المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المطلب الثاني الجانب السلوكي] - الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته ودعوته في الرؤية الاستشراقية

[ناصر التويم]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم]

- ‌[المقدمة]

- ‌[الفصل الأول دراسة وصفية لأهم مصادر المستشرقين عن حياة الشيخ محمد]

- ‌[أولا الكتب باللغة العربية]

- ‌[ثانيا الكتب باللغة الإنجليزية]

- ‌[ثالثًا التقارير والوثائق الرسمية باللغة الإنجليزية]

- ‌[رابعًا الموسوعات والقواميس باللغة الإنجليزية]

- ‌[خامسًا المقالات المنشورة باللغة الإنجليزية في الكتب والمجلات العلمية]

- ‌[سادسا الرسائل العلمية باللغة الإنجليزية]

- ‌[الفصل الثاني حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتكوينه العلمي في الرؤية]

- ‌[المبحث الأول حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرؤية الاستشراقية]

- ‌[المطلب الأول ولادته ونسبه]

- ‌[المطلب الثاني رحلاته]

- ‌[المبحث الثاني تكوين الشيخ محمد بن عبد الوهاب العلمي في الرؤية الاستشراقية]

- ‌[المطلب الأول تكوينه العلمي في نجد والحجاز]

- ‌[المطلب الثاني تكوينه العلمي في العراق والأحساء]

- ‌[الفصل الثالث دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرؤية الاستشراقية]

- ‌[المبحث الأول مذهبية الدعوة في الرؤية الاستشراقية ونقدها]

- ‌[المطلب الأول التسمية بالوهابية]

- ‌[المطلب الثاني تصورات المستشرقين عن الدعوة]

- ‌[المبحث الثاني الجانبان التشريعي والسلوكي في الرؤية الاستشراقية ونقدها]

- ‌[المطلب الأول الجانب التشريعي]

- ‌[المطلب الثاني الجانب السلوكي]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[المراجع]

الفصل: ‌[المطلب الثاني الجانب السلوكي]

[المطلب الثاني الجانب السلوكي]

المطلب الثاني الجانب السلوكي اهتم المستشرقون بالحديث عن الجانب السلوكي في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب اهتمامًا كبيرًا، ويتلخص هذا الاهتمام في النقاط الآتية:

أولا: اهتم عدد من المستشرقين بالحديث عن إلزام الناس على أداء الصلاة جماعة في المساجد ومعاقبة من يتخلف عن أدائها في المسجد. يقول المستشرق بوركهارت: " وحين استولى سعود على المدينة أمر بعض أتباعه أن ينادوا بعد الصلوات في المسجد، كل رجل بالغ من السكان باسمه، وكان على كل واحد أن يجيب على انفراد. وحينئذ أمرهم أن يحضروا الصلوات بانتظام، إذا تغيب أي واحد مرتين أو ثلاث مرات أرسل إليه واحدًا من رجاله ليضربه في بيته، وكان إذا حان وقت الصلاة في مكة أمر أتباعه أن يطوفوا بالأسواق، ومعهم عصي غليظة، ويسوقوا كل السكان بالقوة إلى المسجد، وهذا عمل قاس، ولكن يبرره ما اشتهر به المكيون من عدم التدين "(1) .

ويذكر مارجليوث أن حضور صلاة الجماعة واجب (2) . أما المستشرق صمويلي فقد نقل قطعة مشرقة - كما يزعم - من هارسون الذي كتب في مجلة العالم الإسلامي في عام 1918 م عن

(1) مواد لتاريخ الوهابيين، ص 52 - 53.

(2)

Wahhabia، D. Margoliouth، p 1086، And P. 618.

