الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسألة)(والنكاح سنة لما ذكرنا من أدلة الكتاب والسنة وأدناها الاستحباب)
(مسألة)(والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور بتركه فيجب)
الناس في النكاح على ثلاثة أضرب (أحدها) من يخاف على نفسه مواقعة المحظور إن ترك النكاح فهذا يجب عليه في قول عامة الفقهاء لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام وطريقه النكاح (الثاني) من يستحب له وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور فهذا الاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة وهو قول أصحاب الرأي وظاهر أقوال الصحابة رضي الله عنهم وفعلهم قال ابن مسعود لو لم يبق من أجلي
إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوما لي فيهن طول النكاح لتزوجت مخافة الفتنة، قال ابن عباس لسعيد بن جبير تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء، وقال إبراهيم بن ميسرة قال لي طاوس لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد ما يمنعك عن النكاح إلا عجز أو فجور قال أحمد في رواية المروذي ليست العزبة من أمر الاسلام في شئ ومن دعا إلى غير التزويج فقد دعا إلى غير الإسلام ولو تزوج بشر كان قد تم أمره.
وقال الشافعي التخلي لعبادة الله أفضل لأن الله تعالى مدح
يحيى عليه السلام بقوله تعالى (وسيدا وحصورا) والحصور الذي لا يأتي النساء فلو كان النكاح أفضل لما مدح بتركه وقال تعالى (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين) وهذا في معرض الذم ولأنه عقد معاوضة فكان الاشتغال بالعبادة أفضل منه كالبيع ولنا ما تقدم من أمر الله ورسوله به وحثهما عليه وقوله عليه الصلاة والسلام " لكني أصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " وقول سعد: لقد رد النبي صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أحله له لاختصينا متفق عليهما وعن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " رواه سعيد وهذا حث على النكاح شديد ووعيد على تركه يقربه إلى الوجوب والتخلي منه إلى التحريم، ولو كان التخلي أفضل لانعكست الأحكام ولأن النبي صلى الله وعليه وسلم تزوج وبالغ في العدد وفعل ذلك أصحابه ولا يشتغل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا بالأفضل ولا يجتمع الصحابة على ترك الأفضل والاشتغال بالأدنى، ومن العجب أن من يفضل التخلي لم يفعله فكيف أجمعوا على النكاح في فعله وخالفوا في فضله فما كان فيهم من يتبع الأفضل عنده ويعمل
بالأولى ولأن مصالح النكاح أكثر فإنه يشتمل على تحصين الدين وإحرازه وتحصين المرأة وحفظها والقيام بها وايجاد النسل وتكثير الأمة وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من المصالح الراجح أحدها على نقل العبادة فمجموعها أولى وقد روينا في أخبار المتقدمين أن قوماً ذكروا لنبي لهم
فضل عابد لهم فقال أما أنه لتارك لشئ من السنة فبلغ العابد فأتى فسأله عن ذلك فقال إنك تركت التزويج فقال يا نبي الله وما هو إلا هذا؟ فلما رأى النبي احتقاره لذلك قال أرأيت لو ترك الناس كلهم التزويج من كان يقوم بالجهاد وينفي العدو أو يقوم بفرائض الله وحدوده وأما ما ذكر عن يحيى فهو شرعه وشرعنا بخلافه فهو أولى والبيع لا يشتمل على مصالح النكاح ولا يقاربها (القسم الثالث) من لا شهوة له أما لأنه لا شهوة له كالعنين أو ذهبت شهوته لمرض أو كبر ونحوه ففيه وجهان (أحدهما) يستحب له النكاح لما ذكرنا (والثاني) التخلي له أفضل فإنه لا يحصل مصالح النكاح ويمنع زوجته من التحصين بغيره ويضربها بحبسها عن نفسه ويعرض نفسه لواجبات وحقوق ولعله لا يقوم بها ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه والإخبار تحمل على من له شهوة لما فيها من القرائن الدالة عليها (فصل) وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين القادر على الإنفاق والعاجز عنه فإنه قال ينبغي للرجل