الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة)
أهلت وَالسُّلْطَان بسرياقوس. وَفِي يَوْم السبت ثَانِي الْمحرم: قدم الْفَخر نَاظر الْجَيْش من الْحجاز. وَفِيه قدم بدر الدّين بن عَلَاء الدّين بن الْأَثِير كَاتب السِّرّ وَقد اشْتَدَّ بِأَبِيهِ مرض الفالج وَانْقطع عَن الْخدمَة فَخلع عَلَيْهِ وَجلسَ فِي رُتْبَة أَبِيه وباشر وَفِي ظَنّه أَنه يسْتَقرّ عوضه. فَخرج الْبَرِيد بِطَلَب محيي الدّين بن فضل الله كَاتب سر دمشق فَقدم وَمَعَهُ وَلَده شهَاب الدّين أَحْمد وَشرف الدّين أَبُو بكر بن الشهَاب مَحْمُود وخلع على محيي الدّين خلعة كِتَابَة السِّرّ بديار مصر عوضا عَن ابْن الْأَثِير وعَلى شرف الدّين بِكِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق عوضا عَن محيي الدّين فِي يَوْم الْأَحَد سَابِع عشره. وَفِي ثَالِث عشره: اسْتَقر بيبرس الجمدار فِي ولَايَة إسكندربة عوضا عَن الرُّكْن الكركي. وَفِي يَوْم الْأَحَد رَابِع عشريه: قدم الْأَمِير أيتمش المحمدي من بِلَاد الْعرَاق بِجَوَاب القان أبي سعيد. وَفِيه أنعم على الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي بإمرة أَمِير عَليّ بن قراسنقر الْمُنْتَقل إِلَى دمشق وَفِيه أنعم على لاحين الخاصكي بإمرة طبلخاناه عوضا عَن مُحَمَّد بيه بن جمق بِحكم عوده إِلَى بِلَاد التتار. وَفِي يَوْم السبت سَابِع صفر: قدمت رسل أبي سعيد وجهزوا إِلَى المنوفية للقاء السُّلْطَان فأدوا رسالتهم وعادوا إِلَى قلعة الْجَبَل. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشره: قدم السللطان من الصَّيْد سالما. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ أول شهر ربيع الأول: أُعِيد شمس الدّين بن قزوينة إِلَى نظر الدَّوَاوِين على عَادَته وأضيف مَا كَانَ بِيَدِهِ من نظر الْبيُوت إِلَى مجد الدّين إِبْرَاهِيم بن لفيتة مَعَ مَا بِيَدِهِ من نظر الدَّوَاوِين وخلع عَلَيْهِمَا.
وَفِيه رسم بِخُرُوج عَليّ وَفرج وَلَدي قراسنقر فسارا إِلَى دمشق وقدماها فِي ثَالِث ربيع الآخر. وَفِي خَامِس ربيع الآخر: اسْتَقر صَلَاح الدّين يُوسُف بن دَاوُد بن قبجق شاد الدَّوَاوِين ثمَّ عزل فِي سادس عشر شعْبَان وَاسْتقر فِي ولَايَة الجيزة عوضا عَن بلبان الحسني. وَنقل بلبان إِلَى ولَايَة دمياط عوضا عَن الكركي. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ سَابِع عشر جُمَادَى الأولى: رسم بردم الْجب الَّذِي بقلعة الْجَبَل لما بلغ السُّلْطَان أَنه شنيع المنظر شَدِيد الظلمَة كثير الوطاويط كره الرَّائِحَة وَأَنه يمر بالمحابيس فِيهِ شَدَائِد عَظِيمَة فردم وَعمر فَوْقه طباق للمماليك وَكَانَ عمل هَذَا الْجب فِي سنة احدى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة فِي الْأَيَّام المنصورية قلاوون. وَفِيه قدمت رسل الشَّيْخ حسن بن الجلايري وَكَانَ الشَّيْخ حسن هَذَا قد أصبح نَائِب القان أبي سعيد وَهُوَ ابْن عمته وَزوج بَغْدَاد خاتون بنت جوباني. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة: قدم الْأَمِير سيف الدّين أرغون نَائِب حلب باستدعاء مخرج الْأَمِير ألمالس الْحَاجِب وتلقاه من قبَّة النَّصْر خَارج الْقَاهِرَة وَصعد بِهِ قلعة الْجَبَل فَأكْرمه السُّلْطَان وَعَزاهُ فِي وَلَده وخلع عَلَيْهِ وأنزله فِي دَاره على الْكَبْش. وَطلب أرغون شرف الدّين الخطير نَاظر ديوانه وَسَأَلَهُ عَن أَمْوَاله وغلاله وحواصله فَأسر لَهُ بِأَن السُّلْطَان لم يبْق لَهُ مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل فَسكت ثمَّ استدعاه السُّلْطَان يَوْم الْخَمِيس سادس عشريه وخلع عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ إِلَى حلب. وَفِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشريه: قدمت رسل أبي سعيد فِي طلب الْمُصَاهَرَة وَمَعَهُمْ اثْنَا عشر إكديشاً بِجلَال جوخ وَاثْنَانِ عري. وَفِي عَاشر شهر رَجَب: قدم الْأَمِير سيف الدّين طينال الْحَاجِب نَائِب طرابلس
بسؤاله ليحاقق شكاته وَمَعَهُ هَدِيَّة فَوقف وحاققهم وساعده الْأُمَرَاء إِلَى أَن عَاد إِلَى طرابلس فِي خَامِس عشريه. وَفِي يَوْم الْأَحَد حادي عشريه: رسم بعزل الْمجد بن لفيتة فعزل من نظر الدَّوَاوِين وَنظر الصُّحْبَة وَنظر الْبيُوت وعزل أَيْضا ابْن قروينة من نظر الدَّوَاوِين. وَاسْتقر عوضهما فِي نظر الدولة علم الدّين إِبْرَاهِيم بن التَّاج إِسْحَاق وتقي الدّين عمر بن الْوَزير شمس الدّين مُحَمَّد بن السلعوس وَكَانَ يَلِي صحابة ديوَان دمشق فأحضر مِنْهَا فِي ثامن عشره وخلع عَلَيْهِمَا. وَاسْتقر فِي نظر خزانَة تَاج الدّين مُوسَى بن التَّاج اسحاق عوضا عَن أَخِيه علم الدّين. فباشر الْعلم وتقي الدّين بن السلعوس النّظر مَعَ الْأَمِير مغلطاي الجمالي الْوَزير - وَكَانَ أمره فِي الوزارة ضَعِيفا - إِلَى يَوْم الْأَحَد ثَانِي شَوَّال ثمَّ رسم بتوفير الوزارة فتوفرت وَاسْتمرّ الجمالي فِي الأستادارية على عَادَته. وَسبب ذَلِك توقف حَال الدول من قلَّة الْوَاصِل وَكَثْرَة إغراء الْفَخر نَاظر الْجَيْش والتاج إِسْحَاق بن القماط نَاظر الْخَاص السُّلْطَان بالجمالي لكراهتهما فِي الْمجد بن لفيتة فَإِنَّهُ كَانَ قد استولى على الجمالي حِين صَار أَمر الوزارة إِلَيْهِ وكتبت فِيهِ مرافعات أَنه أَخذ مَالا كثيرا وَتَوَلَّى الْأَمِير أيتمش الْكَشْف عَلَيْهِ. فَلَمَّا ولي الْعلم بن التَّاج النّظر وباشر مُوسَى الْخَاص نِيَابَة عَن أَبِيه صَار الْعلم يكْتب كل يَوْم أوراقاً بالجاري ثمَّ يرفعها للسُّلْطَان مِمَّا تحصل وَانْصَرف وَيدخل بهَا إِلَيْهِ وَمَعَهُ ابْن السلعوس رَفِيقه وَابْن هِلَال الدولة الشاد. فانحصر المباشرون ومشت أُمُور الدولة بمرسوم السُّلْطَان على مَا يقرره وَحمل مَال الجيزة بِكَمَالِهِ إِلَى خزانَة الْخَاص وَلم يصرف مِنْهُ شَيْء. وَفِي ثَانِي عشريه: تولى قشتمر الْمحلة. وَفِي خَامِس عشريه: أنعم على آقبرس بن عَلَاء الدّين طيبرس بإقطاع الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغدي الْخَوَارِزْمِيّ الْحَاجِب بعد مَوته بِدِمَشْق فَتوجه إِلَيْهَا. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث شَوَّال: اسْتَقر عَلَاء الدّين أيدمر العلائي عرف بالزراق وَفِي ولَايَة الْقَاهِرَة عوضا عَن قدادار عِنْد توحهه إِلَى الْحجاز. وَفِيه أَيْضا اسْتَقر عَلَاء الدّين ابْن هِلَال الدولة شاد الدَّوَاوِين مُضَافا لشد الْخَاص. وَفِي سادسه: عزل صَلَاح الدّين الدوادار عَن الجيزة وَاسْتقر من جملَة الْأُمَرَاء وَولي الجيزة جمال الدّين يُوسُف الجاكي وَالِي الشرقية وَاسْتقر فِي الشرقية عوضه الحسام طرنطاي القلنجقي.
