الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السياسة الشرعية الخارجية
مدخل
…
السياسة الشرعية الخارجية:
السياسة الخارجية للدولة تدبير علاقاتها بغيرها من الدول. والأمم قديمًا كانت حالها لا تساعد على وجود صلات بين إحداها والأخرى لأن القوية كانت تطمع في استبعاد الضعيفة والضعيفة كانت في خوف من تغلب القوية، وما كانت إذ ذاك ضمانات تقف بالمطامع أو تنفي المخاوف، فلهذا كانت كل أمة في عزلة عن الأخرى، وما كانت لواحدة منها سياسة خارجية إلا تدبير الحروب والإغارات.
ولكن الأمم حديثًا لما اشتدت حاجة كل واحدة منها إلى الأخرى وأصبحت كالأفراد مدينة بطبعها لا غنى لأمة عن غيرها، مست هذه الحاجات المتبادلة إلى تدبير العلاقات الخارجية بوضع الأسس التي تبنى عليها، والقوانين التي تتبع فيها، والقوى الكفيلة بتنفيذها. ولهذا وضع علم القانون الدولي لتقرير القواعد التي تستبين بها حقوق كل دولة وواجباتها قبل غيرها من الدول في حالي السلم والحرب. وأول ما قرره العلماء من قواعده أن تكون علاقات الدول أساسها السلم حتى يتيسر لها تبادل المنافع والتعاون على بلوغ النوع الإنساني درجة كماله وقرروا أنه لا يسوغ قطع هذه الصلة السلمية إلا عند الضرورة القصوى التي تلجئ إلى الحرب وبعد أن تفشل جميع الوسائل السلمية في حسم الخلاف. وسنوا لحال السلم أحكامًا تكفل لكل دولة حقوقها وواجباتها قبل غيرها حتى تقطع أسباب الخلاف بالقدر الممكن وسنوا لحال الحرب -إذا اضطر الخلاف إلى وقوعها- أحكامًا تخفف ويلاتها وتهون من شرورها بالقدر الممكن كذلك. فمن الأحكام السليمة وجوب اعتراف الدول بوجود الدولة التي استكملت شرائط الدولية.
ووجوب تمتع كل دولة بحريتها التامة في سياستها الداخلية واحترام حدودها ومعاملة رعايها بالحسنى وإزالة العقبات من طريق تجارتها وإكرام وفادة سفرائها وقناصلها وغير هذا من الأحكام التي يقصد بها تجنب وقوع الخلاف. ومن الأحكام الحربية وجوب إعلان الحرب بطريق يمنع الغدر والأخذ غيله، وتحريم استعمال أنواع من القنابل والقذائف والأسلحة التي تزيد في تعذيب الإنسان، وإحسان المعاملة للجرحى والأسرى وغير هذا من الأحكام التي يراد بها تخفيف ويل الحرب، ورحمة الإنسان بالإنسان.
وهذا بيان ما قرره الإسلام أساسًا لعلاقة الدولة الإسلامية بغيرها وما شرعه لتدبير هذه العلاقة في حالي السلم والحرب: