الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَالَى عَنْهُ (1).
التَّصْدِيقُ يَقْوَى وَيَضْعُفُ:
28 -
التَّصْدِيقُ الَّذِي هُوَ الْجُزْءُ الْأَصْلِيُّ فِي الْإِيمَانِ يَقْوَى وَيَضْعُفُ (2)، يَقْوَى بِالنَّظَرِ فِي الآيَاتِ الْكَوْنِيَّةِ (3)، وَالتَّدَبُّرِ فِي الآيَاتِ السَّمْعِيَّةِ (4)، وَالتَّقَرُّبِ بِالْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَيَضْعُفُ بِضِدِّ ذَلِكَ،
- لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (5)} ،
- وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:
(1) تقدمت ترجمة أبي سعيد في الدرس (21).
(2)
فالتصديق كالبذرة والإيمان كالشجرة.
(3)
الآيات الكونية هي: العلامات والمعجزات الموجودة في الكون من سموات وأرضين ومن بحار وأنهار وجبال وأشجار وحيوان، وإنسان وغيرها من مخلوقات الله البديعة الصنع.
(4)
الآيات السمعية هي: الحجج والبراهين القطعية المنطقية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
(5)
ليطمئن قلبي أي ليسكن ويهدأ، والضمير لسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام قال تعالى:(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى، قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ومحل الشاهد هو النظر لتقوية الإيمان. وسيدنا إبراهيم مؤمن ومصدق بإحياء الله الموتى ولكن أراد أن يشاهد ذلك بعينيه لأن النظر أقوى وأصدق برهانا من السمع، ومن سمع شيئا ويمكنه أن يراه لا شك أنه يبقى متشوقا لرؤيته، فإذا شاهده بعينيه اطمأن له قلبه وآمن به، فلا يطلب بعد ذلك البيان بيانا (وما راءٍ كمن سمعا).
- وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَنْ مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتِ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَاّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ (2)، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ،
(1) الملكوت: الملك والعز والسلطان.
(2)
نفس عنه الكربة: خفّفها ولطفها أو فرجها عنه، والكربة: الحزن والمشقة، وجمعها كرب كغرفة وغرف، ومثلها الكَرْبُ جمع كُروب كفَلْسٍ وفلوس.
والسكينة: الطمأنينة والوقار. وغشيتهم بمعنى غطتهم وأحاطت بهم. وحفتهم: أحدقت بهم واستدارت.
وَمَنْ أَبْطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ (1)» رَوَاهُ مُسْلِمٌ،
- وَلِحَدِيثِ حَنْظَلَةَ (2) الأُسَيِّدِيِّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ (3)، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ! قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟! قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ
(1) الذين هم عند الله: هم ملائكته الكرام المقربون. أذكر أن أستاذنا ابن باديس رحمه الله قال لنا في آخر هذا الحديث (من أبطأ به عمله الخ): هذه حكمة بالغة ينبغي أن تكتب فوق القطر الجزائري بحروف كبيرة في كل مكان ليراها كل جزائري فيعمل بها ويدع التواكل، لأن شرف الانسان بعمله لا بنسبه أو حسبه.
(2)
حنظلة الأسيدي: صحابي جليل من كتَّاب الوحي فيه تقوى وخشية وورع.
(3)
أبو بكر: هو الخليفة الأول والصحابي الجليل، والصديق الرفيق لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة وفي مراحل حياته النبوية، وأول من أسلم من الشيوخ، وأحد المبشرين بالجنة، ومناقبه أجل وأعظم من أن تحصر، وهو أبو عبد الله بن أبي قحافة، رضي الله عنه وأرضاه -.
وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ (1)، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا! فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَاكَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي فِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ (2)، وَلِكْنْ يَا حَنْظَلَةُ: سَاعَةً
(1) كيف أنت أي قال له ذلك بعد تحية الاسلام المعروفة. ناقق يعني ستر كفره في قلبه، وأظهر الإيمان بلسانه، والمنافق ذو الوجهين، وهو غير وجيه عند الله والناس.
ورأي عين: مثلما يراه الإنسان بعينيه. ويقال: هو مني بمَرْأى ومسمع أي بحيث أسمعه وأراه.
وعافسنا: عالجنا وخالطنا واشتغلنا. والضيعات: الحرف والصناعات. يقال: كانت ضيعة العرب سياسة الإبل.
(2)
لما عليه المؤمن من الصلاح والطهر والشفافية بالتقوى والإيمان والعمل الصالح.