الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(والرواية الأخرى) ليست شرطا، نقل مثنى ابن جامع أنه سأل أحمد إذا تزوج بولي وشهود غير عدول فلم ير أنه يفسد من النكاح شئ وهذا ظاهر كلام الخرقي لأنه ذكر الطفل والعبد والكافر ولم يذكر الفاسق وهو قول مالك وأبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي لأنه يلي نكاح نفسه فثبتت له الولاية على غيره كالعدل ولأنه يثبت الولاية للقرابة وشرطها النظر وهذا قريب ناظر فيلي كالعدل (فصل) ولا يشترط أن يكون بصيراً لأن شعيباً زوج ابنته وهو أعمى ولأن المقصود في النكاح يعرف بالسماع والاستفاضة فلا يفتقر إلى النظر ولا يشترط النطق بل يجوز أن يلي الأخرس إذا فهمت اشارته لأنها تقوم مقام نطقه في سائر العقود والأحكام فكذلك النكاح
(مسألة)(فإن كان الأقرب طفلا أو كافراً أو عبداً زوج الأبعد)
لأن الولاية لا تثبت لطفل ولا عبد ولا كافر على مسلمة فعند ذلك يكون وجودهم كعدمهم فتثبت الولاية لمن أبعد منهم إذا كملت فيه الشروط كما لو ماتوا.
(مسألة)(وإن عضل الأقرب زوج الأبعد وعنه يزوج الحاكم)
العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه،
فمتى وجد ذلك انتقلت الولاية إلى الأبعد نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى تنتقل إلى السلطان وهو
اختيار أبي بكر وذكر ذلك عن عثمان بن عفان وشريح وبه قال الشافعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " ولأن ذلك حق عليه امتنع من أدائه فقام الحاكم مقامه كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه ولنا أنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فملكه الأبعد كما لو جن ولأنه يفسق بالعضل فنتنقل الولاية عنه كما لو شرب الخمر، فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم، والحديث حجة لنا لقوله " السلطان ولي من لاولي له " وهذه لها ولي ويمكن حمله على ما إذا عضل الكل فانه قوله " فإن اشتجروا " ضمير جمع يتناول الكل والولاية تخالف الدين من وجوه ثلاثة (أحدها) أنها حق للولي والدين عليه.
(الثاني) أن الدين لا ينتقل عنه والولاية تنتقل عنه لعارض من جنون الولي وفسقه (الثالث) أن الدين لا تعتبر في بقائه العدالة والولاية يعتبر لها ذلك وقد زالت العدالة بما ذكرنا، فإن قيل لو زالت ولايته لما صح منه التزويج إذا أجاب إليه قلنا فسقه بامتناعه فإذا أجاب فقد نزع عن المعصية وراجع الحق
فزال فسقه فكذلك صح تزويجه، وقد روي عن معقل بن يسار قال: زوجت أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا والله لا تعود إليك أبداً وكان رجلا لا بأس به فكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله هذه الآية (فلا تعظلوهن) فقلت الآن أفعل يا رسول الله قال " فزوجها إياه " رواه البخاري (فصل) وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه، وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة له منعها من التزويج بدون مهر مثلها لأن عليهم في ذلك عاراً وفيه ضرر على نسائها لنقص مهر مثلهن ولنا أن المهر خالص حقها وعوض يختص بها فلم يكن لهم الاعتراض عليها فيه كثمن عبدها وأجر دارها، ولأنها لو أسقطته بعد وجوبه سقط كله فبعضه أولى ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أراد أن يزوجه " التمس ولو خاتما من حديد " وقال لامرأة زوجت بنعلين " أرضيت من نفسك بنعلين؟ " قالت نعم: فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم وقولهم فيه عار عليهم ليس كذلك فإن عمر قال لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني غلو الصداق فإن رغبت في رجل بعينه وهو كفء
فأراد تزويجها لغيره من أكفائها وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلا لها فإن طلبت التزويج بغير كفء، فله منعها منه ولا يكون عاضلاً بذلك لأنها لو زوجت بغير كفئها كان له فسخ، النكاح فلأن يمنع منه ابتداء أولى
(مسألة) (وإن غاب غيبة منقطعة زوج الا بعد وهي ما لا تقطع إلا بكلفة ومشقة في ظاهر كلام أحمد وقال الخرقي ما لا يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجب عنه وقال القاضي ما لا تقطعه القافلة في السنة إلا مرة، وقد قال أحمد إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأبعد.
قال أبو الخطاب فيحتمل أنه أراد بالسفر البعيد ما تقصر فيه الصلاة) الكلام في هذه المسألة من أمرين (أحدهما) أن الأقرب إذا غاب غيبة منقطعة زوج الأبعد دون الحاكم وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي يزوجها الحاكم لأنه تعذر الوصول إلى النكاح من الأقرب مع بقاء ولايته فيقوم الحاكم مقامه كما لو عضلها ولأن الأبعد محجوب بولاية الأقرب فلا يجوز له التزويج كما لو كان حاضراً، ودليل بقاء ولايته أنه لو زوج من حديث هو أو كل صح ولنا قوله عليه الصلاة والسلام " السلطان ولي من لاولي لها " وهذه لها ولي فلا يكون السلطان ولياً لها ولأن الأقرب تعذر حصول التزويج منه فتثبت الولاية لم يليه من العصبات كما لو جن أو مات ولأنها حالة يجوز فيها التزويج لغير الأقرب فكان ذلك للأبعد كالاصل وإذا عظلها فهي كمسئلتنا (الفصل الثاني) في الغيبة المنقطعة التي يجوز للأبعد التزويج في مثلها ففي قول الخرقي هي مالا
يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجيب عنه لأن مثل هذا يتعذر مراجعته بالكلية فتكون منقطعة أي تنقطع عن إمكان تزويجها، وقال القاضي يجب أن يكون حد المسافة أن لا تردد القوافل فيه في السنة إلا مرة لان الكفء ينتظر سنة ولا ينتظر أكثر منها فيلحق الضرر بترك تزويجها، وقد قال أحمد في موضع إذا كان الأب بعيد السفر زوج الأخ.
يحتمل أنه أراد ما تقصر فيه الصلاة لأن ذلك هو السفر البعيد الذي علقت عليه الأحكام وذكر أبو بكر وجوهاً (أحدها) ما لا يقطع إلا بكلفة ومشقة لأن أحمد قال
إذا لم يكن ولي حاضر من عصبتها كتب إليهم حتى يأذنوا إلا أن تكون غيبة منقطعة لا تدرك إلا بكلفة ومشقة فالسلطان ولي من لا ولي له، قال شيخنا وهذا القول إن شاء الله أقربها إلى الصواب فإن التحديدات بابها التوقيف ولا توقيف في هذه المسألة فترد إلى ما يتعارفه الناس بينهم مما لم تجر العادة بالانتظار فيه ويلحق المرأة الضرر بمنعها من التزويج في مثله فإنه يتعذر في ذلك الوصول إلى المصلحة من نظر الأقرب فيكون كالمعدوم والتحديد بالعام كثير فإن الضرر يلحق بالانتظار في مثل ذلك ويذهب الخاطب، ومن لا يصل منه كتاب أبعد ومن هو على مسافة لا تلحق المشقة بمكاتبته فكان التوسط أولى، واختلف