الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فليس فيها تعقيد أهل الفلسفة، كما خلت من الجدل
وجفاف العلوم.
ومن أصول العقائد المقررة في البوذية الإيمان بالسماء
على اعتبارها الإله الأعظم (شانج - تي) والاعتراف بعبادة
الأسلاف، ولم تأت الكنفوشية لاقتلاع الجذور السلفية.
وليست السماء هذه التي يعرفها الناس، وإنما هي
(الشانج تي" بمعنى الإرادة أو القوة العليا المسيطرة على
العالم.
وبعد موت كونفوشيوس صارت الكنفوشية ديانة
عندما تحول كونفوشيوس إلى إله ندٍّ للسماء، وصار يعبد
عبادة لا تخرج عن عبادة الأسلاف في الديانات الوثنية.
وتعنى الكنفوشية بالواقع والإنسان، وشغلت الصينيين
عن الغيب والسحر والمجهول، والبعد عن الزهد والانقباض
والتشاؤم، فهي من الديانات التي تقوم على البساطة
والتفاؤل.
***
الطاوية
وسبقت الديانة الطاويةُ الديانةَ الكنفوشيةَ، وتنسب
إلى تاوته جنج ومعناه: كتاب الطريقة والفضيلة،
والطريقة هنا ليست بمعانيها المعروفة في العربية، وإنما
معناها: الإله، ومن صفاته: ليست بصورة ولا صوت،
ووجوده سابق وجود غيره، وهو أصل كل الوجودات،
وروحه سارية فيها، وبقاؤه أبدي لا يفنى.
وصبغة الطاوية حلولية، وتؤلِّه مظاهر الطبيعة
وتعبدها، كما تعبد الأسلاف، وفي الطاوية فانٍ وباقٍ،
فالفاني الإنسان، والباقي غير الفاني، وعندما يرتقي الفاني
بالحرفة التامة يمكنه الاتحاد مع الباقي والاندماج فيه،
وعندئذ يصل إلى حال " الأثيرية " التي تشبه (النرفانا"
في البرهمية.
والانتقال إلى حال "الأثيرية"، صعود إلى حيث تنعدم
فيه معرفة الماضي والحاضر، و" إلى حيث " هذه موضع
غير مادي ولا محسوس وغير معروف، ولكنها موضع ينتهي
إليه الإنسان بعد اجتيازه مرحلة الترقي إلى المعرفة الحق
ومعاناة الشعور بالاتحاد في الباقي، وبعد ذلك يصل إلى
(الأثيرية" عن طريق المعرفة الكاملة حيث ينتقل إلى
" إلى حيث " حيث لا يوجد موت ولا حياة، وتسمى هذه
الحالة الأثيرية نيبان التي تشبه " النرفانا "
الهندية، ونيبان هي مرحلة الراحة الأبدية.
ويذكر البحاثة دوان في كتابه:
(خرافات التوراة وما يماثلها في الديانات الأخرى)
أن الطاوية تثليث، وهذا قوله: " إن الطاويين يعبدون إلهًا مثلث
الأقانيم، وأساس الفلسفة الطاوية أن " طاو "، هو العقل
الأول الأزلي، انبثق منه واحد، ومن هذا انبثق ثالث
كان مصدر كل شيء ".
ولم تنتشر الطاوية في الصين انتشار الكنفوشية وغيرها
لما فيها من التعقيد والأسرار والكهانة، ولكن ما تزال
قائمة حتى اليوم، وقد رأيت بعض معابد الطاوية في تايوان
(فرموزه) عندما زرتها سنة 1382 هـ (1962 م) وأشهر
معبد طاوي رأيته معبد " شهنان، قرب (تايبيه" عاصمة
الصين الوطنية، ويضم المعبد تمثال "لو - تونغ - ين "
حيث تقمصته روح إله الطاوية كما يزعمون.
وكل ديانات الصين غير صالحة لأن تكون ديناً للإنسانية
جمعاء، فعقيدتها وثنية، والوثنية لا تصلح للإنسانية ديناً،
وليس بديانات الصين شريعة تصلح لغير الزمن الذي كانت
فيه، وقد اندثرت من الوجود، فقد استبدلت بها الصين
الشيوعية المذهب الشيوعي، والصين الوطنية شريعة الغرب.