الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصح أن يليه عليها له إذا كانت نحل له كالإمام إذا أراد أن يتزوج موليته ولأن هذه امرأة لها ولي حاضر غير عاضل فلم يليه الحاكم كما لو أراد أن يزوجها غيره، ومفهوم قوله عليه الصلاة والسلام (السلطان ولي من لا ولي له) أنه لا ولاية له على هذه والبيع ممنوع فإن الوكيل يجوز أن يشتري ما وكل في بيعه بإذن الموكل (فصل) فما إن أذنت له في تزويجها ولم تعين الزوج لم يجز أن يزوجها نفسه لأن إطلاق الإذن يقتضي تزويجها غيره ويجوز تزويجها لولده لأنه غيره فإن زوجها لابنه الكبير قبل لنفسه وإن زوجها لابنه الصغير فقيه الروايتان في تولي طرفي العقد فإن قلنا لا يتولاه فوكل رجل يزوجها لولده وقبل هو النكاح له افتقر إلى إذنها للوكيل على ما قدمنا في أن الوكيل لا يزوجها إلا بإذنها وإن وكل رجلا يقبل النكاح لولده وأوجب هو النكاح لم يحتج إلى إذنها لأنها قد أذنت له
(مسألة)(وإن قال السيد لأمته أعتقتك وجعلت عتقك صداقك صح فإن طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمتها وكذلك إن قال جعلت عتق أمتي صداقها)
ظاهر المذهب أن الرجل إذا أعتق أمته وجعل عتقها صداقها فهو نكاح صحيح نص عليه أحمد في رواية جماعة روى ذلك عن علي رضي الله عنه وفعله أنس بن مالك وبه قال سعيد بن المسيب وأبو
سنة بن عبد الرحمن والحسن والزهري واسحاق (فصل) وعنه لا يصح حتى يستأنف نكاحها بإذنها فإن أبت فعليها قيمتها قال الأوزاعي يلزمها أن تتزوجه وروى المروذي عن أحمد إذا أعتق أمته وجعل عتقها صداقها يوكل رجلا يزوجه، فظاهر هذا أنه لم يحكم بصحة النكاح قال أبو الخطاب هي الصحيحة واختارها القاضي وابن عقيل وهو قول أبي حنيفة والشافعي ومالك لأنه لم يوجد إيجاب وقبول فلم يصح لعدم أركانه كما لو قال أعتقتك وسكت ولأنها بالعتق تملك نفسها فيجب أن يعتبر رضهاها كما لو فصل بينهما ولأن العتق يزيل ملكه عن الاستمتاع
بحكم الملك فلا يجوز أن يستبيح الوطئ بنفس المسمى فإنه لو قال بعتك هذه الأمة على أن تزوجنيها بالثمن لم يصح ولنا ما روى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها متفق عليه وفي لفظ أعتقها وتزوجها فقلت يا أبا حمزة وما أصدقها؟ قال نفسها عتقها وروى الأثرم باسناده عن صفية قالت أعتقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل عتقي صداقي وبإسناده عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول إذا أعتق الرجل أم ولده فجعل عتقها صداقها فلا بأس بذلك.
ومتى ثبت العتق صداقا ثبت النكاح لأن الصداق لا يتقدم النكاح ولو تأخر العتق عن النكاح لم يجز فدل على أنه انعقد بهذا اللفظ ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأنف عقداً ولو استأنفه لظهر ونقل كما نقل غيره ولأن من جاز له تزويج امرأة
لغيره من غير قرابة جاز له أن يتزوجها كالإمام وقولهم لم يوجد إيجاب ولا قبول عديم الأثر فإنه لو وجد لم يحكموا بصحته وعلي أنه إذا لم يوجد فقد وجد ما يدل عليه وهو جعل العتق صداقا فأشبه ما لو تزج امرأة هو وليها ولو قال الخاطب للولي أزوجت قال نعم صح عند أصحابنا وكما لو أتى بالكنايات عند أبي حنيفة ومن وافقه (فصل) ولا فرق بين أن يقول أعتقتك وجعلت عتقك صداقك وتزوجتك أولا يقول وتزوجتك وكذلك قوله وجعلت عتقك صداقك وجعلت صداقك عتقك كذلك ذكره الخرقي ونص أحمد في رواية صالح إذا قال جعلت عتقك صداقك أو صداقك عتقك كان ذلك جائزاً، ويشترط لصحة النكاح أن لا يكون بينهما فصل فلو قال أعتقتك وسكت سكوتاً يمكنه الكلام فيه أو تكلم بكلام أجنبي لم يصح الناح لأنها صارت بالعتق حرة فتحتاج إلى أن يتزوجها برضاها بعقد وصداق جديد ولابد من حضور شاهدين إذا قلنا باشتراطا الشهادة في النكاح نص على ذلك في رواية الجماعة لقوله لا نكاح إلا بولي وشاهدين.
