المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَالَ مَنْ رَجَّحَ الْغَيْثَ الشِّتْوِيَّ: حَرَارَةُ الشَّمْسِ تَكُونُ حِينَئِذٍ أَقَلَّ، - الطب النبوي لابن القيم

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المحقق]

- ‌فصول نافعة فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطِّبِّ الَّذِي تَطَبَّبَ بِهِ وَوَصَفَهُ لِغَيْرِهِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْعِلَاجُ بِالْأَدْوِيَةِ الطَّبِيعِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي عِلَاجِ الْحُمَّى

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي عِلَاجِ اسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي الطَّاعُونِ، وَعِلَاجِهِ، وَالِاحْتِرَازِ مِنْهُ

- ‌ فَصْلِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي دَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَعِلَاجِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي عِلَاجِ الْجُرْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي الْعِلَاجِ بِشُرْبِ الْعَسَلِ، وَالْحِجَامَةِ، وَالْكَيِّ

- ‌فصل: [في الحجامة]

- ‌فصل: [في منافع الحجامة]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل: [في منافع الحجامة تحت الذقن]

- ‌فصل فِي هَدْيِهِ فِي أَوْقَاتِ الْحِجَامَةِ

- ‌فصل [في وقت الحجامة]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَطْعِ الْعُرُوقِ وَالْكَيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الصَّرَعِ

- ‌فصل [في صرع الأخلاط]

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ عِرْقِ النَّسَا

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ يُبْسِ الطَّبْعِ، وَاحْتِيَاجِهِ إِلَى مَا يُمَشِّيهِ وَيُلَيِّنُهُ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ حِكَّةِ الْجِسْمِ وَمَا يُوَلِّدُ الْقَمْلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ ذَاتِ الْجَنْبِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الصُّدَاعِ وَالشَّقِيقَةِ

- ‌فَصْلٌ [في سبب صداع الشقيقة]

- ‌فصل [في علاج صداع الشقيقة]

- ‌فصل [في الحناء]

- ‌فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُعَالَجَةِ الْمَرْضَى بِتَرْكِ إِعْطَائِهِمْ مَا يَكْرَهُونَهُ مِنَ الطعام والشراب، وأنهم لا يكرهون على تناولها

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْعُذْرَةِ، وَفِي الْعِلَاجِ بِالسَّعُوطِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في علاج المفؤود

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَفْعِ ضَرَرِ الْأَغْذِيَةِ وَالْفَاكِهَةِ وَإِصْلَاحِهَا بِمَا يَدْفَعُ ضَرَرَهَا، وَيُقَوِّي نَفْعَهَا

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحِمْيَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الرَّمَدِ بِالسُّكُونِ، وَالدَّعَةِ، وَتَرْكِ الْحَرَكَةِ، وَالْحِمْيَةِ مِمَّا يَهِيجُ الرَّمَدَ

- ‌فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْخَدَرَانِ الْكُلِّيِّ الَّذِي يَجْمُدُ مَعَهُ الْبَدَنُ

- ‌فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِصْلَاحِ الطَّعَامِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الذُّبَابُ، وَإِرْشَادِهِ إِلَى دَفْعِ مَضَرَّاتِ السُّمُومِ بِأَضْدَادِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْبَثْرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم في علاج الأورام، والخراجات الَّتِي تَبْرَأُ بِالْبَطِّ وَالْبَزْلِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْمَرْضَى بِتَطْيِيبِ نُفُوسِهِمْ وَتَقْوِيَةِ قُلُوبِهِمْ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْأَبْدَانِ بِمَا اعْتَادَتْهُ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَغْذِيَةِ دُونَ مَا لَمْ تَعْتَدْهُ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَغْذِيَةِ الْمَرِيضِ بِأَلْطَفِ مَا اعْتَادَهُ مِنَ الْأَغْذِيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ السُّمِّ الَّذِي أَصَابَهُ بِخَيْبَرَ مِنَ الْيَهُودِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ السِّحْرِ الَّذِي سَحَرَتْهُ الْيَهُودُ بِهِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِفْرَاغِ بِالْقَيْءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِرْشَادِ إِلَى مُعَالَجَةِ أَحْذَقِ الطَّبِيبَيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَضْمِينِ مَنْ طَبَّ النَّاسَ، وَهُوَ جَاهِلٌ بِالطِّبِّ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌‌‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّحَرُّزِ مِنَ الْأَدْوَاءِ الْمُعْدِيَةِ بِطَبْعِهَا وَإِرْشَادِهِ الْأَصِحَّاءَ إِلَى مُجَانَبَةِ أَهْلِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنْعِ مِنَ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْقَمْلِ الَّذِي فِي الرَّأْسِ وَإِزَالَتِهِ

