المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(سنة أربع وعشرين وثمانمائة) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ٧

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌(سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة)

- ‌(إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب)

- ‌(سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم)

- ‌(سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة)

- ‌(تحَسْبَهُمْ جمَيْعًا وَقلُوبُهمَشتى ذلِكَ بِأنهُمْ قومُ لَا يَعْقلون)

- ‌(وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ سادس عشره)

- ‌(سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة)

- ‌(سنة أَربع فِي أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة)

الفصل: ‌(سنة أربع وعشرين وثمانمائة)

(سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة)

أهلت وَخَلِيفَة الْوَقْت المعتضد بِاللَّه أَبُو الْفَتْح دَاوُد بن المتَوَكل على الله أبي عبد الله مُحَمَّد. وَالسُّلْطَان بديار مصر وَالشَّام والحجاز الْملك الْمُؤَيد أَبُو النَّصْر شيخ المحمودي الظَّاهِرِيّ وَهُوَ مَرِيض ومعظم عَسْكَر مصر بِمَدِينَة حلب صُحْبَة الْأَمِير الْكَبِير ألطنبغا القرماشي أتابك العساكر وَمَعَهُ من الْأُمَرَاء طوغان أَمِير أخور وألطنبغا من عبد الْوَاحِد - الْمَعْرُوف بالصغير - رَأس نوبَة النوب وألطنبغا المرقبي حَاجِب الْحجاب وجرباش الكريمي رَأس نوبَة وَغَيرهم. وَعند السُّلْطَان من الْأُمَرَاء قجقار القردمي أَمِير سلَاح وططر أَمِير مجْلِس وتنبك ميق العلاي ومقبل الدوادار. والوزير يَوْمئِذٍ الصاحب بدر الدّين حسن بن نصر الله. ووظيفة نظر الْخَاص لَيست بيد أحد وَإِنَّمَا يتحدث فِيهَا عَن السُّلْطَان الطواشي مرجان الْهِنْدِيّ الخازندار. وأستادار الْأَمِير يشبك أينالي. وَكَاتب السِّرّ كَمَال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ وقاضي الْقُضَاة شيخ الْإِسْلَام جلال الدّين عبد الرَّحْمَن بن البُلْقِينِيّ الشَّافِعِي. وقاضي الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة زين الدّين عبد الرَّحْمَن التفهني. وقاضي الْقُضَاة الْمَالِكِيَّة بديار مصر شمس الدّين مُحَمَّد الْبِسَاطِيّ. وقاضي الْقُضَاة الْحَنَابِلَة عَلَاء الدّين عَليّ بن مغلي. ونائب الْإسْكَنْدَريَّة نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن الْعَطَّار. ونائب غَزَّة أركماس الجلباني. ونائب الشَّام جقمق الدوادار. ونائب حلب يشبك اليوسفي ونائب قيصرية الرّوم مُحَمَّد بك بن دلغادر التركماني. ونائب صفد قطلوبغا التنمي. ونائب طرابلس اسنبغا الزردكاش. ونائب حماة أق بلاط. وأمير مَكَّة الشريف حسن بن عجلَان. وأمير الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة الشريف عُزَيْر بن هيازع ومتملك الْيمن الْملك النَّاصِر أَحْمد بن الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل. ومتملك بِلَاد الشرق شاه رخ بن تيمور كركان ومتملك بِلَاد الرّوم سُلْطَان مُحَمَّد كرشجي بن خوندكار بايزيد بن مُرَاد بن عُثْمَان. ومحتسب الْقَاهِرَة إِبْرَاهِيم ابْن الْوَزير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الحسام. ووالي الْقَاهِرَة بكلمش ابْن فري. وَكَاشف الْوَجْه القبلي دمرداش. وَكَاشف الْوَجْه البحري حُسَيْن الْكرْدِي ابْن الشَّيْخ عمر وَكَانَ مشكور السِّيرَة على تقوى كَمَا ذكر. شهر الله الْمحرم الْحَرَام أَوله الْأَحَد: أهل والقمح بِمِائَتي وَثَمَانِينَ درهما الأردب فَمَا دونهَا وَالشعِير كل أردب

ص: 25

بِمِائَة وَسبعين. والفول كل أردب بِمِائَة وَسِتِّينَ وَذَلِكَ سوى كلفه وَلحم الضَّأْن بِتِسْعَة دَرَاهِم الرطل وَلحم الْبَقر بِسِتَّة دَرَاهِم وَنصف كل رَطْل. وَالدِّينَار المشخص بمائتين وَعشرَة دَرَاهِم فُلُوسًا. والمثقال الهرجة بمائتين وَثَلَاثِينَ درهما وَهُوَ قَلِيل الْوُجُود بأيدي النَّاس. وَالدَّرَاهِم المؤيدية كل مؤيدي بسبعة دَرَاهِم فُلُوسًا وَهِي كَثِيرَة بأيدي النَّاس وَقد أتلف أهل الْفساد وَزنهَا ونقصوها بهرشها حَتَّى خفت وضربوا على مثالها نُحَاسا يخالطه يسير من الْفضة فَعَن قَلِيل تنكشف وَيظْهر زيفها. والفلوس كل رَطْل بِسِتَّة دَرَاهِم وَقد فَسدتْ فَإِنَّهُ صَار يخلط مَعَ الْفُلُوس من المسامير الْحَدِيد الْمَكْسُورَة وَمن نعال الْخَيل الْحَدِيد وَنَحْوهَا من قطع النّحاس وَقطع الرصاص شَيْء كثير بِحَيْثُ لَا يكَاد يُوجد فِي القنطار من الْفُلُوس إِلَّا دون ربعه فُلُوسًا وَبَاقِيه حَدِيد ونحاس ورصاص. هَذَا وَالنَّاس فِي الْقَاهِرَة على تخوف وُقُوع الْفِتْنَة بِمَوْت السُّلْطَان. وَقد كثر عَبث المفسدين وقطاع الطَّرِيق بِبِلَاد الصَّعِيد. وفحش قتل الْأَنْفس وَأخذ الْأَمْوَال هُنَاكَ. وَمَعَ ذَلِك فالأسواق كاسدة والبضائع بأيدي التُّجَّار بايرة وَالْأَحْوَال واقفة والشكاية قد عَمت فَلَا تَجِد إِلَّا شاكياً وقُوف حَاله وَقلة مكسبه. وجور الْوُلَاة والحكام وأتباعهم متزايد فتسأل الله حسن الْعَاقِبَة. وَفِي يَوْم الْخَمِيس خامسه: صعد الْأُمَرَاء قلعة الْجَبَل وجلسوا على بَاب الدَّار فَخرج إِلَيْهِم الطواشي وَاعْتذر لَهُم عَن دُخُولهمْ فانصرفوا وَكَانُوا على هَذَا مُنْذُ أَيَّام. والإرجاف يُقَوي فَإِن السُّلْطَان أفرط بِهِ الإسهال مَعَ تنوع الأسقام وتزايد الآلام بِحَيْثُ قَالَ لي طبيبه: لم يبْق مرض من الْأَمْرَاض حَتَّى حصل لَهُ. وَقد افترق الْأُمَرَاء فرقا فَطلب الْأُمَرَاء الَّذين فِي القلعة - وَكَبِيرهمْ ططر - الْأَمِير التَّاج الشويكي وخلعوا عَلَيْهِ فِي بعض دور القلعة وجعلوه وَالِي الْقَاهِرَة وشقها فِي تجمل زَائِد أرهب بِهِ من كَانَ يخَاف مِنْهُ أَن يمد يَده إِلَى النهب من مفسدي الْعَامَّة. وَمَا برح الإرجاف بالسلطان فِي كل يَوْم حَتَّى مَاتَ قبيل الظّهْر من يَوْم الِاثْنَيْنِ تاسعه فارتج النَّاس سَاعَة ثمَّ سكنوا. فَطلب الْقُضَاة والخليفة لإِقَامَة ابْن السُّلْطَان فأقيم فِي السلطنة. وَأخذ فِي جهاز الْمُؤَيد وَصلى عَلَيْهِ خَارج بَاب الْقلَّة وَحمل إِلَى الْجَامِع المؤيدي فَدفن بالقبة قبيل الْعَصْر وَلم يشْهد دَفنه كثير أحد من الْأُمَرَاء والمماليك لتأخرهم بالقلعة فِيمَا يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَاتفقَ فِي أَمر الْمُؤَيد موعظة فِيهَا أعظم عِبْرَة وَهُوَ أَنه لما غسل لم يُوجد لَهُ منشفة

ص: 26

ينشف بهَا فنشف بمنديل بعض من حضر غسله. وَلَا وجد لَهُ مئزر تسر بِهِ عَوْرَته حَتَّى آخذ لَهُ مئنر رصوف صعيدي من فَوق رَأس بعض جواريه فَستر بِهِ وَلَا وجد لَهُ حَتَّى أَخذ لَهُ طاسة يصب عَلَيْهِ بهَا المَاء وَهُوَ يغسل مَعَ كَثْرَة مَا خَلفه من أَنْوَاع الْأَمْوَال. وَمَات وَقد أناف على الْخمسين وَكَانَت مُدَّة ملكه ثَمَانِي سِنِين وَخَمْسَة أشهر وَثَمَانِية أَيَّام. وَكَانَ شجاعاً مقداماً يحب أهل الْعلم ويجالسهم ويجل الشَّرْع النَّبَوِيّ ويذعن لَهُ وَلَا يُنكر على من طلبه مِنْهُ إِذا تحاكم إِلَيْهِ أَن يمْضِي من بَين يَدَيْهِ إِلَى قُضَاة الشَّرْع بل يُعجبهُ ذَلِك. وينكر على أمرائه مُعَارضَة الْقُضَاة فِي أحكامهم. وَكَانَ غير مائل إِلَى شَيْء من الْبدع. وَله قيام فِي اللَّيْل إِلَى التَّهَجُّد أَحْيَانًا. إِلَّا أَنه كَانَ بَخِيلًا مسيكاً يشح حَتَّى بِالْأَكْلِ لجوجاً غضوباً نكداً حسوداً معياناً يتظاهر بأنواع الْمُنْكَرَات فحاشاً سباباً بذيا شَدِيد المهابة حَافِظًا لأَصْحَابه غير مفرط فيهم وَلَا مضيعاً لَهُم وَهُوَ أَكثر أَسبَاب خراب مصر وَالشَّام لِكَثْرَة مَا كَانَ يثيره من الشرور والفتن أَيَّام نيابته بطرابلس ودمشق. ثمَّ مَا أفْسدهُ فِي أَيَّام ملكه من كَثْرَة الْمَظَالِم وَنهب الْبِلَاد وتسليط أَتْبَاعه على النَّاس يسومونهم الذلة وَيَأْخُذُونَ مَا قدرُوا عَلَيْهِ بِغَيْر وازع من عقل وَلَا ناه من دين. السُّلْطَان أَبُو السعادات أَحْمد بن الْمُؤَيد السُّلْطَان الْملك المظفر أَبُو السعادات أَحْمد بن الْمُؤَيد شيخ أقيم فِي السلطة يَوْم مَاتَ أَبوهُ على مضى خمس درج من نصف نَهَار الِاثْنَيْنِ تَاسِع الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وثماني مائَة وعمره سنة وَاحِدَة وَثَمَانِية أشهر وَسَبْعَة أَيَّام. وأركب على فرس من بَاب الستارة فَبكى. وَسَارُوا بِهِ وَهُوَ يبكي إِلَى الْقصر حَيْثُ الْأُمَرَاء والقضاة والخليفة فقبلوا لَهُ الأَرْض ولقبوه بِالْملكِ المظفر أبي السعادات. وَأمر فِي الْحَال فَنُوديَ فِي القلعة والقاهرة أَن يترحم النَّاس على الْملك الْمُؤَيد ويدعوا للْملك المظفر وَلَده. وَأخذ فِي جهاز الْمُؤَيد وَدَفنه.

