الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
حديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأبي بكر وعمر: " لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما ".
(1)
وجه الشاهد: أنه يرجح رأي الاثنين على رأي الواحد.
الفقرة الثالثة: الأدلة من السيرة النبوية
.
وردت العديد من الشواهد على الأخذ برأي الأغلبية في السيرة النبوية المطهرة إذ أنها تمثل الجانب العملي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومنها:
1 - في غزوة بدر:
يتجلى الأخذ برأي الأغلبية في معركة الفرقان في مشهدين:
الأول: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أغلب الصحابة في قتال المشركين في معركة بدر، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج للقتال وإنما خرج لاعتراض عير قريش وقافلتها التجارية بقيادة أبي سفيان ابن حرب، ولما جاءت قريش بجيشها للقتال، عمد النبي صلى الله عليه وسلم لمعرفة آراء من خرجوا معه.
قال ابن إسحاق: " .. وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: امض لما أراك الله، فنحن معك، والله لا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُكَ فَقَاتِلَا إِنا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}
(2)
، لكن اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرتَ بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه .. "
(3)
.
ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى رأي ثلاثة هم رؤوس المهاجرين، إلا أنه رغب في معرفة رأي الأكثرية من الأنصار فقال:" أشيروا علي أيها الناس".
(4)
(1)
مسند أحمد، حديث عبد الرحمن بن غنم، ج 29، ص 518، برقم 17995، ومعجم الطبراني الأوسط: سليمان بن أحمد الطبراني، تح: طارق بن عوض الله بن محمد وعبد المحسن بن إبراهيم الحسين، دار الحرمين: القاهرة، 1415 هـ، ج 7، ص 212، برقم 7299، وقال الأرناؤوط: ضعيف لضعف شهر بن حوشب وحديث عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، ج 29، ص 518.
(2)
المائدة (24).
(3)
السيرة النبوية: عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، تح: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل: بيروت، ط () 1411 هـ، ج 3، ص 161 - 162.
(4)
المرجع نفسه، ج 3، ص 162.
قال ابن إسحاق
(1)
: " وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم عدد الناس " أي أكثريتهم".
(2)
فكان لا بد أن يسمع منهم، فقال زعيمهم سعد بن معاذ:" والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل، قال: فقد آمنا بك، وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصُبر في الحرب، صُدْقٌ في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسِر بنا على بركة الله".
(3)
قال ابن إسحاق: فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال: " سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم"
(4)
.
الثاني: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه: " فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: " ما ترون في هؤلاء الأسارى؟
فقال أبو بكر يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ترى يا ابن الخطاب؟ " قلت:
…
" لا والله ما أرى الذي رأى أبوبكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان - نسيبا لعمر- فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبوبكر ولم يهو ما قلت، فلما كان في الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر قاعدين يبكيان، قلت يا رسول الله أخبرني عن أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة وأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِنَبِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتى يُثْخِنَ فِي الأرْض}
(5)
. فأحل الله الغنيمة لهم ".
(6)
(1)
هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، الحافظ الإخباري، ولد بالمدينة (80 هـ)، ورأى أنس بن مالك وحدث عن جماعة من التابعين، أول من دون العلم بالمدينة، مات (150 هـ) - سير أعلام النبلاء: الذهبي، ج 13، ص 44.
(2)
السيرة: ابن هشام، ج 3، ص 162.
(3)
المرجع نفسه.
(4)
المرجع السابق، ج 3، ص 162.
(5)
((الأنفال (67 - 69).
(6)
((صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، ج 3، ص 1383، برقم 1763.