الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرأة ولم تجزها ويحتمل الأوجه الثلاثة وإن لم يصدقه أخذ الثلث بالوصية وأخذت المرأة السدس بالميراث ويبقى النصف في الأوجه الثلاثة والله سبحانه وتعالى أعلم
باب ميراث القاتل
(كل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة يمنع القاتل ميراث المقتول سواء كان القتل عمداً أو خطأ بمباشرة أو سبب صغيراً كان القاتل أو كبيراً أو مجنوناً) لا يرث قاتل العمد وقد أجمع عليه أهل العلم إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب وابن جبير أنهما ورثاه وهو رأي الخوارج لأن آية الميراث تتناوله بعمومها فيجب العمل بها ولا تعويل على هذا القول لشذوذه وقيام الدليل على خلافه فإن عمر رضي الله عنه أعطى دية ابن قتادة المذحجي لأخيه دون أبيه وكان حذفه بسيف فقتله واشتهرت هذه القصة بين الصحابة فلم تنكر فكانت إجماعاً وقال عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ليس لقاتل شئ " رواه مالك في موطئه والإمام أحمد بسنده وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي
صلى الله عليه وسلم نحوه رواه ابن اللبان بإسناده ورواهما ابن عبد البر في كتابه وروى ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل قتيلاً فانه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره وإن كان والده أو ولده فليس لقاتل ميراث " رواه الإمام أحمد بإسناده ولأن توريث القاتل يفضي إلى تكثير القتل لأن الوارث ربما استعجل موت موروثه ليأخذ ماله كما فعل الإسرائيلي الذي قتل عمه فانزل الله تعالى فيه قصة البقرة ويقال ما ورث قاتل بعد عاميل وهو اسم القتيل فأما القتل خطأ فذهب كثير من أهل العلم إلى أن القاتل لا يرث أيضاً نص
عليه أحمد يروي ذلك عن عمر وعلي وزيد وابن مسعود وابن عباس وروي نحوه عن أبي بكر رضي الله عنهم وبه قال شريح وعروة وطاوس وجابر بن زيد والنخعي والثوري والشعبي وشريك والحسن ابن صالح ووكيع ويحيى بن آدم والشافعي وأصحاب الرأي وذهب قوم إلى أنه يرث من المال دون الدية روى ذلك عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب وعطاء والحسن ومجاهد والزهري ومكحول والاوزاعي وابن أبي ذئب وأبي ثور وابن المنذر وداود وروي نحوه عن علي لان ميراثه ثابت بالكتاب والسنة تخصص قاتل العمد بالإجماع فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه ولنا الأحاديث المذكورة ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها كقاتل العمد والمخالف في الدين، والعمومات مخصصة بما ذكرناه فعلى هذا القتل المانع من الميراث هو القتل بغير حق كالعمد وشبه العمد والخطأ وما أجري مجراه كالقتل بالسبب وقتل الصبي والمجنون والنائم وكل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة.
