المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على - الشيعة والقرآن

[إحسان إلهي ظهير]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولعقيدة الشيعة في الدّور الأوّل من القرآن

- ‌الباب الثانيعقيدة الشيعة في الدور الثاني من القرآن

- ‌الباب الثالثعقيدة الشيعة في الدور الثالث من القرآن

- ‌الباب الرابعألف حديث شيعي في إثبات التحريف في القرآنمن كتاب فصل الخطاب لمحدث شيعي النّوري الطبرسي

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء وبني إسرائيل

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة السباء

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة زمر

- ‌سورة مؤمن

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة حمعسق

- ‌سورة زخرف

- ‌سورة الدخان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمد

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌الحشر

- ‌الصف

- ‌الجمعة

- ‌المنافقين

- ‌التغابن

- ‌الطلاق

- ‌التحريم

- ‌الملك

- ‌ن

- ‌المعارج

- ‌نوح

- ‌الجن

- ‌المزمل

- ‌المدثر

- ‌القيامة

- ‌الدهر

- ‌المرسلات

- ‌النبأ

- ‌العبس

- ‌الشمس

- ‌الانفطار

- ‌المطففين

- ‌البروج

- ‌الطارق

- ‌الأعلى

- ‌الغاشية

- ‌الفجر

- ‌الشمس

- ‌الليل

- ‌الضحى

- ‌الانشراح

- ‌التين

- ‌القدر

- ‌البينة

- ‌الزلزلة

- ‌العاديات

- ‌التكاثر

- ‌العصر

- ‌الفيل

- ‌الكوثر

- ‌الجحد

- ‌تبت

- ‌الإخلاص

- ‌خاتمة الكتاب

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على

بسم الله الرحمن الرحيم

‌المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآله، وأزواجه وذريته، وأصحابه، الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

فإننا ألفنا قبل سنوات عشرة كتاباً حول الشيعة وعقائدها (الشيعة والسنة) ولقد تسبب لكتابة هذا الكتاب كتيب صدر من إيران من أحد علمائها. الذي حاول الرد على رسالة، صغيرة الحجم كبيرة الفائدة. (الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الاثنى عشرية) للسيد محب الدين الخطيب رحمه الله.

ولقد تأثرت كثيراً وانفعلت حينما رأيت ذلك الكتيب (مع الخطيب في خطوطه العريضة) حيث لم يقصد المعترض في رده على الخطيب تغلط عباراته التي أورده في رسالته، ولم يحاول تفنيد مستنتجاته وثمراته التي أنتجها من البحث، بل قصد التمويه والتزييف والتشكيك وأكثر من ذلك الخداع السافر والغش الظاهر، حيث ظن أنه مات الخطيب ولم يبق في السنة من يعرف خباياهم وخفاياهم فتهجم وتجاهل، وتغافل وتعاند، فأنكر ما كان ثابتاً، وتنكر على

ص: 5

ما كان موجوداً، وبدل أن يكون واقعياً في الرد بدأ يتضوغ ويتصيح، وصار يتألم ويتظلم قائلاً: لا ينبغي أن يكتب مثل هذه الكتيبات والرسائل في مثل هذه الآونة المحرجة.

فالحري بنا وبكل مسلم غيور على دينه وأمته ترك هذه المناقشات والظروف والأحوال على ما يشاهد في العالم الإسلامي، فالفتن والكوارث هجمت علينا من كل جانب. . . . يحاربنا الإلحاد واستعمار الصهيونية والصليبية والشرقية والغربية بأساليبها الخداعة الهدامة، يغزونا أعداؤنا في عقر دارنا. ويهتكون حرماتنا، ويخربون مساجدنا، ويسعون لهدم جميع آثار الإسلام" (1).

إلى آخر ذلك من الكلمات البراقة الخداعة.

ولكنه لم يتقدم خطوات إلا ونسي ما كتب، وأعرض عما ذكر، وتنمر على الخطيب، ولم يجد في جعبته نبلاً إلا أرشقه به، ولا في جيبه شتيمة إلا ورماه بها ويا ليته اكتفى بسبه ورميه إياه ولكنه تجاوز الحدود، وطعن على أصحاب رسول الله وخلفائه الراشدين المهديين، وأزواجه. أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين. حتى لم يؤنبه ضميره، ولم يردعه الأحوال الحالكة والظروف السيئة المحيطة بالمسلمين التي تذكرها في مقدمة كتابه.

كما أنه أنكر جل معتقدات الشيعة التي ذكرها الخطيب في رسالته من أمهات كتب القوم وكذبها، وحكم عليه بالافتراء والبهتان، ومنها عقيدتهم حول القرآن بأنه محرف ومغير فيه، والتقية التي يجعلونها وسيلة لإظهار ما يخالف الحق والباطل، والعداء الشديد لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لم يستند في إنكاره إلى دليل ولا إلى برهان وهو مع ذلك حاول اصطياد السنة في حبائله التي

(1)"مع الخطيب في خطوطه العريضة" مقدمة ص ألف، ب للطف الله الصافي ط طهران

ص: 6

فرشها على الأرض بلونها وخداعها مستعملاً فيه دهاءه ومكره.