- ‌[القسم الثاني وهو] فُصُولٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِلَاجِ بِالْأَدْوِيَةِ الرُّوحَانِيَّةِ الْإِلَهِيَّةِ الْمُفْرَدَةِ، وَالْمُرَكَّبَةِ مِنْهَا، وَمِنَ الْأَدْوِيَةِ الطَّبِيعِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْمُصَابِ بِالْعَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي العلاج لكل شكوى بالرقية الإلية

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ اللَّدِيغِ بِالْفَاتِحَةِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ لَدْغَةِ الْعَقْرَبِ بِالرُّقْيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ النَّمْلَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ الْقَرْحَةِ وَالْجُرْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْوَجَعِ بِالرُّقْيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ حَرِّ الْمُصِيبَةِ وَحُزْنِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْكَرْبِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْحَزَنِ

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ جِهَةِ تَأْثِيرِ هَذِهِ الْأَدْوِيَةِ فِي هَذِهِ الْأَمْرَاضِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ الْمَانِعِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ دَاءِ الْحَرِيقِ وَإِطْفَائِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَيْئَةِ الْجُلُوسِ لِلْأَكْلِ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَدْبِيرِهِ لِأَمْرِ الْمَلْبَسِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَدْبِيرِهِ لِأَمْرِ الْمَسْكَنِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَدْبِيرِهِ لِأَمْرِ النوم واليقظة

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصَلَ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْعِشْقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ بِالطِّيبِ

- ‌فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِفْظِ صِحَّةِ الْعَيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَغْذِيَةِ الْمُفْرَدَةِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى لِسَانِهِ صلى الله عليه وسلم مُرَتَّبَةً عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ

- ‌حَرْفُ الْهَمْزَةِ

- ‌حَرْفُ الْبَاءِ

- ‌حَرْفُ التَّاءِ

- ‌حَرْفُ الثَّاءِ

- ‌حَرْفُ الْجِيمِ

- ‌حرف الحاء

- ‌حَرْفُ الْخَاءِ

- ‌حَرْفُ الدَّالِ

- ‌حَرْفُ الذَّالِ

- ‌حَرْفُ الرَّاءِ

- ‌حَرْفُ الزَّايِ

- ‌حَرْفُ السِّينِ

- ‌حَرْفُ الشِّينِ

- ‌حَرْفُ الصَّادِ

- ‌حَرْفُ الضَّادِ

- ‌حَرْفُ الطَّاءِ

- ‌حَرْفُ الْعَيْنِ

- ‌حَرْفُ الْغَيْنِ

- ‌حَرْفُ الْفَاءِ

- ‌حَرْفُ الْقَافِ

- ‌حَرْفُ الْكَافِ

- ‌حَرْفُ اللَّامِ

- ‌حَرْفُ الْمِيمِ

- ‌حَرْفُ النُّونِ

- ‌حَرْفُ الْهَاءِ

- ‌حَرْفُ الْوَاوِ

- ‌حَرْفُ الْيَاءِ

- ‌فصل [في الحذر من أكل البيض والسمك معا]

