المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالثجهوده في توضيح الإيمان باليوم الآخر - الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجهوده في تو ضيح العقيدة

[عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر]

الفصل: ‌الفصل الثالثجهوده في توضيح الإيمان باليوم الآخر

‌الفصل الثالث

جهوده في توضيح الإيمان باليوم الآخر

ص: 234

الفصل الثالث: الإيمان باليوم الآخر

تمهيد:

إن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان الستة، ولا يصح إيمان أحد إن لم يؤمن باليوم الآخر.

قال تعالى في وصف المؤمنين:

{وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} 1.

وقال في وصف الكافرين:

{وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} 2.

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور أهمية الإيمان باليوم الآخر حيث جعله أحد أركان الإيمان.

فقال صلى الله عليه وسلم في تعريفه للإيمان:

"أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره"3.

هذا وإن الحديث عن الإيمان باليوم الآخر يشتمل على أمور كثيرة:

فكل ما أخبر به الله ورسوله مما يكون بعد الموت من عذاب القبر ونعيمه وما يكون من النفخ في الصور. وما يكون من البعث والنشور، وما يكون يوم القيامة من ثواب وعقاب وجنة ونار. وما يكون قبل ذلك كله من علامات وأشراط كل ذلك داخل في الإيمان باليوم الآخر.

وعلى هذا فإن الحديث في هذا الفصل يشتمل على خمسة مباحث هامة:

أولها: الإيمان بأشراط الساعة.

والثاني: الإيمان بفتنة القبر وعذابه ونعيمه.

1 سورة النمل/ آية 13.

2 سورة هود/ آية 19.

3 أخرجه مسلم 1/37 من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ص: 235

الثالث: الإيمان بالنفخ في الصور.

الرابع: الإيمان باليوم الآخر بعد البعث.

وقبل الشروع في هذه المباحث على وجه التفصيل، يجدر التنبيه على اهتمام السعدي بهذا الموضوع.

حيث إنه رحمه الله تناول الحديث عن الإيمان باليوم الآخر جملة وتفصيلاً فتحدث بالجملة عن أهمية ووجوب الإيمان به، وما يترتب على الإيمان به من فوائد عديدة في الدنيا والآخرة.

فقال رحمه الله في بيان أهميته ووجوب الإيمان به جملة وتفصيلاً، وأن ذلك أحد أركان الإيمان:

"......من أصول الإيمان: الإيمانُ باليوم الآخر، وهو الإيمان بكل ما أخبر الله ورسوله به بعد الموت من فتنة القبر ونعيمه وعذابه وأحوال يوم القيامة وما يكون فيه ومن صفات الجنة والنار وصفات أهليهما، فالإيمان باليوم الآخر هو الإيمان بذلك جملة وتفصيلاً"1.

وبين رحمه الله أن الإيمان باليوم الآخر من الإيمان بالغيب الذي أثنى الله على المؤمنين به. وأخبر عن سعادتهم وفلاحهم واستحقاقهم النعيم المقيم.

فقال: "ومن أنواع الإيمان بالغيب الإيمان باليوم الآخر وما وعد الله العباد من الجزاء، فدخل في هذا الإيمان بجميع ما يكون بعد الموت من فتنة القبر وأهواله، ومن صفات النار وأهلها وما أعد الله لهم فيها، ومن صفات الجنة وأهلها وما أعد الله فيها لأهلها فيفهمها فهماً صحيحاً مأخوذاً من الكتاب ودلالته ومن السنة الصحيحة ودلالتها، فبحسب ما يصل إلى العبد من نصوص الكتاب والسنة في هذا الباب وفهمها على وجهها يكون إيمان العبد بالغيب

"2.

وفي كلامه هذا إشارة إلى أهمية الاعتناء بهذا الموضوع على نحو ما ورد في الكتاب والسنة من تفاصيل لذلك ـ وأنه كلما ازداد الإنسان فهماً لتفاصيل هذا الموضوع زاد إيمانه بالغيب.

1 الخلاصة /26، وانظر الفتاوى السعدية /16، وسؤال وجواب /15، وغيرها.

2 المواهب الربانية /66.

ص: 236

وقد ذكر رحمه الله جملة من الفوائد تحصل لمن آمن باليوم الآخر وأهواله وما يكون فيه من نعيم وعذاب.

فقال: "وفي العلم بذلك فوائد كثيرة:

منها: أن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان الستة التي لا يصح الإيمان بدونها، وكلما ازدادت معرفته بتفاصيله ازداد إيمان العبد به.

ومنها: أن معرفة ذلك حقيقة المعرفة يفتح للإنسان باب الخوف والرجاء اللذين إن خلا القلب منهما خرب كل الخراب، وإن عمر بهما أوجب له الخوف والانكفاف عن المعاصي، والرجاء تيسير الطاعة وتسهيلها، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة تفاصيل الأمور التي يخاف منها وتحذر. كأهوال القبر وشدته وأهوال الموقف وصفات النار المفظعة، وبمعرفة تفاصيل الجنة وما فيها من النعيم المقيم والحبرة والسرور ونعيم القلب والروح والبدن فيحدث بسبب ذلك الاشتياق الداعي للاجتهاد في السعي للمحبوب والمطلوب بكل ما يقدر عليه.

ومنها: أن يعرف بذلك فضل الله وعدله في المجازاة على الأعمال الصالحة والسيئة الموجب لكمال حمده والثناء عليه بما هو أهله.

وعلى قدر علم العبد بتفاصيل الثواب والعقاب يعرف بذلك فضل الله وعدله وحكمته"1.

وقال في موضع آخر: "إن الإيمان بالبعث والجزاء أصل صلاح القلوب، وأصل الرغبة في الخير والرهبة من الشر اللذين هما أساس الخيرات"2.

وهذا ما يتعلق بحديثه عن الإيمان باليوم الآخر من حيث الجملة، وأما تفاصيله ذلك فسنتناوله في الخمسة المباحث الآتية.

1 التفسير 1/28، 29.

2 التفسير 1/360.

ص: 237