ولما رأيت هذا الكتيب اندهشت لما فيه من المخادعة الواضحة والكذب الظاهر، وإنكار الحقائق الثابتة. فاستعنت الله وكتبت ذلك الكتاب الذي تلقى القبول من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومحبي أصحابه، ومبغضي أعدائه والكذب، وقراء القرآن الذين يتلونه آناء الليل وآناء النهار، القبول والرواج الذي لم يعهد له مثيل في الآونة الأخيرة. وأثبتنا فيه صدق ما قاله الخطيب لا بالكلام والعواطف، بل بالأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة، والنصوص الثابتة، والعبارات الصريحة، والروايات الجلية والقطعية حيث الثبوت والنسبة، وأطنبنا القول في المسائل الثلاثة المذكورة، وخاصة في مسألة تحريف القرآن حيث أوردنا أكثر من أربعين حديثاً من أمهات كتب القوم، كلها تنص على أن القرآن حرّف وغيّر، زيد فيه ونقص منه كثير، ولعله أول مرة في اللغة العربية بهذه السعة وثبت المصادر والمراجع فلقد احترق القوم لكشف النقاب عن وجهه الحقيقي وإماطة اللثام عن البشاعة التي طالما حاولوا إخفاءها، وفرح محبو السنة وزاد سرورهم لإبطال المبطلين، ونقض شبهات المنتحلين، وأغراض المخادعين الذين كانوا مصداق قول الله عز وجل:{يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} (1).

وترجم هذا الكتاب إلى لغات عديدة حية، فلله الحمد من قبل ومن بعد. وتوقعنا أن يتصدى له أحد علماء الشيعة، ويفند ما أثبتناه ويغلط ما أوردناه، وطالما سمعنا بتكوين لجنة وتشكيل جماعة للرد على ذلك المختصر، واشتد بنا الشوق، ولم يأتنا أي خبر، اللهم إلا أحد الباكستانيين، الذي تخرج من مدارس النجف، تعرض ولكنه ليس للرد، بل للشتائم والسباب، في كتابه الذي ألفه باللغة الأردية، وتمثلت قول الشاعر:

(1) سورة البقرة الآية9

ص: 7

ولقد أمر على اللئيم يسبني

فمضيت ثمت قلت لا يعنيني (1).

ورد آخر من أحد الملتئمين في لبنان (2) ولم يكن مختلفاً كثيراً عن أخيه الباكستان، فاضطررت إلى أن أقول مرة أخرى:

واغفر عوراء الكريم ادخاره

وأعرض عن شتم اللئيم تكرماً

وها أنا ذا أجد بين يدي كتيباً آخر، الذي كلف نفسه بكتابته صاحبنا القديم (3) باسم (صوت الحق ودعوة الصدق) الذي لم يصل إلي إلا قبل أسبوع من كتابة هذه الأسطر وقد أرسله إلي أحد الأخوة المحبين لي والعلم من العرب وإنني لمستغرب أن مؤلفه لماذا لم يرسله إلي حيث أنه يعرف عنواني المطبوع على غلاف (الشيعة والسنة) وقت صدوره، ويظهر أنه طبع قبل مدة، كما أن كاتبه كتبه بل بضعة أعوام، لعله خجلاً مما كتب، أو إخفاء علي ما ألف، من النقد والتحليل، مع أنه أول من خاطب فيه خاطب أساتذة الجامعة الإسلامية التي تشرفت بالتخرج منها، وعلماء مدينة لاهور التي أقطنها، وتسكنني بين جنباتها وعرصاتها، ولم يكن للكتاب أثر، اسم ولا رسم، لا في لاهور حيث أصول فيها وأجول، ولا الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي أزورها حيناً بعد حين.

(1) إلا أن حكومة باكستان لم تتركه لسبه وشتمه عمر الفاروق الأعظم، وأزواج النبي المطهرات رضوان الله عليهم أجمعين سباباً صريحة، وشتائم قبيحة قذرة، وأودعته السجن وصادرت كتابه

(2)

الذي التثم بنقاب س - خ - وسمى رده (كتاب الشيعة والسنة في الميزان) ولقد التفتنا إلى بعض إيراداته التفاتة عابرة يسيرة في هوامش مؤلفنا الذي صدر حديثاً (الشيعة وأهل البيت) طبع إدارة ترجمان السنة لاهور - باكستان

(3)

السيد لطف الله الصافي، وهو من علماء الشيعة الإيرانيين يسكن بقم، الحوزة العلمية الشيعية كما يسمونها

ص: 8

فيا للمسكنة والجبن! ويا للإقدام والجرأة!