- ‌فصل [في ما يمرض الجسم]

- ‌فصل [في الحمية المفرطة]

- ‌فَصْلٌ [في ما يهدم البدن:]

- ‌فَصْلٌ

الفصل: قَالَ مَنْ رَجَّحَ الْغَيْثَ الشِّتْوِيَّ: حَرَارَةُ الشَّمْسِ تَكُونُ حِينَئِذٍ أَقَلَّ،

قَالَ مَنْ رَجَّحَ الْغَيْثَ الشِّتْوِيَّ: حَرَارَةُ الشَّمْسِ تَكُونُ حِينَئِذٍ أَقَلَّ، فَلَا تَجْتَذِبُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ إِلَّا أَلْطَفَهُ، وَالْجَوُّ صَافٍ وَهُوَ خَالٍ مِنَ الْأَبْخِرَةِ الدُّخَانِيَّةِ، وَالْغُبَارِ الْمُخَالِطِ لِلْمَاءِ، وَكُلُّ هَذَا يُوجِبُ لُطْفَهُ وَصَفَاءَهُ، وَخُلُوَّهُ مِنْ مُخَالِطٍ.

قَالَ مَنْ رَجَّحَ الرَّبِيعِيَّ: الْحَرَارَةُ تُوجِبُ تَحَلُّلَ الْأَبْخِرَةِ الْغَلِيظَةِ، وَتُوجِبُ رِقَّةَ الْهَوَاءِ وَلَطَافَتَهُ، فَيَخِفُّ بِذَلِكَ الْمَاءُ، وَتَقِلُّ أَجْزَاؤُهُ الْأَرْضِيَّةُ، وَتُصَادِفُ وَقْتَ حَيَاةِ النَّبَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَطِيبَ الْهَوَاءِ.

وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ، فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ، وَقَالَ:«إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» «1» ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَدْيِهِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ ذِكْرُ اسْتِمْطَارِهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَبَرُّكِهِ بِمَاءِ الْغَيْثِ عِنْدَ أول مجيئه.

‌حَرْفُ الْفَاءِ

فَاتِحَةُ الْكِتَابِ: وَأُمُّ الْقُرْآنِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالشِّفَاءُ التَّامُّ، وَالدَّوَاءُ النَّافِعُ، وَالرُّقْيَةُ التَّامَّةُ، وَمِفْتَاحُ الْغِنَى وَالْفَلَاحِ، وَحَافِظَةُ الْقُوَّةِ، وَدَافِعَةُ الْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْخَوْفِ وَالْحَزَنِ لِمَنْ عَرَفَ مِقْدَارَهَا وَأَعْطَاهَا حَقَّهَا، وَأَحْسَنَ تَنْزِيلَهَا عَلَى دَائِهِ، وَعَرَفَ وَجْهَ الِاسْتِشْفَاءِ وَالتَّدَاوِي بِهَا، وَالسِّرَّ الَّذِي لِأَجْلِهِ كَانَتْ كَذَلِكَ.

وَلَمَّا وَقَعَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، رَقَى بِهَا اللَّدِيغَ، فَبَرَأَ لِوَقْتِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ» .

وَمَنْ سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ، وَأُعِينَ بِنُورِ الْبَصِيرَةِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَسْرَارِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ، وَمَعْرِفَةِ، الذَّاتِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَإِثْبَاتِ الشَّرْعِ وَالْقَدَرِ وَالْمَعَادِ، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية، وكمال

(1) أخرجه مسلم في صلاة الاستسقاء.