وَفِي يَوْم الْأَحَد نصف ذِي الْقعدَة: جلس السُّلْطَان بالميدان تَحت القلعة وَعرض الْكتاب بدواوين الْأُمَرَاء. وَطلب السُّلْطَان الْمجد بن لفيتة وَابْن قزوينة الناظرين المنفصلين والمكين بن قزوينة مُسْتَوْفِي الصُّحْبَة وَأمين الدّين موط مُسْتَوْفِي الخزانة ورسم عَلَيْهِم وسلمهم إِلَى الْأَمِير الدمر حاندار ليخلص مِنْهُم سِتّمائَة ألف دِرْهَم انساقت بَاقِيا بالجيزة. فَحمل ألدمر من جِهَة قشتمر وَالِي الجيزة مبلغ مِائَتي دِرْهَم وَمن ابْن سقرور مُسْتَوْفِي الجيزة زِيَادَة على سبعين ألف دِرْهَم. ورسم السُّلْطَان بِقطع أخباز المشدين على الْجِهَات بأسرهم وَقرر عوضهم. وأحضر السُّلْطَان مَشَايِخ الجيزة وَكتب عَلَيْهِم سجلات أراضيها بِحُضُورِهِ وَلم يسمع بِهَذَا فِيمَا سلف. ثمَّ أفرج السُّلْطَان عَن الناظرين المنفصلين والمستوفين بَعْدَمَا استخرج مِنْهُم بعض مَا قرر عَلَيْهِم. وفيهَا رسم للحاجب أَن يتَقَدَّم بألا يُبَاع مَمْلُوك تركي لكاتب وَلَا عَامي وَمن وجد عِنْده مِنْهُم مَمْلُوك فليبعه وَمن عثر عَلَيْهِ بعد ذَلِك أَن عِنْده مَمْلُوكا طولع بِهِ السُّلْطَان فَبَاعَ النَّاس مماليكهم وأخفوا بَعضهم. وفيهَا عرض السُّلْطَان مماليك الطاق والبرانيين وَقطع مِنْهُم مائَة وَخمسين وأخرجهم من يومهم ففرقوا بقلاع الشَّام. وفيهَا صرف شهَاب الدّين أَحْمد بن المهمندار عَن نقابة الْجَيْش بالأمير عز الدّين أيدمر دقماق. وفيهَا قتل الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام الْكلاب بِدِمَشْق فَتَجَاوز عدد مَا قتل مِنْهَا خَمْسَة الْأَمِير سعد الدّين سعيد بن أَمِير حُسَيْن فِي ثامن عشر الْمحرم وأنعم بإمرته على تكلان. وَمَات الْأَمِير غرس الدّين خَلِيل بن الإربدي أحد أُمَرَاء العشرات فِي سادس صفر وأنعم بإمرته على أياجي الساقي. وَمَات الْأَمِير الْكَبِير شرف الدّين حُسَيْن بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل بن جندو باك
الرُّومِي فِي سادس الْمحرم قدم صُحْبَة أَبِيه إِلَى مصر فِي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة فِي الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة بيبرس فِي جملَة من قدم من أهل الرّوم بعد مَا كَانَ أَبوهُ أَمِير جندار متملك الرّوم فترقى حَتَّى نادم الأفرم نَائِب دمشق فأنعم عَلَيْهِ بإمرة فَلَمَّا قدم النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاون دمشق من الكرك وتحرك لأخذ السلطنة كَانَ الْأَمِير شرف الدّين حُسَيْن مِمَّن سَار فِي خدمته إِلَى مصر فَنَوَّهَ بِهِ وَأَعْطَاهُ أمرة ثمَّ قَرَّرَهُ أَمِير شكار بعد وَفَاة كشرى وأعجب بِهِ وَإِلَيْهِ ينْسب جَامع أَمِير حُسَيْن وقنطرة أَمِير حُسَيْن على الخليج خَارج الْقَاهِرَة قَرِيبا من بُسْتَان الْعدة. وَمَات الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن الكافري وَالِي قوص وَولي عوضه غرس الدّين خَلِيل أَخُو طقصباي الناصري. وَمَات سنجر الأيدمري أحد العشرات فِي ثَالِث عشر ربيع الأول وأنعم بإمرته على ساطلمش الناصري. وَمَات الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الحسامي الْمَعْرُوف بالحاحب فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشريه ربيع الآخر فأنعم على وَلَده نَاصِر الدّين مُحَمَّد بإمرة عشرَة وسنه يَوْمئِذٍ
