الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم كالمستشيرة له فيهما أو في العدول عنهما وليس في الاستشارة دليل على أحد الأمرين ولا ميل إلى أحدهما على أنها إنما ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم لترجع إلى قوله ورأيه وقد أشار عليها بتركهما لما ذكر من عيبهما فجرى ذلك مجرى ردها لهما وتصريحها بمنعهما، ومن وجه آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سبقهما بخطبتها تعريضاً بقوله لها ما ذكرنا فكانت خطبته لها مبنية على الخطبة السابقة بخلاف ما نحن فيه، فإن لم يعلم الحال فعلى وجهين (أحدهما) لا يجوز لعموم النهي (والثاني) يجوز لأن الأصل عدم الا جبة المحرمة
(مسألة)(والتعويل في الإجابة والرد عليها إن لم تكن مجبرة وإن كانت مجبرة فعلى الولي)
أما إذا لم تكن مجبرة فلأنها أحق بنفسها من وليها فإن أجاب هو ورغبت عن النكاح كان الأمر أمرها فإن أجاب وليها فرضيت فهو كإجابتها وإن سخطت فلا حكم لإجابته لأن الحق لها ولو أجاب الولي في حق المجبرة فكرهت المجاب واختارت غيره سقط حكم إجابة وليها لكون اختيارها مقدماً على اختياره وإن كرهته ولم تختر سواه فينبغي أن يسقط حكم الإجابة أيضاً لأنه قد أمر باستئمارها فلا ينبغي له أن يكرهها على من لا ترضاه، وإن أجابت ثم رجعت على الإجابة وسخطته زال حكم الإجابة لأن
لها الرجوع وكذلك إذا رجع الولي المجبر عن الإجابة زال حكمها لأن له النظر في أمر موليته ما لم يقع العقد، وإن لم ترجع هي ولا وليها لكن ترك الخاطب الخطبة وأذن فيها جازت خطبتها لما روي في حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك رواه البخاري (فصل) وخطبة الرجل على خطبة غيره في موضع النهي محرمة قال أحمد: لا يحل لأحد أن يخطب في هذه الحال وقال أبو حفص العكبري هي مكروهة غير محرمة وهذا نهي تأديب ولنا ظاهر النهي فإن مقتضاه التحريم ولأنه نهي عن الإضرار بالآدمي المعصوم فكان على التحريم كالنهي عن أكل ماله فإن فعل فنكاحه صحيح نص عليه أحمد فقال لا نفرق بينهما وهذا مذهب الشافعي وروي عن مالك وداود أنه لا يصح وهو قياس قول أبي بكر لأنه قال في البيع على بيع أخيه هو باطل وهذا في معناه لأنه نكاح منهي عنه فكان باطلا كنكاح الشغار ولنا أن المحرم لم يقارن العقد فلم يؤثر كما لو صرح بالخطبة في العدة (فصل) ولا يكره للولي الرجوع إذا رأى المصلحة لها في ذلك لأن الحق لها وهو نائب عنها
في النظر لها فلم يكره له الرجوع إذا رأى المصلحة كما لو ساوم في بيع دارها ثم رأى المصلحة في تركها ولا يكره لها أيضاً الرجوع إذا كرهت الخاطب لأنه عقد عمر يدوم الضرر فيه فكان لها الاحتياط
لنفسها والنظر في خطبتها وإن رجعا عن ذلك لغير غرض كره لما فيه من إخلاف الوعد والرجوع عن القول ولم يحرم لأن الحق بعد لم يلزمها كمن ساوم بسلعته ثم بدا له أن لا يبيعها (فصل) فإن كان الخاطب الأول ذمياً لم تحرم الخطبة على خطبته نص عليه أحمد فقال لا يخطب على خطبة أخيه ولا يساوم على سوم أخيه إنما هو للمسلمين، ولو خطب على خطبة يهودي أو نصراني أو ساوم على سومهم لم يكن داخلاً في ذلك لأنهم ليسوا بإخوة للمسلمين وقال ابن عبد البر لا يجوز أيضاً لأن هذا أخرج مخرج الغالب لا لتخصيص المسلم به ولنا ان لفظ النهي خاص في المسلمين وإلحاق غيره به إنما يصح إذا كان مثله وليس الذمي كالمسلم ولا حرمته كحرمته ولذلك لم تجب إجابتهم في دعوة الوليمة ونحوها، وقوله خرج مخرج الغالب قلنا متى كان في المخصوص معنى يصلح أن يعتبر في الحكم لم يجز حذفه ولا تعدية الحكم بدونه والإخوة الإسلامية لها تأثير في وجوب الاحترام وزيادة الاحتياط في رعاية حقوقه وحفظ قلبه واستيفاء مودته فلا يجوز حذف ذلك