الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم لمعالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على مركز البحوث والدراسات الإسلامية الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن الدعوة الإصلاحية التي قام بها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لقيت اهتماما كبيرا من قبل الكتاب والمؤلفين، ومن بين هؤلاء المستشرقون الذين اهتموا بدراسة حياة الشيخ ودعوته، ويبدو ذلك واضحا من خلال الكتابات الكثيرة التي أصدرها المستشرقون حوله، سواء أكانت كتبا أم موسوعات أم مقالات أم غير ذلك، ولقد اعتمدوا في دراساتهم على عدد كبير من المصادر الأجنبية، وعدد قليل من المصادر العربية، وكان لتلك المصادر أثر في دقة تلك الدراسات وصحتها أو انحرافها حول حياة الشيخ ودعوته، وقد أصبحت هذه الكتب فيما بعد مصدرا مهما للمعلومات في البلاد الغربية عن هذه الدعوة الإصلاحية، على الرغم مما في تلك المصادر من أخطاء متعمدة وغير متعمدة وقع فيها أغلب المستشرقين، كما يبدو لأي باحث في تلك الدراسات، وبين أيدينا كتاب مهم يسلط الضوء على هذه
الجوانب وهو بعنوان: " الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته ودعوته في الرؤية الاستشراقية " دراسة نقدية، للدكتور / ناصر بن إبراهيم بن عبد الله التويم.
وقد حرص الكاتب في بحثه على تحقيق الأمور الآتية:
1 -
تقديم دراسة وصفية لأهم مصادر المستشرقين التي كتبت عن الشيخ ودعوته ابتداء من تلك الكتابات التي ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر حتى القرن العشرين، وتشمل الكتب والموسوعات، والمقالات، والتقارير، والرسائل العلمية.
2 -
بيان الرؤية الاستشراقية لكبار المستشرقين عن حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من حيث: ولادته، ونسبه، ورحلاته، وتكوينه العلمي، ونقد هذه الرؤية.
3 -
التعريف بالرؤية الاستشراقية لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من حيث مذهبية الدعوة وجانباها السلوكي والتشريعي، ونقد هذه الرؤية.
وتأتي أهمية هذا البحث في محاولة التعرف إلى الرؤية الاستشراقية من خلال مصادرها الأصلية المكتوبة باللغة الإنجليزية، وأسباب وقوع هذه المصادر في الأخطاء فيما يتعلق بحياة الشيخ ودعوته، وأن المصادر الصحيحة سبب رئيس في ظهور بعض الكتابات الموضوعية عن حياة الشيخ ودعوته.
وقد بذل فضيلة الباحث جهدا كبيرا في البحث حتى أصبح متميزا في محتواه كما أنه متميز في موضوعه، فاشتمل على
تحقيقات بديعة، وتحريرات مفيدة، ودراسات كاشفة عن جملة من الأمور التي تهم الباحثين فيما يتعلق بالجوانب التي تناولها. واعتنى الباحث - وفقه الله - ببيان حقيقة ما وصفت به الدعوة من نعوت سيئة، وما ألصق بها من تهم باطلة، وما بهت به الشيخ من جهة خصومه الذين اتهموه زورا وبهتانا لما أرادوا به تشويه صورته، والتنفير من دعوته وصد الناس عنها. ولم يكن الشيخ في هذا الجانب بدعا من سابقيه من أئمة الهدى والعلم، وقبلهم أسوة الجميع وقدوتهم نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد لقي من أذى المشركين وكفار أهل الكتاب أنواعا، حيث أطلق عليه عليه الصلاة والسلام عدد من الأوصاف القادحة في رسالته. وهذه سنة الله التي مضت بابتلاء أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام، وأتباعهم من المؤمنين وأئمة الهدى، وهو ابتلاء يتحقق بسببه عدد من الحكم والمنافع، منها: رفع درجات أهله، وتمحيصهم، وتبليغهم منازل لم يكونوا ليبلغوها لمجرد أعمالهم.
إن دعوة الشيخ - يرحمه الله - إنما هي في حقيقتها تجديد لما اندرس من معالم النبوة وإحياء لسنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر يعرفه المنصفون حتى من المخالفين، غير أن الناظر فيما كتبه أكثر المستشرقين يرى أنهم في الجملة امتطوا مركب الاعتساف، وجنحوا إلى الإجحاف، إما بسبب سوء القصد، وإما بسبب عدم التقصي وضعف التحقيق. وقد كانت لهذه الكتابات التي لم يلتزم فيها التجرد والإنصاف آثار سيئة ونتائج مذمومة
خصوصا وأنها المصدر الأساس عند كثير من الأمم الأخرى للتعرف إلى الشيخ - يرحمه الله - ودعوته.
وهذا يقتضي ممن شرح الله صدره لهذه الدعوة المباركة - حتى وجد حلاوة التوحيد والسنة اللذين هما سدى الدعوة ولحمتها، نعم بالآثار الحسنة لها - العناية ببيان حقيقتها وإيضاح صورتها الناصعة، والذب عنها وعن أئمتها، ورد الافتراءات والبهتان عنها وعنهم.
آمل أن يكون هذا البحث نواة رئيسة لأبحاث مستقبلية عن الرؤية الاستشراقية للشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته في اللغات الحية الأخرى، مثل: الفرنسية والإسبانية وغيرهما، وأسأل الله لإمامنا ومن نصره وأيده الرحمة والمغفرة، كما أسأل الله أن يبارك في مؤلف هذا الكتاب والقائمين على نشره، وأن يوفقهم إلى ما فيه عز الإسلام والمسلمين.
وصلى الله وسلم محمد وعلى آله وصحبه وسلم.