وعلى كل فبعد ما فرغت من مؤلفي (الشيعة وأهل البيت) وعطفت عنان قلمي إلى فرق شبه القارة وامتطيت جواد فكري وأشهب معلوماتي عارضني هذا الكتيب، واعترض في طريقي، ومنعني أن أواصل سيري في البحث الذي كنت أريده حتى أفرغ منه. فصففت كتب الشيعة أمامي بعد ما طويت عنها كشحي، ورصفتها بعد ما صرفت أنظاري منها، ووضعت الرد أمامي وورائه كتب القوم تشهد عليه وتخالفه، وقلبت الصفحة الخامسة من هذا الكتيب التي بها بدأ مقدمته، فوجدته لم يختلف على مرّ الأيام وكرّ الليالي من دأبه الخداعي القديم، فقال:

من أعظم الواجبات الملقاة على عواتق العلماء وقادة الأمة والكتّاب، لا سيما في هذا العصر أن يخلصوا نياتهم وينزهوا أقلامهم عن كل ما يورث الوهن والفشل، ويؤدي إلى الضعف في صفوف المسلمين، ويبعدوا نفوسهم عن سوء الظن، وأن يتقوا الله فيما يقولون لا يكتمون الحقائق، ولا ينشرون الأباطيل، ولا يعتمدون في ما يكتبون على الزور والبهتان والافتراءات الظالمة تؤدي بالناس إلى الظلال وإثارة العصبيات البغيضة الممزقة لجسم الأمة، والممزقة (1) للجماعة (2).

(1) والجدير بالذكر أنه لا يصدر كتاب من كتب الشيعة سواء في الحديث أم في التفسير، في الفقه أم في الأصول، في التاريخ أو الأدب وغيره إلا ويكون مليئاً من السباب والشتائم والتكفير والتفسيق لأخيار هذه الأمة وقادتها خلاف السنة، فإنهم ينزهون أقلامهم عن التعريض بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل بيت علي رضي الله عنه، ويعرف كل منصف هذا الفرق البيّن من قراءة كتبنا وكتبهم، ولا يستطيع إنكاره وحتى مجادل ومكابر.

وعند قراءة مثل هذه المخادعات أتذكر مثالاً أردوياً (أن السارق يتصيح بمجيء السراق)

(2)

"صوت الحق" للطف الله الصافي مقدمة ص5 ط بيروت

ص: 9

و"فالباحث النزيه إذن لا يجوز لنفسه - إن لم يكن في قلبه مرض - أن ينحرف عن النهج الإلهي في حواره ومناقشاته مع الآخرين، ويتبع عوضاً عن ذلك أسلوب الشتائم والدس والضغينة والتهريج بالباطل"(1).

وأخيراً "إن من أعظم الأخطار على وحدة المسلمين وتعاونهم ضد عدوهم المشترك إقدام بعض المستهترين الأغبياء الذين لا يقدرون عواقب ما يفعلون على ما يؤدي إلى انشغال أبناء الأمة الإسلامية الواحدة بصراعات كلامية لا تبتنى على أساس سليم قد يؤدي في حالة عدم وضع حد لعبثهم إلى تعميق جذور التباغض والتمزق والانهيار المخيف الذي تعاني منه أمتنا اليوم شر معاناة"(2).

وبعد كل هذه النصائح والوعظ والدرس نسي أو تناسى، وبدأ يكيل الشتائم عادته القديمة حيث يخدع الآخرين في البداية بكلماته الودية الجذابة، وبألفاظه الصادرة عن النفاق ثم يعود إلى أصله وحقيقته فكتب:

"فالوحدة الإسلامية صارت ضحية لخيانة القادة والحكام بتشجيع منكم يا حملة الفكر الوهابي! إذ أن دعوتكم هي التي تسببت في تمزيق بلاد المسلمين بشكل عام. والعرب بشكل خاص.

إذ أنها بدافع حب السيطرة والانتشار من قبل داعيتها الأول (محمد عبد الوهاب) ساعدت الاستعمار في القضاء على نفوذ الخلافة العثمانية في الحجاز، وإحداث الانفصال عن حكومتها تحت ستار مذهب جديد أعني الدعوة الوهابية" (3).

(1)"صوت الحق" ص8

(2)

"صوت الحق" ص13

(3)

"صوت الحق" ص78

ص: 10

وأيضاً "وما أنتم إلا بعض ضحايا الاستعمار الغافلين أو المتغافلين، وما كتاباتكم المتعصبة ضد مذاهب المسلمين بشكل عام والشيعة منهم بشكل خاص إلا تنفيذاً لهذه المخططات الصهيونية الحاقدة والاستعمارية الجهنمية"(1).

و"حمل الوهابية في نجد والحجاز لواء العصبية المذهبية ضد المسلمين باستحلالهم دماءهم، وتوجيه بأسهم وسطوتهم وأفواه بنادقهم كلها إلى قتالهم خاصة وغزوهم كلما سنحت لهم فرصة، ومثلهم بأنواع الغدر والبغي.

