الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بثمنه وكذلك لو أقر أن امرأته أخته من الرضاع قبل الدخول صدق في بينونتها وتحريمها عليه ولم يسقط مهرها إذا كذبته
(فصل) قال الشيخ رضي الله عنه (النوع الثاني) محرمات لعارض بزول فيحرم عليه نكاح زوجة غيره بغير خلاف لقول الله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) وتحرم المستبرئة منه لذلك ولأن تزويجها يفضي الى اختلاط المياه واشتباه الأنساب وسواء في ذلك المعتدة من وطئ مباح أو محرم أو من غير وطئ لأنه لا يؤمن أن تكون حاملاً فلو أبحنا تزويجها لاختلط نسب المتزوج بنسب الواطئ الأول ولا يجز نكاح المرتابة بعد العدة بالحل لذلك
(مسألة)(وتحرم الزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها)
إذا زنت المرأة لا يحل نكاحها لمن لم يعلم ذلك ألا بشرطين (أحدهما) انقضاء عدتها بوضع الحمل من الزنا ولا يحل نكاحها قبل الوضع وبهذا قال مالك وأبو يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة وقال في الأخرى يحل نكاحها ويصح وهو مذهب الشافعي لانه وطئ لا يلحق به النسب فلم يحرم النكاح كما لو لم تحمل ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقى ماء زرع غيره يعني وطئ الحامل وقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا توطأ حامل حتى تضغ) حديث صحيح وهو عام وروي عن سعيد بن المسيب ان رجلا تزوج امرأة فلما أصابها وجدها حبلى فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما وجعل لها الصداق
وجلدها مائة رواه سعيد ورأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة على باب فسطاط فقال لعله يريد أن يلم بها قالوا نعم قال (لقد همت أن ألعنه لعنة تدخل معه قبره كيف يستخدمه وهو لا يحل له؟ أم كيف يورثه وهو لا يحل له؟) أخرجه مسلم ولأنها حامل من غيره فحرم عليه نكاحها كسائر الحوامل وإذا ثبت هذا لزمتها العدة وحرم النكاح فيها لأنها في الأصل لمعرفة براءة الرحم ولأنها قبل العدة يحتمل أن تكون حاملاً فلم يصح نكاحها كالموطؤة بشبهة وقال أبو حنيفة والشافعي لا عدة عليها لانه وطئ لا تصير به فراشا اشبه وطئ الصغير ولنا ما ذكرناه وإذا لم يصح نكاح الحامل فغيرها الولى ولان وطئ الحامل لا يفضي إلى اشتباه النسب وغيرها يحتمل أن يكون ولدها من الأول ويحتمل أن يكون من الثاني فيفضي إلى اشتباه الأنساب فكان التحريم أولى ولأنه وطئ في القبل فأوجب العدة كوطئ الشبهة ولا يسلم وطئ الصغير الذي يمكنه الوطئ (والشرط الثاني) أن تتوب من الزنا وبه قال قتادة واسحاق وأبو عبيد وقال أبو حنيفة
ومالك والشافعي لا يشترط ذلك لا روي أن عمر ضرب رجلا وامرأة في الزنا وحرص أن يجمع بينهما فأبى الرجل وروي ان رجلاً سأل ابن عباس عن نكاح الزانية فقال يجوز أرأيت لو سرق من كرم ثم ابتاعه أكان يجوز ولنا قول الله عزوجل وحرم ذلك على المؤمنين وهي قبل التوبة في حكم الزنا فإذا ثابت زال
ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم (التائب من الذنب كمن لا ذنب له - وقوله - التوبة تمحوا الحوبة) وروي أن مرثد الغنوي دخل مكة فرأى امرأة فاجرة يقال لها عناق فدعته الين نفسها فلم يجبها فلما قدم المدينة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له انكح عناق؟ فلم يجبه فنزل قوله تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلي عليه الآية وقال لا تنكحها ولأنها لو كانت مقيمة على الزنا لا يأمن أن تلحق به ولداً من غيره وتفسد فراشه وأما حديث عمر فالظاهر انه استتا بهما وحديث ابن عباس ليس فيه بياين ولا تعرض له بمحل النزاع إذا ثبت هذا فعدة الزانية كعدة المطلقة لانه استبراء لحرة اشبه عدة المرطوة بشبهة وحكى ابن أبي موسى عن أحمد أنها تستبرأ بحيضة لأنه ليس من نكاح ولا شبهة نكاح فأشبه استبراء أم الولد إذا عتقت وأما التوبة فهي الاستغفار والندم والإقلاع عن الذنب كالتوبة من سائر الذنوب وروي عن ابن عمر أنه قيل له كيف تعرف توبتها؟ قال يريدها على ذلك فإن طاوعته فلم تتب وإن أبت فقد تابت فصار أحمد إلى قول ابن عمر اتباعا له قال شيخنا والصحيح الأول فإنه لا ينبغي لمسلم ان يدعوا امرأة إلى الزنا ويطلبه منها فإن طلبه منها إنما يكون في خلوة ولا تحل الخلوة بأجنبية ولو كان في تعليمها القرآن فكيف في مراردتها على الزنا؟ ثم لا يأمن أن أجابته إلى ذلك إن يعود إلى المعصية فلا يحل التعريض لمثل هذا ولأن التوبة من سائر الذنوب في حق سائر الناس إلى سائر الأحكام على غير هذا الوجه فكذلك هذا
(فصل) واذا وجد الشرطان حل نكاحها للزاني وغيره في قول أكثر أهل العلم منهم أبو بكر وعمر وابنه ابن عباس وجابر وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن والزهري والثوري والشافعي وابن
المنذر وأصحاب الرأي وقد روي عن ابن مسعود والبراء بن عازب وعائشة أنها لا تحل للزاني بحال قالوا لا يزالا زانيين ما اجتمعا لعموم الآية والخبر فيحتمل أنهم أرادوا بذلك ما كان قبل التوبة أو قبل استبرائها فيكون كقولنا، فأما تحريمها على الإطلاق فلا يصح لقول الله تعالى (وأحل لكم ما وراء ذلكم) ولأنها محللة لغير الزاني فحلت له كغيرها (فصل) فإن زنت امرأة رجل أو زنى زوجها لم يفسخ النكاح سواء كان قبل الدخول أو بعده في قول عامة أهل العلم منهم عطاء والنخعي والثوري والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي وعن جابر بن عبد الله أن المرأة إذا زنت يفرق بينهما وليس لها شئ وكذلك روى عن الحسن وروي عن علي رضي الله عنه أنه فرق بين رجل وامرأته زنى قبل أن يدخل بها واحتج لهم بأنه لو قذفها ولاعنها بانت منه لتحققه الزنا عليها فدل على أن الزنا يبينها ولنا أن دعوى الزنا عليها لا يبينها ولو كان النكاح ينفسخ به لا نفسخ بمجرد دعواه كالرضاع ولأنها
معصية لا تخرج عن الإسلام فأشبهت السرقة، فأما اللعان فان يقضتي الفسخ بدون الزني بدليل أنها إذا لاعنته فقد قابلته فلم يثبت زناها ولذلك أوجب النبي صلى الله عليه وسلم الحد على من قذفها والفسخ واقع ولكن أحمد استحب للزوج مفارقة امرأته إذا زنت وقال لا أرى أن يمسك مثل هذه لأنه لا يؤمن أن تفسد فراشه وتلحق به ولداً ليس منه، قال إبن المنذر لعل من كره هذه المرأة إنما كرهها على غير وجه التحريم فيكون مثل قول أحمد ولا يطؤها حتى يستبرئها بثلاث حيض لما روى رويفع بن ثابت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماء زرع غيره) يعني إتيان الحبالى ولأنها ربما تأتي بولد من الزنا فينسب إليه، والأولى أنه يكفي ان يستبري بحيضة واحدة لأنها تكفي في استبراء الإماء وفي أم الولد إذا عتقت بموت سيدها أو بإعتاقه فكفى ههنا ولأن المقصود مجرد الاستبراء وقد حصل بحيضة فاكتفى بها (فصل) إذا علم الرجل من أمته الفجور فقال أحمد لا يطؤها لعلها أن تلحق به ولداً ليس منه قال ابن مسعود أكره أن أطأ أمتي وقد بغت، وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان ينهى أن يطأ الرجل
أمته وفي بطنها ولد جنين لغيره قال ابن عبد البر هذا مجمع على تحريمه وكان ابن عباس يرخص في وطئ الأمة الفاجرة وروي ذلك عن سيعد بن المسيب ولعل من كره ذلك كرهه قبل الاستبراء إذا لم يحصنها ويمنعها من الفجور ومن اباحه إباحه بعدهما فيكون القولان متفقين والله أعلم.