ص: 27

وَقبض على الْأَمِير قجقار القردمي أَمِير سلَاح قبل دفن الْمُؤَيد وأحيط بمباشريه وحواصله بِإِشَارَة الْأَمِير ططر وَبَات بالقلعة وَالنَّاس على تخوف. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء عاشره: عملت الْخدمَة بِالْقصرِ وَعرض على الْأَمِير تنبك ميق أَن يتحدث فِي أُمُور الدولة رَفِيقًا للأمير ططر فَامْتنعَ من ذَلِك أَشد امْتنَاع فَقَامَ الْأَمِير ططر بأعباء الدولة وخلع عَلَيْهِ لالا للسُّلْطَان وكافله. وخلع على الْأَمِير تنبك ميق هَذَا والمظفر قد أَجْلِس وهم حوله. فَلَمَّا انْقَضتْ الْخدمَة أُعِيد إِلَى أمه. وَاسْتقر سكني الْأَمِير ططر بالأشرفية من القلعة ووقف الْأُمَرَاء ومباشرو الدولة بَين يَدَيْهِ. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشره: قبض على الْأَمِير جلبان والأمير شاهين الْفَارِسِي وهما من أُمَرَاء الألوف. وَطلب قُضَاة الْقُضَاة الْأَرْبَع إِلَى القلعة وَختم بحضورهم على حواصل الْمُؤَيد بعد مَا أخرج مِنْهَا أَرْبَعمِائَة ألف دِينَار برسم النَّفَقَة على الْعَسْكَر. فَلَمَّا كَانَ عشَاء اضْطربَ النَّاس وَلبس الْأُمَرَاء والمماليك للحرب فَخرج الْأَمِير مقبل الدوادار فِي عدَّة من أُمَرَاء الطبلخاناه والعشرات وَمن المماليك والأتباع وسروا إِلَى جِهَة الشَّام فَاجْتمع الْأُمَرَاء بكرَة الْخَمِيس بالقلعة. وَنُودِيَ بأبطال المغارم الَّتِي حدثت على الجراريف وَعمل الجسور بأعمال مصر. وَنُودِيَ باجتماع المماليك السُّلْطَانِيَّة للنَّفَقَة فيهم فَأخذ كل وَاحِد مِنْهُم مائَة دِينَار. وَنُودِيَ ثَالِث مرّة بِحُضُور أجناد الْحلقَة ليرد عَلَيْهِم مَا أَخذ مِنْهُم الْمُؤَيد من المَال فِي سنة اثْنَيْنِ وَعشْرين فسروا بذلك سُرُورًا زَائِدا وَفِيه أَخذ الْأَمِير الْكَبِير ططر بيد المظفر وفيهَا الْقَلَم حَتَّى علم على المناشير وَنَحْوهَا بِحَضْرَة الْأُمَرَاء وأرباب الدولة وَاسْتمرّ ذَلِك أَحْيَانًا. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشره: حمل قجقار القردمي وجلبان وشاهين الْفَارِسِي فِي الْقُيُود إِلَى سجن الْإسْكَنْدَريَّة. وَفِيه أنْفق فِي بَقِيَّة المماليك السُّلْطَانِيَّة أَيْضا كَمَا تقدم. وَفِي يَوْم السبت رَابِع عشره: خلع على الْوَزير الصاحب بدر الدّين حسن بن نصر الله وأعيد إِلَيْهِ نظر الْخَاص. وخلع على صدر الدّين أَحْمد بن العجمي وأعيد إِلَى حسبَة

ص: 28

الْقَاهِرَة عوضا عَن الصارم إِبْرَاهِيم بن الحسام وأنعم عَلَيْهِ بَصَره فِيهَا ثَمَانُون دِينَارا. وأضيف إِلَيْهِ حسبَة مصر ورتب لَهُ على ديوَان الجوالي فِي كل يَوْم دِينَار. وَفِيه أنْفق فِي بَقِيَّة المماليك أَيْضا وَأَفْرج عَن جمَاعَة سجنهم الْمُؤَيد. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشره: خلع على الْأَمِير الْكَبِير ططر وَاسْتقر نظام الْملك كافل المماليك. وخلع على الْأَمِير تنبك ميق العلاي وَاسْتقر أَمِير مجْلِس عوضا عَن الْأَمِير ططر. وخلع على الْأَمِير تغري بردي من قصروه أحد رُءُوس النوب الطبلخاناه وَاسْتقر أَمِير أخور وأنعم عَلَيْهِ بتقدمة عوضا عَن طوغان أحد المجردين بحلب. وخلع على الْأَمِير أق قجا الأحمدي أحد الطبلخاناه وَاسْتقر أَمِير مائَة. وخلع على الْأَمِير قشتمر أحد العشرات وَاسْتقر فِي نِيَابَة الْإسْكَنْدَريَّة عوضا عَن ابْن الْعَطَّار. وخلع على الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي وَاسْتقر أَمِير سلَاح عوضا عَن الْأَمِير قجقار القردمي. وأنعم عَلَيْهِ بِخبْز أق بلاط الدمرداشي. وخلع على الْأَمِير أينال أحد الطبلخاناه وَاسْتقر رَأس نوبَة النوب عوضا عَن الْأَمِير ألطنبغا الصَّغِير أحد المجردين بحلب. وخلع على الْأَمِير يشبك أستادار خلعة الِاسْتِمْرَار وخلع على التَّاج باستمراره فِي ولَايَة الْقَاهِرَة وَأَن يكون حاجباً. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع عشره: تَوَجَّهت القصاد بتشاريف نواب الشَّام وتقاليدهم المظفرية باستقرارهم على عاداتهم فِي كفالاتهم. وَكتب الْأَمِير نظام الْملك ططر الْعَلامَة على الْأَمْثِلَة وَنَحْوهَا كَمَا يكْتب السُّلْطَان. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشره: ابتدئ بِالنَّفَقَةِ فِي أجناد الْحلقَة ورد على كل أحد مِنْهُم مَا أَخذ مِنْهُ. وَتَوَلَّى ذَلِك الْأَمِير نظام الْملك بِنَفسِهِ. وَفِيه نُودي بكف النَّاس عَن الْمُنْكَرَات كلهَا فَكثر الدُّعَاء لناظم الْملك وتمشت أَحْوَال النَّاس وَكثر البيع وَالشِّرَاء فراجت البضائع وربحت التُّجَّار لتوسع أهل الدولة مِمَّا صَار إِلَيْهِم من وَفِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشره: خلع على قُضَاة الْقُضَاة الْأَرْبَع وَبَقِيَّة أَرْبَاب الدولة باستمرارهم على عوائدهم فِي وظائفهم. وخلع على شرف الدّين مُحَمَّد بن تَاج الدّين

ص: 29

عبد الْوَهَّاب بن نصر الله موقع الْأَمِير نظام الْملك. وَاسْتقر فِي نظر أوقاف الْأَشْرَاف. كَانَ يَلِيهِ الْأَمِير ططر مُنْذُ مَاتَ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ. وَفِيه استعفي علم الدّين دَاوُد بن الكويز من مُبَاشرَة نظر الْجَيْش فأعفي. وخلع عَلَيْهِ جُبَّة بِفَرْوٍ سمور وَنزل إِلَى دَاره. وَفِيه قدم الْخَبَر بوصول الْأَمِير مقبل الدوادار إِلَى قطيا ومضيه إِلَى الطينة وركوبه الْبَحْر فِي غراب قد أعده. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة عشرينه: نُودي بِأَن الْأَمِير الْكَبِير نظام الْملك ططر يجلس للْحكم بَين النَّاس فَجَلَسَ بعد الصَّلَاة بالمقعد من الاصطبل كَمَا كَانَ الْمُؤَيد يجلس إِلَّا أَنه قعد عَن يسَار الْكُرْسِيّ وَلم يرقه. وَحضر الْأُمَرَاء على الْعَادة وَقعد كَاتب السِّرّ على الدكة فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقَصَص كَمَا كَانَ يقْرَأ فِي الْأَيَّام المؤيدية. ووقف نقيب الْجَيْش وَالِي الْقَاهِرَة بَين يَدَيْهِ كَمَا كَانَا يقفان بَين يَدي الْمُؤَيد فَنظر فِي ظلامات النَّاس. وَفِي يَوْم السبت حادي عشرينه: تنكر الْأَمِير الْكَبِير على الصاحب تَاج الدّين بن الهيصم وعزله وَفِي يَوْم الْأَحَد الْمُبَارك ثَانِي عشرينه: فرق الْأَمِير الْكَبِير نظام الْملك ططر فِي بَقِيَّة أجناد الْحلقَة مَا أَخذ مِنْهُم. وَفِيه قدم ركب الْحَاج الأول. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشرينه: قدم محمل الْحَاج بِبَقِيَّة الْحجَّاج. وَفِيه طلب تَاج الدّين عبد الرَّزَّاق بن شمس الدّين عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن كَاتب المناخات مُسْتَوْفِي الدِّيوَان الْمُفْرد وخلع عَلَيْهِ بوظيفة نظر الدِّيوَان الْمُفْرد عوضا عَن ابْن الهيصم. وَخرج من بَين يَدي الْأَمِير الْكَبِير حَتَّى توَسط الدهليز طلب ونزعت عَنهُ الخلعة وأفيض عَلَيْهِ تشريف الوزارة وَهُوَ يمْتَنع فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وَمضى إِلَيْهِ فِي دَاره. وَكَانَ ذَلِك برغبة ابْن نصر الله عَن الوزارة وتعيينه لَهَا عوضه. وَطلب ابْن الهيصم وخلع

