الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالزَّنْجَبِيلِ، وَشَحْمُ الْمَعِزِ أَقْبَضُ الشُّحُومِ، وَشَحْمُ التُّيُوسِ أَشَدُّ تَحْلِيلًا، وَيَنْفَعُ مِنْ قُرُوحِ الْأَمْعَاءِ، وَشَحْمُ الْعَنْزِ أَقْوَى فِي ذَلِكَ، وَيُحْتَقَنُ بِهِ لِلسَّحَجِ والزّحير.
حَرْفُ الصَّادِ
صَلَاةٌ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «1» ، وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ «2» . وَقَالَ تَعَالَى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى «3» .
وَفِي «السُّنَنِ» : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ «4» .
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الِاسْتِشْفَاءِ بِالصَّلَاةِ مِنْ عَامَّةِ الْأَوْجَاعِ قَبْلَ اسْتِحْكَامِهَا.
وَالصَّلَاةُ مَجْلَبَةٌ لِلرِّزْقِ، حَافِظَةٌ لِلصِّحَّةِ، دَافِعَةٌ لِلْأَذَى، مَطْرَدَةٌ لِلْأَدْوَاءِ، مُقَوِّيَةٌ لِلْقَلْبِ، مُبَيِّضَةٌ لِلْوَجْهِ، مُفْرِحَةٌ لِلنَّفْسِ، مُذْهِبَةٌ لِلْكَسَلِ، مُنَشِّطَةٌ لِلْجَوَارِحِ، مُمِدَّةٌ لِلْقُوَى، شَارِحَةٌ لِلصَّدْرِ، مُغَذِّيَةٌ لِلرُّوحِ، مُنَوِّرَةٌ لِلْقَلْبِ، حَافِظَةٌ لِلنِّعْمَةِ، دَافِعَةٌ لِلنِّقْمَةِ، جَالِبَةٌ لِلْبَرَكَةِ، مُبْعِدَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ مُقَرِّبَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَلَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَالْقَلْبِ، وَقُوَاهُمَا، وَدَفْعِ الْمَوَادِّ الرَّدِيئَةِ عَنْهُمَا، وَمَا ابْتُلِيَ رَجُلَانِ بِعَاهَةٍ أَوْ دَاءٍ أَوْ مِحْنَةٍ أَوْ بَلِيَّةٍ إِلَّا كَانَ حَظُّ الْمُصَلِّي مِنْهُمَا أَقَلَّ، وَعَاقِبَتُهُ أَسْلَمَ.
وَلِلصَّلَاةِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي دَفْعِ شُرُورِ الدُّنْيَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا أُعْطِيَتْ حَقَّهَا مِنَ التَّكْمِيلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَمَا اسْتُدْفِعَتْ شُرُورُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا اسْتُجْلِبَتْ
(1) البقرة- 45.
(2)
البقرة- 153.
(3)
طه- 132.
(4)
حديث صحيح.
مَصَالِحُهُمَا بِمِثْلِ الصَّلَاةِ، وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ صِلَةٌ بِاللَّهِ عز وجل، وَعَلَى قَدْرِ صِلَةِ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ عز وجل تُفْتَحُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ أَبْوَابُهَا، وَتُقْطَعُ عَنْهُ مِنَ الشُّرُورِ أَسْبَابُهَا، وَتُفِيضُ عَلَيْهِ مَوَادُّ التَّوْفِيقِ مِنْ رَبِّهِ عز وجل، وَالْعَافِيَةُ وَالصِّحَّةُ، وَالْغَنِيمَةُ وَالْغِنَى، وَالرَّاحَةُ وَالنَّعِيمُ، وَالْأَفْرَاحُ وَالْمَسَرَّاتُ، كُلُّهَا مُحْضَرَةٌ لَدَيْهِ، وَمُسَارِعَةٌ إِلَيْهِ.
صبر: «الصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ» «1» ، فَإِنَّهُ مَاهِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ صَبْرٍ وَشُكْرٍ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْإِيمَانُ نِصْفَانِ: نِصْفٌ صَبْرٌ، وَنِصْفٌ شُكْرٌ، قَالَ تَعَالَى:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ «2» .
وَالصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: صَبْرٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ فَلَا يُضَيِّعُهَا، وَصَبْرٌ عَنْ مَحَارِمِهِ، فَلَا يَرْتَكِبُهَا وَصَبْرٌ عَلَى أَقْضِيَتِهِ وَأَقْدَارِهِ، فَلَا يَتَسَخَّطُهَا، وَمَنِ اسْتَكْمَلَ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ الثَّلَاثَ، اسْتَكْمَلَ الصَّبْرَ، وَلَذَّةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَنَعِيمَهَا، وَالْفَوْزُ وَالظَّفَرُ فِيهِمَا، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا عَلَى جِسْرِ الصَّبْرِ، كَمَا لَا يَصِلُ أَحَدٌ إِلَى الْجَنَّةِ إِلَّا عَلَى الصِّرَاطِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: خَيْرُ عَيْشٍ أَدْرَكْنَاهُ بِالصَّبْرِ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ مَرَاتِبَ الْكَمَالِ الْمُكْتَسَبِ فِي الْعَالَمِ، رَأَيْتَهَا كُلَّهَا مَنُوطَةً بِالصَّبْرِ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ النُّقْصَانَ الَّذِي يُذَمُّ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ، وَيَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ، رَأَيْتَهُ كُلَّهُ مِنْ عَدَمِ الصَّبْرِ، فَالشَّجَاعَةُ وَالْعِفَّةُ، وَالْجُودُ وَالْإِيثَارُ كُلُّهُ صَبْرُ سَاعَةٍ.
فَالصَّبْرُ طِلَّسْمٌ عَلَى كَنْزِ الْعُلَى
…
مَنْ حَلَّ ذَا الطِّلَّسْمَ فَازَ بِكَنْزِهِ
وَأَكْثَرُ أَسْقَامِ الْبَدَنِ وَالْقَلْبِ، إِنَّمَا تَنْشَأُ عَنْ عَدَمِ الصَّبْرِ، فَمَا حُفِظَتْ صِحَّةُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ وَالْأَرْوَاحِ بِمِثْلِ الصَّبْرِ، فَهُوَ الْفَارُوقُ الْأَكْبَرُ، وَالتِّرْيَاقُ الْأَعْظَمُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا مَعِيَّةُ اللَّهِ مَعَ أَهْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصابرين ومحبته لهم، فإن الله
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية، والخطيب في تاريخه، والبيهقي في شعب الإيمان.
(2)
ابراهيم- 50.
يحب الصابرين، ونصره لأهله، فإن النصرع الصَّبْرِ، وَإِنَّهُ خَيْرٌ لِأَهْلِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ «1» . وإنه سبب الفلاح: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «2» .
صبر: رَوَى أبو داود فِي كِتَابِ «الْمَرَاسِيلِ» مِنْ حَدِيثِ قيس بن رافع القيسي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَاذَا فِي الْأَمَرَّيْنِ مِنَ الشِّفَاءِ؟ الصَّبِرُ وَالثُّفَّاءُ» «3» . وَفِي «السُّنَنِ» لأبي داود: مِنْ حَدِيثِ أم سلمة، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ أبو سلمة، وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَيَّ صَبِرًا، فَقَالَ:«مَاذَا يَا أم سلمة؟» فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ صَبِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، قَالَ:«إِنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ، فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا بِاللَّيْلِ» وَنَهَى عَنْهُ بِالنَّهَارِ «4» .
الصَّبِرُ كَثِيرُ الْمَنَافِعِ، لَا سِيَّمَا الْهِنْدِيُّ مِنْهُ، يُنَقِّي الْفُضُولَ الصَّفْرَاوِيَّةَ الَّتِي فِي الدِّمَاغِ وَأَعْصَابِ الْبَصَرِ، وَإِذَا طُلِيَ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالصُّدْغِ بِدُهْنِ الْوَرْدِ، نَفَعَ مِنَ الصُّدَاعِ، وَيَنْفَعُ مِنْ قُرُوحِ الْأَنْفِ وَالْفَمِ، وَيُسَهِّلُ السَّوْدَاءَ وَالْمَالِيخُولْيَا.
وَالصَّبِرُ الْفَارِسِيُّ يُذَكِّي الْعَقْلَ، وَيُمِدُّ الْفُؤَادَ، وَيُنَقِّي الْفُضُولَ الصَّفْرَاوِيَّةَ وَالْبَلْغَمِيَّهَ مِنَ الْمَعِدَةِ إِذَا شُرِبَ مِنْهُ مِلْعَقَتَانِ بِمَاءٍ، وَيَرُدُّ الشَّهْوَةَ الْبَاطِلَةَ وَالْفَاسِدَةَ، وَإِذَا شُرِبَ فِي الْبَرْدِ، خِيفَ أَنْ يُسْهِلَ دَمًا.
صوم: الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنْ أَدْوَاءِ الرُّوحِ وَالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ، مَنَافِعُهُ تَفُوتُ الْإِحْصَاءَ، وَلَهُ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ، وَإِذَابَةِ الْفَضَلَاتِ، وَحَبْسِ النَّفْسِ عَنْ تَنَاوُلِ مُؤْذِيَاتِهَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ بِاعْتِدَالٍ وَقَصْدٍ فِي أَفْضَلِ أَوْقَاتِهِ شَرْعًا، وَحَاجَةُ الْبَدَنِ إليه طبعا.
(1) النحل- 126.
(2)
آل عمران- 200.
(3)
رواه أبو داود في المراسيل.
(4)
أخرجه أبو داود والنسائي في الطلاق.