الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
برؤه ضربت له المدة لأنه في معنى من خلق كذلك وإن كان لجب أو شلل ثبت الخيار في الحال لأن الوطئ مأيوس منه فلا معنى لانتظاره وإن كان قد بقي من الذكر ما يمكن الوطئ به أولا رجع الى أهل الخبرة في ذلك.
(فصل) والوطئ الذي يخرج به من العنة هو تغيب الحشفة في الفرج لأن الأحكام المتعلقة بالوطئ تتعلق به فإن كان الذكر مقطوع الحشفة كفاه تغييب قدرا لحشفة من الباقي في أحد الوجهين ليكون ما يجري من المقطوع مثل ما يجري من الصحيح (والثاني) لا يخرج من العنة إلا بتغييب جميع الباقي لانه لاحد ههنا يمكن اعتباره فاعتبر تغييب جميعه لأنه المعنى الذي يتحقق به حصول حكم الوطئ وللشافعي قولان كهذين.
(مسألة)(وإن وطئها في الدبر أو وطئ غيرها لم تزل العنة ويحتمل أن تزول)
لأن الدبر ليس محلا للوطئ فأشبه الوطئ فيما دون الفرج ولذلك لا يتعلق به الإحلال للزوج الأول ولا الإحصان وإن وطئها في القبل حائضاً أو نفساء أو محرمة أو صائمة خرج عن العنة وذكر القاضي أن قياس المذهب أن لا يخرج عن العنة لنص أحمد على أنه لا تحصل به الإباحة للزوج الأول ولانه وطئ محرم أشبه الوطئ في الدبر
ولنا أنه وطئ في محل الوطئ فحرج به عن العنة كما لو وطئها وهي مريضة يضرها الوطئ ولأن
العنة العجز عن الوطئ فلا يبقى مع وجود الوطئ لأن العجز ضد القدرة فلا يبقى مع وجود ضده وما ذكره غير صحيح لأن تلك الأحكام يجوز أن تبقى مع وجود سببها لمانع أو فوات شرط والعنة في نفسها أمر حقيقي لا يتصور بقاؤه مع انتفائه وأما الوطئ في الدبر فليس وطأ في محله بخلاف مسئلتنا وفيه قول أن العنة تزوجل به اختاره ابن عقيل لأنه أصعب فمن قدر عليه فهو على غيره أقدر (فصل) فإن وطئ امرأة لم يخرج به من العنة في حق غيرها واختار ابن عقيل أنه يخرج عن العنة في حق جميع النساء فلا تسمع دعواها عليه منها ولا من غيرها وهذا مقتضى قول أبي بكر وقول من قال إنه يختبر بتزويج امرأة أخرى ويحكى ذلك عن سمرة وعمر بن عبد العزيز قالوا لأن العنة خلقة وجبلة لا تتغير بغير النساء فإذا انتفت في حق امرأة لم تبق في حق غيرها ولنا أن حكم كل امرأة معتبر بنفسها ولذلك لو ثبتت عنته في حقهن فرضي بعضهن سقط حقها وحدها دون الباقيات ولأن الفسخ لدفع الضرر الحاصل بالعجز عن وطئها وهو ثابت في حقها لا يزول بوطئ غيرها وقوله كيف يصح العجز عن واحدة دون أخرى؟ قلنا قد تنهض شهوته في حق إحداهما لفرط حبه إياها وميله إليها واختصاصها بكمال ولوجه دون الأخرى فعلى هذا لو تزوج امرأة فأصابها ثم أبائها ثم تزجها فعن أحمد لها المطالبة لأنه إذا جاز أن يعن عن امرأة دون أخرى ففي
نكاح دون نكاح أولى ومقتضى قول أبي بكر ومن وافقه لا يصح هذا بلى متى وطئ امراة لم تثبت عنته أبداً.
(فصل) وإن ادعى أنه وطئها وقالت أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة ثقة فالقول قولها وإلا فالقول قوله.
إذا ادعت المرأة عنة زوجها فادعى أنه وطئها وقالت أنها عذراء أريت النساء الثقات فإن شهدن بعذرتها فالقول قولها ويقبل في قاء عذترها شهادة امرأة واحدة كالرضاع ويؤجل الرجل وبهذا قال الثوري والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي لأن الوطئ يزيل العذرة فوجودها يدل على عدم الوطئ فإن ادعى أن عذرتها عادت بعد الوطئ فالقول قولها لأن هذا بعيد جداً وإن كان متصوراً وهل تستتحلف المرأة؟ يحتمل وجهين (احدهما) تستحلف لإزالة هذا الاحتمال كما يستحلف سائر من قلنا القول قوله
والآخر لا يستحلف لأن ما يبعد جدا لالتفات إليه كاحتمال كذب البينة العادلة وكذب المقر في إقراره وهل يقبل قول امرأة واحدة؟ على روايتين (إحداهما) تقبل شهادة واحدة كالرضاع (والثاني) لا يقبل فيه إلا اثنتان لأن ما يقبل فيه شهادة الرجال لا يقبل فيه إلا اثنان فالنساء أولى (فصل) وإن لم يشهد لها أحد فالقول قوله لأن الأصل السلامة في الرجال وعدم العيوب ودعواه تتضمن سلامة العقد وصحته ويسقط حكم قولها لتبين كذبها فإن ادعت أن عذرتها زالت بسبب أحد فالقول قوله لأن الأصل عدم الأسباب
(مسألة)(وإن كانت ثيباً فالقول قوله لما ذكرنا) ولأن هذا يتعذر إقامة البينة عليه فقبل قوله فيه مع يمينه وبهذا قال الثوري والشافعي، وأصحاب الرأي وابن المنذر لأن هذا مما تتعذر إقامة البينة ويمينه أقوى فإن دعواه سلامة العقد وسلامة نفسه من العيوب والاصل السلامة فكان القول قوله كالمنكر في سائر الدعاوي وعليه اليمين عليه صحة ما قال وهذا قول من سمينا ههننا لأن قوله محتمل للكذب فقوينا قوله بيمينه كما في سائر الدعاوى التي يستحلف فيها فإن نكل قضي عليه بتكوله ويدل على وجوب اليمين قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولكن اليمنى نعلي المدعى عليه) قال القاضي ويتخرج أن لا يستحلف على إنكاره دعوى الطلاق فإن فيها روايتين كذا ههنا والصحيح أنه يستحلف لدلالة الخبر والمعنى عليه وروى عن أحمد أن القول قولها مع يمينها حكاها القاضي في المجرد لأن الأصل عدم الإصابة فكان القول قولها لأنه موافق للأصل واليقين معها وقال الخرقي يخلو معها في بيت ويقال له اخرج ماءك على شئ فإن ادعت أنه ليس بمني جعل على النار فإن ذاب فهو مني وبطل قولها هكذا حكاه الخرقي عن أحمد فعلى هذا إن أخرج ماءه فالقول قوله لأن العنين يضعف عن الإنزال فإذا أنزل تبينا صدقه فيحكم به وهو مذهب عطاء فإن ادعت انه ليس يمني جعل على النار فإن ذاب فهو مني لأنه يشتبه ببياض البيض وذلك إذا وضع على النار يجتمع ويبس وهذا يذوب فيتميز بذلك أحدهما من الآخر فيختبر به وعلى هذا متى عجز عن إخراج مائه
فالقول قول المرأة لأن الظاهر معها وفي كل موضع حكمنا بوطئه بطل حكم عنته فان كان في ابتداء الأمر لم يضربه له مدة وإن كان بعد ضرب المدة انقطعت وإن كان بعد انقضائها لم يثبت له خيار وكل موضع حكمنا بعدم الوطئ منه حكمنا بعنته كما لو أقر بها واختار أبو بكر أنه يزوج امرأة لها حظ من الجمال ويعطى صداقها من بيت المال ويخلى وتسأل عنه ويؤخذ بما تقول فإن أخبرت بأنه يط كذبت الأولى والثانية بالخيار بين الإقامة والفسخ وإن كذبته فرق بينه وبينهما وصداق الثانية من ماله ههنا لما روي أن امرأة جاءت إلى سمرة فشكت إليه أنه لا يصل إليها زوجها فكتب إلى معاوية فكتب اليه إن زوجه امرأة ذات جمال يذكر عنها الصلاح وسق إليها من بيت المال عنه فإن أصابها فقد كذبت وإن لم يصبها ققد صدقت ففعل ذلك سمرة فجاءت المرأة فقالت ليس عنده شئ ففرق بينهما وقال الأوزاعي تشهده امرأتان ويترك بينهما ثوب ويجامع امرأته فإذا قام عنها نظرتا إلى فرجها فان كان فيه رطوبة الماء فقد صدق وإلا فلا وحكي عن مالك مثل ذلك إلا أنه اكتفى بواحدة والصحيح أن القول قوله لما ذكرنا وكذا لو ادعى الوطئ في الإيلاء واعتبار خروج الماء ضعيف لأنه قد يطأ ولا ينزل وقد ينزل من غير وطئ فإن ضعف الذكر لا يمنع سلامة الطهر ونزول الماء وقد يعجز السليم القادر عن الوطئ في بعض الأحوال وليس كل من عجز عن الوطئ في حال من الأحوال أو وقت من الأوقات
(فصل) يكون عنينا ولذك جعلنا مدته سنة وتزويجه بامرأة ثانية لا يصح لذلك أيضاً ولأنه قد يعن عن امرأة دون أخرى ولأن نكاح الثانية إن كان وقتا أو غير لازم فهو نكاح باطل والوطئ فيه حرام وإن كان صحيحاً لازماً ففيه إضرار بالثانية ولا ينبغي أن يقبل قولها لأنها تريد بذلك تخليص نفسها فهي متهمة فيه وليس بأحق أن يقبل قولها من الأولى ولأن الرجل لو أقر بالعجز عن الوطئ في يوم أو شهر لم تثبت عنته بذلك وأكثر ما في الذي ذكروه اان ثبت عجزه عن الوطئ في اليوم الذي اختبروه فيه وإذا لم يثبت حكم عنته بإقراره بعجزه فلأن لا يثبت بدعوى غيره ذلك عليه أولى (فصل) القسم الثاني يختص النساء وهو شيئان (الرتق) وهو كون الفرج مسدوداً لا مسلك للذكر فيه وكذلك القرن والعفل وهو لحم يحدث فيه يسده وقيل القرن عظم والعفل رغوة تحدث فيه تمنع لذة
الوطئ (الثاني) الفتق وهو انخراق ما بين السبيلين وقيل انخراق ما بين مخرج البول والمني (فصل) قال رضي الله عنه (القسم الثالث) مشترك بينهما وهو الجذام والبرص والجنون وسواء كان مطبقا أو يجن في الأحيان فهذه الأقسام يثبت بها خيار الفسخ رواية واحدة لما سبق وقد ذكرنا دليل ذلك والخلاف فيه (فصل) واختلف أصحابنا في البخر وهو نتن في الفم وقال ابن حامد نتن في الفرج يثور عند
الوطئ واستطلاق البول والنجو والقروح السيالة في الفرج والخصاء وهو قطع الخصيتين والسل هو سل البيضتين والوجى وهو رضهما وفي كونه حنثي وفيما إذ وجد أحدهما بصاحبه عيبابه مثله أو حدث به العيب بعد العقد هل يثبت الخيار؟ على وجهين (أحدهما) لا يثبت الخيار وهو المفهوم من كلام الخرقي ثم ذكر العيوب التي تتبت الخيار في فسخ النكاح ولم يذكر شيئاً من هذه لأن ذلك لا يمنع من الاستمتاع ولا يخشى تعديه فلم يثبت به الخيار كالعمى والعرج ولأن ذلك إنما يثبت بنص أو إجماع أو قياس ولا نص فيها ولا إجماع ولا يصح قياسها على العيوب المثبتة للخيار لما بينهما من الفرق فان الوطئ مع هذه العيوب ممكن بل قد قيل أن الخصي أقدر على الجماع لأنه لا يعتبر بإنزال