(مسألة)(فأما ما لا يضمن بشئ من هذا القتل قصاصاً أو حداً أو دفعاً عن نفسه وقتل العادل الباغي والباغي العادل فلا يمنع وعنه لا يرث العادل الباغي ولا الباغي العادل فيخرج منه أن كل قاتل لا يرث) وجملة ذلك أن القتل المانع من الإرث ما كان مضموناً على ما ذكرنا فأما ما ليس بمضمون فلا يمنع الميراث كالقتل قصاصاً وحدا ودفعاً عن نفسه وقتل العادل الباغي أو من قصد مصلحة موليه بماله فعله من سقي دواء أو بط خراج فمات أو من أمره إنسان عاقل كبير ببط خراجه أو قطع سلعة منه فمات بذلك ورثه في ظاهر المذهب قال أحمد إذا قتل الباغي العادل في الحرب يرثه وعن أحمد أن العادل
إذا قتله الباغي في الحرب لا يرثه ونقل محمد بن الحكم عن أحمد في أربعة شهود شهدوا على أختهم بالزنا فرجمت فرجموا مع الناس يرثونها هم غير قتله وعن أحمد رواية أخرى تدل على أن القتل يمنع الميراث بكل حال فإنه قال في رواية ابنيه صالح وعبد الله لا يرث الباغي العادل ولا العادل الباغي وهذا يدل على أن القتل يمنع الميراث بكل حال وهو ظاهر مذهب الشافعي أخذاً بظاهر الحديث ولأنه قاتل فأشبه الصبي والمجنون وقال أبو حنيفة وصاحباه كل قتل لا يأثم فيه لا يمنع الميراث كقتل الصبي والمجنون والنائم والساقط على إنسان من غير اختيار منه وسائق الدابة وقائدها وراكبها إذا قتلت بيدها أو فيها فإنه يرثه لأنه قتل غير متهم فيه ولا إثم فيه أشبه القتل في الحد ولنا على أبي حنيفة وأصحابه عموم الأخبار خصصنا منها القتل الذي لا يضمن ففي ما عداه تبقى على مقتضاها ولأنه قتل مضمون فيمنع الميراث كالخطأ ولنا على الشافعي أنه فعل مأذون فيه فلم يمنع الميراث كما لو أطعمه أو سقاه باختياره فافصى إلى تلفه ولأنه حرم الميراث في محل الوفاق كيلا يفضي إلى اتحاد القتل المحرم وزجراً عن إعدام النفس المعصومة وفي مسئلتنا حرمان الميراث يمنع إقامة الحدود الواجبة واستيفاء الحقوق المشروعة ولا يفضي إلى إيجاد قتل محرم فهو ضد ما ثبت في الأصل ولا يصح القياس على قتل الصبي والمجنون لأنه قتل محرم وتفويت نفس معصومة والتوريث يفضي إليه بخلاف مسئلتنا إذا ثبت هذا فالمشارك في القتل في الميراث كالمنفرد لأنه يلزمه من الضمان بحسبه فلو شهد على موروثه مع جماعة ظلما فقتل لم يرثه وان شهد بحق ورثه لأنه غير مضمون
(فصل) أربعة أخوة قتل أكبرهم الثاني ثم قتل الثالث الأصغر سقط القصاص عن الأكبر لأن ميراث الثاني صار للثالث والأصغر نصفين فلما قتل الثالث الأصغر لم يرثه وورثه الأكبر فرجع إليه نصف دم نفسه وميراث الأصغر جميعه فسقط عنه القصاص لميراثه بعض دم نفسه وله القصاص على الثالث ويرثه في ظاهر المذهب فإن اقتص منه ورثه وورث إخوته الثلاثة ولو أن اثنين قتل أحدهما أحد أبويهما وهما زوجان ثم قتل الآخر أبا الآخر
سقط القصاص عن الأول ووجب على القاتل الثاني لأن الأول لما قتل أباه ورث ماله ودمه أخوه وأمه فلما قتل الثاني أمه ورثها قاتل الأب فصار له من دم نفسه ثمنه فسقط القصاص عنه لذلك وله القصاص على الآخر فإن قتله ورثه في ظاهر المذهب وإن جرح أحدهما اباه والآخر أمه وما نافي حال واحدة ولا وارث لهما سواهما فلكل واحد منهما مال الذي لم يقتله ولكل واحد منهما القصاص على صاحبه ولذلك لو قتل كل واحد منهما أحد الأبوين ولم يكونا زوجين فلكل واحد منهما القصاص على أخيه إلا أنه لا يمكن أحدهما الاستيفاء إلا بإبطال حق الآخر فيسقطان وإن عفي أحدهما عن الآخر فللآخر قتل العافي ويرثه في الظاهر إن بادر أحدهما فقتل أخاه سقط القصاص عنه وورثه في الظاهر ويحتمل أن لا يرثه ويجب القصاص عليه لأن القصاصين لما تساويا وتعذر الجمع بين استيفائهما سقط فلم يبق لهما حكم فيكون المستوفي منهما متعديا باستيفائه فلا يرث أخاه ويجب القصاص عليه بقتله وإن أشكل كيفية موت الأبوين وادعى كل واحد منهما أن قتيله أولهما موتا خرج في توريثهما ما ذكرنا في الغرقى من توريث كل واحد من الميتين من الآخر ثم يرث كل واحد منهما بعض دم نفسه فيسقط القصاص عنهما ومن لا يرى ذلك