ص: 30

عَلَيْهِ وأعيد إِلَى نظر الدِّيوَان الْمُفْرد. وخلع على الصاحب بدر الدّين حسن بن نصر الله باستقراره فِي نظر الْخَاص. وخلع على الْأَمِير يشبك باستقراره ملك الْأُمَرَاء كاشف الْكَشَّاف بِالْوَجْهَيْنِ القبلي والبحري مُضَافا للأستادارية. وَفِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشرينه: خلع عَليّ كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ كَاتب السِّرّ وَاسْتقر فِي نظر الجيمق عوضا عَن علم الدّين دَاوُد بن الكويز. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشرينه: جلس الْأَمِير الْكَبِير ططر بالمقعد السلطاني من الاصطبل بعد صَلَاة الْعَصْر للْحكم بَين النَّاس. وَأخرج المسجونين وعرضهم فعزل من عَلَيْهِ دين مِنْهُم ليصالح وَفِي يَوْم السبت ثامن عشرينه: توجه الْأَمِير يشبك أستادار وَكَاشف الْكَشَّاف إِلَى الْوَجْه القبلي فِي عدَّة من الأجناد. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سلخه: خلع على القَاضِي علم الدّين دَاوُد بن الكويز وَاسْتقر فِي نظر ديوَان الْإِنْشَاء كَاتب السِّرّ عوضا عَن كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ فتسلم الْقوس غير راميها ووسدت الْأُمُور إِلَى غير أهليها. وَفِيه خلع أَيْضا على عدَّة من موقعي الدست خلع الِاسْتِمْرَار. شهر صفر: أهل بِيَوْم الثُّلَاثَاء: والإرجاف متزايد بِأَن أهل الشَّام قد امْتَنعُوا من طَاعَة الْأَمِير ططر. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة رابعه: جلس الْأَمِير ططر للْحكم على الْعَادة. وَفِي سابعه: قدم الْخَبَر بِأَن الْأَمِير جقمق نَائِب الشَّام أَخذ قلعة دمشق وَاسْتولى على مَا فِيهَا من الْأَمْوَال وَغَيرهَا وَكَانَ بهَا نَحْو الْمِائَة ألف دِينَار فاضطرب أهل الدولة. وَفِي عاشره: جمع الْأَمِير الْكَبِير ططر عِنْده بالأشرفية من القلعة قُضَاة الْقُضَاة وأمراء الدولة ومباشريها وَكَثِيرًا من المماليك السُّلْطَانِيَّة وأعلمهم بِأَن نواب الشَّام والأمير ألطنبغا القرمشي وَمن مَعَه من الْأُمَرَاء المجردين لم يرْضوا بِمَا عمل بعد موت الْمُؤَيد وَلَا بُد للنَّاس من حَاكم يتَوَلَّى تَدْبِير أُمُورهم وَلَا بُد أَن يعينوا رجلا ترضونه ليقوم بأعباء

ص: 31

المملكة ويستبد بالسلطنة. فَقَالَ الْجَمِيع قد رَضِينَا بك. وَكَانَ الْخَلِيفَة حَاضرا فيهم فَأشْهد عَلَيْهِ أَنه فوض جَمِيع أُمُور الرّعية إِلَى الْأَمِير الْكَبِير ططر وَجعل إِلَيْهِ ولَايَة من يرى ولَايَته وعزل من يُرِيد عَزله من سَائِر النَّاس وَأَن يُعْطي من شَاءَ مَا شَاءَ وَيمْنَع من يخْتَار من الْعَطاء مَا عدا اللقب السلطاني وَالدُّعَاء لَهُ على المنابر وَضرب اسْمه على الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم فَإِن هَذِه الثَّلَاثَة أَشْيَاء بَاقِيَة على مَا هِيَ عَلَيْهِ للْملك المظفر. وَأثبت قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين عبد الرَّحْمَن التفهني هَذَا الْإِشْهَاد وَحكم بِصِحَّتِهِ. وَنفذ حكمه قُضَاة الْقُضَاة الثَّلَاثَة. ثمَّ حلف الْأُمَرَاء للأمير الْكَبِير يمينهم الْمَعْهُودَة. وَكَانَ سَبَب هَذَا أَن بعض فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة تقرب إِلَى الْأَمِير الْكَبِير بِنَقْل أخرجه إِلَيْهِ من فروع مذْهبه أَن السُّلْطَان إِذا كَانَ صَغِيرا وَأجْمع أهل الشَّوْكَة على إِقَامَة رجل ليتحدث عَنهُ حَتَّى يبلغ رشده نفذت أَحْكَامه وَأقَام أَيَّامًا يحسن لَهُ ذَلِك فاتفق وُرُود الْخَيْر باستيلاء جقمق على قلعة دمشق. ثمَّ ردفه خبر آخر بِأَنَّهُ جهز عدَّة أُمَرَاء إِلَى غَزَّة فَعمل مَا تقدم ذكره ليَكُون فِيهِ تَقْوِيَة لقلوب الْعَسْكَر وَأَنَّهُمْ على حق وَمن يخالفهم على بَاطِل. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع عشره: خلع عَليّ عبد الْقَادِر ابْن الْأَمِير فَخر الدّين عبد الْغَنِيّ ابْن أبي الْفرج وَاسْتقر فِي كشف الشرقية وَولَايَة قطيا وَله من الْعُمر خَمْسَة عشر سنة أَو أَكثر مِنْهَا فتحكم فِي وَفِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سادس عشره: خسف جَمِيع جرم الْقَمَر. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء هَذَا: قدم سيف نَائِب حلب الْأَمِير يشبك اليوسفي المؤيدي وَقد قتل. وَكَانَ من خَبره أَنه لما ورد خبر موت الْمُؤَيد عَليّ الْأَمِير ألطنبغا القرمشي وَهُوَ بحلب جمع الْأُمَرَاء وَفِيهِمْ الْأَمِير يشبك نَائِب حلب وحلفهم للسُّلْطَان الْملك المظفر وَأخذ فِي رحيله بِمن مَعَه فَلم يتكامل رحليهم حَتَّى ركب يشبك فِي جمع من التركمان وهجم عَلَيْهِم وهم فِي جدران الْمَدِينَة فقاتلوه وَقد مَالَتْ مَعَهم الْعَامَّة فتقنطر عَن فرسه فَأخذ وَقتل وَذَلِكَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشْرين الْمحرم. وَكَانَ من شرار خلق الله لما هُوَ عَلَيْهِ من الْفُجُور والجرأة على الفسوق والتهور فِي سفك الدِّمَاء وَأخذ الْأَمْوَال. وَكَانَ الْمُؤَيد قد استوحش مِنْهُ لما يبلغهُ من أَخذه فِي أَسبَاب الْخُرُوج عَلَيْهِ وَأسر للأمير ألطنبغا القرمشي إِعْمَال الْحِيلَة فِي الْقَبْض عَلَيْهِ فَأَتَاهُ الله من حَيْثُ لم يحْتَسب وَأَخذه أخذا وبيلاً وَللَّه الْحَمد.

ص: 32

وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره: قدم الْأَمِير قجق العيسوي حَاجِب الْحجاب والأمير بيبغا المظفري وَقد أفرج عَنْهُمَا من سجن الْإسْكَنْدَريَّة. وَقدم يشبك الساقي الْأَعْرَج وَكَانَ قد نَفَاهُ الْمُؤَيد من دمشق إِلَى مَكَّة. وَقد حضر إِلَيْهِ من حلب فِي حصاره الْأَمِير نوروز بحيلة دبرهَا عَلَيْهِ حَتَّى استنزله من قلعة حلب. فَلَمَّا ظفر بنوروز أَرَادَ قَتله فِيمَن قتل من أَصْحَابه فشفع فِيهِ الْأَمِير ططر فَأخْرجهُ إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا سِنِين. ثمَّ نَقله إِلَى الْقُدس فَلم تطل إِقَامَته بهَا حَتَّى مَاتَ الْمُؤَيد وتحكم الْأَمِير ططر فاستدعاه. وَكَانَ لَهُ مُنْذُ خرج من الْقَاهِرَة نَحْو الْعشْرين سنة فَإِنَّهُ خرج فِي نوبَة بركَة الْحَبَش من سنة أَربع وثماني مائَة. وَفِيه أَيْضا قدم سودن الْأَعْرَج من قوص وَقد نفي إِلَيْهَا من سِنِين عديدة وَفِيه أفرج عَن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد باك بن عَليّ باك بن قرمان وخلع عَلَيْهِ ورسم بتجهيزه ليعود إِلَى مَمْلَكَته. وأنعم عَلَيْهِ بِمَال وَثيَاب وخيول وَغير ذَلِك فَسَار فِي النّيل يَوْم السبت سادس عشرينه إِلَى جِهَة رشيد ليتوجه مِنْهَا. شهر ربيع الأول أَوله الْأَرْبَعَاء: فِيهِ ورد كتاب الْأَمِير الْكَبِير ألطنبغا القرمشي من حلب يتَضَمَّن أَنه لما قتل الْأَمِير يشبك نَائِب حلب ولي عوضه نِيَابَة حلب الْأَمِير ألطنبغا الصَّغِير وَأَنه عِنْد مَا ورد عَلَيْهِ خبر موت السُّلْطَان بعد مَا عهد بالسلطنة من بعده لِابْنِهِ وَأَن يكون الْقَائِم بِأُمُور الدولة ألطنبغا القرمشي وَأَنه قد أقيم فِي السلطنة الْملك المظفر كَمَا عهد أَخذ فِي الرحيل إِلَى مصر كَمَا رسم لَهُ بِهِ. فَكَانَ من أَمر يشبك مَا كَانَ فاشتغل عَن الْمسير. ثمَّ ورد عَلَيْهِ الْخَيْر باستقرار نواب المماليك الشامية على عوائدهم فِيمَا بِأَيْدِيهِم وتحليفهم للسُّلْطَان الْملك المظفر وللأمير الْكَبِير ططر فَحمل الْأَمر فِي ذَلِك على أَنه غلط من الْكَاتِب وسال أَن يفصح لَهُ عَن ذَلِك فَأُجِيب بِأَنَّهُ بعد مَا عهد الْمُؤَيد لِابْنِهِ وأقيم من بعده فِي السلطة طلب الْأُمَرَاء والخاصكية والمماليك السُّلْطَانِيَّة أَن يكون المتحدث فِي أُمُور الدولة كلهَا الْأَمِير ططر وَرَغبُوا إِلَيْهِ فِي ذَلِك ففوض إِلَيْهِ الْخَلِيفَة جَمِيع أُمُور المملكة مَا عدا اللقب السلطاني وَالْخطْبَة وَالسِّكَّة فليحضر الْأَمِير وَمن مَعَه ليكونوا على إمرياتهم. وَأنكر عَلَيْهِ اسْتِقْرَار ألطنبغا الصَّغِير فِي نِيَابَة حلب من غير اسْتِئْذَان.