الماء والخنثى فيه خلقة زائدة لا تمنعه الجماع أشبه اليد الزائدة وإذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله فلا خيار لأنهما متساويان فلا مزية لأحدهما على صاحبه والوجه (الثاني) له الخيار وقال أبو بكر وأبو حفص إذا كان أحدهما لا يستمسك بوله ولا خلاه فللآخر الخيار ويتخرج على ذلك من به الباسور القروح السيالة في الفرج ذكره أبو الخطاب لأنها تثير نقرة وتتعدى نجاستها وتسمى من لا يحبس نجوها الشريم ومن لا يحبس بولها الماشولة ومثلها من الرجال الأفين وقال أبو حفص والخصاء عيب يردبه وهو أحد قولي الشافعي لأن فيه نفصا وعارا ويمنع الوطئ أو يضعفه وقد روى أبو عبيد بإسناده عن سليمان بن يسار أن ابن سند تزوج امرأة وهو خصي فقال له عمر أعلمتها؟ قال لاقال أعلمها ثم خيرها وفي البخر وكون أحد الزوجين خنثى
غير مشكل وجهان (أحدهما) يثبت الخيار لأن فيه نفرة ونقصاً وعاراً والبخر نتن وقال ابن حامد نتن في الفرج يثور عند الوطئ وهذا إن أراد به أنه يسمى بخراً ويثبت الخيار والا فلا معنى له فإن نتن الفم
يسمى بخرا ويمنع مقارنة صاحبه الا على كره وما عدا هذه من العيوب لا يثبت الخيار وجهاً واحداً كالقرع والعمى والعرج وقطع اليدين والرجلين لأنه لا يمنع الاستمتاع ولا يخشى تعديه ولا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافاً إلا أن الحسن قال إذا وجد أحدهما الآخر عقيماً يخير وأحب أحمد أن يبين أمره وقال عسى امرأته تريد الولد وهذا في ابتداء النكاح فأما الفسخ فلا يثبت به ولو ثبت لذلك لثبت في الآيسة ولأن ضده يعلم فإن رجالا لا يولد لأحدهم وهو شاب.
ثم يولد له ولد وهو شيخ ولا يتحقق ذلك منهما وأما سائر العيوب فلا يثبت بها فسخ عندهم والله أعلم وأما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيبا به مثله ففيه وجه أن يثبت الخيار لوجود سببه كما لو غر عبد بأمة والان الإنسان قد يأنف من عيب غيره ولا يأئف من عيب نفسه (فصل) وأما إذا وجد أحدهما بصاحبه عيباً به عيب من غير جنسه كالأبرص يجد المرأة مجنونة أو مجذومة فلكل واحد منهما الخيار لوجود سببه إلا أن يجد المجبوب المرأة رتقاء فلا ينبغي أن يثبت لها خيار لأن عيبه ليس هو المانع لصاحبه من الاستمتاع وإنما امتنع لعيب نفسه (فصل) وإن حدث العيب بعد العقد فيه وجهان (أحدهما) يثبت الخيار وهو ظاهر قول الخرقي
لأنه قال فإن جب قبل الدخول فلها الخيار في وقتها لأنه عيب في النكاح يثبت الخيار مقارناً فأثبته كالإعسار والرق فإنه يثبت الخيار إذا قارن مثل أن تغز الأمة من عبد ويثبته إذا طرأت الحرية إذا عتقت الأمة تحت العبد ولأنه عقد على منفعة فحدوث العيب بها يثبت الخيار كالاجاة (والثاني) لا يثبت الخيار وهو قول أبي بكر وابن حامد ومذهب مالك لأنه عيب حدث بالمعقود عليه بعد لزوم العقد أشبه الحادث بالمبيع والصحيح الأول وهذا ينتقض بالعيب الحادث في الإجارة، وقال أصحاب الشافعي إن حدث بالزوج أثبت الخيار وإن حدث بالمرأة فكذلك في أحسد الوجهين ولا يثبته في الآخر لأن الرجل يمكنه طلاقها بخلاف المرأة.
