الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولياء بعض (وهل يليه من مسلم؟ على وجهين)(أحدهما) يليه ذكره أبو الخطاب وهو قول أبي حنيفة لأنه وليها فصح تزويجه لها كما لو زوجها كافرا ولأنها امرأة لها ولي مناسب فلم يجز أن يليها غيره كما لو تزوجها ذمي (والثاني) لا يزوجها إلا الحاكم قاله القاضي لأن أحمد قال: لا يعقد يهودي ولا نصراني عقد نكاح لمسلم ولا مسلمة ووجهه أنه عقد يفتقر إلى شهادة مسلمين فلم يصح بولاية كافر كنكاح المسلمين والأول أصح والشاهدان يرادان لإثبات النكاح عند الحاكم بخلاف الولاية
(مسألة)(وإذا زوج الأبعد من غير عذر للأقرب أو زوج الأجنبي لم يصح وعنه يصح ويقف على إجازة الولي)
الكلام في هذه المسألة في فصلين (أحدهما) أنه إذا زوج الا بعد مع حضور الأقرب وإجابته إلى تزويجها من غير إذنه لم يصح وبهذا قال الشافعي وقال مالك يصح لأن هذا ولي فصح أن يزوجها بإذنها كالأقرب ولنا أن هذا مستحق بالتعصيب فلم يثبت للأبعد مع وجود الأقرب كالميراث وبهذا فارق القريب البعيد
(الفصل الثاني) إن هذا العقد يقع فاسدا على الإجازة ولا يصير بالإجازة صحيحاً وكذلك الحكم اذا زوج الأجنبي أو زوجت المرأة المعتبر إذنها بغير إذنها أو تزوج العبد بغير إذن سيده فالنكاح في هذا كله باطل في أصح الروايتين نص عليه أحمد في مواضع وهو قول الشافعي وأبي عبيد وأبى ثور وعن أحمد رواية أخرى انه يقف على الإجازة فإن أجازه جاز وإن لم يجزه فسد قال أحمد في صغير زوجه عمه فإن رضي به في وقت من الأوقات جاز وإن لم يرض فسخ وإذا زوجت اليتيمة فلها الخيار إذا بلغت وقال إذا تزوج العبد إذن سيده ثم علم السيد فإن شاء أن يطلق عليه فالطلاق بيد السيد فإن أذن في التزويج فالطلاق بيد العبد وهذا قول أصحاب الرأي في كل مسألة يعتبر فيها الإذن وروي ذلك في النكاح بغير ولي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن القاسم بن محمد والحسن بن صالح واسحاق وأبي يوسف ومحمد لما روي أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فحيرها النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود وابن ماجة وروي أن فتاة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسة قال فجعل الأمر إليها فقالت قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن أعلم أن للنساء من الأمر شيئاً ولأنه عقد يقف على الفسخ
فوقف على الإجازة كالوصية ووجه الأولى قول النبي صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل - وقال - إذا نكح العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل) رواه أبو داود وابن ماجة إلا أن أبا داود قال هو موقوف على ابن عمر ولأنه عقد لا تثبت فيه أحكامه من الطلاق والخلع واللعان والتوارث فلم ينعقد كنكاح المعتدة فأما حديث المرأة التي خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرسل عن عكرمة رواه الناس كذلك ولم يذكروا ابن عباس قاله أبو داود ثم يحتمل أن هذه المرأة هي التي قالت زوجني أبي من ابن أخيه ليرفع به خسيسته فتخييرها لتزويجها من غير كفئها وهذ ايثبت الخيار ولا يبطل النكاح والوصية يتراخى فيها القبول وتجوز بعد الموت فهي معدول بها عن سائر التصرفات ولا تفريع عليه هذه الرواية لوضوحها فأما عليا لرواية الأخرى فإن الشهادة تعتر في العقد لأنها شرط له
فيعتبر وجودها معه كالقبول ولا تعتبر في الإجازة لأنها ليست بعقد ولأنها إذا وجدت أسند الملك إلى حالة العقد حتى لو كان في الصداق بما ملك من حين العقد لا من حين الإجازة وإن مات أحدهما قبل الإجازة لم يرثه الآخر لأنه عقد تلزمه إجازته فهو كالصحيح وإن كان مما لا يجزه لم يرثه (فصل) ومتى تزوجت المرأة بغير إذن وليها والأمة بغير إذن سيدها فقد ذكره أصحابنا من
الروايتين قال شيخنا والصحيح عندي أنه لا يدخل فيها لتصريح النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالبطلان ولأن الإجازة إنما تكون العقد صدر من أهله في محله فأما ما لا يصدر من الأهل كالذي عقده المجنون أو الطفل فلم يقف على الإجازة وهذا عقد لم يصدر من أهله فإن المرأة ليست أهلا له بديل أنه لو أذن لها فيه لم يصح مع الاذن القارن فأن لا يصح بالإجازة المتأخرة أولى ولا تفريع على هذا القول وأما على القول الآخر فمتى توجت بغير إذن الولي فيرفع إلى الحاكم لم يملك إجازته والأمر فيه إلى الولي فمتى رده بطل لأن من وقف بالحكم على إجازته بطل برده كالرأة إذا زوجت بغير إذنها وفيه وجه آخر أنه إذا كان الزوج كفؤاً أمر الحاكم الولي بإجازته فان لم يفعل أجازه الحاكم لأنه لو امتنع صار عاضلا فانتقلت الولاية عنه إلى الحاكم في ابتداء العقد ومتى حصلت الإصابة قبل الإجازة ثم أجيز فالمهر واحداما المسمى وأما مهر المثل إن لم يكن مسمى فإن الإجازة مسندة إلى حالة العقد فيثبت الحل والملك من حين العقد كما ذكرنا في البيع ولذلك لم يجب الحد ومتى تزوجت الأمة بغير إذن سيدها ثم خرجت من ملكه قبل الإجازة إلى من تحل له انفسخ النكاح ولأنه قد طرأت استباحة صحيحة على موقوفة فأبطلتها لأنها أقوى فأزالت الأضعف كما لو طرأ ملك اليمين
على الملك النكاح وإن خرجت إلى من تحل له كالمرأة أو اثنتين فكذلك أيضاً لأن العقد إذا وقف على إجازة شخص لم يجز بإجازة غيره كما لو باع أمة غيره ثم باعها المالك فأجازها المشتري الثاني مع الأجنبي وفيه وجه آخر أنه يجوز بإجازة المالك الثاني لأنه يملك ابتداء العقد فملك إجازته كالأول ولا فرق بين أن يخرج ببيع أو هبة أو إرث أو غيره فأما إن أعتقها السيد احتمل أن يجوز النكاح
لأنه إنما وقف لحق المولى فإذا أعتق سقط حقه فصح واحتمل أن لا يجوز لأن إبطال حق الولي ليس بإجازة ولأن حق المولى إن بطل من الملك لم يبطل من ولاية التزويج فإنه يليها بالولاء (فصل) وإذا تزوجت التي يعتبر إذنها بغير إذنها وقلنا يقف على إجازتها فإجازتها بالنطق أو ما يدل على الرضا من التميكن من الوطئ والمطالبة بالمهر أو النفقة ولا فرق في ذلك بين البكر والثيب لأن أدلة الرضا تقوم مقام النطق به ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لبريرة (إن وطئك زوجك فلا خيار لك) جعل تمكينها دليلا على إسقاط حقها والمطالبة بامهر أو النفقة والتمكين من الوطئ دليل على الرضا لأن ذلك من خصائص العقد الصحيح فوجوده من المرأة دليل رضاها به (مسألة)(ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وإن كان حاضراً ووصيه في النكاح بمنزلته)
يجوز التوكيل في النكاح سواء كان الولي حاضراً أو غائباً مجبراً أو غير مجبر لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وكل أبا رافع في تزويجه ميمونة ووكل عمرو بن أمية الضمري في تزويجه أم حبيبة ولأنه عقد معاوضة فجاز التوكيل ولأصحاب الشافعي في توكيل غير الأب والجد وجهان (أحدهما) لا يجوز لأنه يلي بالاذن فلم يجز له التوكيل كالوكيل ولنا أنه بلي شرعاً فكان له التوكيل كالأب ولا يصح قولهم إن يلي بالاذن فإن ولايته ثابتة قبل إذنها وإنما إذنه شرط لصحة تصرفه فأشبه ولاية الحاكم عليها ولا خلاف في أن للحاكم أن يستنيب في التزويج من غير إذن المرأة ولأن المرأة لا ولاية لها على نفسها فكيف ثبتت الإنابة من قبها؟ (فصل) ويجوز التوكيل مطلقاً ومقيداً فالمقيد التوكيل في تزويج رجل بعينه والمطلق التوكيل في تزويج من يرضاه أو من شاء قال أحمد في رواية عبد الله في الرجل يولى على أخته وابنته تقول إذا وجدت من أرضاه فزوجه فتزوجيه جائز ومنع بعض الشافعية التوكيل المطلق ولا يصح فإنه روي أن رجلا من العرب ترك ابنته عند عمر وقال إذا وجدت لها كفؤاً فزوجه ولو بشراك نعله فزوجها عمر عثمان بن عفان فهي أم عمر بن عثمان واشتهر ذلك فلم ينكر ولأنه أذن في النكاح فجاز مطلقاً
كإذن المرأة أو عقد فجاز التوكيل فيه مطلقاً كالمبيع (فصل) ولا يعتبر في الوكالة إذن المرأة في التوكيل سواء كان الموكل أبا أو غيره ولا يفتقر إلى حضور شاهدين وقال بعض الشافعية لا يجوز لغير المجبر التوكيل إلا بإذن المرأة وخرجه القاضي على الروايتين في توكيل الوكيل من غير إذن الموكل وحكي عن الحسن بن صالح أنه لا يصح إلا بحضرة شاهدين لأنه يراد بحل الوطئ فافتقر إلى الشهادة كالنكاح ولنا أنه أذن من الولي في التزويج فلم يفتقر إلى إذن المرأة ولا إشهاد كإذن الحاكم وقد بينا أن الولي ليس بوكيل المرأة ولو كان وكيلها لتمكنت من عزله وهذا التوكيل لا يملك به البضع فلم يفتقر إلى إشهاد بخلاف النكاح ويبطل ما ذكره الحسن بن صالح بالتوكيل في شراء الإماء للتسري (فصل) ويثبت للوكيل ما يثبت للموكل فإن كان للمولى الإجبار ثبت ذلك لوكيله إن كانت ولايته ولاية مراجعة احتاج الوكيل إلى ما رجعة المرأة لأنه نائب فيثبت له مثل ما ثبتت للمنون عنه وكذلك الحكم في السلطان والحاكم يأذن لغيره في التزويج فيكون المأذون له قائماً مقامه (فصل) واختلفت الرواية عن أحمد هل تستفاد ولاية النكاح بالوصية؟ فروي أنها تستفاد بها اختارها الخرقي وهذا قول الحسن وحماد بن أبي سليمان ومالك وروي عنه لا تستفاد بالوصية وبه قال الثوري والشعبي والنخعي والحارث العكلي وأبو حنيفة والشافعي وابن المنذر ولأنها ولاية تنتقل إلى
غيره شرعاً فلم يجز أن يوصى بها كالحضانة ولأنه لا ضرر على الوصي في تضييعها ووضعها عند من لا يكافئها فلا تثبت له الولاية كالأجنبي ولأنها ولاية نكاح فلم تجز الوصية بها كولاية الحاكم وقال أبو عبد الله بن حامد إن كان لها عصبة لم تجز الوصية بنكاحها لأنه يسقط حقهم بوصيته وإن لم يكن عصبة جاز لعدم ذلك ولنا أنها ولاية للأب فجازت وصيته بها كولاية المال وما ذكروه يبطل بولاية المال ولأنه يجوز أن يستنيب فيها في حياته فيكون نائبه قائماً مقامه فجاز أن يستنيب فيها بعد موته كولاية المال فعلى هذا تجوز الوصية بالنكاح من كل ذي ولاية سواء كان مجبرا بالاب أو غير مجبر كالأخ ووصي كل ولي
يقوم مقامه فإن كان الوي له الإجبار فكذلك لوصيه وإن كان يحتاج إلى إذنها فوصيه كذلك لأنه قائم مقامه فهو كالوكيل وقال مالك إن عين الأب الزوج ملك إجبارها صغيرة كانت أو كبيرة وإن لم يعين الزوج وكانت بنته كبيرة صحت الوصية فاعتبر إذنها وإن كانت صغيرة انتظرنا بلوغها فإذا أذنت جاز أن يزوجها بإذنها ولنا أن من ملك التزويج إذا عين له الزوج ملك مع الإطلاق كالوكيل ومتى زوج وصي الأب الصغيرة فبلغت فلا خيار لها لأن الوصي قائم مقام الموصي فلم يثبت في تزويجه خيار كالوكيل