(فصل) وإذا قلنا بصحة النكاح فطلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمتها لأن الطلاق قبل
الدخول يوجب الرجوع في نصف ما فرض لها وقد فرض لها نفسها ولا سبيل إلى الرجوع في الرق
بعد زواله فرجع بنصف قيمة نفسها وبهذا قال الحسن والحاكم وقال الأوزاعي يرجع بقيمتها ولنا أنه طلاق قبل الدخول فأوجب الرجوع بالنصف كسائر الطلاق وتعتبر القيمة حالة الإعتاق لأنها حالة الإتلاف فإن لم تكن قادرة على نصف القيمة فهل تستسعى فيها أو يكون ديناً تنظر به إلى حالة القدرة؟ على روايتين، وإن قلنا أن النكاح لا ينعقد بهذا القول فعليها قيمة نفسها لأنه أزال ملكه بعوض لم يسلم له فرجع إلى قمية المفوت كالبيع الفاسد وكذلك إن قلنا إن النكاح العقد به فارتدت قبله أو فعلت ما ينفسخ به نكاحها مثل أن أرضعت زوجة له صغيرة ونحو ذلك انفسخ نكاحها وعليها قيمة نفسها.
(مسألة)(وإن قال لأمته أعتقتك على أن تزوجيني نفسك ويكون عتقك صداقك أو لم يقل ويكون عتقك فقبلت عتقك ولم يلزمها أن تزوجه نفسها) لأنه سلف في نكاح فلم يلزمها كما لو أسلف حرة ألفاً على أن يتزوجها ولانه اسقط حقه من الخيار قبل وجود سببه فلم يسقط كالشفيع يسقط شفعته قبل البيع ويلزمها قيمة نفسها أومأ إليه أحمد
في رواية عبد الله وهو مذهب الشافعي لأنه أزال ملكه منها بشرط عوض لم يسلم فاستحق الرجوع بقيمته كالبيع الفاسد إذا تلفت السلعة في يد المشتري والنكاح الفاسد إذا اتصل به الدخول ويحتمل أن لا يلزمها شئ بناء على ما إذا قال لعبده أعتقتك على أن تعطيني الفاً وهذا قول مالك وزفر لأن هذا ليس بلفظ شرط فأشبه ما لو قال أعتقتك وزوجيني نفسك.
