور السُّلْطَان وَكَتَبُوا إِلَى أيدغمش بِأَن يخرج إِلَيْهِم هُوَ والأمراء إِلَى سرياقوس ليتفقوا على مَا يَفْعَلُونَهُ. فَلَمَّا كَانَ يَوْم عيد الْفطر منع السُّلْطَان السماط وَمنع الْأُمَرَاء من طُلُوع القلعة ورسم أَن يعْمل كل أَمِير سماطه فِي دَاره وَلم ينزل لصَلَاة الْعِيد وَأمر الطواشي عنبر المسحرتي مقدم المماليك ونائبه الطواشي الْإِسْمَاعِيلِيّ أَن يجلسا على بَاب القلعة ويمنعا من يدْخل عَلَيْهِ. وخلا السُّلْطَان بِنَفسِهِ مَعَ الكركيين فَكَانَ الْحَاج عَليّ إخْوَان سلار إِذا أَتَى مَعَ الطَّعَام على عَادَته خرج إِلَيْهِ يُوسُف وَأَبُو بكر البزدار وأطعماه ششني

ص: 361

وتسلما مِنْهُ السماط وعبرا بِهِ إِلَى السُّلْطَان ووقف خوان سلار وَمن مَعَه حَتَّى يخرج إِلَيْهِم الماعون. وَحدث جمال الدّين بن المغربي رَئِيس الْأَطِبَّاء أَن السُّلْطَان استدعاه وَقد عرض لَهُ وجع فِي رَأسه فَوَجَدَهُ جَالِسا وَإِلَى جَانِبه شَاب من أهل الكرك جَالس وَبَقِيَّة الكركيين قيام فوصف لَهُ مَا يُنَاسِبه وَتردد إِلَيْهِ يَوْمَيْنِ وَهُوَ على هَذِه الْهَيْئَة. وَفِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع شَوَّال: قدم الْأَمِير قطلوبغا الفخري والأمير طشتمر حمص أَخْضَر وَجَمِيع أُمَرَاء الشَّام وقضاتها والوزراء ونواب القلاع فِي عَالم كَبِير حَتَّى سدوا الْأُفق وَنزل كثير مِنْهُم تَحت القلعة فِي الخيم. وَكَانَ قد خرج إِلَى لقائهم الْأَمِير أيدغمش والحاج آل ملك والجاولي وألطنبغا المارداني وَأخذ قطلوبغا الفخري يتحدث مَعَ أيدغمش فِيمَا عمله السُّلْطَان من قدومه فِي زِيّ العربان واختصاصه بالكركيين وَإِقَامَة أبي بكر البزدار حاجباً. وَأنكر أيدغمش ذَلِك على السُّلْطَان غَايَة الْإِنْكَار وَطلب من الْأُمَرَاء مُوَافَقَته على خلعه ورده إِلَى مَكَانَهُ فَلم يُمكنهُ الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر من ذَلِك وساعده الْأُمَرَاء أَيْضا ومازالوا بِهِ إِلَى أَن أعرض عَمَّا هم بِهِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ عاشره: ألبس السُّلْطَان وَجلسَ على تخت الْملك وَقد حضر الْخَلِيفَة الْحَاكِم بِأَمْر الله وقضاة مصر الْأَرْبَعَة وقضاة دمشق الْأَرْبَعَة وجيع الْأُمَرَاء والمقدمين. وعهد إِلَيْهِ الْخَلِيفَة وَقبل الْأُمَرَاء الأَرْض على الْعَادة ثمَّ قَامَ العالمان على قَدَمَيْهِ فَتقدم الْأُمَرَاء وباسوا يَده وَاحِدًا بعد وَاحِد على مَرَاتِبهمْ وَجَاء الْخَلِيفَة بعدهمْ وقضاة الْقُضَاة مَا عدا الحسام حسن بن مُحَمَّد الغوري فَإِنَّهُ لما طلع مَعَ الْقُضَاة وجلسوا بِجَامِع القلعة حَتَّى يُؤذن لَهُم على الْعَادة جمع عَلَيْهِ صبي من صبيان المطبخ السلطاني جمعا كَبِيرا من الأوباش لحقد كَانَ فِي نَفسه عَلَيْهِ عِنْدَمَا تحاكم هُوَ وَزَوجته عِنْده فَإِنَّهُ أهانه وضربه وهجم هَذَا الصَّبِي على الْقُضَاة بأوباشه وَمد يَده إِلَى الغوري من بَينهم فأقامه الأوباش وحرقوا عمَامَته وَقَطعُوا ثِيَابه وهم يسحبونه ويصيحون عَلَيْهِ: يَا قوصوني ثمَّ ضربوه بالنعال ضربا مؤلماً وَقَالُوا لَهُ: يَا كَافِر يَا فَاسق فارتجت

ص: 362