وقد كشفت الأحداث، وأثبتت الوقائع أنهم كانوا يقومون بكل هذه الفظائع بتأييد من بريطانيا العظمى آنذاك، عدوة المسلمين الأولى وأداة الصهيونية النافذة وقد كانت هذه تمهيد في نفس الوقت لطعن المسلمين في فلسطين بإقامة دولة إسرائيل بعد تمزيق العالم الإسلامي إلى دويلات ضعيفة متنافرة لا تقوى على مواجهة الدولة اليهودية الجديدة" (2).

فهذه حقيقته ولأمثال هؤلاء قيل قديماً:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

وإن الله عز وجل شنع عليهم دأبهم وذمهم بقوله: كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" (3).

ثم وما الذي يرجى من الذين يتطاولون على سيد الخلق وأشرف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه، ويشتمون أهله، أزواجه الطاهرات وذريته الطيبين،

(1)"صوت الحق" ص79

(2)

"صوت الحق" للطف الله الصافي ص81، 82 وانظر إلى الحقد والكذب

(3)

سورة الصف الآية 3

ص: 11

وخلفائه المهديين، وأصحابه الراشدين (1) رضوان الله عليهم أجمعين.

وهذا الذي كان يتظاهر في مقدمة كتابه كالمناصح المسالم، هو الذي يقول عن أمير المؤمنين وخليفة رسول الله في المسلمين عمر بن الخطاب الفاروق الأعظم رضي الله عنه، وصهر رسول الله الأمين وزوج ابنتيه الإمام المظلوم عثمان بن عفان ذي النورين رضي الله عنه: أن أهل السنة

"نسوا اعتماد عمر بن الخطاب وعثمان ومعاوية، وعلمائهم ومحدثيهم على كعب الأحبار اليهوي (2) الذي كان من أوثق الناس عند عمر ومعاوية، وكانا يرجعان إليه، ويأخذان بقوله كحجة شرعية"(3).

و"الثورة على عثمان لم تقم عليه إلا بأسباب كلها ترجع إلى سيرة عثمان، وما ارتكب من الأحداث والأعمال مما لا يرتضيه المسلمون، وكان خارجاً عن روح العدل الإسلامي (4) وما ابتنى عليه سياسة الحكم والإرادة في الإسلام إلى استبداده بالأمر"(5).

ويقول:

مسألة عدالة الصحابة ليست من أصول الدين وفروعه بشيء، ولا مدخلية

(1) انظر لتفصيل ذلك كتابنا الجديد "الشيعة وأهل البيت" ومؤلفنا القديم "الشيعة والسنة"

(2)

انظر إلى الحقد والضغينة التي تنطوي عليها الصدور، وكيف يكفرون صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أسلم علي يديه، وتشرف برؤيته وأداء الصلوات خلفه. كيف يتهمونه باليهودية وعدم الإسلام؟

(3)

"صوت الحق" ص38

(4)

ما أخبث التعبير وما أردأه!

(5)

"صوت الحق" ص38، 39

ص: 12

لمثل هذا مما نسجته يد السياسة الأثيمة" (1).

هذا ومثل هذا كثير فهذا الكتيب مليء بمثل هذه المطاعن والتعريضات. وقد فصلنا القول فيه ببعض التفصيل كي يعرف باطن القوم عن ظاهرهم.

وبعد تسويد عشر صفحات من المقدمة وبدون البسملة والحمدلة، سمى الله وخاطب أساتذة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وعلماء باكستان لا سيما مدينة لاهور، وبدأ يشكو ويتظلم عن كتابي (الشيعة والسنة) طبق الذي فعل في رده على الخطيب، عنه وعن (خطوطه العريضة) وثم وبعد الصياح الطويل، والنياح والعويل الغير القليل، عنون الصفحة 27 بعنوان "كتاب الشيعة والسنة وتحريف القرآن"، وأنكر قولنا بأن الشيعة يعتقدون التحريف في القرآن الموجود بأيدي الناس وقال:

إن الأخبار المتواترة القطعية الصريحة تدل على أن القرآن الكريم، الكتاب الذي أنزله الله على الرسول الأعظم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هو هذا الكتاب الموجود بين الدفتين الذي يعرفه المسلمون من الشيعة والسنة، ويعرفه غيرهم أيضاً لا شك في ذلك ولا ريب" (2).

والطريف أنه لم يورد في الكتيب كله ولا رواية واحدة تؤيده وتصدقه فضلاً عن الأخبار الكثيرة المتواترة، كما لم يستطع أن يرد رواية واحدة من الروايات التي أوردناها في كتابنا في إثبات تحريف الكتاب حسب معتقداتهم، أو يضعفها ويوهنها من حيث السند، أو ينكرها من حيث النسبة اللهم إلا السورة التي ذكرناها وذكرها الخطيب في (خطوطه العريضة) من (فصل الخطاب) أن النوري أوردها في صفحة 180 من كتابه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب

(1)"صوت الحق" ص57

(2)

"صوت الحق" ص28

ص: 13

رب الأرباب".