وتعتبر القيمة حال العتق ويطالبها في الحال إن كانت قادرة عليها وإن كانت معسرة فهل تنظر إلى الميسرة أو تجبر على الكسب؟ على وجهين أصلهما في المفلس هل يجبر على الكسب؟ على روايتين (فصل) وإن اتفق السيد والأمة على أن يعتقها وتزوجه نفسها فتزوجها على ذلك صح ولا مهر لها غير ما شرط من العتق وبه قال أبو يوسف وقال أبو حنيفة والشافعي لا يكون العتق صداقاً لكن إن تزوجها على القيمة التي له في ذمتها وهما يعلمان القيمة صح الصداق ولنا أن العتق صداقاً في حق النبي صلى الله عليه وسلم فيجز وفي حق أمته كالدراهم ولأنه يصلح
عوضاً في البيع فإنه لو قال أعتق عبدك على ألف جاز فلأن يكون عوضاً في النكاح أولى فإن النكاح لا يقصد فيه العوض، وعلى هذا لو تزوجها على أن يعتق أباها صح نص عليه أحمد في رواية عبد الله
إذا ثبت هذا فإن العتق يصير صداقاً كما لو دفع إليها مالا ثم تزوجها عليه فإن بذلت له نفسها ليتزوجها فامتنع لم يجبر وكانت له القيمة لأنها إذا لم تجبر على تزويجه نفسها لم يجبر هو على قبولها وحكم المدبرة والمعلق عتقها بصفة وأم الولد حكم الأمة القن في جميع ما ذكرنا (فصل) ولا بأس أن يعتق الرجل الأمة ثم يتزوجها سواء أعتقها لوجه الله تعالى أو أعتقها ليتزوجها وكره أنس تزويج من أعتقها لوجه الله تعالى قال الأثرم قلت لأبي عبد الله روى شعبة عن قتادة عن أنس أنه كره أن يعتق الأمة ثم يتزوجها قال نعم ذاك إذا أعقها لله كره أن يرجع لي في شئ ولنا ما روى أوبو موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت عنده جارية فعلمها وأحسن إليها ثم اعتقها وتزوجها فذلك له أجران) متفق عليه ولأنه إذا تزوجها فقد أحسن إليها بإعفافها وصيانتها فلم يكره ما لو زوجها غيره وليس في هذا رجوع فيما جعل الله فإنه إنما يتزوجها بصداقها فهو بمنزلة من اشترى منها شيئاً (فصل) وإذا قال أعتق عبدك على أن أزوجك ابنتي فأعتقه لم يلزمه أن يزوجه ابنته لأنه سلف في نكاح وعليه قيمة عبد وقال الشافعي في احد القولين لا يلزمه شئ لأنه لا فائدة له في العتق
ولنا أنه أزال ملكه عن عبده بعوض شرطه فلزمه عوضه كما لو قال أعتق عبدك عني وعلي ثمنه وكما لو قال طلق زجتك على ألف فطلقها أو ألق متاعك في البحر وعلي ثمنه وبهذه الأصول يبطل قولهم أنه لا فائدة له في العتق (فصل) قال رضي الله عنه (الرابع الشهادة فلا ينعقد إلا بشاهدين عدلين بالغين عاقلين وإن كانا ضريرين) المشهور عن أحمد أن الشهادة شرط لصحة النكاح روى ذلك عن عمر وعلي وهو قول ابن عباس وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد والحسن والنخعي وقتادة والثوري والاوزاعي والشافعي وأصحاب
الرأي وعن أحمد أنه يصح بغير شهود فعله ابن عمر والحسن بن علي وابن الزبير وسالم وحمزة ابنا ابن عمر وبه قال عبد الله بن إدريس وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون والعنبري وأبو ثور وابن المنذر وهو قول الزهري ومالك إذا أعلنوه قال إبن المنذر لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر وقال ابن عبد البر وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدلين) من حديث ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر ألا إن في نقلة ذلك ضعيفاً فلم أذكره قال إبن المنذر وقد
