الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَمَحْدُوَةِ، فَإِنَّهَا تَشْفِي مِنْ خَمْسَةِ أَدْوَاءٍ» ، ذَكَرَ مِنْهَا الْجُذَامَ «1» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «عَلَيْكُمْ بِالْحِجَامَةِ فِي جَوْزَةِ الْقَمَحْدُوَةِ، فَإِنَّهَا شِفَاءٌ مِنَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دَاءً» .
فَطَائِفَةٌ مِنْهُمُ اسْتَحْسَنَتْهُ وَقَالَتْ: إِنَّهَا تَنْفَعُ مِنْ جَحْظِ الْعَيْنِ، وَالنُّتُوءِ الْعَارِضِ فِيهَا، وَكَثِيرٍ مِنْ أَمْرَاضِهَا، وَمِنْ ثِقَلِ الْحَاجِبَيْنِ وَالْجَفْنِ، وَتَنْفَعُ مِنْ جَرَبِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ احْتَاجَ إِلَيْهَا، فَاحْتَجَمَ فِي جَانِبَيْ قَفَاهُ، وَلَمْ يَحْتَجِمْ فِي النُّقْرَةِ، وَمِمَّنْ كَرِهَهَا صَاحِبُ «الْقَانُونِ» وَقَالَ: إِنَّهَا تُورِثُ النِّسْيَانَ حَقًّا، كَمَا قَالَ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا وَصَاحِبُ شَرِيعَتِنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ مُؤَخَّرَ الدِّمَاغِ مَوْضِعُ الْحِفْظِ، وَالْحِجَامَةُ تُذْهِبُهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَرَدَّ عَلَيْهِ آخَرُونَ، وَقَالُوا: الْحَدِيثُ لَا يَثْبُتُ، وَإِنْ ثَبَتَ فَالْحِجَامَةُ إِنَّمَا تُضْعِفُ مُؤَخَّرِ الدِّمَاغِ إِذَا اسْتُعْمِلَتْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَأَمَّا إِذَا اسْتُعْمِلَتْ لِغَلَبَةِ الدَّمِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا نَافِعَةٌ لَهُ طِبًّا وَشَرْعًا، فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ احْتَجَمَ فِي عِدَّةِ أَمَاكِنَ مِنْ قَفَاهُ بِحَسْبِ مَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ فِي ذَلِكَ، وَاحْتَجَمَ فِي غَيْرِ الْقَفَا بِحَسْبِ مَا دَعَتْ إِلَيْهِ حاجته.
فصل: [في منافع الحجامة تحت الذقن]
وَالْحِجَامَةُ تَحْتَ الذَّقَنِ تَنْفَعُ مِنْ وَجَعِ الْأَسْنَانِ وَالْوَجْهِ وَالْحُلْقُومِ، إِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي وَقْتِهَا، وَتُنَقِّي انرأس وَالْفَكَّيْنِ، وَالْحِجَامَةُ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ تَنُوبُ عَنْ فَصْدِ الصَّافِنِ، وَهُوَ عِرْقٌ عَظِيمٌ عِنْدَ الْكَعْبِ، وَتَنْفَعُ مِنْ قُرُوحِ الْفَخِذَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ، وَانْقِطَاعِ الطَّمْثِ، وَالْحَكَّةِ الْعَارِضَةِ فِي الْأُنْثَيَيْنِ، وَالْحِجَامَةُ فِي أَسْفَلِ الصَّدْرِ نَافِعَةٌ مِنْ دَمَامِيلِ الْفَخِذِ، وَجَرَبِهِ وَبُثُورِهِ، وَمِنَ النِّقْرِسِ وَالْبَوَاسِيرِ، وَالْفِيلِ وَحَكَّةِ الظَّهْرِ.
فصل فِي هَدْيِهِ فِي أَوْقَاتِ الْحِجَامَةِ
رَوَى الترمذي فِي «جَامِعِهِ» : مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ: «إنّ خير ما تحتجمون فيه يَوْمِ سَابِعَ عَشْرَةَ، أَوْ تَاسِعَ عَشْرَةَ، وَيَوْمِ إحدى وعشرين «2» .