وأظرف من هذا وأطرف بأننا أثبتنا نفس هذين الأمرين أي أمر السورة وأمر التحريف - في كتابنا (الشيعة والسنة).

وللطرافة والظرافة، وإظهار معاندة القوم، وإعراضهم عن الحق، وإصرارهم على الباطل والمخادعة. ننقل ههنا ما كتبناه آنذاك.

ففي صفحة 78 من (الشيعة والسنة) كتبنا في الهامش:

ولقد كان الشيخ السيد محب الدين الخطيب صادقاً في رسالته "الخطوط العريضة" حين قال: وحتى القرآن الذي كان ينبغي أن يكون المرجع الجامع لنا ولهم على التقارب والوحدة، هم لا يعتقدون بذلك "ثم ذكر بعض الأمثلة من صفحة 9 إلى 16 التي تدل على أن الشيعة لا يعتقدون القرآن الذي في أيدينا وأيدي الناس بل يظنونه محرفاً، مغيراً وناقصاً.

وقد رد عليه لطف الله الصافي في كتابه "مع الخطيب في خطوطه العريضة" من ص48 إلى ص82 بحماس وشدة وأنكر اعتقاد الشيعة بتحريف القرآن وتغييره إنكاراً لا يستند إلى دليل وبرهان.

فأولاً: - ما استطاع الشيخ الشيعي "لطف الله الصافي" أن ينكر ما ذكره الخطيب من نصوص الشيعة الدالة على التحريف والتغيير في القرآن، كما لم يستطع إنكار كتاب الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ومرتبته وشأنه عند الشيعة، بل قد اعترف بتضلعه في الحديث وعلو مقامه عندهم.

ثانياً: - ذكر الصافي نفسه بعض العبارات في كتابه التي هي بمنزلة الاعتراف باعتقاد الشيعة بالتحريف في الكتاب المبين.

ثالثاً: - التجأ الشيخ الشيعي أخيراً إلى أنه لا ينبغي أن يثار مثل هذا الموضوع لأنه يعطي سلاحاً في أيدي المستشرقين للرد على المسلمين بأن القرآن

ص: 14

الذي يدعونه محفوظاً مصوناً قد وقع فيه الخلاف أيضاً مثل التوراة والإنجيل فقوله هذا، ليس إلا إقراراً واعترافاً بالجريمة، وإلا فالمسألة واضحة.

رابعاً: - إن الصافي لم يورد في مبحثه حول القرآن رواية من الاثنى عشر - المعصومين عندهم - تدل وتنص على اعتقادهم بعدم التحريف في القرآن بخلاف الخطيب فإنه ذكر روايتين عن الاثنين منهم، تصرح بأن القرآن وقع فيه التغيير والتحريف - وها نحن ذاكرون عديداً من الأحاديث والروايات من كتبكم أنتم أيها الصافي! التي لا تقبل الشك في أن الشيعة اعتقادهم في القرآن هو كما ذكره الخطيب رحمه الله ولا تنكرونه إلا تقية وخداعاً للمسلمين" (1).

ثم وفي صفحة 137 ذكرنا سورة النورين أو سورة الولاية من خاتمة مجتهدي القوم الملا محمد باقر المجلسي من كتابه (تذكرة الأئمة) ثم علقنا عليها في الهامش بقولنا:

وقد ثبت بهذا أن سورة النورين التي ذكرها الخطيب نقلاً عن كتاب شيعي "دبستان مذاهب" لم ينفرد بذكرها ملا محسن الكشميري، بل وافقه علامة الشيعة المجلسي أيضاً حيث ذكرها في كتابه، فماذا يقول - لطف الله الصافي الذي أنكر نسبة الكتاب إلى الشيعة؟ فهل "تذكرة الأئمة" كتاب شيعي أم كتاب سني؟ وهل الملجسي من أعيان الشيعة أم لا؟

فلم التحمس إلى هذا الحد؟ وقد طبعت هذه السورة في الهند أكثر من مرة، وأقرها علماء الشيعة في القارة الهندية الباكستانية مثل السيد علي الحائري وغيره" (2).

وأيضاً نقلنا عن النوري الطبرسي "خاتمة محدثيهم" كما يسمونه أنه قال في

(1)"الشيعة والسنة" ص78، 79

(2)

"الشيعة والسنة" ص138

ص: 15

كتابه (فصل الخطاب):

ونقصان السورة هو جائز كسورة الحفد وسورة الخلع وسورة الولاية" (1).

وعلقنا على هذا بقولنا:

وقد ذكر السيد الخطيب رحمه الله في (الخطوط العريضة) أن الشيعة يعتقدون بسورة "الولاية" في القرآن وأنها أسقطت، فير عليه الصافي في كتيبه (مع الخطيب) بشدة وحماس بقوله:

فانظر ما في كلامه هذا من الكذب الفاحش والافتراء البيّن - ليس في فصل الخطاب لا في ص180 ولا في غيرها من أول الكتاب إلى آخره ذكر من هذه السورة المكذوبة على الله".