ص: 262

التوكيل وَالتَّفْوِيضِ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، وَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، وَالِافْتِقَارُ إِلَيْهِ فِي طَلَبِ الْهِدَايَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، وَعَلِمَ ارْتِبَاطَ مَعَانِيهَا بِجَلْبِ مَصَالِحِهِمَا، وَدَفْعِ مَفَاسِدِهِمَا، وَأَنَّ الْعَاقِبَةَ الْمُطْلَقَةَ التَّامَّةَ، وَالنِّعْمَةَ الْكَامِلَةَ مَنُوطَةٌ بِهَا، مَوْقُوفَةٌ عَلَى التَّحَقُّقِ بِهَا، أَغْنَتْهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالرُّقَى. وَاسْتَفْتَحَ بِهَا مِنَ الْخَيْرِ أَبْوَابَهُ، وَدَفَعَ بِهَا مِنَ الشَّرِّ أَسْبَابَهُ.

وَهَذَا أَمْرٌ يَحْتَاجُ اسْتِحْدَاثَ فِطْرَةٍ أُخْرَى، وَعَقْلٍ آخَرَ، وَإِيمَانٍ آخَرَ، وَتَاللَّهِ لَا تَجِدُ مَقَالَةً فَاسِدَةً، وَلَا بِدْعَةً بَاطِلَةً إِلَّا وَفَاتِحَةُ الْكِتَابِ مُتَضَمِّنَةٌ لِرَدِّهَا وَإِبْطَالِهَا بِأَقْرَبِ الطُّرُقِ، وَأَصَحِّهَا وَأَوْضَحِهَا، وَلَا تَجِدُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ، وَأَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَأَدْوِيَتِهَا مِنْ عِلَلِهَا وَأَسْقَامِهَا إِلَّا وَفِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِفْتَاحُهُ، وَمَوْضِعُ الدِّلَالَةِ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْزِلًا مِنْ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَّا وَبِدَايَتُهُ وَنِهَايَتُهُ فِيهَا.

وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّ شَأْنَهَا لَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ فَوْقَ ذَلِكَ. وَمَا تَحَقَّقَ عَبْدٌ بِهَا، وَاعْتَصَمَ بِهَا، وَعَقَلَ عَمَّنْ تَكَلَّمَ بِهَا، وَأَنْزَلَهَا شِفَاءً تَامًّا، وَعِصْمَةً بَالِغَةً، وَنُورًا مُبِينًا، وَفَهِمَهَا وَفَهِمَ لَوَازِمَهَا كَمَا يَنْبَغِي لا يقع فِي بِدْعَةٍ وَلَا شِرْكٍ، وَلَا أَصَابَهُ مَرَضٌ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ إِلَّا لِمَامًا، غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ.

هَذَا، وَإِنَّهَا الْمِفْتَاحُ الْأَعْظَمُ لِكُنُوزِ الْأَرْضِ، كَمَا أَنَّهَا الْمِفْتَاحُ لِكُنُوزِ الْجَنَّةِ، وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ يُحْسِنُ الْفَتْحَ بِهَذَا الْمِفْتَاحِ، وَلَوْ أَنَّ طُلَّابَ الْكُنُوزِ وَقَفُوا عَلَى سِرِّ هَذِهِ السُّورَةِ، وَتَحَقَّقُوا بِمَعَانِيهَا، وَرَكَّبُوا لِهَذَا الْمِفْتَاحِ أَسْنَانًا، وَأَحْسَنُوا الْفَتْحَ بِهِ، لَوَصَلُوا إِلَى تَنَاوُلِ الْكُنُوزِ مِنْ غَيْرِ مُعَاوِقٍ، وَلَا مُمَانِعٍ.