ص: 119

الحياة في مدينة الرياض. وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يؤدون الصلاة خمس مرات في اليوم في الرياض، وأن النظام المتبع في الشتاء هو تلاوة الأسماء في صلاة الفجر والعشاء، وأن المتخلف عن الصلاة يضرب عشرين جلدة في اليوم التالي. ويذكر صمويلي أن (الوهابيين) لا يكتفون بالنداء للصلاة والذي يقول فيه المنادي: الصلاة خير من النوم، بل أن شخصًا آخر يقوم بطرق الأبواب للصلاة، ويشير مؤسس (الوهابية) إلى أن الشخص الذي لا يصلي تكاسلا أو جاهلا يحذر، فإن لم يتب، ورفض أداء الصلاة يقتل (1) .

ويذكر المستشرق لي ديفيد كوبر اهتمام (الوهابيين) بأداء الصلاة جماعة في المسجد، وذلك عندما قال:" وعلى الرغم من انتماء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه إلى المذهب الحنبلي، فقد كانوا على وجه العموم أكثر تشددًا من الحنابلة في أداء المناسك، فعدوا صلاة الجماعة واجبًا لا يمكن التخلي عنه "(2) .

ثانيًا: اهتم عدد كبير من المستشرقين بالحديث عن تحريم التبغ والمعاقبة عليه، يقول بوركهارت:" وقد انصب هجوم (الوهابيين) الشديد - بعد حربهم للأولياء - بصفة رئيسة على الملابس وتدخين التبغ "(3) .

(1) The Wahhabis And Ibn Saud، M. F. Samalley، P. 242.

(2)

الحركة الوهابية في عيون الرحالة، ص51.

(3)

مواد لتاريخ الوهابيين، ص 24.

ص: 120

وذكر برايدجس أن (الوهابيين) يعدون تدخين التبغ غير جائز، وذلك لاعتقادهم أنه مؤثر في العقل (1) .

أما بلجريف فقد أولى الحديث عن التدخين اهتمامًا كبيرًا، وذكر أنه تحدث مع صديقه في الجزيرة العربية عبد الكريم وسأله عن كبائر الذنوب لدى (الوهابيين) ، فأخبره بأنه الشرك بالله، أولا وثانيًا شرب المخزي " تدخين التبغ "، وقد دافع بلجريف عن التدخين وعدّه عادة حضارية اجتماعية " (2) .

وذكر ولفرد بلنت أن (الوهابيين) يحرمون بشدة تدخين التبغ (3) كما ذكر أن (الوهابيين) قاموا بكسر آلات استخدام التبغ (4) .

وأشار مارجليوث إلى أن (الوهابيين) يحرمون التبغ، وأن فاعله يجلد، ولا يزيد على أربعين جلدة (5) .

وأشار صمويل زويمر إلى أن (الوهابيين) يمقتون التبغ، وأنه لا بد أن يتجنب (6) كما ذكر أن (الوهابيين) لما دخلوا مكة على يد سعود قاموا بجمع أدوات التبغ فحرقوها (7) .

أما المستشرق صمويلي فقد أشار إلى أن التبغ يعد من البدع

(1) An Account Of The Transactions، P. 112.

(2)

Narrative، Ayear's Journey، PP. 7 - 15.

(3)

A Pilgrimage to Najd. P. 252.

(4)

المرجع السابق.

(5)

Wahhabiyya، D. Margoliouth. P. 1086 And P. 618.

(6)

Arabia: The Cradle Of Islam P. 192.

(7)

Ibid، P. 194.

ص: 121

عند (الوهابيين) ، وأنه محرم من بداية تأسيس (الوهابية) ، ثم بعد ذلك تحدث عن بلجريف وسؤاله لصديقه عن كبائر الذنوب، وبعد ذلك تحدث عن الرحالة الريحاني وقصته مع رفيقه الذي يفزع وذلك بقفزة إلى أعلى عند رؤيته أحد المدخنين، ويرى صمويلي أن عددًا كبيرًا من (الوهابيين) يرون أن الشرك واستخدام التبغ من أعظم الذنوب (1) .

ويشير لي ديفيد كوبر إلى أن (الوهابيين) يمقتون بشدة تدخين التبغ (2) .

