الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولنا أنه حفظها بما يحفظ به ماله أشبه ما إذا حفظها بنفسه وكما لو دفع الماشية إلى الراعي أو البهيمة إلى غلامه ليسقيها، ويفارق الأجنبي فإن دفعها إليه لا يعد حفظاً منه
(مسألة)(وإن دفعها إلى أجنبي أو حاكم ضمن وليس للمالك مطالبة الأجنبي وقال القاضي له ذلك)
إذا دفع الوديعة إلى غيره لغير عذر فعليه الضمان بغير خلاف في المذهب إلا أن يدفعها إلى من جرت عادته بحفظ ماله وقد ذكرناه في المسألة قبلها وذكرنا الخلاف فيه، وقال شريح ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه واسحاق متى دفعها إلى أجنبي أو حاكم ضمن، وقال ابن أبي ليلى لا ضمان عليه لأن عليه خفظها وإحرازها وقد أحرزها عند غيره وحفظها به ولأنه يحفظ ماله بإيداعه فإذا أودعها فقد حفظها بما يحفظ به ماله فلم يضمنها كما حفظها في حرزه
ولنا أنه خالف المودع فضمنها كما لو نهاه عن إيداعها فإنه أمره بحفظها بنفسه فلم يرض لها غيره فإن فعل فتلفت عند الثاني مع علمه بالحال فله تضمين أيهما شاء لأنهما متعديان، ويستقر ضمانها على الثاني لأن التلف حصل عنده وقد دخل على أنه يضمن وإن لم يعلم الحال فله تضمين الأول، وليس للأول الرجوع على الثاني لأنه دخل معه في العقد على أنه أمين لا ضمان عليه، وإن أحب المالك تضمين الثاني فليس له تضمينه في ظاهر كلام أحمد قاله القاضي لأن أحمد ذكر الضمان على الاول فقط وهذا مذهب أبي حنيفة لأنه قبض قبضاً موجباً للضمان على الأول فلم يوجب ضماناً آخر، ويفارق القبض من الغاصب فإنه لم يوجب الضمان على الغاصب إنما لزمه الضمان بالغصب.
قال شيخنا ويحتمل أن له تضمين الثاني أيضاً وهو قول القاضي ومذهب الشافعي لأنه قبض مال غيره على وجه لم يكن له قبضه ولم يأذن له مالكه فيضمنه
كالقابض من الغاصب، وذكر أحمد الضمان على الأول لا ينفي الضمان عن الثاني كما أن الضمان يلزم الغاصب ولا ينفي وجوبه على القابض منه، فعلى هذا يستقر الضمان على الأول فإن ضمنه لم يرجع على أحد وإن ضمن الثاني رجع على الأول وهذا القول أقرب الى الصواب وما ذكرنا للقول الأول لا أصل له ثم هو منتقض بما إذا دفع الوديعة إلى إنسان عارية أو هبة (مسألة)(وإن أراد سفراً أو خاف عليها عند ردها إلى مالكها أو وكيله في قبضها إن قدر على ذلك) ولم يجز له دفعها إلى الحاكم ولا الى غيره لأنه ليس للحاكم ولاية على الحاضر فإن فعل ضمنها لانه دفعها إلى غير مالكها بغير إذنه من غير عذر فضمنها كالصورة الأولى