ص: 33

وَفِيه أَيْضا قدم الْخَبَر بِأَن عَليّ بن بِشَارَة قَاتل الْأَمِير قطلوبغا التنمي نَائِب صفد فَامْتنعَ بِالْمَدِينَةِ فحصروه حَتَّى فر إِلَى دمشق. وَأَن الْأَمِير جقمق استعد بِدِمَشْق واستخدم جمَاعَة وَسكن قلعة دمشق. وَفِي تاسعه: خلع على الْأَمِير تنبك ميق العلاي وَاسْتقر أتابك العساكر عوضا عَن الْأَمِير ألطنبغا القرمشي. وأنعم عَلَيْهِ بإقطاعه. وأنعم بإقطاع تنبك ميق على الْأَمِير أينال الأزعري. وأنعم بإقطاع أينال الأزعري على الْأَمِير قجق العيسوي. وأنعم بإقطاع الْأَمِير طوغان أَمِير أخور - أحد المجردين - على الْأَمِير تغري بردي الأقبغاوي الْمَعْرُوف بأخي قصروه. وأنعم بإقطاع الْأَمِير ألطنبغا من عبد الْوَاحِد الْمَعْرُوف بالصغير رَأس كوبة المستقر فِي نِيَابَة حلب على سودن العلاي. وأنعم بإقطاع سودن العلاي على قطج من تمرار. وأنعم بإقطاع الْأَمِير أزدمر الناصري - أحد المجردين - على الْأَمِير بيبغا المظفري. وأنعم بإقطاع الْأَمِير جرباش من عبد الْكَرِيم على تمربيه من قرمش. وبإقطاع على أركماس اليوسفي. وبإقطاع أركماس عَليّ سودن الْحَمَوِيّ. وبإقطاع سودن الْحَمَوِيّ على شاهين الحسمي وتغري بردي المحمدي قسم بَينهمَا. وأنعم

ص: 34

بإقطاع الْأَمِير جلبان المؤيدي أَمِير أخور على أَلِي بيه من علم شيخ الدوادار. وأنعم بإقطاع أَلِي بيه على الدِّيوَان الْمُفْرد زِيَادَة فِيهِ. وأنعم بإقطاع الْأَمِير مقبل الدوادار على جقمق الخازندار. وأنعم بإقطاع الْأَمِير ألطنبغا المرقبي حَاجِب الْحجاب على قصروه التمرازي. وأنعم بإقطاع جانجك من حَمْزَة على قانبيه الحمزاوي. وأنعم بإقطاع قصروه على مغلباي البوبكري. وَفِي يَوْم الْأَحَد حادي عشره: عوق القَاضِي كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ نَاظر الجيق وحموه الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْعَطَّار نَائِب الْإسْكَنْدَريَّة بالقلعة على مَال يقومان بِهِ. ثمَّ أفرج عَنْهُمَا من الْغَد يَوْم الِاثْنَيْنِ وخلع على كَمَال الدّين خلعة الِاسْتِمْرَار ليقوم بِمَال ورسم على ابْن الْعَطَّار. وَفِيه قدم الْأَمِير يشبك استادار من الْوَجْه القبلي فَخلع عَلَيْهِ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشرينه وَاسْتقر كاشف الْكَشَّاف وفوض إِلَيْهِ عزل الْوُلَاة بِالْأَعْمَالِ وولايتهم عوناً لَهُ على كلف الدِّيوَان الْمُفْرد. بِمَا يَأْخُذهُ مِنْهُم من البراطيل. مائَة فرس برسم السّفر إِلَى الشَّام ورسم بالتجهيز للسَّفر. وَفِيه قدم قصاد عديدة من الْأُمَرَاء المجردين بِالشَّام فِي طلب جمَالهمْ وَأَمْوَالهمْ فمنعوا مِنْهَا. وَكتب إِلَى الْأَمِير ألطنبغا القرمشي بِأَن الْجمال فرقها السُّلْطَان وَقد عزم على السّفر وَأَنَّك مُخَيّر بَين أَن تحضر على مَا كنت عَلَيْهِ وَبَين أَن تَسْتَقِر فِي نِيَابَة الشَّام عوضا عَن جقمق. وَكثر الاهتمام بِأَمْر السّفر. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشرينه: خلع الْأَمِير صَلَاح الدّين مُحَمَّد ابْن الْوَزير الصاحب نَاظر الْخَاص بدر الدّين حسن بن نصر الله أحد الْحجاب وَاسْتقر أستادارا عوضا عَن الْأَمِير يشبك بعد عَزله من يَوْم الْجُمُعَة. وأنعم على الْأَمِير صَلَاح الدّين بإمرة مائَة تقدمة ألف. وَفِي هَذَا الشَّهْر وَالَّذِي قبله: نُودي أَن لَا يُسَافر أحد من النَّاس كَافَّة إِلَى الْبِلَاد الشامية وهدد من وجد مُسَافِرًا إِلَيْهَا بأشد الْعقُوبَة. وَكَانَ الْقَصْد بذلك تعمية الْأَخْبَار عَن الْمُخَالفين.

ص: 35

شهر ربيع الآخر: أهل بِيَوْم الْجُمُعَة: والعسكر فِي أهبة السّفر. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رابعه: ركب الْأَمِير الْكَبِير نظام الْملك ططر من القلعة وَمَعَهُ الْأُمَرَاء والمماليك السُّلْطَانِيَّة. وَدخل إِلَى الْقَاهِرَة من بَاب النَّصْر وَخرج من بَاب زويلة إِلَى القلعه فَكَانَ فِي موكب سلطاني لم يفقد فِيهِ إِلَّا الجاويشية والعصابة. وَهَذَا أول موكب رَكبه فَإِنَّهُ مُنْذُ مَاتَ الْمُؤَيد شيخ لم يركب سوى يَوْمه هَذَا. وَفِي سادسه: نُودي من قبل الْأَمِير الْكَبِير نظام الْملك ططر فِي سَائِر المماليك السُّلْطَانِيَّة باجتماعهم لتنفق عَلَيْهِم النَّفَقَة. وَفِي يَوْم الْخَمِيس سابعه. جلس الْأَمِير الْكَبِير نظام الْملك ططر بالقلعة وَأنْفق فِي المماليك نَفَقَة السّفر لكل وَاحِد مِنْهُم مائَة دِينَار أفرنتية. وَفِيه خلع على شمس الدّين مُحَمَّد ابْن قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين عبد الرَّحْمَن التفهني وَاسْتقر قَاضِي الْعَسْكَر. وَكَانَ قَضَاء الْعَسْكَر قد شغر مُنْذُ أَعْوَام. وَفِي تاسعه: أنْفق فِي الْأُمَرَاء والمماليك أَيْضا فَحمل إِلَى الْأَمِير تنبك العلاي ميق خَمْسَة آلَاف دِينَار. وَفِي عاشره: أخرج بولدي الْملك النَّاصِر فرج بن الظَّاهِر برقوق من القلعة ونفيا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة. وَفِي رَابِع عشره: نصب المخيم السلطاني خَارج الْقَاهِرَة. وَفِيه وسط الْأَمِير رَاشد بن أَحْمد بن بقر خَارج بَاب النَّصْر ظلما. وَفِي ثامن عشرَة: قدم الْخَبَر بِأَن عَسَاكِر دمشق برزت مِنْهَا وَأَنَّهَا نزلت باللجون فَركب الْأَمِير ططر فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشره من قلعة الْجَبَل ة وَمَعَهُ السُّلْطَان الْملك المظفر والأمراء يُرِيد السّفر إِلَى الشَّام. وَنزل بهم فِي المخيم ظَاهر الْقَاهِرَة وَخرج النَّاس أَفْوَاجًا فِي إثره وَأصْبح يَوْم الْأَرْبَعَاء الْأَمِير تنبك ميق راحلاً وَمَعَهُ عدَّة من الْأُمَرَاء وَغَيرهم ثمَّ اسْتَقل الْأَمِير ططر بِالْمَسِيرِ وَمَعَهُ السُّلْطَان والخليفة وَبَقِيَّة الْعَسْكَر فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشرينه. وَقد جعل نَائِب الْغَيْبَة الْأَمِير قانبيه الحمزاوي - وَهُوَ يَوْمئِذٍ غَائِب بِبِلَاد الصَّعِيد - وَأَن يَنُوب عَنهُ حَتَّى يحضر الْأَمِير جقمق أَخُو جركس المصارع وَتَأَخر عَن السّفر الْوَزير وأستادار.

ص: 36

شهر جُمَادَى الأولى أَوله الْأَحَد: فِي ثَانِيَة: دخل الْأَمِير ططر بالسلطان إِلَى غَزَّة فَقدم إِلَيْهِ طَائِعا كثير مِمَّن خرج من عَسْكَر دمشق مِنْهُم الْأَمِير جلبان أَمِير أخور أحد المجردين إِلَى حلب فِي أَيَّام الْمُؤَيد والأمير أينال نَائِب حماة فسر بهم وأنعم عَلَيْهِم وفر مِمَّن كَانَ مَعَهم الْأَمِير مقبل الدوادار فِي طَائِفَة يُرِيد دمشق. وَقدم الْخَبَر بذلك إِلَى الْقَاهِرَة فِي تاسعه فدقت البشائر بالقلعة وخلع على القادم. وَفِي سادس عشره: قدم الْخَبَر بنزول الْأَمِير ططر وَمن مَعَه على بيسان فِي يَوْم الثُّلَاثَاء عاشره وَأَنه ورد عَلَيْهِ الْخَبَر من دمشق أَن الْأَمِير فِي مقبل لما دخل دمشق وَأخْبر بِدُخُول الأميرين جلبان أَمِير أخور وأينال نَائِب حماة فِي الطَّاعَة شقّ ذَلِك على الْأَمِير جقمق نَائِب الشَّام وعَلى الْأَمِير ألطنبغا القرمشي وَاخْتلفَا فاقتضي رَأْي القرمشي أَن يدْخل فِي الطَّاعَة وَامْتنع جقمق من ذَلِك وصاروا حزبين. فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثالثه: بلغ القرمشي عَن جقمق بِأَنَّهُ يُرِيد أَن يقبض عَلَيْهِ فبادر إِلَى محاربته وَركب فِي جماعته بِآلَة الْحَرْب ووقف بهم تجاه القلعة وَقد رفع الصنجق السلطاني فَأَتَاهُ جمَاعَة عديدة راغبين فِي الطَّاعَة. وَكَانَت بَينه وَبَين جقمق وقْعَة طول النَّهَار. فانكسر جقمق وَمضى هُوَ والأمير طوغان أَمِير أخور والأمير مقبل الدوادار فِي نَحْو الْخمسين فَارِسًا إِلَى جِهَة صرخد. وَأَن القرمشي استولى على مَدِينَة دمشق وَتقدم إِلَى الْقُضَاة والأعيان أَن يتوجهوا إِلَى ملاقاة السُّلْطَان. فقدموا إِلَى الْعَسْكَر فدقت البشائر بقلعة الْجَبَل وخلع على الَّذِي قدم بذلك. وَفِي يَوْم السبت حادي عشرينه: قدم الْأَمِير قانبيه الحمزاوي من بِلَاد الصَّعِيد وَحكم فِي نِيَابَة الْغَيْبَة فانكفت يَد جقمق عَن الحكم وَكَانَت سيرته فِي النَّاس جَيِّدَة وَفِيه نُودي على النّيل ثَلَاثَة أَصَابِع وَجَاء القاع أَرْبَعَة أَذْرع وَأَرْبَعَة وَعشْرين إصبعاً. وَفِي تَاسِع عشرينه: قدم الْخَبَر بِأَن الْأَمِير ططر لما نزل. مِمَّن مَعَه اللجون أَتَاهُ الْأَمِير أزدمر الناصري وعَلى يَده كتاب الْأَمِير ألطنبغا القر ومضمونه أَن جقمق نَائِب الشَّام ركب عَلَيْهِ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثالثه بعسكر دمشق ووقف عِنْد بَاب النَّصْر. وَأَنه ركب. مِمَّن مَعَه ووقف عِنْد جَامع يلبغا. وَكَانَت بَينهمَا حَرْب من قبل الظّهْر إِلَى بعد