ثالثا: اهتم عدد من المستشرقين بالحديث عن تحريم (الوهابيين) السب والشتم وحلق اللحية. فذكر بوركهارت أن من سب (وهابيًا) ألزم بدفع غرامة مالية كبيرة، وأشار إلى أنهم عرفوا مصطلح السب وحدوده، كما أشار بوركهارت إلى أن الزعيم (الوهابي) يعاقب بحلق اللحية، وأن هذا يُعمل بمن خالف من المشاهير فقط، وأنه يعد إهانة (3) .

أما برايدجس فذكر أن من لعن (الوهابي) استحق عقوبة كبيرة (4) . ويشير مارجليوث إلى أن حلق اللحية واستخدام الكلمات البذيئة تستحق العقوبة، وتترك للقاضي (5) .

(1) The wahhabis and Ibn Saud، M. F. samalley، P. 240.

(2)

الحركة الوهابية في عيون الرحالة، ص 51.

(3)

مواد لتاريخ الوهابيين، ص52.

(4)

An Account Of The Transactions، P. 120.

(5)

Wahhabiyya، D. Margoliouth، p 1086، And P. 618.

ص: 122

كما أشار لي ديفيد كوبر إلى هذا الأمر، وقد اعتمد على مارجليوث فقال: " إن حلق اللحية أو السب مخالفة شرعية تستوجب المثول أمام القاضي (1) .

رابعا: اهتم عدد كبير من المستشرقين بالحديث عن منع استخدام المسبحة، والتسبيح فقد بمفاصل اليد.

يقول بوركهارت: " وقد حرم (الوهابيون) الدعاء بالمسبحة، وهو أمر شائع لدى المسلمين مع أن الشرع لم ينص عليه، ومنعوا استعماله "(2) ويذكر مارجليوث أن (الوهابيين) يحرمون استخدام المسبحة، ولذا يرون أن التسبيح يكون بواسطة أصابع اليد بدلا عن المسبحة (3) وأشار صمويل زويمر إلى أن (الوهابيين) يستخدمون مفاصل أصابعهم في التسبيح، ولا يستخدمون المسبحة (4) وذكر أن (الوهابيين) لما دخلوا مكة في عهد سعود قاموا بجمع المسابح وأشعلوا فيها النار (5) . وذكر المستشرق صمويلي أن (الوهابيين) يستخدمون أصابعهم في التسبيح، وأن استخدام السبحة حرام (6) .

ويقول لي ديفيد كوبر: " منعوا استعمال السبحة في التسبيح عند الصلاة، واستعملوا الأصابع بدلا منها "(7) .

(1) الحركة الوهابية في عيون الرحالة، ص 51 - 52.

(2)

مواد لتاريخ الوهابيين، ص25.

(3)

Wahhabiyya، D. Margoliouth، p 1086، And P. 619.

(4)

Arabia: The Cradle Of Islam، P. 193.

(5)

المرجع السابق، ص 194.

(6)

The wahhabis and Ibn Saud، M. F. samalley، P. 241.

(7)

الحركة الوهابية في عيون الرحالة، ص52.

ص: 123

خامسا: عُني عدد من المستشرقين بالحديث عن تحريم (الوهابيين) استخدام الحرير والذهب والفضة. يقول المستشرق بوركهارت: " وكان يمكن معرفة (الوهابيين) في جزيرة العرب فورًا بملابسهم، فالعربي الذي لم يعتنق دعوتهم من المؤكد أن يكون جزء من ملابسه من الحرير، إما أن يحلّي به الغطاء الذي يلفه على رأسه، أو يطرز به بردته "(1) . كما عقد مقارنة بين (الوهابيين) والأتراك، وذكر أن ملابس أغنياء الأتراك لا تتفق في الغالب مع السنة التي تحرم لبس الحرير والذهب والفضة إذا كانت غير قليلة (2) . وذكر ولفرد بلنت أن (الوهابيين) يحرمون بشدة الحرير والذهب في الملابس (3) .

