الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المطلب الثاني رحلاته]
المطلب الثاني رحلاته يرى بوركهارت أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب " زار عدة مدارس في مدن الشرق الرئيسة، كما هي عادة أهل بلده حتى الآن "(1) ويقول أيضًا: " ولم يلتفت أحد إلى ابن عبد الوهاب حتى استقر - بعد كثير من التجول في جزيرة العرب - مع أسرته في الدرعية "(2) . وأورد برايدجس أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ترك نجدا للدراسة في مدارس وكليات في الشرق ودمشق (3) وذكر ولفرد أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ذهب في شبابه إلى البصرة، ومن المحتمل أنه ذهب إلى دمشق، وأدى الحج، وذهب إلى المدينة (4) .
وأشار مارجليوث إلى أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحل إلى المدينة، وأنه قضى معظم حياته في الرحلات. وطبقًا لكلام " اللمع " أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب عاش أربع سنوات في البصرة، وعاش خمس سنوات في بغداد، إذ تزوج امرأة غنية ورث عنها ألفي دينار بعد وفاتها. وفي كردستان عاش سنة واحدة، وفي همدان (Hamadhan) عاش سنتين، ثم انتقل إلى أصفهان في بداية عهد نادر شاه في 1148 هـ 1736 م، ثم ذهب إلى قم (5) .
(1) مواد لتاريخ الوهابيين، ص 9 - 10.
(2)
المرجع السابق، ص10.
(3)
a brief history of the Wahauby p. 7.
(4)
A Pilgrimage To Najd، P. 251.
(5)
Wahhabiya، D. Margoluth، P. 1086 and P. 618.
وذكر صمويل زويمر أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب زار مدارس مكة والبصرة وبغداد والمدينة (1) .
أما فيلبي فقد قال: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أدى الحج إلى مكة، ثم بقي بعض الأشهر في المدينة قبل الرجوع إلى موطنه. وقد قام بزيارات متعددة إلى الحجاز والبصرة، وذهب إلى بغداد، بل إلى دمشق أيضًا، وزار الأحساء، ولكن لا يظهر أنه زار مصر (2) . أما توماس باتريك هيوس فقد أورد أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب زار مدارس مكة والبصرة وبغداد، وأنه أدى الحج مع أبيه وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة (3) . وأقر لاوست أنه لا توجد إلا معلومات قليلة حول توقيت رحلاته، وقال إنه أدى الحج، وجلس بمكة، ثم توجه إلى المدينة، وبعد ذلك ذهب إلى البصرة، ولكن لا يعلم تاريخ ذهابه. ويبدو أن مغادرته البصرة كانت في عام 1152هـ 1739 م. ووفقًا للمؤلف المجهول لكتاب:" لمع الشهاب في تاريخ محمد بن عبد الوهاب "، بتحقيق أحمد بو حاكمة - الشخصية الخرافية التي تبدو في عدة جوانب - فإن محمد بن عبد الوهاب بعد أن أمضى أربع سنوات في البصرة، ذهب إلى بغداد، وبقي فيها خمس سنوات، ثم ظهر بعد ذلك في كردستان في همذان وأصفهان، إذ وصل إليها عام 1148 هـ 1736 م في بداية عهد نادر شاه، وعندما ترك البصرة
(1) Arabia the cradle of islam p. 192.
(2)
arabia، p. 8.
(3)
dictionary of Islam، p. 659.
ذهب إلى حريملاء، واستقر بها إلى أن مات والده في عام 1153 هـ 1740 م (1) .
أما صمويلي فقد أشار إلى أنه زار المدارس في البصرة وبغداد ودمشق، وزار بعض المدن مثل أصفهان والمدينة وأدى الحج إلى مكة (2) .
وقال جورج رنتز: إنه أدى الحج الأول إلى مكة، وزار المدينة لأول مرة، وقام بزيارة أخرى إلى مكة والمدينة، وذهب إلى البصرة، وإِن ابن عبد الوهاب رغب في زيارة دمشق لأنها المركز القديم لعلماء الحنابلة، لكنه لم يكن يملك وسائل السفر، فقرر الرجوع إلى الوطن، إلا أنه زار الأحساء، ولما رجع إلى نجد وجد أباه قد انتقل إلى حريملاء البلد المجاور (3) .
نقد الرؤية الاستشراقية: من خلال ما سبق يتضح لنا أن معظم المستشرقين وقعوا في أخطاء كثيرة فيما يتعلق برحلات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومن الممكن إبرازها في النقاط الآتية:
1 -
الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يتجول في جزيرة العرب كما يزعم بوركهارت، ولكن من المعلوم من خلال المصادر التاريخية أنه انتقل من حريملاء إلى العيينة، ثم انتقل إلى الدرعية.
2 -
يوجد خلط كبير لدى أغلب المستشرقين فيما يتعلق برحلات
(1) Ibn Abd Al-Wahhab، H. Laoust، PP 677 - 678.