وَلَمْ نَقُلْ هَذَا مجازفة ولا استعارة، بل حقيقة، ولكن الله تَعَالَى حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فِي إِخْفَاءِ هَذَا السِّرِّ عَنْ نُفُوسِ أَكْثَرِ الْعَالَمِينَ، كَمَا لَهُ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فِي إِخْفَاءِ كُنُوزِ الْأَرْضِ عَنْهُمْ. وَالْكُنُوزُ الْمَحْجُوبَةُ قَدِ اسْتُخْدِمَ عَلَيْهَا أَرْوَاحٌ خَبِيثَةٌ شَيْطَانِيَّةٌ تَحُولُ بَيْنَ الْإِنْسِ وَبَيْنَهَا، وَلَا تَقْهَرُهَا إِلَّا أَرْوَاحٌ عُلْوِيَّةٌ شَرِيفَةٌ غَالِبَةٌ لَهَا بِحَالِهَا الْإِيمَانِيِّ، مَعَهَا مِنْهُ أَسْلِحَةٌ لَا تَقُومُ لَهَا الشَّيَاطِينُ، وَأَكْثَرُ نُفُوسِ النَّاسِ لَيْسَتْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، فَلَا يُقَاوِمُ تِلْكَ الْأَرْوَاحَ وَلَا يَقْهَرُهَا، وَلَا يَنَالُ مِنْ سَلَبِهَا شَيْئًا، فَإِنَّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فله سلبه.

ص: 263

فاغية: هِيَ نَوْرُ الْحِنَّاءِ، وَهِيَ مِنْ أَطْيَبِ الرَّيَاحِينِ، رَوَى البيهقي فِي كِتَابِهِ «شُعَبِ الْإِيمَانِ» مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه يَرْفَعُهُ:

«سَيِّدُ الرَّيَاحِينِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْفَاغِيَةُ» «1» وَرَوَى فِيهِ أَيْضًا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ أَحَبَّ الرَّيَاحِينِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَاغِيَةُ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، فَلَا نَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا لَا نَعْلَمُ صِحَّتَهُ.

وَهِيَ مُعْتَدِلَةٌ فِي الْحَرِّ وَالْيُبْسِ، فِيهَا بَعْضُ الْقَبْضِ، وَإِذَا وُضِعَتْ بَيْنَ طَيِّ ثِيَابِ الصُّوفِ حَفِظَتْهَا مِنَ السُّوسِ، وَتَدْخُلُ فِي مَرَاهِمِ الْفَالِجِ وَالتَّمَدُّدِ، وَدُهْنُهَا يُحَلِّلُ الْأَعْضَاءَ، وَيُلَيِّنُ الْعَصَبَ.

فضة: ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَفَصُّهُ مِنْهُ «2» ، وَكَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِهِ فِضَّةً «3» وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ لِبَاسِ الْفِضَّةِ وَالتَّحَلِّي بِهَا شَيْءٌ الْبَتَّةَ، كَمَا صَحَّ عَنْهُ الْمَنْعُ مِنَ الشُّرْبِ فِي آنِيَتِهَا، وَبَابُ الْآنِيَةِ أَضْيَقُ مِنْ بَابِ اللِّبَاسِ، وَالتَّحَلِّي، وَلِهَذَا يُبَاحُ لِلنِّسَاءِ لِبَاسًا وَحِلْيَةً مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ اسْتِعْمَالُهُ آنِيَةً، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْآنِيَةِ تَحْرِيمُ اللِّبَاسِ وَالْحِلْيَةِ.

وَفِي «السُّنَنِ» عَنْهُ: «وَأَمَّا الْفِضَّةُ فَالْعَبُوا بِهَا لَعِبًا» «4» فَالْمَنْعُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ يُبَيِّنُهُ، إِمَّا نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، فَإِنْ ثَبَتَ أَحَدُهُمَا، وَإِلَّا فَفِي الْقَلْبِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَى الرِّجَالِ شَيْءٌ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمْسَكَ بيده ذهبا، وبالأحرى حَرِيرًا، وَقَالَ:«هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» «5» .

وَالْفِضَّةُ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَطَلْسَمُ الْحَاجَاتِ، وَإِحْسَانُ أَهْلِ الدُّنْيَا بَيْنَهُمْ، وَصَاحِبُهَا مَرْمُوقٌ بِالْعُيُونِ بَيْنَهُمْ، مُعَظَّمٌ فِي النفوس، مصدّر في

(1) وأخرجه أبو نعيم في الطب، والطبراني في الأوسط.