أما المستشرق صمويل زويمر فيشير إلى أن (الوهابيين) يحرمون بشدة استخدام الحرير والذهب والفضة (4) . ويذكر المستشرق صمويلي أن استخدام الحرير والذهب والفضة للزينة محرمة لدى الوهابيين (5) .

سادسا: أشار عدد قليل من المستشرقين إلى تحريم القهوة، فقد ذكر بوركهارت أنه يقال:" إنهم حرموا شرب القهوة، ولكن ذلك غير صحيح، إذ إنهم دائمًا يشربونها بقدر كبير "(6) .

(1) مواد لتاريخ الوهابيين، ص 24.

(2)

المرجع السابق.

(3)

A Pligrimage to Najd، P 252.

(4)

Arabia: The Cradle Of Islam، P 192.

(5)

The wahhabis and Ibn Saud، M. F. samalley، P. 242.

(6)

مواد لتاريخ الوهابيين، ص 25.

ص: 124

أما المستشرق برايدجس فقد أورد أن ما ذكر من أن (الوهابيين) يحرمون القهوة فهو دعاية من الأتراك لهدف معين، والحقيقة أنهم يشربون القهوة وأنها منتشرة بينهم " (1) .

نقد الرؤية الاستشراقية: حفلت الرؤية الاستشراقية بالعديد من الأخطاء في تصورها للجانب السلوكي في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ويظهر ذلك من نسبتهم الأحكام إلى الدعوة مع أنها مما جاء به الإسلام كوجوب صلاة الجماعة ونحوها، وفيما يلي تفصيل الرد على ما أثاره المستشرقون حول هذا الجانب.

أولا: عدم صحة التفريق بين ما نسب إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والمذهب الحنبلي فيما يتعلق بفرضية صلاة الجماعة، وذلك أن المذهب الحنبلي يوجب أداء صلاة الجماعة على الأعيان، ويؤكد هذا ما ذكره أحد علماء الحنابلة وهو ابن قدامة في كتابه المغني: " الجماعة واجبة للصلوات الخمس، روي نحو ذلك عن ابن مسعود وأبي موسى، وبه قال عطاء والأوزاعي وأبو ثور، ولم يوجبها مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي. . ولنا قول الله تعالى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102] (سورة النساء) ، ولو لم تكن واجبة لرخص فيها حالة الخوف ولم يجز الإخلال بواجبات الصلاة من أجلها. وروى أبو هريرة أن رسول

(1) The Account Of The Transactions، P 112.

ص: 125

الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم» . متفق عليه (1) وفيه ما يدل على أنه أراد الجماعة؛ لأنه لو أراد الجمعة لما همَّ بالتخلف عنها " (2) .

لذا فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أخذت بالقول الذي يرى وجوب صلاة الجماعة على الأعيان، وذلك لقوة الأدلة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأما فيما يتعلق بالإجراءات التي تدفع الناس إلى أداء الصلاة جماعة في المساجد مثل طرق الأبواب أو أمر الناس في الأسواق وغيرها فمن قبيل الأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى، قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2](سورة المائدة) ، أما ما ذكره بعض المستشرقين حول معاقبة من تخلف عن أداء صلاة الجماعة فصحيح لمن تكرر تخلفه، ويكون العقاب من ولي الأمر.

ثانيَا: لا صحة للمبالغة التي ذكرها المستشرقان بلجريف وصمويلي حول جعل تدخين التبغ في المرتبة الثانية بعد الشرك لدى معظم الوهابيين، وذلك أن تدخين التبغ حرام، ولكنه ليس من الكبائر، قال تعالى:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]

(1) صحيح البخاري: كتاب الأذان، باب وحوب صلاة الجماعة.

(2)

المغني: ابن قدامة، ج2، ص176، مكتبة الرياض الحديثة.

ص: 126

(سورة الأعراف) ، فتحريمه يستند إلى هذه الآية ذلك بأن التبغ ليس من الطيبات بل هو من الخبائث، ولا تخفى الآن خطورة التدخين على صحة الإنسان، وأنه سبب لعدد من الأمراض وقد توالت الصيحات في الغرب والشرق تحذر الناس من أضراره. أما معاقبة شارب التبغ أو كسر آلات التبغ فهو من قبيل إنكار المنكر، والزجر عن ارتكابه، وليس هناك حد لشارب التبغ، بل هو من التعزير الذي يأمر به ولي الأمر.

ثالثًا: لا صحة لما أورده بوركهارت حول المعاقبة على المعصية بحلق لحية المخالف المشهور، وذلك لأنه لا عقاب بمعصية على فعل منكر، وأما ما يتعلق بحلق اللحية أو السب فهي من الأمور التي نهت الشريعة عنها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«أنهكوا الشوارب، وأعفوا اللحى» (1) ويقول أيضًا: «خالفوا المشركين ووفروا اللحى، وأحفوا الشوارب» (2) . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (3) .

رابعًا: عدم صحة ما ذكره بعض المستشرقين من أن الأصل في التسبيح استخدام السبحة، وأن الشيخ وأتباعه يستخدمون الأصابع بدلا من السبحة، وينكرون استخدامها. والصحيح أن استخدام السبحة على القول المعضود بالأدلة أمر مبتدع، وأن

(1) رواه البخاري، في الصحيح: كتاب اللباس، باب إعفاء اللحى.

(2)

رواه البخاري في الصحيح: كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر.

(3)

رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأدب، باب ما ينهى من السباب واللعن.

ص: 127

الأصل استخدام الأصابع، ويؤكد هذا ما أورده ابن وضاح - أحد علماء القرن الثالث الهجري - عن الصلت بن بهرام أنه قال:" مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح به فقطعه وألقاه، ثم مرّ برجل يسبح بحصى فضربه برجله، ثم قال: لقد سبقتم. ركبتم بدعة ظلمًا، أو لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علمًا "(1) فالوسيلة المشروعة للتسبيح العد بالأنامل التي " دل عليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، وتوارثه المهتدون بهديه المقتفون لأثره إلى يومنا هذا، وإلى هديه صلى الله عليه وسلم يرد أمر الخلاف، وبه يتحرى الصحيح عند النزاع (2) . فالشيخ لم يبتدع في ذلك وإنما هو متبع لمن قبله.

خامسًا: ومن الأخطاء أيضًا نسبة تحريم الحرير والذهب والفضة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب مع أنه حكم شرعي وردت فيه نصوص واضحة، فالحرير والذهب والفضة حرام على الرجال دون النساء.

يقول البراء بن عازب: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن سبع: نهى عن خاتم الذهب - أو قال حلقة الذهب -، وعن الحرير، والإستبرق، والديباج، والميثرة الحمراء والقسيّ، وآنية الفضة» (3) . أما لبس

(1) البدع والنهي عنها، محمد بن وضاح القرطبي، ص 12، دار الرائد العربي، الطبعة الثانية، 1402 هـ 1982 م.

(2)

السبحة: تاريخها وحكمها: بكر بن عبد الله أبو زيد، ص 100، دار العاصمة، 1419 هـ 1998 م.

(3)

صحيح البخاري: كتاب اللباس، باب خواتيم الذهب.

ص: 128

الخاتم من فضة فجائز، وذلك لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه أنس رضي الله عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضة وكان فصه منه» (1) .

واستخدام النساء للحرير والذهب والفضة أمر جائز لورود الأدلة على ذلك في السنة النبوية الشريفة (2) .

(1) صحيح البخاري: كتاب اللباس، باب فص الخاتم.

(2)

انظر الأحاديث الواردة في صحيح البخاري في كتاب اللباس، باب الحرير للنساء، وباب القرط للنساء، باب الخاتم للنساء، وباب القلائد والسِّخابِ للنساء.

ص: 129