(2)
The Wahhabis And Ibn Saud، M. F. Samalley. P. 230.
(3)
The Arabian Peninsula Society And Politics، P. 55.
الشيخ محمد بن عبد الوهاب. وقد اعتمد المستشرقان مارجليوث ولاوست على كتاب: " لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب "، وهو من الكتب المعادية للشيخ ودعوته، ولم يعتمد المؤلف - المجهول - على مصادر مكتوبة، وأن ما ذكره المستشرقان مارجليوث ولاوست من أن الشيخ زار بغداد، وكردستان، وهمذان، وأصفهان، وقم مجرد افتراءات لا دليل عليها.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ في التعليق على كتاب: " لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب ": " إن الشيخ رحمه الله لم يتعد في رحلته العلمية غربًا مكة، وشمالا المدينة، وشرقًا البصرة، ثم الأحساء "(1) .
3 -
رأي المستشرق مارجليوث غير صحيح فيما يتعلق بأن الشيخ قضى معظم حياته في الرحلات، وذلك أن المصادر التاريخية الموثوقة لا تقدم دليلا يعضد هذا الرأي (2) .
ولكن اعتماد مارجليوث على كتاب: " لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب " والتسليم بالرحلات الكثيرة المزعومة التي ذكرها صاحبه جعل مارجليوث يدعي أن الشيخ قضى معظم حياته في الرحلات. ولعل من الضروري الإشارة إلى أن من أسباب اعتماد بعض المستشرقين على كتاب: " لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب "، بخاصة مارجليوث ولاوست،
(1) كتاب لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب، ص11.
(2)
انظر: تاريخ نجد، جـ1، ص 75 - 76، وعنوان المجد في تاريخ نجد، جـ1، ص7.
عند تناول رحلات الشيخ محمد بن عبد الوهاب أمرين مهمين:
الأول: أن الكتاب وصل إلى المتحف البريطاني بلندن عام 1277 هـ 1860 م (1) مما سهل على المستشرقين الغربيين الرجوع إلى هذا المرجع، والاعتماد عليه، وإهمال المصادر التاريخية الموثوقة.
الثاني: قلة المعلومات حول رحلات الشيخ محمد بن عبد الوهاب في المصادر التاريخية، يقول الدكتور منير العجلاني:" ومن المؤسف أن ابن غنام وابن بشر وغيرهما من مؤرخي نجد لم يتبسطوا في وصف رحلات الشيخ إلى خارج نجد، وهذا مما جعل بعض المستشرقين يطلبون مصدرًا آخر لمزيد من المعرفة برحلات الشيخ، فوقعوا على كتاب " لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب " ونقلوا منه، ونقل عنهم مؤرخون عرب، فضلوا وأضلوا "(2) .
4 -
عدم صحة ما ذكره توماس باتريك هيوس من أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد أداء الحج زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الكتب التاريخية الموثوقة أشارت إلى أنه زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا تشد الرحال إلا لذلك، وزار القبر وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه تبعًا لذلك.
5 -
عدم صحة ما ذكره توماس باتريك هيوس من أن الشيخ محمد بن
(1) انظر كتاب: لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب، ص هـ.
(2)
تاريخ البلاد العربية السعودية: د. منير العجلاني، ج1، ص178، دار النفائس، 1403هـ 1983 م.
عبد الوهاب حج مع أبيه؛ إذ لم تشر المصادر التاريخية إلى ذلك.
6 -
عدم صحة ما ذكره بعض المستشرقين من أمثال ولفرد بلنت وفيلبي وصمويلي حول زيارة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى دمشق.
7 -
تعد كتابة جورج رنتز عن رحلات الشيخ محمد بن عبد الوهاب أفضل الكتابات الاستشراقية في هذا الباب، لاعتماده على المصادر التاريخية الموثوقة.
ومما جاء في المصادر الأصلية التي تناولت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن رحلاته، ما قاله ابن غنام:" فرحل في طلب العلم إلى ما يليه من الأمصار، حتى بلغ فيه شأوًا فاق فيه شيوخه، فبدأ بحج بيت الله الحرام، ثم أقام في المدينة المنورة. . . ثم خرج من المدينة إلى نجد، وقصد البصرة في طريقه إلى الشام. . . آذاه بعض أهل البصرة أشد الأذى، وأخرجوه منها وقت الهجيرة، فاتجه إلى الشام، ولكن نفقته التي كانت معه ضاعت منه في الطريق، فانثنى عائدًا إلى نجد، ومرَّ في طريقه إليها بالأحساء. . ثم اتجه منها إلى بلدة حريملاء "(1) .
ومما كتبه ابن بشر في هذا الشأن: " تجهز من بلد العيينة إلى حج بيت الله الحرام، فلما قضى حجه سار إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. . فأقام في المدينة ما شاء الله. ثم خرج منها إلى نجد، وتجهز إلى البصرة يريد الشام، فلما وصلها
(1) تاريخ نجد، ج1، ص 76 - 77.