الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ إِنَّ فِيهِ مِنْ إِرَاحَةِ الْقُوَى وَالْأَعْضَاءِ مَا يَحْفَظُ عَلَيْهَا قُوَاهَا، وَفِيهِ خَاصِّيَّةٌ تَقْتَضِي إِيثَارَهُ، وَهِيَ تَفْرِيحُهُ لِلْقَلْبِ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَهُوَ أَنْفَعُ شَيْءٍ لِأَصْحَابِ الْأَمْزِجَةِ الْبَارِدَةِ وَالرَّطْبَةِ، وَلَهُ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ فِي حِفْظِ صِحَّتِهِمْ.
وَهُوَ يَدْخُلُ في الأدوية الروحانية والطبيعية، وإذا رعى الصَّائِمُ فِيهِ مَا يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ طَبْعًا وَشَرْعًا، عَظُمَ انْتِفَاعُ قَلْبِهِ وَبَدَنِهِ بِهِ، وَحَبَسَ عَنْهُ الْمَوَادَّ الْغَرِيبَةَ الْفَاسِدَةَ الَّتِي هُوَ مُسْتَعِدٌّ لَهَا، وَأَزَالَ الْمَوَادَّ الرَّدِيئَةَ الْحَاصِلَةَ بِحَسَبِ كَمَالِهِ وَنُقْصَانِهِ، وَيَحْفَظُ الصَّائِمَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْهُ، وَيُعِينُهُ عَلَى قِيَامِهِ بِمَقْصُودِ الصَّوْمِ وَسِرِّهِ وَعِلَّتِهِ الْغَائِيَّةِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ أَمْرٌ آخَرُ وَرَاءَ تَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَبِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْأَمْرِ اخْتَصَّ مِنْ بَيْنِ الْأَعْمَالِ بِأَنَّهُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَمَّا كَانَ وِقَايَةً وَجُنَّةً بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ مَا يُؤْذِي قَلْبَهُ وَبَدَنَهُ عَاجِلًا وَآجِلًا، قَالَ اللَّهُ تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183] ، فَأَحَدُ مَقْصُودَيِ الصِّيَامِ الْجُنَّةُ وَالْوِقَايَةُ، وَهِيَ حِمْيَةٌ عَظِيمَةُ النَّفْعِ، وَالْمَقْصُودُ الْآخَرُ: اجْتِمَاعُ الْقَلْبِ وَالْهَمِّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتَوْفِيرُ قُوَى النَّفْسِ عَلَى محبته وَطَاعَتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي بَعْضِ أَسْرَارِ الصَّوْمِ عِنْدَ ذِكْرِ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فيه.
حَرْفُ الضَّادِ
ضَبٌّ: ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» : مِنْ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْهُ لَمَّا قُدِّمَ إِلَيْهِ، وَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَقَالَ: «لَا وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ. وَأُكِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَلَى مَائِدَتِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ» : مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: