الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسألة)(وتحرم مطلقته ثلاثاً حتى تنكح زوجا غيره)
لقول الله تعالى (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره) بعد قوله (الطلاق مرتان) وسنذكر هذا في باب الرجعة بأبسط من هذا إن شاء الله تعالى
(مسألة)(وتحرم المحرمة حتى تحل)
يحرم نكاح المحرمة ويحرم على المحرم أن يعقد النكاح في حال إحرامه فإن عقد أحد نكاحها لمحرم أو على محرمة أو عقد المحرم نكاحاً لنفسه أو لغيره لم يصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب) رواه مسلم وعنه أن عقد المحرم النكاح لغيره صحيح لأنه حرم عليه لكونه من دواعي الوطئ ولا يحصل ذلك بكونه وليا والأول أولى لعموم الخبر وقد ذكرنا هذه المسألة في الحج وذكرنا الاختلاف فيها
(مسألة)(ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال)
لقول الله تعالى (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) ولقوله سبحانه (لا هن حل لهم) ولا نعلم خلافاً في ذلك.
(مسألة)(ولا يحل لمسلم نكاح كافرة بحال إلا حرائر أهل الكتاب)
ليس بين أهل العلم بحمد الله اختلاف في حل نساء أهل الكتاب للمسلم وممن روي عنه ذلك عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وسلمان وجابر وغيرهم قال إبن المنذر لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك، وروى الخلال بإسناده أن حذيفة وطلحة والجارود بن المعلى وأذينة العبدي تزوجوا نساء
من أهل الكتاب وبه قال سائر أهل العلم ولم ينقل تحريمه إلا عن الإمامية تمسكاً بقوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات ولا تمسكوا بعصم الكوافر)
ولنا قول الله تعالى (اليوم أحل لكم الطيبات - إلى قوله - والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن) وإجماع الصحابة.
فأما قول سبحانه (ولا تنكحوا المشركات) فروي عن ابن عباس أنها نسخت بالآية التي في سورة المائدة وكذلك ينبغي أن يكون ذلك في الآية الأخرى لأنهما متقدمتان والآية التي في المائدة متأخرة عنها، وقال آخرون ليس هذا نسخاً فإن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب بدليل قوله سبحانه (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين) وقال (إن الذين كفروا من أهل الكتاب) وقال (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) وقال (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين) وسائر آي القرآن تفصل بينهما فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب وهذا معنى قول سعيد بن جبير وقتادة ولأن ما احتجوا به عام في كل كافر وما بينا خاص في حل نساء أهل الكتاب والخاص يجب تقديمه إذا ثبت هذا فالأولى أن لا يتزوج كتابية لأن عمر قال للذين تزوجوا نساء أهل الكتاب طلقوهن ففعلوا إلا حذيفة فقال له عمر طلقها قال أتشهد أنها حرام؟ قال هي حرة طلقها قال تشهد أنها حرام قال هي حرة قال قد علمت أنها حرة ولكنها لي حلال فلما كان بعد طلقها فقيل له
ألا طلقتها حين أمرك عمر قال كرهت أن يرى الناس أني ركبت أمراً لا ينبغي لي، ولأنه ربما مال إليها قلبه ففتنته وربما كان بينهما ولد فيميل إليها (فصل) وأهل الكتاب الذين هذا حكمهم أهل التوراة والإنجيل قال الله تعالى (أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) فإن أهل التوراة اليهود والسامرة وأهل الإنجيل النصارى ومن وافقهم من الار من وغيرهم، وأما الصابئون فاختلف فيهم السلف كثيراً فروي عن أحمد أنهم جنس من النصارى ونص عليه الشافعي وعلق القول فيهم في موضع آخر وعن أحمد قال بلغني أنهم يسبتون فهؤلاء إذا يشبهون اليهود والصحيح فيهم أنهم إن كانوا يوافقون اليهود أو النصارى في أصل دينهم ويخالفونهم في فروعه فهم ممن وافقوهم وإن خالفوهم في أصل الدين فليس هم منهم، فأما من سوى هؤلاء من الكفار مثل المتمسك بصحف إبراهيم وشيث وزبور داود فليسوا بأهل كتاب لا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم وهذا
قول الشافعي وذكر القاضي فيه وجها آخر أنهم من أهل الكتاب تحل ذبائحم ونكاح نسائهم ويقرون بالجزية لأنهم تمسكوا بكتاب من كتاب الله فأشبهوا اليهود والنصارى ولنا قول الله تعالى (أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) ولأن تلك الكتب كانت مواعظ وأمثالا فيها أحكام فلم يثبت لها حكم الكتب المشتملة على الأحكام (فصل) فأما المجوس فليس لهم كتاب ولا تحل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم نص عليه أحمد وهو قول
عامة العلماء إلا ابا ثور فإنه أباح ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) ولأنه يروى أن حذيفة تزوج مجوسية ولأنهم يقرون بالجزية فأشبهوا اليهود والنصارى ولنا قول الله تعالى (ولا تنكحوا المشتركات) وقوله (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فحص ذلك أهل الكتاب فمن عداه يبقى على العموم ولا يثبت أن للمجوس كتاباً وسئل أحمد أيصح أن للمجوس كتاباً فقال هذا باطل واستعظمه جداً ولو ثبت أن لهم كتاباً فقد بينا أن حكم أهل الكتاب لا يثبت بغير أهل الكتابين، وقوله عليه الصلاة والسلام (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) دليل على أنه كتاب لهم وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم في حقن دمائهم وإقرارهم بالجزية لا غير وذلك أنهم لما كانت لهم شبهة كتاب غلب ذلك في تحريم دمائهم فيجب أن يغلب حكم التحريم لنسائهم وذبائحم فأنا إذا غلبنا الشبهة في التحريم فتغليب الدليل الذي عارضته الشبهة في التحريم أولى، ولم يثبت أن حذيفة تزوج مجوسية وقال أبو وائل يقول تزوج بيهودية وهو أوثق ممن روي عنه أنه تزوج مجوسية وقال ابن سيرين كانت امرأة حذيفة نصرانية ومع تعاض الروايات لا يثبت حكم إحداهن إلا بترجيح ولو ثبت عن حذيفة لم يجز الاحتجاج به مع مخالفة الكتاب وقول سائر العلماء، أما إقرارهم بالجزية فلأننا غلبنا حكم التحريم لدمائهم فيجب أن نغلب حكم التحريم في ذبائحهم ونسائهم.