(2)

أخرجه البخاري والترمذي في الشمائل.

(3)

أخرجه الترمذي في الشمائل، وأبو داود والنسائي.

(4)

أخرجه أحمد وأبو داود في الخاتم.

(5)

حديث صحيح.

ص: 264

الْمَجَالِسِ، لَا تُغْلَقُ دُونَهُ الْأَبْوَابُ، وَلَا تُمَلُّ مُجَالَسَتُهُ، وَلَا مُعَاشَرَتُهُ، وَلَا يُسْتَثْقَلُ مَكَانُهُ، تُشِيرُ الْأَصَابِعُ إِلَيْهِ، وَتَعْقِدُ الْعُيُونُ نِطَاقَهَا عَلَيْهِ، إِنْ قَالَ، سُمِعَ قَوْلُهُ، وَإِنْ شَفَعَ، قُبِلَتْ شَفَاعَتُهُ، وَإِنْ شَهِدَ، زُكِّيَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ خَطَبَ فَكُفْءٌ لَا يُعَابُ، وَإِنْ كَانَ ذَا شَيْبَةٍ بَيْضَاءَ، فَهِيَ أَجْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ حِلْيَةِ الشَّبَابِ.

وَهِيَ مِنَ الْأَدْوِيَةِ الْمُفْرِحَةِ النَّافِعَةِ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْحَزَنِ، وَضَعْفِ الْقَلْبِ وَخَفَقَانِهِ، وَتَدْخُلُ فِي الْمَعَاجِينِ الْكِبَارِ، وَتَجْتَذِبُ بِخَاصِّيَّتِهَا مَا يَتَوَلَّدُ فِي الْقَلْبِ مِنَ الْأَخْلَاطِ الْفَاسِدَةِ، خُصُوصًا إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى العسل المصفى، والزغفران.

وَمِزَاجُهَا إِلَى الْيُبُوسَةِ وَالْبُرُودَةِ، وَيَتَوَلَّدُ عَنْهَا مِنَ الْحَرَارَةِ وَالرُّطُوبَةِ مَا يَتَوَلَّدُ، وَالْجِنَانُ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ عز وجل لِأَوْلِيَائِهِ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ أَرْبَعٌ: جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَحِلْيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي «الصَّحِيحُ» مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ:«الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» «1» .

وَصَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» «2» .

فَقِيلَ: عِلَّةُ التَّحْرِيمِ تَضْيِيقُ النُّقُودِ، فَإِنَّهَا إِذَا اتُّخِذَتْ أَوَانِيَ فَاتَتِ الْحِكْمَةُ الَّتِي وُضِعَتْ لِأَجْلِهَا مِنْ قِيَامِ مَصَالِحِ بَنِي آدَمَ، وَقِيلَ: الْعِلَّةُ الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ.

وَقِيلَ: الْعِلَّةُ كَسْرُ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إِذَا رَأَوْهَا وَعَايَنُوهَا.

وَهَذِهِ الْعِلَلُ فِيهَا مَا فِيهَا، فَإِنَّ التَّعْلِيلَ بِتَضْيِيقِ النُّقُودِ يَمْنَعُ مِنَ التَّحَلِّي بِهَا وَجَعْلِهَا سَبَائِكَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَيْسَ بِآنِيَةٍ وَلَا نَقْدٍ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ حَرَامٌ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَكَسْرُ قُلُوبِ الْمَسَاكِينِ لَا ضَابِطَ لَهُ، فَإِنَّ قُلُوبَهُمْ تَنْكَسِرُ بِالدُّورِ الْوَاسِعَةِ، وَالْحَدَائِقِ الْمُعْجِبَةِ، وَالْمَرَاكِبِ الْفَارِهَةِ، وَالْمَلَابِسِ الْفَاخِرَةِ، وَالْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ،

(1) أخرجه البخاري في الأشربة، ومسلم في اللباس والزينة.

(2)

أخرجه البخاري في الأطعمة.

ص: 265