الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيح، لا يعترف بكل الآلهة التي اخترعها البشر، لأنها
آلهة باطلة، فتوحيد اليهودية ليس توحيداً صحيحاً
مطلقاً، وإنما هو توحيد بالنسبة لليهود وحدهم، فإلههم
يهوه واحد، ووحدانيته تأتي من تخصيصهم إياه بالاعتراف
والعبادة، فهو ربهم الذي احتكروه لأنفسهم لا يشاركهم فيه
غيرهم، ويهوه لا يعترف بشعب سوى شعبه المختار الذي
احتكره لنفسه، أما الشعوب الأخرى فلهم آلهتهم، ولا
شأن لليهود بهذه الآلهة.
***
الثالوث في المسيحية والديانات الوثنية
وثالوث المسيحية: الله الآب، والله الابن، والله روح
القدس، وهو اعتراف بالشرك، وقد سبقته ديانات أقوام
تقوم على الثالوث، مثل: البرهمية التي تقوم على ثلاثة
أقانيم: براهما، وفشتو، وسيفا.
ونجد الثالوث نفسه في ديانات بابل وآشور ومصر
وغيرها، بل نجد الثالوث المسيحي كما هو بأسمائه وأقانيمه
في ديانة المكسيك الوثنية، وقد اكتشف قسيس مسيحي
عندما دخل المسيحيون المكسيك ثالوت المكسيك.
يقول اللورد "كنجسبرو" في كتابه " الآثار المكسيكية القديمة"
المجلد الخامس صفحة 164:
"والمكسيكيون يعبدون إلها مثلث الأقانيم
…
ولا
عُيِّن برتولوميو مطراناً سنة 1445 أرسل القس فرنسيس
هَرْمنديز إلى الكسيك ليبشِّر بين الهندوس بالديانة
المسيحية، وكان هذا القس يجيد لغتهم، وبعد مضي سنة
من ذهابه أرسل إلى المطران برتولوميو رسالة قال له فيها:
"إن الهندوس يؤمنون بإلهٍ في السماء مثلث الأقانيم، وهو
الله الآب، والله الابن، والله روح المقدس، والثلأاة إله
واحد، واسم الآب: بزونا، واسم الابن: باكاب؟ وهومولود
من عذراء، واسم الروح المقدس: نايكيهيا ".
ويقول كنجسبرو في الصفحة السابقة نفسها: " ويعبدون
إلها اسمه " تنكاتنكا " يقولون عنه: إنه واحد وثلاثة
أقانيم ".
ويقول العلامة نايت في كتابه، (اللغة الرمزية
للفنون القديمة والأساطير " صفحة 169: "وسكان
جزائر الأقيانوس عبدوا إلهاً مثلث الأقانيم، ويقولون:
الإله الآب، والإله الابن، والإله روح المقدس، ويصورون
روح المقدس على هيئة طير ".
وهناك عشرات القبائل الوثنية يؤمنون بإله مثلث
الأقانيم، وهذه القبائل في آسيا وأوربا وإفريقيا وأمريكا.
وقد سبق الثالوثُ في عشرات الديانات الوثنية
الثالوثَ المسيحي، وكل ما في المسيحية من عبادات
وطقوس وشعائر موجوده في الديانات الوثنية التي
سبقتها، وصفات المسيح كما ترويها الأناجيل والمصادر
المسيحية موجودة في تلك الديانات التي نجد فيها أيضاً اسم
أم المسيح نفسه وصفاتها.
وفي كتاب " أساطير التوراة وما يماثلها في الديانات
الأخرى " الذي ألفه العالم المسيحي الكبير "دوان " ذكْرٌ
مفصل لأساطير التوراة والأناجيل التي سبق وجودها في
الديانات الوثنية، وافتتح " دوان " كتابه بآية من القرآن
الكريم وهي: (وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ) . واستشهاده بالآية الكريمة رد على من اعتقدوا التثليث.
وذكر " دوان " في كتابه وجود الثالوث في ديانات
الهند والصين ومصر وبابل وغيرها في تفصيل أثبت فيه
أن ثالوث المسيحية مسبوق بثالوث الديانات الوثنية التي
سبقتها.
وعشرات من علماء المسيحية وأقطابها مثل "دوان "
ذكروا سَبْق الوثنيات القديمة المسيحية في الثالوث، مما
يثبت أن المسيحية أخذت عقيدة الثالوث من تلك
الديانات.
وهؤلاء العلماء المسيحيون غير متهمين، ولكنهم
ذكروا ما هو حق، وأرادوا أن يثبتوا أن المسيحية التي
تصورها الأسفار المقدسة لديهم إنما هي ديانة وثنية
مقتبسة من الوثنيات القديمة.
وكل صغيرة وكبيرة في المسيحية مأخوذة من الديانات
الوثنية القديمة، وانقلبت المسيحية من توحيد حق إِلى دين
وثني محض، وما يعرف بالمسيحية ليس الدين الحق الذي
جاء به عيسى من عند الله، وإنما هو دين كوَّنه بولس الذي
نقض المسيحية نقضاً، ثم هدمه من جاءوا بعده هدما،
ويعترف أكابر الباحثين من علماء المسيحية وكتَّابها
وفلاسفتها ورجال الدين البرزين بما حلَّ بالمسيحية من تغير
شامل، كما يعترفون بما دخل فيها من الوثنية.
يقول الكاتب المشهور جورج برناردشو: " إن القس
الشهير " دين إنج " قال: لقد شوه بولس تعاليم راعينا حتى
لكأنه صلبه مقلوباً برأسه إلى أسفل ".
ويقول العالم البريطاني المعروف ويلز: " أوتي بولس
قوة عقلية عظيمة، كما كان شديد الاهتمام بحركات عصره
الدينية، فكان على علم واسع باليهودية وبديانة مترا وديانة
الاسكندرية، فنقل إلى المسيحية كثيراً من معتقداتهم
ومصطلحاتهم، ولم يهتم بما جاء به عيسى من فكرة ملكوت
السماوات ".
ويقول "بيري" في كتابه "ديانات العالم ":
" بعد صلب المسيح ذاب أتباعه واختفت دعوته،
ولم يعد أحد يسمع شيئاً عن هذه الدعوة ".
ويقول: "كان عيسى يهودياً، وقد ظل كذلك أبداً،
ولكن بولس كوَّن المسيحية على حساب عيسى، فبولس في
الحقيقة مؤسس المسيحية، وقد أدخل بولس على ديانته
بعض تعاليم اليهود ليجذب إليها عامتهم، كما أدخل صوراً
من فلسفة الإغريق ليجذب أتباعاً له من اليونان، فبدأ
يذيع أن عيسى منقذ ومخلّص وسيد استطاع الجنس
البشري بوساطته أن ينال النجاة، وهذه الاصطلاحات
التي قال بها بولس كانت مشهورة عند كثير من الفرق،
فانحاز أتباعها إلى ديانة بولس، وعمد - إرضاء لمثقفي
اليونان - إلى أن يستعير من فلاسفة اليونان وبخاصة
الفيلسوف فيلون اتصال الإله بالأرض عن طريق الكلمة
أو ابن الإله ".
وهناك فلاسفة مسيحيون وكتاب وأدباء وشعراء
وأساتيذ جامعات ذهبوا إلى ما ذهب إليه شو وإنج وويلز
وبيري، وقرروا جميعاً أن المسيحية ليست ديانة عيسى،
وإنما هي ديانة بولس لفَّقَها من مختلف الديانات الوثنية
والفلسفات في عصره.
وإذا كان القدماء من المسيحيين قد اختدعوا بديانة
بولس على أنها مسيحية المسيح فإن اختداع المسيحيين في
القرن العشرين مثار عجب ودهشة؟ فالتقدم الحضاري لم
يُعينهم على فهم الحقيقة التي كشفها لهم أقطاب المسيحية
المعاصرون.
وسواء لدينا إذا كانت المسيحية ديانة عيسى أم
اختراع بولس، فالحكم واحد لن يتغير، فالمسيحية التي
تصورها أسفارهم المقدسة قد حبسها المسيحيون في
الكنيسة، ولا شأن لها بنظام البشر ومعاملاتهم، وقديماً
نسبوا إلى المسيح أنه قال: أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله،
وهو حكم على المسيحية بالعزلة التامة عن الحياة
والسوق.
وهم أنفسهم قد حكموا على فقدانها الصلاح لأن تكون
دين الإنسانية جمعاء، ونحن نوافقهم على هذا الحكم ونزيد
فنقول: إن المسيحية لا تصلح لأن تكون دين الإنسانية
عقيدة وشريعة، لأن العقيدة المسيحية تحولت على يد بولس
إلى ديانة وثنية ملفقة من وثنيات وفلسفات مختلفة.
ولا تصلح للبشرية ديانة وثنية تقوم على الشرك، بل
لا بد للديانة التي يُراد لها أن تكون للبشرية كلها أن
تكون ديانة صحيحة تقوم على إفراد الله بالعبادة، وأن
تحوي مع العقيدة شريعة فاضلة كاملة تنتظم كل بني
الإنسان في حاضره ومستقبله.
وبعد هذه الرحلة في عالم الديانات ننتهي إلى الحكم
بفقدانها الصلاح لأن يكون دين منها صالحاً لأن يكون
دين البشرية كلها، لأن واقع تلك الديانات هو الحَكم
العدل عليها بفقدانا الصلاح، بل إن أهل كل ديانة قائمة
قد حكموا عليها بذلك، فهم أنفسهم يؤمنون أن دياناتهم
خالية من الشريعة فأوجدوا لهم شرائع حكَّموها في حياتهم
ومعاملاتهم.
* * *