ص: 37

الْعَصْر فانكسر من جقمق إِلَى سويقة صاروجاً ثمَّ قوى وَعَاد وَقد نصب الصنجق السلطاني ونادى من كَانَ فِي طَاعَة السُّلْطَان فليقف تَحت الصنجق فَأَتَاهُ كثير مِمَّن مَعَ جقمق فَلم يجد بدا من الْفِرَار فَتوجه نَحْو صرخد وَمَعَهُ الأميران مقبل وطوغان فسر الْأَمِير ططر سُرُورًا زَائِدا. وَأَنه قدم أَيْضا الْأَمِير قطلوبغا التنمي نَائِب صفد فَخلع عَلَيْهِ. وَسَار الْأَمِير ططر مِمَّن مَعَه إِلَى دمشق فَدَخلَهَا بكرَة يَوْم الْأَحَد خَامِس عشره وَقد تَلقاهُ الْأَمِير ألطنبغا القرمشي والأمير ألطنبغا المرقبي والأمير جرباش قاشق فَخلع على القرمشي وَنزل الْأَمِير ططر بالقلعة مَعَ السُّلْطَان. وَأول مَا بَدَأَ بِهِ أَن قبض على القرمشي والمرقبي وجرباش وعَلى الْأَمِير أردبغا من أُمَرَاء الألوف بِدِمَشْق وعَلى الْأَمِير بدر الدَّيْر حسن بن محب الدّين أستادار الْمُؤَيد. وَأصْبح يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشره: وَقد جلس للْخدمَة بالقلة. وخلع على الْأَمِير تنبك العلاي ميق وَاسْتقر بِهِ نَائِب الشَّام عوضا عَن جقمق. وخلع على الْأَمِير أينال الجكمي رَأس نوبَة النوب وأستقر بِهِ نَائِب حلب. وخلع على الْأَمِير يُونُس الأتابك بِدِمَشْق وَاسْتقر نَائِب غَزَّة عوضا عَن أركماس الجلباني. وخلع على الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي أَمِير سلَاح وَاسْتقر أتابك العساكر عوضا عَن الْأَمِير تنبك ميق. وَبعث فِي طلب الْأَمِير جقمق الْأَمِير بيبغا المظفري والأمير أينال الأزعري والأمير يشبك أينالي والأمير سودن اللكاشي وَمَعَهُمْ مِائَتَا مَمْلُوك. فدقت البشائر بقلعه الْجَبَل مُدَّة ثَلَاثَة أَيَّام. وزينت الْقَاهِرَة عشرَة أَيَّام. شهر جُمَادَى الْآخِرَة أَوله الثُّلَاثَاء: فِي ثامن عشره: قدم إِلَى دمشق جمَاعَة من المماليك الظَّاهِرِيَّة برقوق الَّذين فروا من الْملك الْمُؤَيد مُنْذُ سِنِين مِنْهُم الْأَمِير طرباي نَائِب غَزَّة والأمير سودن من عبد الرَّحْمَن نَائِب طرابلس والأمير يشبك الدوادار والأمير جَانِبك الحمزاوي نَائِب طرسوس فَخلع عَلَيْهِم الْأَمِير ططر. وأنعم عَلَيْهِم بِالْمَالِ وَالْخَيْل وَالسِّلَاح والقماش. وَحمل إِلَيْهِم الْأُمَرَاء عدَّة تقادم على قدر رتبهم. وَفِي تَاسِع عشرينه: توقفت زِيَادَة مَاء النّيل وَنقص خَمْسَة أَصَابِع. وَقد بلغ خَمْسَة أَذْرع واثنين وَعشْرين إصبعاً. وَفِيه قدم الْخَبَر بتوجه الْأَمِير ططر. مِمَّن مَعَه من السُّلْطَان والعساكر إِلَى جِهَة حلب فِي خَامِس عشرينه.

ص: 38

شهر رَجَب أَوله الْأَرْبَعَاء: أهل وَالنَّاس فِي قلق لتوقف مَاء النّيل عَن الزِّيَادَة وَقد نقص بضع عشرَة إصبعا ثمَّ أَن الله أغاث عباده وَنُودِيَ عَلَيْهِ فِي رابعه بِزِيَادَة إِصْبَع واستمرت زِيَادَته. وَفِي سادسه: دخل الْأَمِير ططر. مِمَّن مَعَه إِلَى حلب فَقدم عَلَيْهِ بهَا الْأَمِير مقبل الحسامي الدوادار طَائِعا وَقد فَارق جقمق بصرخد فَخلع عَلَيْهِ وعفي عَنهُ. وخلع على الْأَمِير تغري بردي من قصروه أَمِير أخور وَاسْتقر فِي نِيَابَة حلب عوضا عَن أينال الجكمي وخلع على أينال وَاسْتقر أَمِير سلَاح. شهر شعْبَان أَوله الْجُمُعَة: فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشره - الْمُوَافق لثامن عشر مسرى -: كَانَ وَفَاء النّيل سِتَّة عشر ذِرَاعا وَفتح الخليح على الْعَادة. وَقدم الْخَبَر بِأَن الْأَمِير برسباي الدقماقي نَائِب طرابلس - كَانَ - بَعثه الْأَمِير ططر من حلب وَمَعَهُ القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد بن مزهر نَاظر الاصطبل إِلَى صرخد وَأَنه مَا زَالَ بالأمير جقمق حَتَّى أذعن وَسَار مَعَه إِلَى دمشق وَصَحبه الْأَمِير طوغار أَمِير أخور. فَلَمَّا قدمُوا دمشق قبض الْأَمِير تنبك ميق النَّائِب على جقمق وطوغان وسجنهما. وَأَن الْأَمِير ططر برز من حلب بِمن مَعَه فِي حادي عشره وَأَنه قدم بهم إِلَى دمشق فِي ثَالِث عشرينه فَقتل جقمق نَائِب الشَّام وَنفى طوغان إِلَى الْقُدس بطالا. وَأَنه قبض فِي ثامن عشرينه على كثير من الْأُمَرَاء مِنْهُم سَبْعَة من أُمَرَاء الألوف بِمصْر وهم أينال الأزعري حَاجِب الْحجاب وأينال الجكمي نَائِب حلب وأمير سلَاح وسودن اللكاشي وجلبان أَمِير أخور وألي بيه الدوادار ويشبك أينالي أستادار وأزدمر الناصري. وَقبض على الطواشي مرجان الخازندار ثمَّ أفرج عَنهُ. وعزم على خلع المظفر من السلطنة وخلعه فِي تَاسِع عشرينه فَكَانَت مدَّته سبعه أشهر وَعشْرين يَوْمًا. السُّلْطَان سيف الدّين أَبُو الْفَتْح ططر السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر سيف الدّين أَبُو الْفَتْح ططر جلس على تخت الْملك بقلعة دمشق فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشْرين شعْبَان سنة أَربع

ص: 39

وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الْمُوَافق لَهُ يَوْم نوروز القبط بِمصْر وتلقب بِالْملكِ الظَّاهِر. وخطب لَهُ من يَوْمه على مَنَابِر دمشق وَكتب إِلَى مصر وحلب وحماة وحمص وطرابلس وصفد وغزة بذلك. شهر رَمَضَان أَوله السبت: نُودي على النّيل ثَلَاثَة أَصَابِع لتتمه ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا وإصبعين. فَلَمَّا فتح بَحر أبي المنجا نقص النّيل اثْنَي عشر إصبعا ثمَّ إِنَّه تراجعها قَلِيلا قَلِيلا فِي عدَّة أَيَّام. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثالثه: خلع السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر ططر بقلعة دمشق على الْأَمِير طرباي الَّذِي كَانَ نَائِب غَزَّة وفر من الْملك الْمُؤَيد وَاسْتقر حَاجِب الْحجاب عوضا عَن أينال الأزعري. وخلع على الْأَمِير برسباي الدقماقي وَاسْتقر بِهِ دواداراً كَبِيرا عوضا عَن الْأَمِير أَلِي بيه. وبرسباي هَذَا بعث بِهِ الْأَمِير دقماق نَائِب ملطية إِلَى الظَّاهِر برقوق فَنزل بالطباق من القلعة إِلَى أَن أخرج لَهُ خيلاً وَصَارَ يركب وَينزل فَلَمَّا مَاتَ الظَّاهِر انْتَمَى إِلَى الْأَمِير جركس المصارع وتقلبت بِهِ الْأَحْوَال فِي تِلْكَ الْأَيَّام إِلَى أَن خرج من الْقَاهِرَة فَارًّا إِلَى الشَّام. وَصَارَ من جمَاعَة الْأَمِير نوروز الحافظي. ثمَّ انْتقل عَنهُ هُوَ وَأَخُوهُ ططر إِلَى الْأَمِير شيخ المحمودي وَمَا زَالا مَعَه حَتَّى قتل الْملك النَّاصِر فرج بن برقوق وَقدم الْأَمِير شيخ إِلَى مصر وتسلطن أنعم على برسباي بإمرة وَعَمله كاشف الجسور. ثمَّ ولاه نِيَابَة طرابلس فواقع التركمان فكسروه. فتنكر عَلَيْهِ الْملك الْمَزِيد شيخ وسجنه بالمرقب مُدَّة ثمَّ أفرج عَنهُ وأنعم عَلَيْهِ بإمرة فِي دمشق فَمَاتَ الْمُؤَيد وَهُوَ من جملَة أُمَرَاء دمشق فَقبض عَلَيْهِ الْأَمِير جقمق نَائِب الشَّام وسجنه من أجل أَنه مَعْرُوف بَينهمَا قرَابَة قريبَة. فَلم يزل مسجوناً بقلعة دمشق حَتَّى ثار الْأَمِير ألطنبغا على جقمق نَائِب الشَّام وهزمه. فأفرج عَن برسباي. وَدخل عقيب ذَلِك الْأَمِير ططر إِلَى دمشق فَتوجه مَعَه إِلَى حلب وَبَعثه مِنْهَا حَتَّى أحضر جقمق من صرخد. فَلَمَّا تسلطن ططر عمله دواداراً كَبِيرا. وسيظهر لَك فَائِدَة وخلع فِي هَذَا الْيَوْم أَيْضا على الْأَمِير يشبك الدوادار الَّذِي فر من الْحجاز إِلَى قرا يُوسُف فِي الْأَيَّام المؤيدية وَاسْتقر أَمِير أخور عوضا عَن الْأَمِير تغري بردي من قصروه. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء خامسه: خلع على قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين يُوسُف الْبِسَاطِيّ بَين يَدي الْأَمِير قانبيه الحمزاوي وَاسْتقر فِي حسبَة الْقَاهِرَة عوضا عَن صدر الدّين