ثَلَاث عشرَة سنة وَفرق إقطاعه بَين جمَاعَة: فكمل مِنْهُ للامير طرغاي الجاشنكير تقدمة ألف. وأنعم مِنْهُ على صَلَاح الدّين يُوسُف بن الأسعد بِنَاحِيَة جوجر وَاسْتقر شاد الدَّوَاوِين وأنعم مِنْهُ على الْأَمِير قوصون بمنية زفتا وَكَانَ بكتمر هَذَا من جملَة مماليك الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي نَائِب السلطنة المنصورية قلاوون أَخذه فِي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة فِيمَا أَخذ من مماليك السُّلْطَان غياث الدّين كيخسرو متملك الرّوم عِنْدَمَا دخل الظَّاهِر بيبرس إِلَى مَدِينَة قصرية الرّوم وَاسْتولى عَلَيْهَا فَصَارَ بكتمر إِلَى طرنطاي وَهُوَ حِينَئِذٍ مَمْلُوك الْأَمِير سيف الدّين قلاوون فرباه وَأعْتقهُ فَلَمَّا قتل طرنطاي صَار بكتمر إِلَى الْأَشْرَاف خَلِيل بن قلاوون فرتبه فِي جملَة الأوشاقية بالإصطبل السلطاني ثمَّ نَقله الْمَنْصُور لاجين وَعَمله أَمِير أخور صَغِيرا ثمَّ أنعم عَلَيْهِ بإمرة عشرَة بعد وَفَاة الفاخري ومازال بكتمر يترقى حَتَّى ولي الوزارة والحجوبية ونيابة غَزَّة ونيابة صفد فِي الْأَيَّام الناصرية وَإِلَيْهِ تنْسب مدرسة الْحَاجِب وَدَار
الْحَاجِب خَارج بَاب النَّصْر من الْقَاهِرَة وَكَانَ بكتمر من أَغْنِيَاء الْأُمَرَاء الكثري المَال المعروفين بالشح. وَتُوفِّي ضِيَاء الدّين أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن فلاح بن مُحَمَّد الإسْكَنْدراني الْمصْرِيّ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشر شعْبَان ومولده فِي نصف ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة سمع من ابْن عبد الدَّائِم وَالْمجد بن عَسَاكِر وَابْن أبي الْيُسْر وَجَمَاعَة. وَتُوفِّي عز الدّين أَبُو يعلى حَمْزَة بن الْمُؤَيد أبي الْمَعَالِي بن المظفر بن أسعد بن حمزه بن أَسد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن القلانسي بِدِمَشْق سمع الحَدِيث وَصَارَ رَئِيس الشَّام وَولى وزارة دمشق. وَتُوفِّي الأديب سعد الدّين سعيد بن مَنْصُور بن إِبْرَاهِيم الْحَرَّانِي الْمصْرِيّ بِمصْر وَله شعر جيد. وَتُوفِّي الشَّيْخ جلال الدّين أَبُو بكر عبدا لله بن يُوسُف بن إِسْحَاق بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الدلاصي إِمَام الْجَامِع الْأَزْهَر بِالْقَاهِرَةِ عَن بضع وَثَمَانِينَ سنة وَكَانَ يعْتَقد فِيهِ الْخَيْر ويتبرك بدعائه. وَتُوفِّي قَاضِي الْقُضَاة بِدِمَشْق عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف القونوي الشَّافِعِي فِي يَوْم السبت رَابِع عشر ذِي الْقعدَة وَدفن بسفح قاسيون قدم من بِلَاد الرّوم إِلَى دمشق فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة فدرس بهَا مُدَّة ثمَّ توجه إِلَى الْقَاهِرَة فسكنها وَولي مشيخة الشُّيُوخ بخانكاه سعيد السُّعَدَاء وتصدى للاشتغال بِالْعلمِ وصنف شرح الْحَاوِي فِي الْفِقْه وَغَيره ثمَّ ولي قَضَاء دمشق فباشره
حَتَّى مَاتَ بهَا وَولي بعده قَضَاء دمشق علم الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن عِيسَى الأخنائي. وَتُوفِّي نجم الدّين مُحَمَّد بن عقيل بن أبي الْحسن بن عقيل البالسي الشَّافِعِي بِمصْر نَاب فِي الْقَضَاء ودرس وَشرح التَّنْبِيه فِي الْفِقْه وَكَانَ مُعْتَقدًا فِيهِ الْخَيْر. وَتُوفِّي جمال الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الوَاسِطِيّ الأشموني المولد وَالدَّار عرف بالوجيزي لقرَاءَته كتاب الْوَجِيز فِي الْفِقْه ولي قَضَاء الجيزة وقليوب وَمَات فِي رَجَب وَهُوَ أحد مَشَايِخ الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة. وَتُوفِّي معِين الدّين هبة الله بن علم الدّين مَسْعُود بن عبد الله بن حشيش صَاحب ديوَان الْجَيْش. بِمصْر يَوْم الْإِثْنَيْنِ سادس عشر جُمَادَى الْآخِرَة كَانَ بارعاً فِي الْفِقْه والنحو واللغة وَالْأَدب كَرِيمًا لَهُ شعر جيد ومولده سنة سِتّ وسِتمِائَة. وَتُوفِّي الْأَمِير حسام الدّين لاجين الصَّغِير بقلعة البيرة ولي نِيَابَة غَزَّة ثمَّ نِيَابَة البيرة وَبهَا مَاتَ. وَتُوفِّي الصاحب شرف الدّين يَعْقُوب بن عبد الْكَرِيم بن أبي الْمَعَالِي الْمصْرِيّ بحماة تنقل فِي عدَّة ولايات وَكَانَ جواداً كَرِيمًا كثيرا المَال ممدوحاً. وَتُوفِّي فتح الدّين أَبُو النُّون يُونُس بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْقوي بن قَاسم الْكِنَانِي الْعَسْقَلَانِي الْمَعْرُوف بالدبوسي الْمسند المعمر بِالْقَاهِرَةِ فِي جُمَادَى الأولى وَقد جَاوز التسعين سنه حدث عَن جمَاعَة تفرد بالرواية عَنْهُم. وَتُوفِّي الْأَمِير عز الدّين أيبك الخطيري أَمِير آخور، فِي ثَالِث عشرى ذى الْقعدَة.
وَتُوفِّي الْأَمِير غرلوا الركني بقوص فِي ثَالِث ربيع الآخر. وَتُوفِّي الْأَمِير ساطلمش الفاخر فِي ثَالِث ذِي الْحجَّة وأنعم بإمرته على كوجبا الساقي. وَتُوفِّي الْأَمِير لاجين الإبراهيمي أَمِير جاندار فِي تَاسِع عشرى ذِي الْحجَّة وأنعم بإمرته على برسبغا. وَتُوفِّي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن حنا فِي يَوْم السبت حادي عشر ذِي الْحجَّة. وَتُوفِّي الطواشي نصر شيخ الخدام بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة ومقدم المماليك السُّلْطَانِيَّة يَوْم الْخَمِيس عَاشر رَجَب وَاسْتقر عوضه فِي المشيخة وتقدمة المماليك الطواشي عنبر السحرتي وَكَانَت مُدَّة تقدمته تِسْعَة أشهر. وَمَات عز الدّين القيمري فِي يَوْم السبت حادي عشرى ذِي الْقعدَة.