أعتق النبي صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي وتزوجها بغير شهود قال أنس بن مالك اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم جارية بسبعة أرؤس قال الناس ما ندري أتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم جعلها أم ولد فلما أراد أن يركب حجبها فعلموا أنه تزوجها متفق عليه قال فاستدلوا على تزويجها بالحجاب وقال يزيد بن هارون أمر الله بالإشهاد في البيع دون النكاح فاشترط أصحاب الرأي الشهادة في النكاح ولم يشترطوها في البيع، ووجه الأولى أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل) رواه الخلال باسناده وروى الدارقطني عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لابد في النكاح من أربعة الولي والزوج والشاهدين) ولأنه يتعلق به حق غير المتعاقدين وهو لولد فاشترطت الشهادة فيه لئلا يجحده أبوه فيضيع نسبه بخلاف البيع فأما نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بغير ولي وشهود فمن خصائصه في النكاح فلا يلحق به غيره (فصل) ويشترط في الشهود الذكورية والعدالة والعقل والبلوغ والإسلام، فأما الذكورية فقال أحمد إذا تزوج بشهادة نسوة لم يجز ذلك لما روى أبو عبيد في الأموال عن الزهري قال مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح ولا في الطلاق ولأنه عقد ليس بمال ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال فلم يثبت بشهادتهن
كالحدود (والثاني العدالة) ففي انعقاد النكاح بشهادة الفاسقين روايتان (إحداهما) لا ينعقد وهو مذهب الشافعي للخبر ولأن النكاح لا يثبت بشهادتهما فلم ينعقد بحضورهما كالمجنونين (والثانية) ينعقد بشهادتهما وهو
قول أبي حنيفة لأنه تحمل فصحت من الفاسق كسائر التحملات، وعلى كلتا الروايتين لا تعتبر حقيقة العدالة بل ينعقد بشهادة مستوري الحال لأن النكاح يكون في القرى والبوادي وبين عامة الناس مما لا يعرف حقيقة العدالة فاعتبار ذلك يشق فاكتفى بظاهر الحال وكون الشاهد مستوراً لم يظهر فسقه فإن تبين بعد العقد أنه كان فاسقاً لم يؤثر في العقد لأن الشرط العدالة ظاهر وهو أن لا يكون ظاهر الفسق وقد تحقق ذلك وقيل تبين أن النكاح كان فاسداً لعدم الشرط ولا يصح لأنه لو كانت العدالة الباطنة شرطاً لوجب الكشف عنها لأنه مع الشك فيها يكون الشرط مشكوكاً فيه فلا ينعقد النكاح ولا تحل المرأة مع الشك في صحة نكاحها، وإن حدث الفسق فيهما لم يؤثر في صحة النكاح لأن الشرط إنما يعتبر حالة العقد ولو أقر رجل وامرأة أنهما نكحا بولي وشاهدي عدل قبل منهما وثبت النكاح بشهادتهما (الثالث العقل) فلا ينعقد بشهادة مجنونين ولا طفلين لأنهما ليسا من أهلا الشهادة ولا لهما قول يعتبر (الرابع البلوغ) فلا ينعقد بشهادة صبيين لأنهما ليسا من أهل الشهادة أشبها الطفل وعنه أنه ينعقد
بشهادة مراهقين عاقلين بناء على أنهما من أهل الشهادة (الخامس الإسلام) فلا ينعقد النكاح بشهادة كافرين سواء كان الزوجان مسلمين أن الزوج مسلماً وحده نص عليه أحمد وهو قول الشافعي وقال أبو حنيفة إذا كانت المرأة ذمية صح بشهادة ذميين ويتخرج لنا مثل ذلك بناء على الرواية التي تقول بقبول شهادة بعض أهل الذمة على بعض والأول أصح لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) ولأنه نكاح مسلم فلم ينعقد بشهادة ذميين كنكاح المسلمين (فصل) وينعقد بشهادة ضريرين وللشافعية في ذلك وجهان ولنا انها شهادة على قول فقبلت من الضرير كالشهادة بالاستفاضة، ويعتبر أن يتيقن الصوت على وجه لا يشك فيهما كما يعلم ذلك من رآهما وينعقد بشهادة عبدين وقال أبو حنيفة والشافعي لا ينعقد والخلاف في ذلك مبني على الخلاف في قبول شهادتهما في سائر الحقوق وسنذكر ذلك في موضعهه إن شاء الله، (وعنه ينعقد بحضور فاسقين) وقد ذكرنا ذلك (ورجل وامرأتين) ظاهر المذهب أن النكح لا ينعقد برجل وامرأتين وهو قول النخعي والاوزاعي والشافعي وعن أحمد أنه قال إذا تزوج بشهادة نسوة
لم يجز فإن كان معهن رجل فهو أهون فيحتمل أن هذا رواية أخرى في انعقاده بذلك وهو قول أصحاب