ص: 40

أَحْمد بن العجمي وَنزل فِي موكب جليل إِلَى دَاره. وَكَانَ سَبَب ولَايَته أَنه طَالَتْ عطلته سِنِين فَلَمَّا استبد الظَّاهِر ططر بالسلطنة تذكره لصحبة بَينهمَا فَكتب إِلَى الْأَمِير قانبيه بِطَلَبِهِ وَعرض الْحِسْبَة عَلَيْهِ فَإِن قبلهَا ولاه فَلم يمْتَنع من قبُولهَا لرغبته فِي الحكم. وَفِي ثامنه: قدم الْخَبَر بسلطنة الْأَمِير ططر فَنُوديَ بذلك فِي الْقَاهِرَة ودقت البشائر بقلعة الْجَبَل. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشره: برز السُّلْطَان من دمشق عَائِدًا إِلَى مصر بعد مَا أثر بِدِمَشْق آثاراً جميلَة مِنْهَا أَن نَائِب الشَّام كَانَ لَهُ محتسب دمشق فِي كل سنة نَحْو الْألف وَخَمْسمِائة دِينَار يحملهَا إِلَيْهِ ويتعوضها بِزِيَادَة من مظالم الْعباد فعوض السُّلْطَان نَائِب الشَّام عَن هَذَا الْمبلغ بلد أربل ويتحصل لَهُ مِنْهَا فِي السّنة نَحْو الْأَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة دِينَار وَولى حسبَة دمشق لرجل بِغَيْر مَال ونادى إِن طلب مِنْكُم الْمُحْتَسب يَا أهل دمشق شَيْئا فارجموه. وَنقش بِإِبْطَال هَذِه الْحَادِثَة - وَمَا كَانَ مِنْهُ فِيهَا - على حجر بِجَامِع بني أُميَّة. ثمَّ مر السُّلْطَان فِي طَريقَة بِمَدِينَة الْقُدس فَرفع إِلَيْهِ أَن من عَادَة نائبها أَن يجبي كل سنة من فلاحي الضّيَاع نَحْو أَرْبَعَة آلَاف دِينَار وبسبب ذَلِك خربَتْ مُعَاملَة الْقُدس فعوض النَّائِب عَن ذَلِك. ونادى بِإِبْطَال هَذِه المغارم ونقشه على حجر بِالْمَسْجِدِ فتباشر النَّاس بأيامه ورجوا أَن يزِيل الله عَنْهُم بِهِ مَا هم فِيهِ من الْجور. شهر شَوَّال أَوله الِاثْنَيْنِ الْمُوَافق لَهُ ثَانِي بابة: وَفِيه بلغت زِيَادَة النّيل تِسْعَة عشر ذِرَاعا وإصبع وَاحِد. وَفِيه نزل السُّلْطَان بالصالحية فَخرج النَّاس إِلَى لِقَائِه وَقد تزايد السرُور بِهِ فَصَعدَ قلعة الْجَبَل فِي يَوْم الْخَمِيس رابعه وَأنزل المظفر مَعَ أمه فِي بعض دور القلعة. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة خامسه: خلع على الطواشي مرجان الْهِنْدِيّ وَاسْتقر زِمَام الدَّار عوضا عَن الطواشي كافور الشبلي. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ: ابْتَدَأَ السُّلْطَان بِعرْض مماليك الطباق وَأنزل مِنْهُم عدَّة فسكنوا فِي الصليبة وَغَيرهَا. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشره: استدعى السُّلْطَان الشَّيْخ ولي الدّين أَبُو زرْعَة أَحْمد

ص: 41

ابْن الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحِيم بن الْحُسَيْن العرامي الشَّافِعِي وخلع عَلَيْهِ وفوض إِلَيْهِ قَضَاء الْقُضَاة بديار مصر بعد وَفَاة جلال الدّين عبد الرَّحْمَن بن البُلْقِينِيّ. فَنزل فِي موكب عَظِيم من الْأُمَرَاء والقضاة والأعيان بعد مَا اشْترط أَن لَا يقبل شَفَاعَة أَمِير فِي يَوْم الحكم. فسر النَّاس بولايته لكفاءته وتمنكه من عُلُوم الحَدِيث وَالْفِقْه وَغير ذَلِك مَعَ جميل طَرِيقَته وَحسن سيرته وتصديه للإفتاء والتدريس عدَّة سِنِين وتنزهه عَن الترداد لأبواب الْأُمَرَاء وَنَحْوهم وسعة ذَات يَده وَغير هَذَا من الصِّفَات المحمودة. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشرينه: أصبح السُّلْطَان مَرِيضا فَلَزِمَ الْفراش إِلَى آخر الشَّهْر. وَفِي هَذَا الشَّهْر أنعم على كل من الْأَمِير سودن الْأَشْقَر والأمير كزل العجمي بإمرة. وَكَانَا منفيين فأعادهما السُّلْطَان إِلَى الْقَاهِرَة. وَفِيه انحل سعر الغلال عَمَّا كَانَ. شهر ذِي الْقعدَة أَوله الثُّلَاثَاء: فِيهِ أبل السُّلْطَان من مَرضه وَدخل الْحمام وخلع على الْأَطِبَّاء وأنعم عَلَيْهِم. وَفِي ثالثه: خلع على فَارس دوادار السُّلْطَان وَهُوَ أَمِير وَاسْتقر فِي نِيَابَة الْإسْكَنْدَريَّة عوضا عَن قشتمر وَقد أحضر من الثغر. وَفِيه قبض على قشتمر الْمَذْكُور وعَلى الْأَمِير قانبيه الحمزاوي نَائِب الْغَيْبَة وحملا مقيدين إِلَى وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رابعه: خلع على زين الدّين عبد الباسط بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِي وَاسْتقر نَاظر الجيوش عوضا عَن كَمَال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ الْحَمَوِيّ. وخلع على شرف الدّين مُحَمَّد بن تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن نصر الله وَاسْتقر فِي نظر وقف الْأَشْرَاف وَفِي نظر الخزانة وَنظر كسْوَة الْكَعْبَة عوضا عَن عبد الباسط. وَفِي عاشرينه: انتكس السُّلْطَان وَلزِمَ الْفراش. وَفِي خَامِس عشرينه: عزل قَاضِي الْقُضَاة ولي الدّين أَبُو زرْعَة نَفسه لمعارضة بعض الْأُمَرَاء لَهُ فِي ولَايَة الْقَضَاء بِبَعْض الْأَعْمَال.

ص: 42

وَفِي سادس عشرينه: رسم بالإفراج عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الْفضل الْعَبَّاس بن مُحَمَّد من سجنه بالبرج فِي الإسكندريه وَأَن يسكن بقاعة فِي الْمَدِينَة وَيخرج لصَلَاة الْجُمُعَة بالجامع ويركب حَيْثُ شَاءَ. وجهز إِلَيْهِ بفرس عَلَيْهِ سرج ذهب وكنفوش زركش وبقجة قماش تلِيق بمقامه ورتب لَهُ على الثغر فِي كل يَوْم مائَة دِرْهَم من نقد الْقَاهِرَة وَفِي يَوْم الْأَحَد سَابِع عشرينه: درس علم الدّين صَالح ابْن شيخ الْإِسْلَام سراج الدّين عمر البُلْقِينِيّ بالزاوية الْمَعْرُوفَة بالخشابية الَّتِي بِجَامِع عَمْرو بن الْعَاصِ بِمَدِينَة مصر عوضا عَن أَخِيه قَاضِي الْقُضَاة الْقُضَاة جلال الدّين عبد الرَّحْمَن بن البُلْقِينِيّ. أهل وَالسُّلْطَان مَرضه متزايد والإرجاف بِهِ كبيره وَفِي يَوْم الْجُمُعَة - ثَانِيه -: استدعى الْخَلِيفَة والقضاة إِلَى القلعة وَقد اجْتمع الْأُمَرَاء والمباشرون والمماليك وعهد السُّلْطَان لِابْنِهِ الْأَمِير مُحَمَّد وَأَن يكون الْقَائِم بدولته الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي والأمير برسباي الدقماقي لالا فَحلف الْأُمَرَاء على ذَلِك كَمَا حلفوا لِابْنِ الْملك الْمُؤَيد. وَفِيه أذن لقَاضِي الْقُضَاة ولي الدّين بن الْعِرَاقِيّ أَن يحكم وأعيد إِلَى الْقَضَاء. وَكَانَ من حِين عزل نَفسه قد انكف هُوَ ونوابه عَن الحكم فصلى بِالنَّاسِ الْجُمُعَة بعد مَا خطب فِي جَامع القلعة وَنزل من غير أَن يخلع عَلَيْهِ شغلا. فَمَرض السُّلْطَان. وَفِيه أَخذ النَّاس فِي توزيع أمتعتهم من الدّور والحوانيت خوفًا من الْفِتْنَة فَلَمَّا كَانَت ضحوة نَهَار الْأَحَد رابعه توفّي السُّلْطَان فاضطرب النَّاس سَاعَة ثمَّ غسل وَأخرج من بَاب السلسة وَلَيْسَ مَعَه إِلَّا نَحْو الْعشْرين وجلا حَتَّى دفن بجوار اللَّيْث بن سعد من القرافة. فَكَانَت مُدَّة تحكمه مُنْذُ مَاتَ الْمُؤَيد أحد عشر شهرا تنقص خَمْسَة أَيَّام مِنْهَا مُدَّة سلطنته أَرْبَعَة وَتِسْعين يَوْمًا. وَكَانَ جركسي الْجِنْس رباه بعض التُّجَّار وَعلمه شَيْئا من الْقُرْآن وَفقه الْحَنَفِيَّة. وَقدم بِهِ الْقَاهِرَة فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَهُوَ صبي فَدلَّ عَلَيْهِ الْأَمِير قانبيه العلاي لِقَرَابَتِهِ بِهِ فَسَأَلَ السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر فِيهِ حَتَّى أَخذه من تاجره. وَمَات السُّلْطَان قبل أَن يصرف ثمنه. فوزن الْأَمِير الْكَبِير أيتمش ثمنه اثْنَي عشر ألف دِرْهَم. ونزله فِي جملَة مماليك الطباق فَنَشَأَ بَينهم وَكَانَ الْملك النَّاصِر فرج

ص: 43

اعتقه فَلم يزل فِي مماليك الطباق حَتَّى عَاد النَّاصِر إِلَى السلطة بعد أَخِيه الْمَنْصُور عبد الْعَزِيز فَأخْرج لَهُ الْخَيل وَأَعْطَاهُ إقطاعاً فِي الْحلقَة فانضم إِلَى الْأَمِير نوروز الحافظي وتقلب مَعَه فِي بحار تِلْكَ الْفِتَن وفر إِلَيْهِ بِالشَّام ثمَّ صَار مِنْهُ إِلَى جمَاعَة الْأَمِير شيخ. وَمَا زَالَ مَعَه حَتَّى قتل النَّاصِر وَقدم إِلَى مصر وتسلطن فَأمره وتنقل حَتَّى صَار سُلْطَانا فَلم يتهن. وَكَانَ أَولا كالمحجور عَلَيْهِ مَعَ أَلِي بيه الدوادار وتغري بردي من قصروه أَمِير أخور. ثمَّ تعلل مُنْذُ خرج من حلب فَلم يقم بقلعة الْجَبَل سوى ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا. وألجأه تعلله إِلَى لُزُوم الْفراش حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ يمِيل إِلَى تدين وَفِيه لين وإعصاء وكرم مَعَ طيش وخفة. وَكَانَ شَدِيد التعصب لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة. يُرِيد أَن لَا يدع أحدا من الْفُقَهَاء غير الْحَنَفِيَّة. وأتلف فِي مدَّته - مَعَ قلتهَا - أَمْوَالًا عَظِيمَة وَحمل الدولة كلفا كَثِيرَة أتعب بهَا من بعده. وَلم تطل أَيَّامه حَتَّى تشكر أَفعاله أَو تدم. السُّلْطَان نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الظَّاهِر ططر السُّلْطَان الْملك الصَّالح نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الظَّاهِر ططر أقيم فِي السلطنة بِعَهْد أَبِيه إِلَيْهِ وعمره نَحْو الْعشْر سِنِين عقيب موت أَبِيه. فِي يَوْم الْأَحَد رَابِع ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة قد اجْتمع الْأُمَرَاء بالقلعة إِلَّا الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي فَإِنَّهُ لم يحضر فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى حضر وأجلسوا السُّلْطَان ولقبوه بِالْملكِ الصَّالح. وَنُودِيَ فِي الْقَاهِرَة أَن يترحموا على الْملك الظَّاهِر ويدعوا للْملك الصَّالح وَسكن الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي بالحراقة من بَاب السلسة وانضم إِلَيْهِ مُعظم الْأُمَرَاء والمماليك. وَأقَام الْأَمِير برسباي الدقماقي بالقلعة فِي عدَّة من الْأُمَرَاء والمماليك مِنْهُم الْأَمِير طرباي حَاجِب الْحجاب والأمير قصروه رَأس نوبَة والأمير جقمق وَبَاتُوا بأجمعهم مستعدين. وَأَصْبحُوا يَوْم الْإِثْنَيْنِ خامسه وَقد تجمع المماليك يطْلبُونَ النَّفَقَة عَلَيْهِم وَالْأُضْحِيَّة وأغلظوا فِي القَوْل حَتَّى كَادَت الْحَرْب أَن تكون. فترضاهم الْأُمَرَاء حَتَّى تفرق جمعهم. وَبَات الْعَسْكَر على أهبة الْقِتَال. وَأَصْبحُوا يَوْم الثُّلَاثَاء سادسه فِي تَفْرِقَة الْأَضَاحِي فَأخذ كل مَمْلُوك رأسان من الضَّأْن. وتجمعوا تَحت القلعة لطلب النَّفَقَة فطال النزاع بَينهم وَبَين الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي حَتَّى تراضوا أَن ينْفق فيهم بعد عشرَة أَيَّام من غير أَن يعين لَهُم مِقْدَار مَا يُنْفِقهُ فيهم فَانْفَضُّوا وَبعث الْأَمِير جَانِبك إِلَى الْأَمِير برسباي أَن ينزل من القلعة هُوَ والأمير طرباي والأمير قصروه وَأَن يسكنوا فِي دُورهمْ وَيُقِيم الْأَمِير جقمق عِنْد السُّلْطَان. فَنزل الْأَمِير طرباي مظْهرا

ص: 44

أَنه فِي طَاعَة الْأَمِير جَانِبك وَهُوَ فِي الْبَاطِن بِخِلَاف ذَلِك فَإِنَّهُ أَخذ فِي تَدْبِير أمره وإحكام الْأَمر للأمير برسباي. واستمال كثير من المماليك وَأصْبح فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامنه الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي متوعكاً وَقد أشيع أَنه قصد بذلك مكيدة فتمادى الْحَال إِلَى يَوْم الْخَمِيس تاسعه. وَأصْبح يَوْم الْجُمُعَة عاشره وَهُوَ يَوْم النَّحْر وَقد أخرج الْأَمِير برسباي بالسلطان من قصره إِلَى الْجَامِع بالقلعة وَمَعَهُ الْأَمِير قصروه فصلى بهم قَاضِي الْقُضَاة ولي الدّين الْعِرَاقِيّ صَلَاة الْعِيد وخطب على الْعَادة. ثمَّ مضى الأميران بالسلطان إِلَى بَاب الستارة فذبح السُّلْطَان هُنَاكَ طَائِفَة من غنم الْأُضْحِية وَذبح الْأَمِير برسباي مَا هُنَالك من الْبَقر وَبَقِيَّة الْغنم. وبينما هم فِي ذَلِك إِذْ رمى المماليك بالنشاب من أعلا القلعة على الْأَمِير جَانِبك وَهُوَ بالحراقة من بَاب السلسلة فاضطرب النَّاس وللحال أغلق بَاب القلعة ودقت الكوسات حَرْبِيّا فَخرج الْأَمِير طرباي من دَاره فِي عَسْكَر كَبِير وَقد لبسوا جَمِيعهم لَامة الْحَرْب. وطلع وَمَعَهُ الْأَمِير قجق إِلَى الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي بالحراقة وَأخذ يلومه على تَأَخره عَن الطُّلُوع لصَلَاة الْعِيد ومازال يخدعه حَتَّى انخدع لَهُ وَركب مَعَه ليشتروا فِي بَيت الْأَمِير بيبغا المظفري على مَا يعْمل. وَكَانَ بيبغا قد تَأَخّر عَن الرّكُوب وَأقَام فِي دَاره. ومضوا وَقد ركب مَعَ جَانِبك الْأَمِير يشبك أَمِير أخور. فَمَا هُوَ إِلَّا أَن صَارُوا فِي دَاخل بَيت بيبغا المظفري إِذا بِبَاب الدَّار قد أغلق وأحيط بجانبك الصُّوفِي ويشبك أَمِير أخور وقيدا وأخذا أسيرين إِلَى القلعة وَنُودِيَ بِالنَّفَقَةِ فِي المماليك مائَة دِينَار لكل وَاحِد فَكَأَنَّهَا جَمْرَة طفيت. وللحال سكنت الْفِتْنَة كَأَن لم تكن فَلم تنتطح فِيهَا عنزان. وَنُودِيَ فِي الْقَاهِرَة بالأمان فقد قبض على أَعدَاء السُّلْطَان ففتحت أَبْوَاب الْقَاهِرَة بعد مَا أغلقت. وَاطْمَأَنَّ النَّاس بعد مَا كَانَ فِي ظنهم أَن الْفِتْنَة تطول. وكل ذَلِك فِي ضحى النَّهَار فسبحان من بِيَدِهِ الْأَمر كُله. وَفِي يَوْم السبت حادي عشره: استدعى الْأَمِير أرغون شاه أستادار الْأَمِير نوروز الحافظي. وَكَانَ قد قدم من دمشق فِي خدمَة الظَّاهِر ططر فَصَعدَ القلعة وخلع عَلَيْهِ الْأَمِير برسباي وَاسْتقر استادارا عوضا عَن الْأَمِير صَلَاح الدّين مُحَمَّد بن نصر الله. وَفِيه حمل الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي والأمير يشبك مقيدين من القلعة إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فسجنا بهَا. وَفِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشره: أُعِيد الصاحب تَاج الدّين بن الهيصم إِلَى نظر الدِّيوَان الْمُفْرد. وَكَانَ قد عزل عَنهُ بِدِمَشْق فِي شهر رَمَضَان. وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة بطالاً.

ص: 45

وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشره: خلع على الْأَمِير آق قجا وَاسْتقر فِي كشف الْوَجْه القبلي وَكَانَ قد وليه فِي الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة ططر. وَسَاءَتْ سيرته حَتَّى أشيع أَنه افتض مائَة بكر غصبا إِلَى غير ذَلِك. وَفِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشره: اجْتمع الْأُمَرَاء بِالْخدمَةِ فِي الْقصر. وَقد أخرج السُّلْطَان من عِنْد أمه وأجلس ثمَّ خلع على الْأَمِير برسباي الدقماقي الدوادار وَاسْتقر نظام الْملك كَمَا كَانَ الظَّاهِر ططر قبل أَن يتسلطن. وَكَانَ الْأَمِير برسباي مُنْذُ اشْتَدَّ مرض الظَّاهِر مُقيما بالقلعة لم ينزل مِنْهَا طول هَذِه الْمدَّة. وَفِيه فوض الْخَلِيفَة إِلَى الْأَمِير الْكَبِير نظام الْملك برسباي أُمُور المملكة بأسرها ليقوم بهَا إِلَى أَن يبلغ السُّلْطَان رشده. وَحكم بِصِحَّة ذَلِك قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ. وَفِيه خلع على الْأَمِير سودن من عبد الرَّحْمَن وَاسْتقر دوادارا كَبِيرا عوضا عَن الْأَمِير الْكَبِير نظام الْملك برسباي. وخلع على الْأَمِير طرباي حَاجِب الْحجاب. وَاسْتقر أَمِيرا كَبِيرا عَن جَانِبك الصُّوفِي. وتقرر الْحَال على أَن يكون تَدْبِير الدولة وَسَائِر أُمُور المملكة بيد الْأَمِير برسباي والأمير طرباي شركَة. وَأَن يسكن طرباي بداره تَحت القلعة تجاه بَاب السلسلة ويحضر الْخدمَة عِنْد الْأَمِير برسباي بالأشرفية. وخلع على الْأَمِير جقمق نَائِب القلعة وَاسْتقر حَاجِب الْحجاب عوضا عَن الْأَمِير طرباي. وخلع على الْأَمِير قصروه رَأس نوبَة وَاسْتقر أَمِير أخور عوضا عَن يشبك. وخلع على الْأَمِير أزبك وَاسْتمرّ رَأس نوبَة كَبِيرا عوضا عَن قصروه. وَخرج جَمِيع الْأُمَرَاء وَسَائِر أهل الدولة من الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة بِالْقصرِ مشَاة فِي خدمَة الْأَمِير نظام الْملك برسباي حَتَّى دخل الأشرفية الَّتِي هِيَ سكنه وعملت بهَا الْخدمَة بَين يَدَيْهِ. وَصرف أُمُور وَفِي السبت ثامن عشره: ورد الْخَبَر بِأَن الْأَمِير تغري بردي من قصروه نَائِب حلب استدعى جمائع التركمان إِلَى حلب وَقبض على الْأُمَرَاء الحلبيين وَخرج عَن الطَّاعَة. وَسبب ذَلِك أَن الظَّاهِر ططر كَانَ قد كتب بِولَايَة الْأَمِير تنبك البجاسي نَائِب طرابلس فِي نِيَابَة حلب وعزل تغري بردي. فَلَمَّا بلغه ذَلِك كَانَ مِنْهُ مَا ذكر.