ولنا أنهما تساويا فيما إذا كان العيب سابقاً فتساويا فيه لا حقا كالمتبايعين (مسألة)(وإن علم بالعيب وقت العقد أو قال قد رضيت بها معيبة بعد العقد أو وجد منه دلالة على الرضى من وطئ أو تمكين مع العلم بالعيب فلا خيار له لا نعلم فيه خلافاً)
لأنه رضي به فأشبه مشتري المعيب، وإن ظن العيب يسيراً فبان كثيراً كمن ظن البرص في قليل من جسدها فبان في كثير منه فلا خيار له أيضاً لأنه من جنس ما رضي به، وإن رضي بعيب فبان غيره فله الخيار لأنه وجد بها عيباً لم يرض به ولا يجنسه فيثبت له الخيار كالمبيع إذا رضي بعيب فيه فوجد به غيره وإن رضي بعيب فزاد بعدا لعقد كأن كان قليل من البرص فانبسط في جلدها فلا خيار له لأن رضاه به رضا بما يحدث منه
(فصل) وخيار العيب ثابت على التراخي لا يسقط ما لم يوجد منه ما يدل على الرضي به من القول والاستمتاع به من الزوج أو التمكين من المرأة، هذا ظاهر كلام الخرقي لقوله فإن علمت أنه عنين فسكتت عن المطالبة ثم طالبت بعد فلها ذلك وذكر القاضي أنه على الفور وهو مذهب الشافعي فمتى أخر الفسخ مع العلم والإمكان بطل خياره لأنه خيار الرد بالعيب فكار على الفور كاد المبيع المعيب ولنا أنه خيار لدفع ضرر متحقق فكان على التراخي كخياء القصاص وخيار العيب في المبيع ممنوع ثم الفرق بينهما أن ضرره في المبيع غير متحقق لأنه قد يكون المقصود ماليته أو خدمته ويحصل ذلك مع عيبه وههنا المقصود الاستمتاع وذلك يفوت بعنته، وأما خيار الشفعة والمجلس فهو لدمع ضرر عبر متحقق (مسألة)(ولا يجوز الفسخ إلا بحكم حاكم لأنه مجتهد فيه فهو كفسخ العنة والفسخ للاعسار يالنفقة ويخالف خيار المعتقة لأنه متفق عليه)(مسألة) فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر وإن فسخ بعده فعليه لمهر المسمى وقبل عنه مهر المثل) أما إذا فسخ قبل الدخول فلا مهر عليه سواء كان من الزوج أو من المرأة وهذا قال الشافعي لأن الفسخ إن ان منها فالفرقة من جهتها فيسقط مهرها كما لو فسخته برضاع زوجة له أخرى، وإن كان منه فإنما فسخ بعيب بها دلسته بالإخفاء فصار الفسخ كأنه منها فإن قيل فهلا جعلتم فسخها لعنته كأنه منه لحصوله بتد ليسه؟ قلنا العوض من الزوج في مقابلة منافعها فإذا اختارت فسخ العقد مع سلامة ما عقد
عليه رجع العوض إلى العاقد معها وليس من جهتها عوض في مقابلة منافع الزوج وإنما يثبت لها لأجل ضرر يلحقها لا لتعذر ما استحققت عليه في مقابلته عوضاً فافترقا
(فصل) وإن كان الفسخ بعد الدخول فلها المهر لأنه يجب بالعقد ويستقر بالدخول فلم يسقط بحادث بعده ولذلك لا يسقط بردتها ولا بفسخ من جهتها ويجب المهر المسمى، وذكر القاضي في المجرد فيه روايتين (إحداهما يجب المسمى (والأخرى) مهر المثل بناء على الروايتين في العقد الفاسد، وقال الشافعي الواجب مهر المثل لأن الفسخ استند إلى العقد الفاسد ولنا أنها فرقة بعد الدخول في نكاح صحيح فيه مسمى صحيح فوجب المسمى كغير المعيبة كالمعتقة تحت عبد، والدليل على أن النكاح صحيح أنه وجد بشروطه وأركانه فكان صحيحاً كما لو لم يفسخه ولأنه لو لم يفسخه لكان صحيحاً فكذلك إذا فسخه كنكاح الأمة إذا عتقت تحت عبد ولانه تترتب عليه أحكام الصحة من ثبوت الإحصان والإباحة للزوج الأول وسائر أحكام الصحيح ولأنه لو كان فاسداً لما جاز بقاؤه وتعين نسخه وما ذكروه لا يصح فإن الفسخ يثبت حكمه من حينه غير سابق عليه وما وقع على صفة يستحيل أن يكون واقعاً على غيرها وكذلك لو فسخ البيع بعيب لم يصر العقد فاسداً ولا يكون النماء لغير المشتري، ولو كان المبيع أمة فوطئها لم يجب به مهرها فكذلك النكاح (مسألة)(ويرجع به على من غره من المرأة والولي وعنه لا يرجع)
المذهب أنه يرجع وهو الذي ذكره الخرقي، وقال أبو بكر فيه رواية أخرى أنه لا يرجع.