فارغة
سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة أهلت بِيَوْم الْأَرْبَعَاء وَالسُّلْطَان بِنَاحِيَة سرياقوس وَكَانَ مسيرَة إِلَيْهَا فِي سَابِع عشرى ذِي الْحجَّة. وَفِيه قدم الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام فَبَالغ السُّلْطَان فِي إكرامه وَرفع مَنْزِلَته على عَادَته وَفِي يَوْم السبت: رابعه اسْتَقر علم الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن عِيسَى بن بدر بن رَحْمَة الأخناني قَاضِي الْإسْكَنْدَريَّة فِي قَضَاء الْقُضَاة بِدِمَشْق عوضا عَن عَلَاء الدّين على القونوي وَاسْتقر عوضه فِي قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة علم الدّين الْإِسْنَوِيّ. وَفِي سادسه: اسْتَقر الْأَمِير بكتمر العلائي الأستادار فِي نِيَابَة غَزَّة وَسَار إِلَيْهَا عوضا عَن عز الدّين أيبك الجمالي وَنقل أيبك إِلَى نِيَابَة قلعة البيرة عوضا عَن لاجين الحسامي المنصوري بِحكم وَفَاته. وأنعم على بهادر الدمرداش بإقطاع الْأَمِير بكتمر نَائِب غَزَّة. وَفِي رَابِع عشره: توجه الْأَمِير تنكز إِلَى دمشق بَعْدَمَا أنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان بِمِائَة ألف دِرْهَم وَكتب لَهُ على الْأَعْمَال السامية بِمِائَة ألف أُخْرَى. وَفِي عشريه: قدم الْملك الْمُؤَيد عماد الدّين إِسْمَاعِيل صَاحب حماة فَأكْرمه السُّلْطَان وخلع عَلَيْهِ وعَلى وَلَده. وَفِي تَاسِع صفر: توجه السُّلْطَان إِلَى جِهَة الصَّعِيد وصحبته صَاحب حماة فخيم قَرِيبا من الأهرام وَعَاد فِي ثَالِث عشره من أجل وعك بدنه لظُهُور دمل فِي جسده. وَأقَام السُّلْطَان بقلعة الْجَبَل إِلَى حادي عشريه ثمَّ سَار فَمر بِبِلَاد الصَّعِيد.
وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشر ربيع الأول: جمع الْأَمِير جمال الدّين آقوش نَائِب الكرك الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء بِسَبَب عمل مِنْبَر بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية بَين القصرين من الْقَاهِرَة لإِقَامَة الْجُمُعَة بهَا فأفتوه بِجَوَاز ذَلِك فرتب آقوش خَطِيبًا قرر لَهُ فِي كل شهر خمسين درهما ورتب سِتَّة نفر عَمَلهم مؤذنين لكل وَاحِد عشرَة دِرْهَم فِي كل شهر ولقارئ يقْرَأ الْقُرْآن الْكَرِيم يَوْم الْجُمُعَة فِي مصحف أعده لَهُ مبلغا سَمَّاهُ وأقيمت الْخطْبَة بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشريه فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً. وَجعل آقوش المعاليم الْمَذْكُورَة من عقار وَقفه على ذَلِك. وَفِي هَذَا الشَّهْر تصدق الْأَمِير الْمَذْكُور بِنَحْوِ ثَلَاثَة أُلَّاف أردب من الغلال. وَفِي خَامِس ربيع الآخر: عَاد السُّلْطَان إِلَى قلعة الْجَبَل بعد أَن انْتهى فِي مسيره إِلَى هدينة هُوَ من الصَّعِيد الْأَعْلَى. وَفِي ثامنه: سَار الْمُؤَيد صَاحب حماة من ظَاهر الْقَاهِرَة عَائِدًا إِلَى حماة. وَفِي خَامِس عشريه: سَار السُّلْطَان إِلَى نواحي قليوب يُرِيد الصَّيْد فَبينا هُوَ فِي ذَلِك اذ تقنطر عَن فرسه وانكسرت يَده وَغشيَ عَلَيْهِ سَاعَة وَهُوَ ملقى على الأَرْض ثمَّ أفاف وَقد نزل إِلَيْهِ الْأَمِير أيدغمش أَمِير أخور والأمير قماري أَمِير شكار وأركباه فَأقبل الْأُمَرَاء بأجمعهم إِلَى خدمته وَعَاد السُّلْطَان إِلَى قلعة الْجَبَل فِي عَشِيَّة الْأَحَد ثامن عشريه فَجمع الْأَطِبَّاء والمجبرين لمداواته فَتقدم رجل من المحبرين يعرف بِابْن بوستة وَقَالَ بجفاء وعامية طباع: تُرِيدُ تفيق سَرِيعا اسْمَع مني. فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان: قل مَا عنْدك فَقَالَ: لَا تخل أحدا يداويك غَيْرِي بمفردي وَإِلَّا فسد حَال يدك مثل مَا سلمت رجلك لِابْنِ السيسي أفسدها. وَأَنا مَا أخلي شهرا يمْضِي حَتَّى تركب وتلعب بِيَدِك الأكرة. فأغضى السُّلْطَان عَن جَوَابه وَسلم إِلَيْهِ يَده فَتَوَلّى علاجه بمفرده فبطلت الْخدمَة مُدَّة سَبْعَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا. ثمَّ عوفي السُّلْطَان فزينت الْقَاهِرَة ومصر فِي يَوْم الْأَحَد رَابِع جُمَادَى الْآخِرَة وتفاخر النَّاس فِي الزِّينَة بِحَيْثُ لم تعهد زِينَة مثلهَا وأقامت أسبوعاً تفنن أهل البلدين فِيهِ بأنواع الترف. وَنزلت سِتّ حدق فِي عدَّة من الخدام والجواري حَتَّى رَأَتْ الزِّينَة وَقد اجْتمع أَرْبَاب الملاهي فِي عدَّة أَمَاكِن بِجَمِيعِ آلَات الْمُغنِي. هَذَا والأفراح بالقلعة وَسَائِر بيُوت الْأُمَرَاء مُدَّة الْأُسْبُوع وَمَعَ هَذَا فالبشائر من ضرب الكوسات مستمرة وَكَذَلِكَ طبلخاناه الْأُمَرَاء فَلم يبْق أَمِير إِلَّا وَعمل فِي بَيته فَرحا. وأنعم السُّلْطَان وخلع على كثيرين من أَرْبَاب الْوَظَائِف من الْأُمَرَاء والمماليك السُّلْطَانِيَّة.
ثمَّ خرج السُّلْطَان إِلَى الْقصر الأبلق وَفرق مثالات على الْأَيْتَام وَعمل سماطاً جَلِيلًا وخلع على جَمِيع أَرْبَاب الْوَظَائِف. وأنعم السُّلْطَان على الْمُجبر بِعشْرَة أُلَّاف دِرْهَم ورسم لَهُ أَن يَدُور على جَمِيع الْأُمَرَاء فَلم يتَأَخَّر أحد من الْأُمَرَاء عَن إفَاضَة الْخلْع عَلَيْهِ وإعطائه المَال فَحصل لَهُ مَا يجل وَصفه وَكَانَت هَذِه الْأَيَّام مِمَّا ينْدر وُقُوع مثله. وَفِي خَامِس عشره: قدمت رسل ريدافرنس فِي طلب الْقُدس وبلاد السَّاحِل وعدتهم مائَة وَعِشْرُونَ رجلا فَأنْكر السُّلْطَان عَلَيْهِم وعَلى مرسلهم وأهانهم ثمَّ رسم بعودهم إِلَى بِلَادهمْ. وَفِيه: سَار الْأَمِير أقبغا عبد الْوَاحِد إِلَى الْبِلَاد الشامية يبشر بعافية السُّلْطَان فدقت فِي جَمِيع ممالك الشَّام البشائر وعملت بهَا الأفراح وَحصل لأقبغا من سَائِر أَصْنَاف المَال مَا يجل وَصفه بِحَيْثُ بلغت قِيمَته نَحْو مائَة ألف دِينَار. وَفِيه: عزل علم الدّين الإسنائي عَن قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة لمضادته الْأَمِير ييربر الجمدار نَائِب الثغر. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ سادس عشريه: أفرج عَن الْأَمِير سيف الدّين بهادر المعزى وأنعم عَلَيْهِ بخيل وَثيَاب بَعْدَمَا أَقَامَ فِي الاعتقال خمس عشرَة سنة وَثَلَاثَة أشهر وَسِتَّة عشر يَوْمًا. فَلَمَّا ورد الْخَبَر بوفاة الْأَمِير سيف الدّين بهادر آص وأنعم بتقدمته بِدِمَشْق على الْأَمِير علم الدّين سنجر الجمقدار وَأخرج إِلَى دمشق وأنعم على بهادر المعزى بإقطاع سنجر الْمَذْكُور. وَفِي هَذِه الْمدَّة وَقع بِدِمَشْق اضْطِرَاب فِي عيار الذَّهَب فَإِنَّهُ تغير وَنقص وَغرم النَّاس فِيهِ جملَة كَثِيرَة. وصادر الْأَمِير تنكز أهل دَار الضَّرْب وَأخذ مِنْهُم خمسائة ألف دِرْهَم وتقرر سعر الدِّينَار من تِسْعَة عشر درهما إِلَى أحد وَعشْرين درهما وَأَن يكون صرف الدِّينَار الْجَدِيد وَفِي الْعشْرين من شهر رَجَب: قدمت رسل أبي سعيد بن خربند للهناء بعافية السُّلْطَان فأكرموا وأعيدوا فِي سَابِع عشريه. وقدمت أَيْضا رسل الشَّيْخ حسن الجلايري نَائِب أبي سعيد بعد رحيل الْمَذْكُورين فأدوا رسالتهم وأعيدوا فِي آخِره. وَفِي هَذَا الشَّهْر: أحرقت كنيسه الممكية بِمصْر حَتَّى صَارَت عمدها الرخام جيراً وَكَانَ بجانبها مَسْجِد لم تصبه النَّار فرسم لِلنَّصَارَى بإعادتها فأعيدت.