(1) رواه الطبراني في الكبي، وابن السني، وأبو نعيم عن صهيب بلفظ «عليكم بالحجامة في جوزة القمدوة، فإنها دواء من اثنين وسبعين داء وخمسة أدواء: من الجنون، والجذام، والبرص «وجع الضرس» والحديث بهذا النص يجمع بين الحديث الذي قال المصنف: رواه أبو نعيم، وبين الحديث الذي ذكره بعده.
(2)
أخرجه الترمذي وسنده ضعيف فيه عباد بن منصور
وَفِيهِ عَنْ أنس كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْتَجِمُ فِي الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ، وَكَانَ يَحْتَجِمُ لِسَبْعَةَ عَشَرَ، وَتِسْعَةَ عَشَرَ، وَفِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ «1» .
وَفِي «سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ» عَنْ أنس مَرْفُوعًا: «مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ، أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ، أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، لَا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمُ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ» .
وَفِي «سُنَنِ أبي داود» مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ، أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ، أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، كَانَتْ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ «2» وَهَذَا مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ سَبَبُهُ غَلَبَةُ الدَّمِ.
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُوَافِقَةٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْأَطِبَّاءُ، أَنَّ الْحِجَامَةَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي، وَمَا يَلِيهِ مِنَ الرُّبُعِ الثَّالِثِ مِنْ أَرْبَاعِهِ أَنْفَعُ مِنْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، وَإِذَا اسْتُعْمِلَتْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا نَفَعَتْ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ.
قَالَ الخلال: أَخْبَرَنِي عصمة بن عصام، قَالَ حَدَّثَنَا حنبل، قَالَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَحْتَجِمُ أَيَّ وَقْتٍ هَاجَ بِهِ الدَّمُ، وَأَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ.
وَقَالَ صَاحِبُ «الْقَانُونِ» : أَوْقَاتُهَا فِي النَّهَارِ: السَّاعَةُ الثَّانِيَةُ أَوِ الثَّالِثَةُ، وَيَجِبُ تَوَقِّيهَا بَعْدَ الْحَمَّامِ إِلَّا فِيمَنْ دَمُهُ غَلِيظٌ، فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِمَّ، ثُمَّ يَسْتَجِمَّ سَاعَةً، ثُمَّ يَحْتَجِمَ، انْتَهَى.
وَتُكْرَهُ عِنْدَهُمُ الْحِجَامَةُ عَلَى الشِّبَعِ فَإِنِّهَا رُبَّمَا أَوْرَثَتْ سَدَدًا وَأَمْرَاضًا رَدِيئَةً، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْغِذَاءُ رَدِيئًا غَلِيظًا. وَفِي أَثَرٍ الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ دَوَاءٌ، وَعَلَى الشِّبَعِ دَاءٌ، وَفِي سَبْعَةَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ شِفَاءٌ» .
وَاخْتِيَارُ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِلْحِجَامَةِ، فِيمَا إِذَا كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ وَالتَّحَرُّزِ مِنَ الْأَذَى، وَحِفْظًا لِلصِّحَّةِ. وَأَمَّا فِي مُدَاوَاةِ الْأَمْرَاضِ، فَحَيْثُمَا وُجِدَ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهَا وَجَبَ اسْتِعْمَالُهَا. وَفِي قَوْلِهِ:«لَا يَتَبَيَّغْ بِأَحَدِكُمُ الدَّمُ فَيَقْتُلَهُ» ، دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ، يَعْنِي لِئَلَّا يتبيغ، فحذف حرف الجرمع (أَنْ)، ثُمَّ حُذِفَتْ (أَنْ) . وَالتَّبَيُّغُ: الْهَيْجُ، وَهُوَ مَقْلُوبُ الْبَغْيِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، فَإِنَّهُ بَغْيُ الدَّمِ وَهَيَجَانُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ كَانَ يحتجم أيّ وقت احتاج من الشهر.
(1) أخرجه الترمذي في الطب وقال حديث حسن غريب، ورجاله ثقات
(2)
أخرجه ابن ماجه وهو ضعيف في سنده النهاس بن قهم