قال شيخنا: والصحيح أن المذهب رواية واحدة أنه يرجع فإن أحمد قال كنت اذهب إلى قول علي فهبته فملت إلى قول عمر: إذا تزوجها فرأى جذاما أو برصا فإن لها صداقها بمسيسته إياها ووليها ضامن للصداق وهذا يدل على أنه يرجع إلى هذا القول وبه قال الزهري وقتادة ومالك والشافعي في القديم وروي عن علي أنه لا يرجع وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد لأنه ضمن ما استوفى بدله وهو الوطئ فلا يرجع به على غيره وكما لو كان المبيع معيناً فأكله ولنا ما روى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال قال عمر بن الخطاب: أيما رجل تزوج امرأة بها جنون اوجذام أو برص فمسها فلها صداقها.
وذلك لزوجها غرم على وليها ولأنه غرة في النكاح بما يثبت الخيار فكان المهر عليه كما لو غره بحرية أمة، ذا ثبت هذا فإن كان الولي علم غرم
وإن لم يكن علم فالتغرير من المرأة فيرجع علهيا بجميع الصداق وإ اختلفوا في علم الولي فشهدت عليه بينة بالإقرار بالعلم وإلا فالقول قوله مع يمينه وقال الزهري وقتادة إن علم الولي غرم وإلا استحلف بالله أنه ما علم ثم هو على الزوج، وقال القاضي إن كان أبا أو جدا أو ممن يجوز له أن يراها فالتغرير من جهته علم أو لم يعلم وإن كان ممن لا يجوز له أن يراها كابن العم والمولى وعلم غرم، وإن أنكر ولم تفم البينة بإقراره فالقول قوله مع يمينه ويرجع على المرأة بجميع الصداق، وهذا قول مالك إلا أنه قال إذا
ردت المرأة ما أخذت ترك لها قدر ما تستحل به لئلا تصير كالموهوبة والشافعي قولان كقول مالك والقاضي ولنا على أن الولي إذا لم يعلم لا نعرم أن التغرير من غيره فلم يغرم كما لو كان ابن عم وعلى أنه يرجع بكل الصداق لأنه مغرور منها فرجع بكل الصداق كما لو غره الولي، وقولهم لا يخفى على من يراها لا يصح فإن عيب الفرج لاطلاع له عليها ولا يحل له رؤيتها وكذلك العيوب تحت الثياب فصار في هذا كمن لا يراها إلا في الجنون فإنه لا يكاد يخفى على من يراها إلا أن يكون غائبا وأما الرجوع بالمهر فإنه بسبب آخر فيكون بمنزلة ما لو وهبته إياه بخلاف الموهوبة (فصل) فإن طلقها قبل الدخول ثم علم أنه كان بها عيب فعليه نصف الصداق ولا يرجع به لأنه رضي بالتزامه فلم يرجع على أحد وإن ماتت أو مات قبل العلم بالعيب فلها الصداق كاملا ولا يرجع به على أحد لأن سبب الرجوع الفسخ ولم يوجد وههنا استقر الصداق بالموت ولا يرجع به (فصل) ولا سكنى لها ولا نفقة لأن ذلك إنما يجب لمن لزوجها عليه الرجعة وهذه تبين بالفسخ كما تبين بالثلاث وليس لزوجها عليه رجعة فلم يجب لها نفقة ولا سكنى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس (النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوحها عليها الرجعة) رواه النسائي، وهذا إذا كانت حائلاً فإن كانت حاملاً فلها النفقة لأنها بائن من نكاح صحيح وهي حامل فكانت لها النفقة كالمطلقة