وفيهَا اشْترى الْأَمِير قوصون دَار الْأَمِير آقوش الْموصِلِي الحاحب عرفت بدار آقوش نميلَة ثمَّ عرفت بدار الْأَمِير جمال الدّين آقوش قتال السَّبع من أربها وَاشْترى قوصون أَيْضا مَا حولهَا وَهدم ذَلِك وَشرع فِي بِنَاء جَامع فَبعث إِلَيْهِ السُّلْطَان بشاد العمائر والأسرى لنقل الْحِجَارَة وَنَحْوهَا فتنجزت عِمَارَته. وَجَاء الْجَامِع من أحسن المبان وَهُوَ بحارة المصامدة خَارج بَاب زويلة قَرِيبا من بركَة الْفِيل وَولي بِنَاء منارتيه رجل من أهل توريز أحضرهُ مَعَه الْأَمِير أيتمش فعملهما على منوال مأذن توريز. وَلما كمل بِنَاء الْجَامِع أُقِيمَت الْجُمُعَة بِهِ فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر شهر رَمَضَان وخطب بِهِ يَوْمئِذٍ قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين مُحَمَّد الْقزْوِينِي وخلع عَلَيْهِ الْأَمِير قولون بعد فَرَاغه وأركبه بغلة ثمَّ اسْتَقر فِي خطابته فَخر الدّين مُحَمَّد بن شكر. وفيهَا قصد الْأَمِير قوصون أَن يتَمَلَّك حمام قتال السَّبع وَهِي الْحمام الْمُجَاورَة فِي وقتنا هَذَا لباب الْجَامِع الَّذِي يدْخل إِلَيْهِ من الشَّارِع وَكَانَت من وقف قتال السَّبع فاحتالوا لحل وَقفهَا بِأَن هدموا جانباً مِنْهَا وأحضروا شُهُودًا قد بينوا مَعَهم ذَلِك ليكتبوا محضراً بِأَن الْحمام خراب لَا ينْتَفع بِهِ وَهُوَ يضر بِالدَّار والمار والخط والمصلحة فِي بيع أنقاضه ليؤدي هَذِه الشَّهَادَة عِنْد قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَحْمد بن عمر الْحَنْبَلِيّ حَتَّى يحكم بَيْعه على مقتضي مذْهبه فعندما شرع الشُّهُود فِي كِتَابَة الْمحْضر الْمَذْكُور امْتنع أحدهم من وضع خطه فِيهِ وَقَالَ: وَالله مَا يسعني من الله أَن أَدخل باكر النَّهَار فِي هَذَا الْحمام وأتطهر فِيهِ وَأخرج وَهُوَ عَامر ثمَّ أشهد بعد ضحوة نَهَار أَنه خراب وَانْصَرف فاستدعي غَيره فَكتب وَأثبت الْمحْضر على الْحَنْبَلِيّ. فَابْتَاعَ الْأَمِير قوصون الْحمام الْمَذْكُور من ولد قتال السَّبع وجدد عِمَارَته. وَفِي ذِي الْحجَّة: اسْتَقر الْأَمِير بدر الدّين بيلبك المحسني فِي ولَايَة الْقَاهِرَة عوضا عَن أيدمر الزراق.