فنقول في جوابه وفي أسلوبه: أيها الصافي! ألا تستحي من الله؟

ولا تتفكر بأن في الناس من يظهر كذبك؟ اتق الله يا أيها الصافي! ما مات العلم بموت الخطيب، وإن في أهل السنة من يستطيعون أن يبينوا عواركم وكذبكم، فهذا هو الطبرسي يمثل للنقصان في القرآن بسورة الولاية" (2).

وفي هذه المرة وفي هذا الكتاب أيضاً لم يعمل صاحبنا هذا إلا معاملته القديمة حيث أنكر التحريف بدون أن يستند ولو إلى رواية واحدة من أئمة المعصومين حسب زعمه، كما كرر القول بعدم وجود سورة الولاية غير ناظر ولا ملتفت إلى ما رددنا به عليه سابقاً، فكتب بكل جرأة ولا مبالاة:

فهؤلاء يأتون كل يوم بكتاب زور، غايته التمزيق والتفريق وجرح العواطف، وإحياء الضغائن فيوماً يكتبون (الخطوط العريضة) ويوماً ينشرون (العواصم من القواصم) مع شرح خبيث. . . . ويوماً يكتبون بكتيب (الشيعة والسنة)

(1)"الشيعة والسنة" ص139

(2)

"الشيعة والسنة" ص139

ص: 16

ويقولون عن الشيعة. . . إنهم يقولون بتحريف كتاب الإسلام (القرآن المجيد) وإنه قد زيد فيه ونقص منه كالسورة المختلقة الموسومة بالولاية" (1).

ثم علق عليه بقوله:

هذه السورة المكذوبة على الله تعالى التي اخترعها أعداء القرآن والإسلام، أسندها النصاب إلى الشيعة هي التي ذكرها الخطيب، وذكر أن النوري أوردها في الصفحة 180 من كتابه ورددنا عليه في (مع الخطيب) أنه لم يوردها لا في هذه الصفحة ولا في غيرها.

ومع ذلك أخذنا بذلك كاتب (الشيعة والسنة) وأتى بما هو سيرته، وسيرة أسلافه النصاب من الفحش، وإسناد الكذب إلى أهل الصدق، ومع أنه رأى كذب الخطيب ترحم عليه" (2).

وإنني لأرى أن هذين الأمرين يكفيان لبيان حقيقة القوم وأصلهم، وتثبيتهم على الكذب والزور حيث يعملون بقول جوئيبلز الألماني: كرر قول الزور والكذب بكثرة حتى نفسك تنخدع بأنه صدق.

ولا أدري، ولست أخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء

ولعله ظن الشيخ الشيعي بأن الكتاب (فصل الخطاب) لا يوجد عند أحد غيره ولذلك اجترأ على هذا القول، وها نحن نورد هذه السورة الكاملة من (فصل الخطاب) وننقلها حرفياً كما أوردها النوري الطبرسي نقلاً عن كتاب (دبستان المذاهب) ومن الصفحة 180، 181، كما نثبت الصورة الفوتوغرافية لكلتي الصفحتين كي يعرف الحق من لا يعرفه قبل، يظهر الصدق لمن كان خافياً عليه حتى الآن.

(1)"صوت الحق ودعوة الصدق" للطف الله الصافي ط دار المعارف بيروت ص34

(2)

"صوت الحق ودعوة الصدق" للطف الله الصافي ط دار المعارف بيروت ص34

ص: 17

فقال النوري الطبرسي (1) في محاولته إثبات التحريف اللفظي في القرآن نقلاً:

عن صاحب كتاب دبستان المذاهب "وبعضهم يقولون إن عثمان أحرق المصاحف، وأتلف السور التي كانت في فضل علي وأهل بيته عليهم السلام منها هذه السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم. يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم الدين. نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم، إن الذين يوفون بعهد الله ورسوله في آيات لهم جنات نعم، والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسو عليه يقذفون في الجحيم، ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول أولئك يسقون من حمين. إن الله الذي نور السماوات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك في خلقه يفعل الله ما يشاء لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذناهم بمكرهم إن أخذي شديد أليم إن الله قد أهلك عاداً وثموداً بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة فلا تتقون وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هارون وأغرقناه ومن تبعه أجمعين ليكون لكم آية وإن أكثركم فاسقون. إن الله يجمعهم في يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون. إن الجحيم مأواهم وإن الله عليم حكيم. يا أيها الرسول بلغ إنذاري فسوق يعملون قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم جنات النعيم. إن الله لذو مغفرة وأجر عظيم وإن علياً من المتقين وإنا لنوفيه حقه يوم الدين. ما نحن عن ظلمه بغافلين. وكرمناه على أهلك أجمعين. فإنه وذريته لصابرون. وإن عدوهم إمام المجرمين. قل