ص: 46

وَفِي ثَالِث عشرينه: خلع على صدر الدّين أَحْمد بن مَحْمُود العجمي وأعيد إِلَى حسبَة الْقَاهِرَة عوضا عَن جمال الدّين يُوسُف الْبِسَاطِيّ. وَفِيه نُودي بِمَنْع النِّسَاء من الْخُرُوج إِلَى الترب وتشدد الْأَمِير جقمق الْحَاجِب فِي ذَلِك. وَكَانَ قد كثر فِي هَذَا الشَّهْر مرض النَّاس. وَمَات عدَّة مِنْهُم فَصَارَت النِّسَاء يترددن إِلَى الترب فِي أَيَّام الْجمع ويقمن بهَا المآتم والعزاء. وَقدم الْخَبَر بِعظم الفناء بِبِلَاد الفرنج - سِيمَا رودس - وبشدة الغلاء بِبَلَد العلايا وَنَحْوهَا من بر التركية. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشرينه: ابْتَدَأَ الْأَمِير نظام الْملك برسباي فِي نَفَقَة المماليك وَهُوَ والأمراء على تخوف مِنْهُم أَن يمتنعوا من أَخذهَا. وَذَلِكَ أَنهم وعدوا فِي نوبَة جَانِبك الصُّوفِي. بِمِائَة دِينَار لكل وَاحِد فَلم يصرف لكل وَاحِد مِنْهُم سوى خمسين دِينَارا من أجل قلَّة المَال فَإِن الظَّاهِر ططر أتلف المَال الَّذِي كَانَ خَلفه الْمُؤَيد شيخ حَتَّى لم يبْق مِنْهُ غير سِتِّينَ ألف دِينَار. وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ زَاد فِي نَفَقَة المماليك المقررة بالديوان الْمُفْرد كل شهر مَا ينيف على عشرَة آلَاف دِينَار. فَأحْسن الْأَمِير صَلَاح الدّين مُحَمَّد الأستادار بِالْعَجزِ واستعفى على أَنه قَامَ هُوَ وَأَبوهُ الصاحب بدر الدّين حسن بن نصر الله نَاظر الْخَاص بِعشْرَة آلَاف دِينَار عَن ثمن الْأُضْحِية وبعشرين ألف دِينَار فِي نَفَقَة المماليك. وتسلم مِنْهُمَا الْأَمِير أرغون شاه عشْرين ألف أردب شَعِيرًا. وعندما اسْتَقر أرغون شاه أستادارا وهب النَّاس وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم وخشن جَانِبه حَتَّى غلقت أسواق الْقَاهِرَة ومصر عدَّة أَيَّام خوفًا من بطشه. وَكتب يطْلب متدركي النواحي ليصادرهم. وَقرر على مباشري الدولة بأسرهم أَمْوَالًا يحملونها إِلَيْهِ فقرر على الْوَزير الصاحب تَاج الدّين بن كلاب المناخ سِتَّة آلَاف دِينَار وعَلى الصاحب بدر الدّين حسن بن نصر الله نَاظر الْخَاص عشرَة آلَاف دِينَار وعَلى من دونهمَا بِحَسب مَا سَوَّلت لَهُ نَفسه حَتَّى اجْتمع من ذَلِك نَفَقَة المماليك فأنفق فِي ثَلَاثَة آلَاف ومائتي مَمْلُوك مبلغ مائَة وَسِتِّينَ ألف دِينَار فَأخذُوا النَّفَقَة وانفضوا بِغَيْر شَرّ وَللَّه الْحَمد. وَفِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشرينه: قدم مبشرو الْحَاج وأخبروا بسلامتهم وَأَنَّهُمْ وقفُوا بِعَرَفَة يَوْم الْجُمُعَة وَأَنه لم يرد حَاج من الْعرَاق وَلَا من الْيمن. وَفِي هَذِه السّنة: كَانَت حروب مثيرة بَين طوائف الفرنج اقتتل فِيهَا طَائِفَة الكتيلان مَعَ الفنش فهزموه وَقتل بَينهم عشرَة آلَاف فَأَقل مَا قيل أَن عدَّة قتلاهم ثَمَانُون ألفا.

ص: 47

وفيهَا كَانَت حَرْب بِمَدِينَة فاس من بِلَاد الْمغرب بَين أبي زيان مُحَمَّد بن أبي طَرِيق بن أبي عنان - وَقد قَامَ بأَمْره الشَّيْخ يَعْقُوب الحلفاوي الثائر على الْوَزير الْحَاجِب عبد الْعَزِيز اللباني لقَتله السُّلْطَان أبي سعيد عُثْمَان بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد وَثَلَاثَة عشر أَمِيرا من إخْوَته وَأَوْلَاده وَبني أخوته - وَبَين اللباني وَكَانَ قد استنصر بالشاوية وَبعث إِلَيْهِم بِمَال كَبِير فَأتوهُ فَلم يطق الحلفاوي مقاومتهم فَأدْخلهُ مَدِينَة فاس بجموعه وألويته منشورة على رَأسه وأنزله دَار الْحرَّة آمِنَة بنت السُّلْطَان أبي الْعَبَّاس أَحْمد فَرَحل الشاوية عَن الْمَدِينَة. وَقبض على اللباني. وَأسلم إِلَى الحلفاوي. فَدخل السُّلْطَان أَبُو زيان فاس الْجَدِيد فِي ربيع الآخر وَبعث بالسلطان أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي سعيد إِلَى الأندلس. فَمَا كَانَ سوى شهر حَتَّى ثار بَنو مرين على أبي زيان وحصروه وطلبوا الْوَزير أَبَا الْبَقَاء صَالح بن صَالح أَن يحمل أَبَا عبد الله مُحَمَّد المتَوَكل ابْن السُّلْطَان أبي سعيد فَقدم الْوَزير بِهِ واستمرت الْحَرْب أَرْبَعَة أشهر إِلَى أَن فر أَبُو زيان ووزيره فارح. وَأخذ بَنو مرين الْبَلَد الْجَدِيد وطلبوا من ابْن الْأَحْمَر أَن يبْعَث بالسلطان الْكَبِير أبي عبد الله مُحَمَّد الْمُسْتَنْصر بن أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن فَبَعثه إِلَيْهِم فملكوه وأطاعوه. وفيهَا - كَمَا تقدم - كَانَ تغير دوَل مصر فبلغت عدَّة من قتل وسجن من أُمَرَاء مصر وَالشَّام زِيَادَة على أَرْبَعِينَ أَمِيرا. وَمَات فِي هَذِه السّنة مِمَّن لَهُ ذكر السُّلْطَان الْملك الْمُؤَيد شيخ الْحَمَوِيّ - أحد مماليك الْملك الظَّاهِر برقوق فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن الْمحرم وَقد أناف على الْخَمِيس سنة. وَمَات عبد الرَّحْمَن بن السمسار فِي ثَالِث صفر وَله شهرة فِي طائفته وَمَال جم. وَمَات الْأَمِير مرج بن سكربيه أحد الْأُمَرَاء العشرات فِي رَابِع صفر. وَكَانَ من خَواص الْمُؤَيد الْجمال صورته. وَمَات بهاء الدّين مُحَمَّد بن بدر الدّين حسن بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْبُرْجِي عَن ثَلَاث وَسبعين سنة فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر صفر. وَقد ولي حسبَة الْقَاهِرَة غير مرّة. وَولى وكَالَة بَيت المَال وَنظر كسْوَة الْكَعْبَة وباشر نظر عمَارَة الْجَامِع المؤيدي. وَكَانَ أَبوهُ يَلِي قَضَاء الْمحلة.

ص: 48

وَقتل الْأَمِير سيف الدّين يشبك اليوسفي نَائِب حلب أحد المماليك المؤيدية فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشْرين الْمحرم. وَكَانَ من شرار الْخلق. وَمَات علم الدّين سُلَيْمَان بن جنيبة رَئِيس الْأَطِبَّاء وَقد أناف على ثَمَانِينَ سنة فِي سادس عشر صفر. كَانَ أَبوهُ يَهُودِيّا وَنَشَأ سُلَيْمَان هَذَا مُسلما يتكسب بصناعة الطِّبّ ويعاشر الْأَعْيَان فَصَارَ من مشهوري الْأَطِبَّاء عدَّة سِنِين وَعرف بِحسن العلاج. ثمَّ ولي رياسة الْأَطِبَّاء فِي سنة ثَلَاث عشرَة. وَكَانَ فَاضلا فِي علم الطِّبّ هشاً جميل المعاشرة يكْتب الْخط الْجيد. تردد إِلَى سِنِين وَمَا علمت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا. وَمَات تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن الجباس الَّذِي ولي حسبَة الْقَاهِرَة فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة. وَكَانَ عامياً فِي هَيْئَة فَقِيه. توفّي يَوْم السبت سادس عشر ربيع الآخر. وَقتل الْأَمِير ألطنبغا القرمشي فِي خَامِس عشْرين جُمَادَى الأولى بقلعة دمشق. وَهُوَ أحد المماليك الظَّاهِرِيَّة برقوق الَّذين فروا إِلَى الشَّام وَصَارَ من جملَة الْأَمِير شيخ. وَمَا برح يرقيه على مَا تقدم ذكره. وَمَات الْأَمِير الْوَزير المشير الأستادار بدر الدّين مُحَمَّد بن محب الدّين عبد الله الطرابلسي. كَانَ أَبوهُ من مسالمة نَصَارَى طرابلس. وَبهَا نَشأ الْبَدْر هَذَا وَولي بهَا كِتَابَة سرها وَولي شدّ الدَّوَاوِين بهَا. وَتعلق بِخِدْمَة الْأَمِير شيخ أَيَّام تِلْكَ الْفِتَن. وَعمل أستادارا عِنْده. فَلَمَّا قدم مصر بَاشر بِهِ أستادار ثمَّ عَزله وولاه الوزارة. ثمَّ عَزله كَمَا تقدم. وَكَانَ يكْتب الْخط الْمَنْسُوب ويتظاهر بقبائح الْمعاصِي وينوع الظُّلم فِي أَخذ الْأَمْوَال فعاقبه الله بيد ناصره الْمُؤَيد شيخ أَشد عُقُوبَة ثمَّ قبض عَلَيْهِ الظَّاهِر ططر وعاقبه حَتَّى هلك تَحت الضَّرْب. وَضرب مَيتا. فأراح الله مِنْهُ عباده. وَذَلِكَ فِي سَابِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة بِدِمَشْق. وَمَات بحلب الْأَمِير كردِي بن كندر. أحد أُمَرَاء التركمان مقتولاً فِي شهر رَجَب. وَمَات متملك بِلَاد الرّوم بِمَدِينَة برصا غياث الدّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد كرشجي بن بايزيد بن مُرَاد بن أرخان بن عُثْمَان وَملك برصا بعده ابْنه خوند كار مُرَاد شلبي مُحَمَّد كرشجي بن بايزيد خوند كار وَذَلِكَ فِي شهر رَجَب.

ص: 49

وَقتل الْأَمِير ألطنبغا من عبد الْوَاحِد الْمَعْرُوف بالصغير فِي وَاقعَة مَعَ التركمان بمعاملة حلب فِي تَاسِع شعْبَان. وَهُوَ أحد المماليك الظَّاهِرِيَّة برقوق الَّذين أنشأهم الْمُؤَيد شيخ وَجعله أَمِير مائَة مقدم ألف. وَقتل الْأَمِير قجقار القردمي بسجن الْإسْكَنْدَريَّة فِي سادس عشْرين شعْبَان. وَهُوَ أحد من أنشأه الْمُؤَيد شيخ حَتَّى صَار أَمِير مائَة مقدم ألف أَمِير سلَاح. وَقتل الْأَمِير جقمق نَائِب الشَّام بعد عُقُوبَة شَدِيدَة فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سَابِع عشْرين شهر شعْبَان. وَكَانَ مِمَّن أنشأه الْمُؤَيد شيخ وَعَمله أَمِير مائَة مقدم ألف وَأَعْطَاهُ نِيَابَة الشَّام. وَكَانَ فَاجِرًا ظَالِما وَتُوفِّي قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين أَبُو الْفضل عبد الرَّحْمَن ابْن شيخ الْإِسْلَام سراج الدّين أبي حَفْص عمر البُلْقِينِيّ الشَّافِعِي فِي لَيْلَة الْخَمِيس حادي عشره عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة. وَصلى عَلَيْهِ بالجامع الحاكمي. وَدفن على قبر أَبِيه وأخيه بمدرستهم من حارة بهاء الدّين فَكَانَ جمعا موفوراً ومشهداً جَلِيلًا حافلاً مَذْكُورا. وانتاب النَّاس قَبره مُدَّة. وَلم يخْتَلف بعد مثله فِي كَثْرَة علمه بالفقه وأصوله وَبِالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِير والعربية مَعَ الْعِفَّة والنزاهة عَمَّا يَرْمِي بِهِ قُضَاة السوء وجمال الصُّورَة وفصاحة الْعبارَة وَبِالْجُمْلَةِ فَلَقَد كَانَ مِمَّن يتجمل بِهِ الْوَقْت. وَمَات السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر ططر فِي يَوْم الْأَحَد رَابِع ذِي الْحجَّة. وَقد تقدم التَّعْرِيف بِهِ.

ص: 50