(1) ويأتي ترجمته مفصلاً في الباب الرابع الأخير عند ذكر فصل الخطاب

ص: 18

للذين كفروا بعد ما آمنوا طلبتم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون. يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن يتولية من بعدك يظهرون، فأعرض عنهم إنهم معرضون. إنا لهم محضرون في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون. إن لهم في جهنم مقاماً عنه لا يعدلون. فسبح باسم ربك وكن من الساجدين. ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون فصبر جميل. فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعناهم إلى يوم يبعثون. فاصبر فسوق يبصرون. ولقد آتينا بك الحكم كالذين من المرسلين. وجعلنا لك منهم وصياً لعلهم يرجعون. ومن يتول عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين، يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذه وكن من الشاكرين. إن علياً قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجوا ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون سيجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون. إنا بشرناك بذريته الصالحين. وإنهم لأمرنا لا يخلفون، فعليهم مني صلوات ورحمة أحياء وأمواتاً يوم يبعثون. وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي إنهم قوم سوء خاسرين. وعلى الذين سلكوا مسلكهم مني رحمة وهم في الغرفات آمنون. والحمد لله رب العالمين.

قلت: ظاهر كلامه أنه أخذها من كتب الشيعة ولم أجد لها أثراً فيها غير أن الشيخ محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني ذكر في كتاب المثالب على ما حكى عنه أنهم أسقطوا من القرآن تمام سورة الولاية ولعله هذه السورة" (1).

(1)"فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" للنوري الطبرسي ص180، 181 ط إيران

ص: 19

(صورة)

ص: 20

(صورة)

ص: 21

فهذه كل حقيقة الرد علينا من قبل السيد لطف الله الصافي "المحترم" ويكفي هذه الشهادة من أهله عليه، وتكذيبه إياه، وبيان سيرته أسلافه الروافض من الفحش وإسناد الكذب إلى أهل الصدق.

وكذلك إنكاره دعاء صنمي قريش (1) ليس إلا إنكار المتعنت المكابر والمجادل المتجاهل، وإلا فقد ثبت هذا الدعاء في كتب القوم، وادعى مفسرهم البحراني ثبوت التحريف في القرآن منه أيضاً حيث يقول:

وقد وردت في زيارات عديدة كزيارة الغدير وغيرها، وفي الدعوات الكثيرة كدعاء صنمي قريش وغيره عبارات صريحة في تحريف القرآن وتغييره بعد النبي صلى الله عليه وسلم " (2).

كما أن آغا بزرك الطهراني ذكر دعاء الصنمين هذا في موسوعته وقال:

إن شروحه بلغت إلى العشرة" (3).

ولا أدري لم الإنكار والإصرار عليه؟

أفراراً من الفضيحة أو لجوأ إلى التقية عادة أم ظناً بأن ليس في السنة من يعرف كتب القوم؟.

أما ماذا؟

وهذا وذاك يكفي للحكم على أن الرجل ممن يتعود تعمد الكذب، وكتمان الحق، وإظهار الباطل.

ولكننا مع ذلك نريد أن نبين الحق والحقيقة أكثر من ذلك وأصرح حتى لا يتصدى بعد ذلك أحد لخداع المسلمين السنة حول هذه المسألة أي مسألة تحريف القرآن. ولأجل ذلك أفردنا لها هذا الكتاب، وإن القارئ ليندهش

(1)"مع الخطيب في خطوطه العريضة" ص100

(2)

"البرهان" لهاشم البحراني، مقدمة ص39

(3)

"الذريعة" ج8 ص192

ص: 22

حينما يرى أن الروايات التي تنبئ وتصرح ببيان عقيدة القوم في القرآن وتغييره وتحريفه تزيد على ألفي حديث عند القوم، ونحن نورد في هذه العجالة أكثر من ألف حديث شيعي في هذا الخصوص، ولقد نجزئ هذا الكتاب بأجزاء أربعة:

أولاً:- بيان عقيدة القوم قاطبة المتقدمين منهم في تحريف القرآن في القرون الأربعة الأولى.

ثانياً:- بيان من أنكر التحريف في الدور الثاني من القرن الرابع إلى القرن السادس من الهجرة، وعدد من أنكر، والأسباب التي ألجئتهم إلى الإنكار.

ثالثاً:- بيان الرد على من أنكر التحريف من الشيعة في الدور الثالث، وأسماء الذين صرحوا باعتقادهم التحريف في القرآن من محدثي القوم ومجتهديهم، وذكر كتبهم وأجزائهم التي خصصوها لبيان هذه العقيدة.

رابعاً:- نقل روايات وأحاديث القوم، التي يتجاوز عددها ألف حديث ورواية نقلاً عن كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) للنوري الطبرسي، وبيان منزلة المؤلف - وهو العمود الأساسي الذي قصدنا ثبته في هذا الكتاب - وذكر الكتب التي كتبت رداً عليه وتأييداً له.

وبهذا لعلي أكون أول من نقل (فصل الخطاب) جزأه الأكبر بأمانة علمية وإتقان حقيقي إلى العالم عموماً وأهل السنة خصوصاً، الكتاب الذي طالماً حاولوا إخفاءه عن السنة، وكتمانه عن الدنيا، والله حسبي وهو ولي التوفيق.

وقبل أن آتي على آخر القول أريد أن أذكر أنني لست أنا ولا السيد الخطيب رحمه الله أوّل من نسب هذه العقيدة إلى القوم، بل قبل ذلك اعترف وأقر بهذه العقيدة علماء الشيعة وكبراؤها في كل عصر، وأثبتوها لأنفسهم كما سيأتي.

ص: 23

وعلى ذلك صرح نابغة الأندلس المفقود وإمام عصره، العلم الفحل، الحافظ ابن حزم الظاهري المتوفى سنة 456هـبقوله:

ومن قول الإمامية كلها قديماً وحديثاً إن القرآن مبدل، زيد فيه ما ليس منه، ونقص منه كثير، وبدل منه كثير" (1).

وكذلك لما امتثل النصارى بقولهم واستدلوا به على وقوع التغيير والتبديل في القرآن تبرأ منهم وقال:

إن دعوى الشيعة ليست حجة على القرآن ولا على المسلمين، لأنهم ليسوا منا ولسنا منهم" (2).

هذا ومثل هذا كثير.

ولا يغرن أحداً قول قائل: إن مثل هذا البحث يعطي مجالاً الأعداء للطعن في القرآن والكلام فيه" (3).

حيث أن جوابنا نفس الجواب الذي أجاب به الإمام ابن حزم المسيحيين وعلماءهم القسيسين والرهبان.

وثانياً أن هذه العقيدة مثبتة في أمهات كتب الشيعة. ولا يخلو كتاب من كتبهم من التفسير والحديث والفقه والعقائد خاصة إلا وفيها ذكر هذه العقيدة، المذكورة بالدلائل والبراهين.

وهذه الكتب كلها في متناول المخالفين.

ثالثاً:- أن كتاب (فصل الخطاب) طبع في إيران وانتشر في الأوساط العلمية، الشرقية منها والغربية، ووصل إلى المستشرقين، ونقلوا منه أشياء كثيرة في كتبهم وقد قيل قديماً في الفارسية ع

(1)"الملل والنحل" ج4 ص182 ط مكتبة المثنى بغداد

(2)

انظر لتفصيل ذلك "الملل والنحل" ج2 ص78

(3)

"صوت الحق" ص31

ص: 24

نهان كى ماند آن رازى كه زو سازند حفلها

أي كيف يخفى ذلك السر الذي يقيمون عليه المحافل، ويزينون به المجالس.

ثم ولا يوجد كتاب من تراجم القوم إلا وفيه ذكر لهذا الكتاب.

كما أن كتاب (فصل الخطاب) وصل إليهم، وقد نقلوا منه (1).

وأكثر من ذلك لا يطبع كتاب تفسير للقوم إلا وفي مقدمته بحث عن تحريف القرآن وسرد الأدلة لهذا كما سيأتي مفصلاً في محله.

وبهذا يظهر أنه لا صراخ ولا عويل إلا من بطش الحق وتبيين الحقيقة للغفلة من المسلمين عامة، والسنة خاصة.

هذا ولم يتكلم صاحب (صوت الحق) في رده علينا إلا في مسألة تحريف القرآن فقط ولم يحاول أن يتناول المواضيع الأخرى التي ذكرناها في كتاب (الشيعة والسنة) وبذلك أثبت أن ما كتبناه ثابتاً عنده ومسلماً، ولم يكن في إمكانه أن يرد علينا.

ولو أن محاولته في مسألة تحريف القرآن باتت فاشلة محضة، وعبثاً كلف نفسه للتورط في هذا الخصوص.

وأخيراً أدعو الله العلي القدير أن ينصر الحق وأهله، ويخذل الباطل ومعتنقيه، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

كما أدعو الله سبحانه تبارك وتعالى أن يجزي جميع الأخوة الذين ساهموا ويساهمون في مساعدة الحق ومؤازرته، وأخصّ بالدعاء عزيزي عطاء الرحمن الثاقب الذي لازمني لمراجعة الكتب وتبييض المسودة وتسويدها، وصديقي الشيخ

(1) كما سنذكر في الباب الأخير عند ترجمة النوري وكتابه

ص: 25

عبد الخالق القدوسي صاحب المكتبة القدوسية، الذي يطير فرحاً وسروراً كلما يسمع بكتابة كتاب وخاصة للرد على فرق منحرفة عن صراط الحق وجادة الصواب ويسارع إلى تقديم الكتب التي أحتاج إليها في البحث والتحقيق.

وصلى الله على سيدنا محمد عبده ورسوله نبي الهدى والرحمة وعلى آله وأصحابه أجمعين.

17/ربيع الأول/1403هـ

إحسان إلهي ظهير

3/يناير/1983م

لاهور - باكستان

ص: 26